دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ١

الشيخ محمّد باقر الإيرواني

دروس تمهيديّة في الفقه الإستدلالي - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر الإيرواني


الموضوع : الفقه
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٣

الصلاة الواجبة

الواجب من الصلاة : اليومية بما فى ذلك الجمعة ، وصلاة الطواف الواجب ، والصلاة على الميت ، والآيات ، وما التزم بنذر وشبهه ، وقضاء الولد الأكبر ما فات عن والده.

والمستند فى ذلك :

إمّا الضرورة الدينية والنصوص الكثيرة كما فى اليومية ، (١) او اقتضاء القاعدة ، كما فى الملتزم بنذر ونحوه ، او النصوص الخاصة ، (٢) كما فى غير ذلك.

الصلاة اليومية

واليومية خمس : الصبح ركعتان ، والمغرب ثلاث ، والبقية أربع.

وفى السفر والخوف تقصر الرباعية الى ثنتين.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما أن اليومية خمس وعدد ركعاتها ما ذكر ، فللضرورة الدينية والروايات الخاصة. (٣)

__________________

١ ـ راجع : وسائل الشيعة : الباب ١٣ وغيره من ابواب اعداد الفرائض.

٢ ـ راجع : ابواب صلاة الجمعة وابواب صلاة العيد وابواب صلاة الكسوف وغيرها من وسائل الشيعة.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١٣ من ابواب اعداد الفرائض.

١٢١

٢ ـ وأما قصر الرباعية فى السفر ، فذلك من ضروريات المذهب ، وتدل عليه الروايات الخاصة. (١)

٣ ـ وأما قصرها عند الخوف ، فمحل اختلاف. وقد نقل فى الحدائق(٢) أقوالاً ثلاثة : قصرها بشرط السفر ، وقصرها مطلقا ، وقصرها فى الحضر بشرط أدائها جماعة.

والمناسب وجوب قصرها مطلقا لقوله تعالي : ( واذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ... ) (٣) ، فان حمل الضرب على خصوص ما كان بمقدار المسافة بلا وجه. والتقييد به محمول على الغالب من طرّو الخوف عند الضرب حيث يُجابَهُ العدو.

ويدل على ذلك ايضا ما رواه الصدوق عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام : « قلت له : صلاة الخوف وصلاة السفر تقصران جميعا؟ قال : نعم ، وصلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر ، لأن فيها خوفا » (٤).

شرائط الصلاة

للصلاة عدة شرائط كالوقت والقبلة والطهارة وغيرها نذكرها كما يلي :

اوقات اليومية

وقت الظهرين من الزوال الى الغروب. والمشهور اختصاص الظهر بأوّله والعصر بآخره.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٢ وغيره من ابواب صلاة المسافر.

٢ ـ الحدائق الناضرة : ١١ / ٢٦٥.

٣ ـ النساء : ١٠١.

٤ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب صلاة الخوف والمطاردة ، حديث ١.

١٢٢

وقت العشائين من المغرب الى نصف الليل. والمشهور اختصاص المغرب والعشاء كذلك ، ويمتد وقتهما للمضطر الى الفجر الصادق.

ووقت الصبح من الفجر الى طلوع الشمس.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما أن بداية وقت الظهرين هو الزوال ، فقد اتفق عليه المسلمون ، ولم ينسب الخلاف فيه إلا الى ابن عباس والحسن والشعبي ، فجوزوا للمسافر الصلاة قبل الزوال(١).

ويدل على ذلك قوله تعالي : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ... ) (٢). والدلوك هو الزوال.

ومن السنة الشريفة ، روايات تتجاوز الثلاثين كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : « اذا زالت الشمس دخل الوقتان : الظهر والعصر ، فاذا غابت الشمس دخل الوقتان : المغرب والعشاء الآخرة » (٣).

وسند الصدوق الى زرارة صحيح على ما فى المشيخة(٤).

وفى مقابل ذلك روايات كثيرة تدل على أن الوقت بعد مضى فترة من الزوال إما بمقدار صيرورة الظلّ الحادث بعد الزوال بمقدار ذراع او بمقدار قدم او بغير ذلك.

مثال الأول الذى تتجاوز رواياته العشر : رواية الصدوق عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : « سألته عن وقت الظهر ، فقال : ذراع من زوال الشمس. ووقت العصر

__________________

١ ـ جواهر الكلام : ٧ / ٧٥.

٢ ـ الاسراء : ٧٨.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب المواقيت ، حديث ١.

