مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ان يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مدا ، فان لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام ومن كان عليه شي‌ء من الصيد فدائه بقرة فان لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا فان لم يجد فليصم تسعة أيّام ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام يدلان على اجزاء مد واحد (١).

ويؤيده أخبار أخر مثل موثقة ابن بكير عن بعض أصحابه ثم يصوم لكل مدّ يوما (٢).

ورواية علي بن أبي حمزة عن ابى بصير الصدقة مدّ لكل (على كل خ ل) مسكين (٣).

ولا يضر ضعفهما وضعف (٤) إطعام ستين مسكينا الموجود في الآية (٥) والأخبار وكذا صدق التصدق الموجود في الاخبار وثبوت كونه مدّا في أكثر الكفارات فإنّه لا يقدر مسكين على أكل مدّين يوما غالبا مع ورود الإطعام الظاهر في ذلك في الاخبار.

والجمع بين الأدلة بحمل الاولى على الندب وأحد فردي الواجب فهو غير بعيد ، وهو مذهب ابن بابويه والحسن على ما نقل في الدروس والأوّل مذهب المتن.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد وتوابعها الرواية ١١.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد وتوابعها الرواية ٥ وما نقله قطعة منها.

(٣) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد وتوابعها الرواية ٣ والمنقول قطعة من الرواية.

(٤) هكذا في جميع النسخ ولعل الصواب (صدق) بدل (ضعف) وهو عطف على قوله : والأصل وصحيحة معاوية بن عمار.

(٥) المجادلة ٤.

٣٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

وأيضا ان الظاهر من كلام الأصحاب كونه بالبرّ والآية والاخبار خالية عنه والطعام والإطعام أعم ، فلا يبعد اجزاء ما يصدق ، وهو ظاهر ، والاحتياط لا يترك مطلقا.

وأيضا الظاهر من كلام الأصحاب والآية كون الصوم بقدر عدد المساكين ، فيكون ستين يوما في بدل كفارة النعامة على تقدير ان يصيب ستين مسكينا مع القدرة.

وكذا ظاهر مرسلة جميل عن بعض أصحابنا ، عن ابى عبد الله عليه السّلام في محرم قتل نعامة ، قال : عليه بدنة ، فان لم يجد فإطعام ستين مسكينا ، فان كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا (١) هكذا وجد في الفقيه (٢) وفي رواية جميل عن محمد بن مسلم وزرارة المتقدمة وليس من قوله : (فإن) إلى قوله : (لم) في المنتهى (٣) ، والتهذيب (٤) لم يزد على إطعام ستين مسكينا ، فان كانت قيمة البدنة أقل من إطعام ستين مسكينا لم يكن عليه الّا قيمة البدنة ، فان لم يقدر (٥) على إطعام ستين مسكينا ، ولا ان يصوم بقدر ما يصيب كل مسكين يوما فليصم ثمانية عشر يوما ولا شي‌ء عليه ، وكذلك في البقرة وحمار وحش يصوم تسعة أيام وفي الظبي وما أشبهه ثلاثة أيّام ولعل بعض أصحابنا هو محمد بن مسلم وزرارة على ما

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) هكذا في جميع النسخ ، والظاهر زيادة لفظة (واو) والعبارة هكذا : هكذا وجد في الفقيه في رواية جميل إلخ راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧.

(٣) هكذا في جميع النسخ والصواب في الكافي بدل في المنتهى.

(٤) اى وفي التهذيب بعد قوله عليه السّلام (في مرسلة جميل) فإطعام ستين مسكينا : (لم يزد على إطعام إلخ).

(٥) من قوله : فان لم يقدر الى قوله : وما أشبهه ثلاثة أيام ، يحتمل ان يكون من كلام الشيخ قده لا من الرواية بقرينة عدم نقله في الكافي مع أنّ الشيخ نقله من الكافي.

٣٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يشعر به صحيحة جميل المتقدمة المنقولة عن الفقيه ، فتكون مسندة صحيحة فتأمل ، وكذا صحيحة ابى عبيدة المتقدمة (١).

ورواية محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام ، قال : سألته عن قوله تعالى (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً)؟ قال : عدل الهدى ما بلغ يتصدق به فان لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما (٢).

وخرج الزائد (٣) بالإجماع والاخبار وبقي الباقي.

والظاهر انّ المراد بالتصدق في هذه الرواية هو التصدق بالطعام لما هو ظاهر الآية والاخبار الأخر.