٤ ـ راجع : نهاية الجزء الرابع من كتاب من لا يحضره الفقيه : ٩.

١٢٣

ذراعان من وقت الظهر فذاك اربعة اقدام من زوال الشمس. ثم قال : ان حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان قامة وكان اذا مضى منه ذراع صلى الظهر وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر ، ثم قال : أتدرى لِمَ جعل الذراع والذراعان ، قلت : لِمَ جُعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة. لك أن تتنفل من زوال الشمس الى أن يمضى ذراع ، فاذا بلغ فيؤك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، واذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة » (١).

ومثال الثانى الذى يبلغ روايتين او اكثر : صحيحة سعيد الأعرج : « سألته عن وقت الظهر أهو إذا زالت الشمس؟ فقال : بعد الزوال بقدم او نحو ذلك الا فى السفر او يوم الجمعة ، فان وقتها اذا زالت » (٢).

ويمكن الجواب بأن الناظر لها يفهم منها أن الغرض من جعل التأخير أداء النافلة ، فمن لم تكن ثابتة فى حقه كالمسافر او لم يرد أدائها فبامكانه أداء الواجب بداية الزوال.

ومع التنزل لابدَّ من طرحها لمخالفتها لصريح القرآن الكريم وما هو الثابت بين الأصحاب بالضرورة.

٢ ـ وأما أن وقت الظهرين يمتد الى الغروب ، فهو المشهور بين أصحابنا.

وتدل عليه صحيحة معمر بن يحيي : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : وقت العصر الى غروب الشمس » (٣) وغيرها.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٨ من ابواب المواقيت ، حديث ٣.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٨ من ابواب المواقيت ، حديث ١٧.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٩ من ابواب المواقيت ، حديث ١٣.

١٢٤

واختار جماعة منهم صاحب الحدائق(١) أن الإمتداد المذكور خاص بذوى الاعذار دون المختار استنادا الى مثل صحيحة عبداللّه بن سنان عن أبي عبدالله عليه‌السلام : « لكل صلاة وقتان ، وأول الوقت أفضله ، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقت وقتا إلا فى عذر من غير علة » (٢).

وفيه : إن جملة : « أول الوقت أفضله » تدل على جواز التأخير وإلا لم يكن وجه للتعبير بقوله « افضله ».

٣ ـ وأما اختصاص الظهر باول الوقت والعصر بآخره ، فهو المشهور. وينسب الى الشيخ الصدوق وغيره اختيار عدم الاختصاص ، غايته يجب تقديم الظهر لشرطية الترتيب(٣).

واستدل للأول برواية داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضى مقدار ما يصلّى المصلّى اربع ركعات ، فاذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلّى المصلّى اربع ركعات ، فاذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقى وقت العصر حتى تغيب الشمس » (٤). وهى وان كانت واضحة الدلالة إلا أنها ضعيفة بالإرسال.

ويمكن الاستدلال للثانى بالروايات الكثيرة الواردة بمضمون : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين » (٥).

__________________

١ ـ الحدائق الناضرة : ٦ / ٨٩.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٣ من ابواب المواقيت ، حديث ١٣.

٣ ـ مدارك الاحكام : ٣ / ٣٥.

٤ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب المواقيت ، حديث ٧.

٥ ـ وسائل الشيعة : باب ٤ من ابواب المواقيت ، حديث ٧.

١٢٥

وبعد ضعف مستند الأوّل يتعيّن الأخذ بالثاني.

٤ ـ وأما أن بداية صلاة المغرب هو الغروب ، فأمر متفق عليه وإنما الاختلاف فيما يتحقق به الغروب ، فالمشهور اعتبر ذهاب الحمرة المشرقية ، وغيره اكتفى بالاستتار.

والأخبار الدالة على القولين كثيرة وان كان الدال على الثانى أكثر حيث تبلغ عشرين او أكثر ، كصحيحة عبداللّه بن سنان عن أبى عبداللّه عليه‌السلام : « سمعته يقول : وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها » (١).

وما يمكن دلالته على الأول يتجاوز العشر ، كرواية بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه‌السلام : « إذا غابت الحمرة من هذا الجانب ، يعنى من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها » (٢).

وذكر الشيخ النائينى أن المورد من موارد المطلق والمقيّد ، فإن روايات الإستتار تدلّ بإطلاقها على تحقق المغرب بالإستتار سواء انعدمت الحمرة ام لا ، بينما روايات الحمرة تحدد المغرب بالإستتار وزيادة ، وهى انعدام الحمرة ، فيكون المورد على وزان « جائنى الأمير » فإنه لايمتنع تقييده بما دلّ على مجيء الأمير مع اتباعه(٣).