فقول الحلبي ـ بوجوب التصدق بالقيمة ، فإن عجز فضّها على البرّ ، على ما نقل في الدروس متمسكا بهذه ونحوها ـ بعيد ومخالف لظاهرهما وللمشهور وصحيحة ابى عبيدة صريحة في نفيه (٤).

الّا انّ (٥) في الاخبار ما يدل على ان الصوم هو ثمانية عشر في النعامة على تقدير اختياره والعجز عن الطعام ، والتسعة في البقرة ، والثلاثة في الشاة مطلقا ، سواء كان قادرا على أكثر أم لا ، وسواء كانت القيمة على تقدير الفض تصيب أكثر أم لا.

مثل صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة (٦) فان لم يجد ما يشترى بدنة فأراد

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٨.

(٣) أي الزائد من الستين.

(٤) تقدم ذكرها.

(٥) استثناء من قوله فيما تقدم في صدر الكلام : كون الصوم بعدد المساكين.

(٦) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١١ صدرها : من أصاب شيئا فدائه بدنة من الإبل آه فراجع.

٣٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ان يتصدق ، فعليه ان يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدّا ، فان لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما الحديث.

ومثل رواية أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام (في التهذيب وصحيحته في الفقيه بتغيير ما) حيث قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام : عن محرم أصاب نعامة (أو حمار وحش قيه)؟ قال : عليه بدنة (قال يب) قلت : فان لم يقدر (على بدنة يب) ما عليه؟ قال : يطعم (فليطعم خ ل) ستين مسكينا ، قلت : فان لم يقدر على ان يتصدق به (ما عليه فيه)؟ قال : فليصم ثمانية عشر يوما ، والصدقة مدّ على كل مسكين ، قلت : فإن أصاب بقرة (أو حمار وحش يب) ما عليه؟ قال : (عليه خ) بقرة ، قلت : فان لم يقدر (على بقرة يب) قال : فليطعم ثلاثين مسكينا ، قلت : فان لم يقدر على ما يتصدق به ، قال : فليصم تسعة أيّام ، قلت : فإن أصاب ظبيا ما عليه؟ قال : عليه شاة ، قلت : فان لم يجد (شاة يب) قال : فعليه إطعام عشرة مساكين ، قلت : فان لم يجد (لم يقدر على يب) ما يتصدق به ، قال : فعليه صيام ثلاثة أيّام (١) وهذه ظاهرة في الترتيب ، وقلة الصوم ، قال في التهذيب (في آخر مرسلة جميل) : هذا إذا لم يقدر على الإطعام ، ولم يقدر على ان يصوم بقدر ما يصيب ثمن الفداء عن كل مسكين يوما ، فامّا مع التمكن من ذلك فليس له الّا ذلك ، والذي يدل على جوازه عند الضرورة ، ما رواه موسى بن القاسم ، وذكر رواية أبي بصير وصحيحة معاوية بن عمار اللتين أشرنا إليهما (٢) وأنت تعلم أنّ مرسلة جميل ظاهرة في وجوب الصوم على قدر ما يصيب الفداء في النعامة والبقرة والظبي ، حيث صرّح

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١٠ بطريق الشيخ في التهذيب والرواية ٣ بطريق الفقيه.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١٠ و ١١.

٣٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

في الأول (١) وأحال عليه الأخريان ، فلا يحتاج الى قوله (٢) هذا إذا لم يقدر.

وأنّ في الروايتين (٣) لا دلالة على العجز عن ذلك بل ظاهرتان في الاكتفاء بالمقدار الأقل مع القدرة.

ويمكن حمل المرسلة (٤) ـ مع تسليم ظهور اسنادها ، وصحيحة ابى عبيدة المتقدمة (٥) ـ على الاستحباب والفرد الأفضل من فردي الواجب ، فانّ حملها على العجز عن الصوم عن أكثر بعيد ، الّا أنّ الظاهر أنّ القائل به غير معلوم ، مع مخالفة مضمونها للمشهور والخبر (٦) والآية (٧) من جهة الترتيب وقلة مقدار عدد الصوم ، واحتمال الاستناد في المرسلة ، على ما أشرنا اليه (٨) مع ظهور صحيحة ابى عبيدة ، فحملتا على العجز عن الصيام الزائد لذلك (٩) ويحمل المطلق على المقيّد فكأنّه قيل فيهما مثلا : فان لم يقدر على ذلك ولا على الصوم بمقداره ، صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما إلخ فتأمل.

وأيضا ان عدم وجوب الزائد على الستين صوما وإطعاما وكذا عدم إكمال النقص عنهما ظاهر من الاخبار المتقدمة وكأنه إجماعي.

__________________

(١) يعنى صرح في مرسلة جميل في النعامة وأحال عليه حكم البقرة والظبي.

(٢) يعني إلى قول الشيخ في التهذيب : (هذا إذا لم يقدر).

(٣) عطف على قوله : ان مرسلة جميل ، وهو اشكال آخر على كلام الشيخ ره.

(٤) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الإحرام الرواية ٢.

(٥) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الإحرام الرواية ١.

(٦) أي خبر ابى بصير على نقل التهذيب.

(٧) المائدة ٩٦.

(٨) يعني بقوله فيما تقدم : ولعل بعض أصحابنا ، هو محمد بن مسلم وزرارة على ما يشعر به صحيحة جميل المتقدمة إلخ.

(٩) أي لأجل مخالفتها مع المشهور والخبر والآية.

٣٦٥

وفي فرخها من صغار الإبل.

وفي بقر الوحش وحماره بقرة ، أو يفض الثمن على البرّ ويطعم ثلاثين مسكينا لكلّ مسكين نصف صاع ، والفاضل عن ثلاثين له ، ولا يلزمه الإكمال لو أعوز أو يصوم عن كلّ مسكين يوما ، فان عجز صام تسعة أيّام ، وفي الظبي شاة أو يفضّ ثمنها على البر ، ويطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّين ، والفاضل عن عشرة له ، ولا يلزمه الإكمال ، أو يصوم لكلّ مسكين يوما فان عجز صام ثلاثة أيام.

______________________________________________________

وان ظاهر الآية وبعض الاخبار وجوب ما يصيب القيمة وكذا بدله من الصوم ، ولا يبعد كونه أحوط.

قوله : «وفي فرخها إلخ». أي كفارة قتل صغار النعامة صغار الإبل ، والظاهر ان البدل أيضا كبدل الكبير.

لعل الوجه هو المماثلة المفهومة من الآية الشريفة ويحتمل وجوب ما في الكبير بعينه ، لصدق قتل النعامة فدليله دليله.

والأوّل انسب بالأصل والآية ، والثاني بالاحتياط ، وهو مختار الدروس.

قوله : «وفي بقرة الوحش الى قوله : وفي الثعلب». البحث فيه ظاهر من البحث في النعامة ، الّا انّ في الحمار في روايتي أبي بصير المتقدمة (١) وسليمان بن خالد الآتية (٢) بدنة مع انّ الظاهر صحتهما ، ونقل في الدروس القول عن الصدوق بها في الحمار ، لصحيحة أبي بصير المتقدمة ، فالتخيير مع أولوية البدنة غير بعيد ، لعله مقصود الصدوق لوجود البقرة في الصحيح ، كما عرفت ، فتأمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١٠.

(٢) سيأتي نقلها.

٣٦٦

وفي الثعلب والأرنب شاة.

______________________________________________________

قوله : «وفي الثعلب والأرنب شاة». ادعى الإجماع في المنتهى على وجوب الشاة في الأرنب ، لعله لا قائل بالفرق.

ويدل عليه أيضا صحيحة أحمد بن محمد البزنطي (في الفقيه) قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا؟ فقال : في الأرنب دم شاة (١).

وما روى في الفقيه (صحيحا) عن ابن مسكان عن الحلبي (لعله عبد الله بقرينة نقله عن الحلبي) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الأرنب يصيبه المحرم؟ فقال : شاة هديا بالغ الكعبة (٢).

لعل السكوت عن الثعلب لظهور الاتحاد في الحكم ، فتأمل.

ويدل عليه رواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن محرم قتل ثعلبا؟ فقال : عليه دم قلت : فأرنبا؟ قال : مثل ما في الثعلب (٣).

ولا يضر ضعفها (٤) بعلي بن أبي حمزة وابى بصير للشهرة وظهور قبولها عند الأصحاب وعدم ظهور القائل بالفرق فتأمل.

ولا يضر أيضا ما يدل على القيمة فيهما من رواية سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : في الظبي شاة وفي البقرة بقرة وفي الحمار بدنة وفي النعامة بدنة وفيما سوى ذلك قيمته (٥).