وبذلك يكون الترجيح مع الطائفة الثانية.

وقيل فى وجه ترجيحها ايضا بأن الاولى موافقة للعامة. (٤)

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٦ من ابواب المواقيت ، حديث ١٦.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١٦ من ابواب المواقيت ، حديث ١.

٣ ـ كتاب الصلاة ، تقرير بحث الشيخ النائينى للشيخ الآملي : ١ / ٢٨.

٤ ـ الفقه على المذاهب الاربعة : ١ / ١٥٧ ؛ المغنى لابن قدامي : ١ / ٣٨٩.

وممن قال باعمال المرجح المذكور الشيخ البحرانى فى الحدائق الناضرة : ٦ / ١٦٩.

١٢٦

٥ ـ وقد وقع الاختلاف فى نهاية صلاة المغرب ، فالمشهور الى نصف الليل. وقيل الى غيبوبة الشفق.

والمناسب الأول لقوله تعالي : أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل (١) الدال على جواز ايقاع المغرب الى غسق الليل ، وهو انتصافه على ما فى صحيحة زرارة (٢).

قيل : والمعارض كصحيحة اسماعيل بن جابر عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « سألته عن وقت المغرب ، قال : ما بين غروب الشمس الى سقوط الشفق » (٣) لابدّ من طرحه لمخالفته لإطلاق الكتاب الكريم(٤).

٦ ـ المعروف فى بداية وقت صلاة العشاء ما بعد صلاة المغرب. وقيل عند سقوط الشفق.

والمناسب الاول لإطلاق آية الغسق ، ولصحيحة زرارة عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس المغرب والعشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة فى جماعة. وانما فعل ذلك ليتّسع الوقت على اُمّته » (٥) وغيرها.

٧ ـ ويمتد وقت العشاء الى نصف الليل عند المشهور ، خلافا للمنسوب للشيخ المفيد والطوسى من امتداده الى ثلثه(٦).

__________________

١ ـ الإسراء : ٧٨.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٢ من ابواب اعداد الفرائض ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ١٨ من ابواب المواقيت ، حديث ١٤.

٤ ـ التنقيح : ٦ / ١٦٤.

٥ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٢ من ابواب المواقيت ، حديث ٢.

٦ ـ مدارك الاحكام : ٣ / ٥٩.

١٢٧

والمناسب الأول لإطلاق آية الغسق وصحيحة أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أنى أخاف أن أشق على اُمتى لأخرت العتمة الى ثلث الليل وأنت فيرخصة الى نصف الليل ، وهو غسق الليل ... » (١). والمعارض مدفوع بما سبق.

٨ ـ وأما اختصاص المغرب باول الوقت والعشاء بآخره ، فلمرسلة داود بن فرقد ـ المتقدمة عند البحث عن الظهرين ـ المنجبرة سندا بفتوى المشهور بناءً على كبرى قاعدة الإنجبار.

٩ ـ واما امتداد وقت العشائين للمضطر الى طلوع الفجر ، فلصحيحة ابى بصير عن ابى عبدالله عليه‌السلام : « ان نام رجل ولم يصلّ صلاة المغرب والعشاء او نسى فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليها كلتيهما فليصلهما. وان خشى ان تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة .... » (٢) وغيرها.

١٠ ـ وأمّا أن بداية صلاة الصبح طلوع الفجر ، فلا خلاف فيه. ويدل عليه قوله تعالي : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ) (٣) فإن المراد من قرآن الفجر هو صلاة الصبح ، ولاوجه لنسبتها الى الفجر إلا كون بدايتها ذلك.

١١ ـ وأما أن نهايتها طلوع الشمس ، فهو المشهور. وقيل الى طلوع الحمرة المشرقية للمختار والى طلوع الشمس لغيره.

والمناسب الاول لصحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام : « وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس » (٤).

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٧ من ابواب المواقيت ، حديث ٧.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٦٢ من ابواب المواقيت ، حديث ٣.

٣ ـ الاسراء : ٧٨.

٤ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٦ من ابواب المواقيت ، حديث ٦.

١٢٨

علامات الاوقات وبعض احكامها

علامة الفجر ـ اى الصادق ـ التبيّن التقديري.

وعلامة الزوال زيادة الظل او حدوثه.