لوجوب تخصيصها بما تقدم من (مع ظ) إمكان المناقشة في صحتها ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٣) الوسائل الباب ٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

(٤) سندها (كما في الكافي) هكذا : عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن ابى بصير.

(٥) الوسائل الباب ١ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٣٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

واشتمالها على البدنة في الحمار مع عدم ظهور القائل بها الّا الصدوق على ما نقل في الدروس ، مع احتمال التخيير بين الشاة والقيمة جمعا بينهما.

ثم على تقدير وجوب الشاة فيهما لو عجز عنها هل لها بدل أم لا قال المصنف في المنتهى : قال قوم : ان الثعلب مثل الظّبى ولم يثبت.

ويمكن الاحتجاج عليه بقول الصادق عليه الصلاة والسّلام في رواية معاوية بن عمار : ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد صام (فصيام خ ل) ثلاثة أيّام (١).

وبقوله عليه السّلام في حديث ابى عبيدة : إذا أصاب المحرم الصيد الحديث (٢).

وبحديث محمد بن مسلم (٣) عن ابى جعفر عليه السّلام وقد تقدمت كلّها.

ثم قال : ونحن في هذا من المتوقفين ، ثم قال : في الأرنب أيضا فقال قوم من أصحابنا أيضا : مثل ما في الظبي ويمكن الاحتجاج عليه بمثل ما (بما خ ل) احتججنا لهم في الثعلب ، والتوقف هناك آت هنا.

لعل وجه التوقف الأصل وعدم التخصيص في الروايات واحتمال ما تقدم منها التخصيص بالنعامة والبقرة والحمار الوحشيين والظبي اللاتي لهم أمثال كما يشعر به رواية محمد بن مسلم ، لأنّها كانت في تفسير الآية ، والظاهر عدم صدق ما له مثل ، على الأرنب والثعلب لكن ظاهر الأخبار هو العموم خصوصا الأوّلين ، ولا يضر كون الأخيرة (٤) في جواب السؤال عن تفسير الآية لأنّه إنّما

__________________

(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١١.

(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧.

(٤) أي حديث محمد بن مسلم.

٣٦٨

وفي كسر بيض النعام [النعامة] لكلّ بيضة بكرة (١) من الإبل ان تحرّك الفرخ ، والّا أرسل فحولة الإبل في إناث بعدده فالنّاتج هدى.

______________________________________________________

الاعتبار بعموم ألفاظهم عليهم السّلام وخصوصيّة السبب ليست بمخصصة كما ثبت في الأصول على انه لا يبعد صدق ما له المثل عليهما أيضا فاحتجاجه ره قوى ، ووجه التوقف ضعيف على ما يظهر ، وهو اعرف.

قوله : «وفي كسر بيض النعامة إلخ». دليل وجوب البكرة من الإبل كفارة عن كسر كل بيضة النعامة مع تحرك فرخها فيها وإرسال الفحول التي يكفي للنزو عادة في الإناث بعدد البيضة المكسورة مع عدم التحرك وجعل ما ينتج هديا للكعبة ـ هو الإجماع المدعى في المنتهى.

ويدل عليه أيضا الروايات ، مثل صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من أصاب بيض نعام وهو محرم فعليه ان يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل فإنّه ربما فسد كلّه وربما خلق كله وربما صلح بعضه وفسد بعضه فما نتجت الإبل فهديا بالغ الكعبة (٢).

قال في التهذيب : وروى ان رجلا سأل أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السّلام فقال له يا أمير المؤمنين : انى خرجت محرما فوطئت ناقتي بيض نعام وكسرته فهل علىّ كفارة؟ فقال : له امض فاسئل ابني الحسن عنها وكان بحيث يسمع كلامه فتقدم اليه الرجل فسأله فقال له الحسن عليه السّلام : يجب عليك ان ترسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما انكسر من البيض فما نتج فهو هدى لبيت الله عز وجل فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام يا بنى كيف قلت ذلك وأنت تعلم انّ الإبل ربما أزلقت أو كان فيها ما يزلق؟ فقال : يا أمير المؤمنين : والبيض ربّما أمرق

__________________

(١) البكرة بفتح الباء الفتاة من الإبل.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

٣٦٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أو كان فيه ما يمرق ، فتبسّم أمير المؤمنين عليه السّلام وقال له : صدقت يا بنى ثم تلا : ذريّة بعضها من بعض والله سميع عليم (١).