ومنتصف الليل نصف ما بين الغروب الى طلوع الفجر ، وقيل الى طلوع الشمس.

ولاتجزي ء الصلاة إلا مع إحراز دخول الوقت بعلمٍ أو اطمئنان او بيّنة او خبر الثقة أو اذان الثقة العارف.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما أن المراد من الفجر هو الصادق دون الكاذب ، فموضع وفاق بين المسلمين. وتدل عليه روايات متعددة شبّه فيها الفجر الصادق بالقبطيّة البيضاء وبنهر سوراء ، بخلاف الكاذب ، فإنه شُبّه بذنب السرحان(١) ، ففى صحيحة أبي بصير : « سألت أبا عبدالله عليه‌السلام : متى يحرم الطعام والشراب على الصائم وتحل صلاة الفجر؟ فقال : إذا اعترض الفجر فكان كالقبطيّة البيضاء » (٢).

وفى صحيحة على بن عطية عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « الفجر هو الذى إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض نهر سوراء » (٣).

__________________

١ ـ الفجر الكاذب نور يظهر فى السماء صاعدا كالعمود منفصلا عن الاُفق ، وسرعان ما ينعدم وتتبعه ظلمة ، ويشبه بذنب السرحان ـ الذئب ـ لان باطن ذنبه ابيض وبجانبيه سواد. بينما الفجر الصادق نور يظهر بعد ذلك منبسطا فى عرض الافق كنصف دائرة. ويشبَّه بالقبطية البيضاء وبنهر سوراء ، فان القبطية ـ بالضم ـ ثياب رقاق بيض كانت تنيج بمصر ، تنسب الى القبط ، وهم اهل مصر. وسوراء موضع ببابل من العراق فيه نهر.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٧ من ابواب المواقيت ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٧ من ابواب المواقيت ، حديث ٢.

١٢٩

٢ ـ وأما أن علامة الفجر هو التبيّن ، فلقوله تعالي : ( وكلوا واشربوا حتّى يتبيَّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الاسود من الفجر ) (١).

٣ ـ وأما أن المراد به التقديرى دون الفعلى ، فلأن التبيّن يؤخذ عرفا بنحو الطريقية دون الموضوعية فهو طريق لإثبات تحقق ذلك الوقت الواقعي. ولو كان مأخوذا بنحو الموضوعية بحيث يلزم تحققه بالفعل لزم الحكم بعدم تحقق الفجر فى حالة وجود الغيم او غيره من الموانع الاّ بعد فترة طويلة. كما يلزم اختلاف وقت الفجر فى الليلة الواحدة بفرض تحقق الخسوف فيها وعدمه ، فيتقدم لو فرض تحقق الخسوف ويتأخّر لو فرض عدمه ، وهو بعيد.

وبهذا اتضح أن ما اختاره الشيخ الهمداني(٢) وبعض الأعلام من المتأخرين من اختلاف الفجر باختلاف كون الليلة مقمرة او لا موضع تأمل.

٤ ـ وأما الزوال ، فله عدة علامات منها ما اشير اليه ، فانه كلما وضع شاخص عمودى على الارض يحدث له ظل طويل الى جانب الغرب عند شروق الشمس ويأخذ تدريجا بالنقصان الى أن تصل الشمس الى خط نصف النهار ، فينتهى ويأخذ بالزيادة بعد ذلك. وتلك الزيادة دليل على عبور الشمس خط نصف النهار الذى به يتحقق الزوال.

هذا اذا لم تصر الشمس مسامتة للشاخص وإلا ـ كما فى مكة المكرمة فى بعض ايام السنة ـ انعدم الظل ، وما يحدث بعد ذلك يكون علامة على الزوال.

٥ ـ وأما أن المدار فى منتصف الليل الى طلوع الفجر دون طلوع الشمس ،

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٧.

٢ ـ مصباح الفقيه ، كتاب الصلاة : ٢٥.

١٣٠

فللوجدان العرفى القاضى بعدم كون فترة ما بين الطلوعين من الليل ، فلو قيل لشخص جئنى فى الليل وجاء قبل طلوع الشمس بربع ساعة فإنَّه لايعدّ ممتثلاً.

وفى صحيحة مرازم عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « متى أصلى صلاة الليل؟ فقال : صلّها آخر الليل » (١).

٦ ـ وأما بالنسبة الى عدم الإجزاء مع عدم الإحراز ، فلقاعدة الإشتغال اليقينى يستدعى الفراغ اليقيني ، ولاستصحاب عدم دخول الوقت.

اجل إذا اتضح بعد ذلك دخول الوقت اجزأ ما أتى به مع فرض تحقق القربة.

٧ ـ وأما أنّ دخول الوقت يثبت بالعلم ، فلحجيّته عقلاً بل اليه تنتهى حجيّة كلّ حجّة ، ولولا حجيّته استحال اثبات أيّ حقيقة.

٨ ـ وأمّا ثبوت ذلك بالإطمئنان ، فلإنعقاد سيرة العقلاء على العمل به فى أمورهم ، وحيث لم يرد ردع شرعى عنه فيثبت امضاؤه.

٩ ـ وأمّا البيّنة ، فهى وإن لم يدل دليل على حجيّتها فى خصوص المقام إلاّ أنّه يمكن الاستدلال على حجيّتها بأحد أمرين :

الأوّل : التمسك بما دلّ على حجيّتها فى باب القضاء كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فى صحيحة هشام بن الحكم : « انما اقضى بينكم بالبيّنات والايمان » (٢). فإنّه وإن كان خاصّا بباب القضاء إلاّ أنّه يمكن التعدّى منه الى المقام بالأولويّة.

الثاني : رواية مسعدة بن صدقة عن أبى عبدالله عليه‌السلام : « كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه ... والأشياء كلّها على هذا حتى يتبيّن لك غير ذلك أو تقوم

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٤٥ من ابواب المواقيت ، حديث ٦.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٢ من ابواب كيفية الحكم والدعوي ، حديث ١.

١٣١

به البيّنة » فإنّه قد يستفاد منها حجيّة البيّنة فى جميع الموارد.

ثمّ انّ البحث عن حجيّة البيّنة يكون له وجه بناء على عدم حجيّة خبر الثقة وإلاّ فلا وجه له كما هو واضح.

١٠ ـ وأما حجية خبر الواحد الثقة وإن لم يكن عدلاً ، فذلك للسيرة العقلائية التى لم يردع عنها شرعاً فتكون ممضاة.

١١ ـ وأما أذان الثقة العارف ، فالمعروف حجّيته لأنه من مصاديق خبر الثقة ، ولبعض النصوص الخاصة من قبيل صحيحة ذريح المحاربي : « قال لى أبو عبدالله عليه‌السلام : صلّ الجمعة بأذان هؤلاء ، فإنّهم أشد شيء مواضبة على الوقت » (١).

القبلة

يجب استقبال القبلة فى جميع الصلوات الواجبة. وهى المكان الذى فيه الكعبة المشرفة.

والمستند فى ذلك :

١ ـ اما وجوب الاستقبال فى الصلاة الواجبة ، فلقضاء الضرورة الدينية بذلك.

وتدلّ عليه أيضاً جملة من النصوص ، كصحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام : « لا صلاة إلا الى القبلة » (٢) وحديث « لاتعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » (٣).

٢ ـ وأما النافلة ، فمقتضى إطلاق ما تقدم اعتبار القبلة فيها ايضاً ، ولكن دلت

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٢ من ابواب كيفية الحكم والدعوي ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٩ من ابواب القبلة ، حديث ٢.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٩ من ابواب القبلة ، حديث ١.

١٣٢

جملة من الروايات على جواز المشى فيها ، كصحيحة يعقوب بن شعيب : « سألت أباعبدالله عليه‌السلام ... قلت : يصلّى وهو يمشي؟ قال : نعم يؤمى ايماء وليجعل السجود اخفض من الركوع » (١) فان لازم جواز المشى عرفا سقوط شرطية القبلة.

ولابدّ من حمل الصحيحة على النافلة ، لعدم احتمال ارادة الفريضة منها.

٣ ـ وأما أن القبلة هى ما ذكر دون نفس البنيَّة ، فللزوم انعدام القبلة بانهدام البنية ولاتعود باعادة بنائها.

وايضا يلزم منه بطلان صلاة البلدان الواقعة اعلى او اخفض من مكة.

وإذا قيل : إن لازم كلا القولين بطلان صلاة بعض الصف الطويل وتنحصر صحة الصلاة بمن يخرج من موقفه خط مستقيم الى الكعبة.

قلنا : إن المدار على المواجهة العرفية دون الدقّية ، وهى تتّسع بزيادة البعد ، فقبر الإمام الحسين عليه‌السلام مثلاً قد لاتتحقق مواجهته من قرب إلا فى حق خمسة اشخاص بينما من بُعْد يمكن ان يواجهه اهل بلد كامل.