ورواية علي بن أبي حمزة عن ابى الحسن عليه السّلام قال : سألته عن رجل أصاب بيض نعامة (نعام خ ل) وهو محرم؟ قال : يرسل الفحل في الإبل على عدد البيض ، قلت : فان البيض يفسد كلّه ويصلح كلّه قال : ما ينتج من الهدى فهو هدى بالغ الكعبة وان لم ينتج فليس عليه شي‌ء فمن لم يجدا بلا ، فعليه لكل بيضة شاة ، فان لم يجد تصدق (فالصدقة يب) على عشرة مساكين لكل مسكين مدّ فان لم يقدر (فان لم يجد يب) فصيام ثلاثة أيّام (٢).

وحملتا على البيض التي تحركت فراخها للإجماع المتقدم ، وللجمع بينهما

وبين صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام قال : سألته عن رجل كسر بيض نعام وفي البيض فراخ قد تحرك؟ قال : عليه لكل فرخ قد تحرك ، بعير ينحره في المنحر (٣).

لعل المراد بالبعير هو البكرة أو أعم ، وان كان غيرها تكون البكرة أحد أفراد الواجب للإجماع على اجزائها.

ولرواية سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : في كتاب علي عليه السّلام في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٥.

(٣) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٢٤ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

٣٧٠

فان عجز ففي كلّ بيضة شاة فإن عجز أطعم عشرة مساكين. فان عجز صام ثلاثة أيّام.

______________________________________________________

كأنّها صحيحة إذ ليس من فيه شي‌ء إلّا سليمان ، وقد وثقه المصنف في الخلاصة وان نقل ما فيه.

ويؤيّده إشارة ما ـ في اخبار الإرسال ـ على عدم التحرك ، حيث قال : ربما يفسد كله ، وفي اخبار وجوب البعير ان تحرك الفرخ.

قيل : البكر الفتى من الإبل والأنثى البكرة ، والجمع بكار ، مثل فرخ وفراخ ، وبكارة أيضا مثل فحل وفحال.

ويفهم مما تقدم عدم الفرق بين كسره بنفسه وبدابته.

ويؤيده صحيحة أبي الصباح الكناني (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن محرم وطئ بيض نعام فشدخها فقال : قضى فيها أمير المؤمنين عليه السّلام ان يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث فما لقح وسلم كان النتاج هديا بالغ الكعبة وقال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : ما وطئته أو وطأه بعيرك أو دابتك وأنت محرم ، فعليك فدائه (١).

وامّا دليل الشاة ـ على تقدير العجز عن الإرسال ثم إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدّ مما يطعم ثم صوم ثلاثة أيّام ـ فهو ما في آخر رواية على بن أبي حمزة المتقدمة : وان لم ينتج فليس عليه شي‌ء ، فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة شاة فان لم يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مدّ فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيّام (٢).

مؤيدة بالشهرة بل لا يبعد كونه إجماعيا ، ويمكن الاستدلال ببعض الأخبار

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٥.

٣٧١

وفي كسر بيض القطا والقبج لكلّ بيضة مخاض من الغنم ان تحرّك ، والا أرسل فحولة الغنم في إناث بعدده فالنّاتج هدي.

______________________________________________________

المتقدمة أيضا فتذكر وافهم.

فلا يضر ضعف رواية علي بن أبي حمزة به وبسهل بن زياد (١).

فمعنى قوله (٢) : (فان عجز) اى عن الإرسال كما هو ظاهر الرواية وحينئذ (٣) لم يعلم حكم العجز عن البكرة.

ويحتمل ما في الإرسال بالطريق الاولى (٤) وعدم شي‌ء بالكلية ، للأصل وعدم الدليل.

ويمكن كون المراد العجز عن البكرة ونحوها ومن الإرسال في محلهما وهو محتمل ظاهر ولكن ليس في رواية علي بن حمزة إلّا الأوّل.

هذا كله في البيض مع الفراخ أو احتماله.

واما مع ظهور الفساد وكون الفرخ ميتا فيه قبل الكسر أو عاش بعده سويا ، فلا شي‌ء لما يشعر به الاخبار المتقدمة ، من عدم شي‌ء مع الفساد فافهم وللأصل وعدم إتلاف شي‌ء من الصيد ولا قيمة لقشر البيض وقد صرح به في المنتهى ونقل عن العامّة قيمة القشر ورده بأنّه مثل الخشب والحجر وبأنه لو نقب (ثقب خ ل) البيضة واحد واخرج ما فيه ثم كسر قشرها آخر لم يكن عليه شي‌ء.