الطهارة

لاتصح الصلاة الا مع الطهارة من الحدث وطهارة اللباس والبدن من الخبث الاّ ما استثني.

والمصلّى مع الحدث يعيد ولو كان ناسيا او جاهلاً بخلاف المصلّى مع الخبث ، فانه يعيد مع النسيان دون الجهل.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما اعتبار الطهارة من الحدث ، فمن المسلّمات بل من ضروريات الدين.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١٦ من ابواب القبلة ، حديث ٤.

١٣٣

ويدلّ عليه قوله تعالي : ( يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤسكم وارجلكم الى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا ... ) (١) وصحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام : « لاصلاة إلا بطهور » (٢) وغيرها.

٢ ـ وأما اعتبارها من الخبث فى اللباس ، فمما لاكلام فيه. وتدل عليه الروايات الكثيرة ، كصحيحة زرارة : « قلت له : اصاب ثوبى دم رعاف او غيره او شيء من المنى فعلَّمتُ أثره الى أن اصيب له الماء فاصبت وحضرت الصلاة ونسيت أن بثوبى شيئا وصلّيت ثم إنى ذكرت بعد ذلك. قال : تعيد الصلاة وتغسله » (٣) وغيرها.

وإضمار الصحيحة لايضر بعد كون المضمِر من أجلاّء الاصحاب الذين لاتليق بهم الرواية عن غير الامام عليه‌السلام.

٣ ـ وأما اعتبارها فيالبدن ، فهو ثابت بالأولوية.

٤ ـ وأما وجوب الاعادة على من صلى مع الحدث مطلقا ، فلإطلاق الشرطية المستفادة من الاية الكريمة وصحيحة زرارة المتقدمتين.

ويدل على ذلك ايضا حديث لاتعاد بعد كون الطهارة من الحدث من احد الخمسة المستثناة.

٥ ـ وأما الجاهل والناسى للطهارة من الخبث ، فمتقضى اطلاق المستثنى منه فى حديث لاتعاد عدم وجوب الإعادة عليهما إلا أن صحيحة زرارة دلت على أن الناسى يعيد دون الجاهل.

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب الوضوء ، حديث ١.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٤٢ من ابواب النجاسات ، حديث ٢.

١٣٤

أما الفقره الدالة فيها على وجوب الإعادة على الناسي ، فقد تقدّمت.

واما الفقرة الدالة على عدم وجوب الإعادة على الجاهل ، فهي : « قلت : فإن ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم ارَ فيه شيئا ثم صليت فرأيت فيه ، قال : تغسله ولاتعيد » (١).

وعلى هذا تكون صحيحة زرارة مخصصة لقاعدة لاتعاد بلحاظ الناسي.

ستر العورة

لاتصح الصلاة إلا مع ستر العورة. وهى فى الرجل القضيب والانثيان والدبر. وفى المرأة جميع بدنها إلا الوجه ـ بمقدار ما يبرز عند الخمار ـ والكفّين الى الزندين والقدمين الى الساقين.

ويعتبر فى الساتر مضافا الى طهارته اباحته على المشهور ، وعدم كونه من أجزاء ما لايؤكل لحمه ، ولا من أجزاء غير المذكي.

ويعتبر للرجال أن لايكون من الذهب او الحرير الخالص.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما لزوم الستر فى الصلاة ، فقد ذكر فى المستمسك (٢) ان استفادته من النصوص حتى لحالة عدم الناظر غير ممكنة ، والعمدة هو الإجماع.

هذا والظاهر إمكان ذلك ، ففى صحيحة صفوان أنه كتب الى أبى الحسن عليه‌السلام يسأله : « الرجل معه ثوبان فاصاب احدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٤١ من ابواب النجاسات ، حديث ١.

٢ ـ مستمسك العروة الوثقي : ٥ / ٢٥١.

١٣٥

وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال : يصلى فيهما جميعا » (١) ، فإنه بترك الاستفصال يفهم وجوب الستر وإلا كان المناسب إلاكتفاء بالصلاة عاريا حالة الأمن من الناظر.

٢ ـ وأما أن العورة فى حق الرجل ما ذكر دون ما زاد كالعجان ، فيكفى لنفى الزيادة عدم الدليل عليها ، ولإثبات المقدار المذكور صحيحة زرارة الواردة فيمن سلبت ثيابه : « ... وإن كان رجلاً وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيؤميان ايماءً ولايسجدان ولايركعان فيبدو ما خلفهما ... » (٢).

٣ ـ وأما تحديد عورة المرأة فى الصلاة بما ذكر ، فهو المشهور. ويمكن استفادته من صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى عليه‌السلام : « المرأة ليس لها الا ملحفة واحدة كيف تصلّي؟ قال : تلتف فيها وتغطى رأسها وتصلي ، فإن خرجت رجلها وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس » (٣).

وأما جواز إبراز الوجه بالمقدار المذكور ، فلروايات الخمار ، ففى موثقة ابن أبى يعفور : « قال أبو عبدالله عليه‌السلام : تصلّى المرأة فى ثلاثة اثواب : ازار ودرع وخمار ... » (٤) ، بل قديستفاد ذلك من التعبير بجملة « تغطّى رأسها » الوارد فى الصحيحة السابقة.

وأما الكفّان والقدمان فيكفى لإثبات استثنائهما القصور فى المقتضي.

وذيل صحيحة على بن جعفر المتقدمة لايدل على وجوب ستر جميع الرجل عند القدرة بل على وجوب سترها فى الجملة.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٦٤ من ابواب النجاسات ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٥٠ من ابواب لباس المصلي ، حديث ٦.

٣ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٨ من ابواب لباس المصلي ، حديث ٢.

٤ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٨ من ابواب لباس المصلي ، حديث ٨.

١٣٦

٤ ـ وأما الإباحة ، فالمعروف اعتبارها فى لباس المصلّى وفى مكانه بالرغم من عدم وجود رواية تدل على ذلك.

أما لباسه فقد اختلف فى المقدار اللازم إباحته ، فقيل باعتبارها فى جميع اللباس.

وقيل باعتبارها فى خصوص ما يتحقق به ستر العورة دون ما زاد.

وقد يستدل على الاعتبار بأن التستر حيث إنه واجب فى الصلاة فلا ، يجوز أن يكون بالمغصوب لاستحالة ان يكون الحرام مصداقا للواجب. ونتيجة ذلك اعتبارها فى خصوص الساتر للعورة.

٥ ـ وأما اعتبار عدم كونه من أجزاء ما لايؤكل لحمه ، فلموثقة ابن بكير : « سأل زرارة أبا عبدالله عليه‌السلام عن الصلاة فى الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الصلاة فى وبر كل شيء حرام اكله فالصلاة فى وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شيء منه فاسد ... » (١).

٦ ـ وأما اعتبار أن لايكون من أجزاء الميتة ، فلموثقة ابن بكير المتقدمة ، حيث ورد فى ذيلها : « فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة فى وبره ... وكل شيء منه جائز إذا علمت أنه ذكى ».

٧ ـ وأما عدم جواز لبس الذهب للرجال ، فلموثقة عمار عن أبى عبداللّه عليه‌السلام : « لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلى فيه لأنه من لباس أهل الجنة ». (٢) وبضمّ قاعدة النهى فى العبادة مفسد لها ، يثبت فساد الصلاة.

ووجه التخصيص بالرجال اختصاص الموثقة بذلك.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٢ من ابواب لباس المصلي ، حديث ١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ٣٠ من ابواب لباس المصلي ، حديث ٤.

١٣٧

٨ ـ وأما أنه لا يكون من الحرير الخالص ، فلمكاتبة محمد بن عبدالجبار : « كتبت الى أبى محمد عليه‌السلام اسأله هل يصلى فى قلنسوة حرير محض او قلنسوة ديباج؟ فكتب عليه‌السلام : لا تحل الصلاة فى حرير محض » (١).

وأما التخصيص بالرجال ، فلموثقة سماعة : « لاينبغى للمرأة ان تلبس الحرير المحض وهى محرمة ... » (٢) فإن التخصيص بحالة الإحرام قد يفهم منه الجواز فى غيرها.

مكان المصلى

لا تصح الصلاة فى المكان المغصوب إلا إذا أذن المالك ، ولا فى المكان المشترك لأحد الشركاء بدون إذن البقية ولا فى المكان المتحرك الذى لاتتحقق فيه الطمأنينة.

والمستند فى ذلك :

١ ـ أما عدم صحة الصلاة فى المغصوب ، فلأن المحرّم لايمكن أن يقع مصداقا للواجب.

وبكلمة أُخري : المحرَّم لا يمكن أن يكون مقرِّبا.

وقيل باعتبار اباحة خصوص المسجَد دون غيره.