قوله : «وفي كسر بيض القطا والقبج لكل إلخ». قيل القطا جمع قطاة

__________________

(١) سندها (كما في الكافي) هكذا : عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد عن علي بن أبي حمزة.

(٢) يعني في كلام المصنف قده.

(٣) يعنى بعد ما حمل كلام المصنف ره على حكم العجز عن الإرسال ، لم يعلم حكم العجز عن البكرة.

(٤) يعني يحتمل ان يجب ما وجب في صورة العجز عن الإرسال (وهو شاة لكل بيضة) في صورة العجز عن البكرة أيضا بالطريق الأولى ، ويحتمل عدم وجوب شي‌ء أصلا للأصل وعدم الدليل.

٣٧٢

فان عجز فكبيض النعام.

______________________________________________________

وهو معروف كالقبج ، والمخاض ما من شأنه الحمل ، لعل المراد به هنا البكرة وهي الصغيرة من الغنم لما سيأتي من التصريح به في المنتهى.

ودليل المسألة كأنّه الإجماع مؤيّدا بما رواه في الصحيح عن سليمان بن خالد ومنصور بن حازم عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قالا : سألناه عن المحرم وطئ بيض القطاة فشدخه؟ قال : يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الغنم ، كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل (١) ورواية ابن رباط ، عن بعض أصحابه ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن بيض القطاة؟ قال : يصنع في الغنم كما يصنع في بيض النعام في الإبل (٢)

ورواية سليمان بن خالد ، قال : سألته عن رجل وطئ بيض قطاة فشدخه؟ قال : يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من الإبل ، ومن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم (٣).

وحملت على تحرك الفرخ بمثل ما تقدم في بيض النعام فتأمل.

قوله : «وان عجز فكبيض النعام». كأنّه مضمون كلام الشيخ (٤) وفي معناه تأمل ، فإن ظاهره أنّه إذا عجز عن الشاة في التحرك والإرسال في غيره ، يكون عليه شاة.

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١ مع اختلاف في السند والمتن ، فان السند في التهذيب هكذا : موسى بن القاسم عن صفوان عن منصور بن حازم وابن مسكان عن سليمان بن خالد عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قالا إلخ (باب الكفارة عن خطأ المحرم الرواية ١٥٠).

(٢) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ٢٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

(٤) كلام الشيخ في التهذيب هكذا : قوله عليه السّلام : ـ ومن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم ـ لا ينافي الأخبار الأولة لأنّه إنما يلزمه المخاض من الغنم على التعيين إذا كان في البيض فرخ كما قلنا في بيض النعام : انما يلزمه البدنة إذا كان فيها فرخ.

٣٧٣

وفي الحمام وهو كل مطوّق.

______________________________________________________

قال في المنتهى : وعندي في ذلك تردد ، فإن الشاة تجب مع تحرك الفرخ لا غير بل ولا تجب شاة كاملة بل صغيرة على ما بيناه.

كأنّه إشارة الى ان المخاض هو البكرة فتكون شاة صغيرة ، ثم قال : فكيف تجب الشاة الكاملة مع عدم التحرك ، وإمكان فساده وعدم خروج الفرخ منه ، والأقرب ان مقصود الشيخ ره بمساواته لبيض النعامة في وجوب الصدقة على عشرة مساكين ، وصيام ثلاثة أيّام ، إذا لم يتمكن من الإطعام ، انتهى.

ويؤيّده انّ الكلام على تقدير العجز عن إرسال الغنم بالكلية ، فكأنه عاجز عن الغنم ، فكيف يوجب عليه شاة ، فتقدير كلامه ، فان عجز عن الشاة مطلقا كما قال في النعامة ، فإن عجز عن الإبل ، فإذا كان بعد العجز عن الشاة فحكمه حكم النعامة بعد العجز عن الشاة فهو الذي ذكره المصنف ره فلا شك في كون ذلك مقصوده هنا (١) رحمه الله.

هذا هو القسم الذي لكفارته بدل بخصوصه ، ولهذا ذكر بيض القطاة والقبج مع عدم ذكرهما ، وذكر الثعلب والأرنب للتطفل ، ولاحتمال البدل في كفارتهما لما تقدم.