٢ ـ وأما الصحة مع الإذن ، فلتحقق الإباحة للمأذون.

٣ ـ وأما أنه يعتبر إذن جميع الشركاء فى المشترك ، فلأن المالك لمّا كان هو المجموع ـ لفرض الإشاعة ـ فيعتبر إذنه.

٤ ـ وأمّا اعتبار ان لا يكون مكان المصلى متحرّكاً بنحو لاتتحقق فيه الطمأنينة ، فهو أمر متسالم عليه. وقد يستدلّ له برواية السكونى عن ابى عبداللّه عليه‌السلام : « الرجل

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١١ من ابواب لباس المصلي ، حديث ٢.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١٦ من ابواب لباس المصلي ، حديث ٤.

١٣٨

يصلّى فى موضع ثمّ يريد أن يتقدّم ، قال : يكف عن القراءة فى مشيه حتى يتقدّم الى الموضع الذى يريد ثمّ يقرأ » (١) ، فإنّها تدلّ على اعتبار طمأنينة المصلّى اثناء قرائته ، ومع اضطراب المكان لا يمكن تحققها.

وضعف السند بالنوفلى ـ الراوى عن السكونى ـ حيث لم يوثّق لا يضرّ بناء على تمامية كبرى الانجبار بعمل المشهور.

أجزاء الصلاة

للصلاة عدة اجزاء نذكرها كما يلي : النيّة والمراد منها كون الباعث الى الفعل المعيَّن امر اللّه سبحانه.

ويعتبر تعيين الصلاة اذا كانت صالحة لوجهين.

ولا تلزم نية القضاء والأداء عند عدم اشتغال الذمّة بالقضاء او عند تردد ما اشتغلت به بينهما.

وعند شك المكلف فى نيّتها ظهرا او عصرا ينويها ظهرا ان لم يأت بها قبلاً والا بطلت.

والمستند فى ذلك :

١ـ أما أنه يلزم كون الباعث الى الفعل المعيّن أمر اللّه سبحانه ، فلأن ذلك لازم العبادية.

وبذلك يتَّضح بطلان العبادة حالة الرياء لفقد الباعث المذكور.

بل هو محرَّم ومبطل بقطع النظر عن ذلك ، ففى صحيحة زرارة وحمران عن أبى جعفر عليه‌السلام : « لو أن

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ٣٤ من أبواب القراءة فى الصلاة ، حديث ١.

١٣٩

عبدا عمل عملاً يطلب به وجه اللّه والدار الاخرة وأدخل فيه رضا أحدٍ من الناس كان مشركا » (١) ، فإنّ التعبير بالشرك يدلّ على الحرمة التى لازمها البطلان.

وفى الحديث الصحيح عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يؤمر برجال الى النار ... فيقول لهم خازن النار : يا اشقياء ما كان حالكم؟ قالوا : كنّا نعمل لغير اللّه ، فقيل لنا : خذوا ثوابكم ممن عملتم له » (٢).

٢ ـ وأما اعتبار التعيين حالة امكان وقوع الصلاة على وجهين ـ كصلاة الفجر ونافلتها ، ـ فلعدم تحقق العنوان بدون قصده.

وأما عدم اعتباره حالة العدم ـ كنذر نافلتين ـ فلعدم تحقق التعيين لهما فى الواقع ، بل قصد المعينة أمر غير ممكن.

٣ ـ وأما لزوم قصد الاداء او القضاء عند اشتغال الذمّة بالقضاء أيضاً ، فلعدم حصول التعيين بدون ذلك.

وأما عدم لزومه حالة الاشتغال بصلاة وترددها بين القضاء والأداء ، فلحصول الامتثال بقصد امتثال الامر المتوجّه واقعا.

٤ ـ وأما نيتها ظهرا للمتردد إذا لم يأت بها قبلاً ، فباعتبار ان الواقع لا يخلو من أحد احتمالين ، فإن كان قد نواها واقعا عصرا فمن اللازم العدول بها الى الظهر للزوم العدول من اللاحقة الى السابقة لمن لم يأت بها.

وإن كان قد نواها واقعا ظهرا فالامر أوضح.

٥ ـ وأما الحكم بالبطلان حالة اداء الظهر قبلاً ، فلاحتمال نيتها ظهرا واقعا ،

__________________

١ ـ وسائل الشيعة : باب ١١ من ابواب مقدمة العبادات ، حديث ١١.

٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١٢ من ابواب مقدمة العبادات ، حديث ١.

١٤٠