قوله : «وفي الحمام إلخ» هذا هو القسم الذي ليس لكفارته بدل بالخصوص ، قال في المنتهى : وهو اى الحمام كل طائر يهدر بان يواتر (تواتر خ ل) صوته ويعب الماء (٢) بان يضع منقاره فيه فيكرع (٣) كما يكرع الشاة ولا يأخذ قطرة قطرة بمنقاره كالدّجاج والعصفور وقال الكسائي : كل مطوق حمام ، فالحجل

__________________

(١) أي في المتن.

(٢) العبّ شرب الماء من غير مص والحمام الماء عبّا كما تعبّ الدوابّ (ص).

(٣) كرع الماء يكرع إذا تناوله بفيه من غير ان يشرب بكفه ولا بإناء كما تشرب البهائم (النهاية).

٣٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

حمام لأنه مطوق ، ويدخل في الأوّل الفواخت ، والوارشين والقمري (١) والدّبسي والقطا.

وإذا ثبت هذا فنقول : في كل حمام شاة ذهب إليه علمائنا اجمع.

الظاهر انّ مرجع تحقيق الحمام وأمثاله العرف واللغة وظاهر بعض الاخبار وكلام الأصحاب ان القطا ليس بحمام حيث ثبت بالإجماع والاخبار ان في الحمام شاة وفي فرخها حمل وفي بيضها قيمة.

مثل حسنة حريز بن عبد الله عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة ، وان قتل فراخها ففيها حمل وان وطئ البيضة فعليه درهم (٢) وغيرها من الاخبار.

وفي القطا حمل قد فطم من اللبن (٣) مثل الصحيحة عن سليمان بن خالد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : وجدنا في كتاب علي عليه السّلام في القطا إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر (٤).

وفي رواية أخرى عنه عن ابى جعفر عليه السّلام قال : في كتاب علي عليه الصلاة والسّلام من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظير هن فعليه دم (٥).

وقد عرفت حال بيضها وبيض القبج فيفهم منهما عدم كونهما حمامة ،

__________________

(١) القمري طائر مشهور حسن الصّوت أصغر من الحمام والدبسي بضم الدال المهملة والدباسي بفتح الدال المهملة طائر صغير منسوب الى دبس الرطب والقطا ضرب من الحمام ذوات اطواق يشبه الفاختة والقماري (مجمع البحرين).

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٣) هكذا في بعض النسخ الخطيّة وفي النسخة المطبوعة وبعض النسخ الخطيّة ، ليس من قوله : (مثل الصحيحة) إلى قوله : (وأكل من الشجر).

(٤) الوسائل الباب ٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ٥ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٢.

٣٧٥

لكل حمامة شاة على المحرم في الحلّ ، ولكلّ فرخ حمل وكذا لكلّ بيضة ان تحرّك الفرخ والّا فدرهم ، وعلى المحل في الحرم لكل حمامة درهم ، ولكل فرخ نصف درهم ولكل بيضة ربع درهم ،

______________________________________________________

فالتعريف الأوّل (١) محل التأمل ، وكأنّه لذلك اختار هنا التعريف الثاني ولكن دخول الحجل فيه يوجب التأمل فيه أيضا فتأمل للرواية السابقة (٢) ويمكن حملها على الشاة ويكون في القطاة فرد الواجب.

ولكنه يشكل حكمهم بان الواجب في الثلاثة (٣) ونظيرها هو حمل قد فطم

وامّا وجوب الشاة ـ لقتل الحمام والحمل لقتل فرخه وكذا في كسر بيضة ان تحرك (فإنه قيل فرخ أيضا) وان لم يتحرك فدرهم ـ فهو مخصوص بالمحرم في الحل وعلى المحل في الحرم في الأوّل درهم وفي الثاني نصفه وفي الثالث ربعه ويجتمع الأمران على مجتمع الوصفين ، هكذا قول الأصحاب.

ولعل دليلهم (دليله خ) الإجماع والاخبار ، ولكن الاخبار ليست بصريحة في ذلك ، بل مختلفة ، وحملت على ذلك للجمع بينها.

وهي الحسنة المتقدمة المحمولة على قتل المحرم في الحل وهو غير بعيد لان الظاهر منها ان الوجوب من حيث الإحرام فقط ولكن قوله عليه السّلام (وان وطئ البيض فعليه درهم) محمول على كسر البيض قبل ان يتحرك الفرخ فيه.

والصحيحة عن حفص (لعله هو حفص بن السوقة الثقة لنقل ابن ابى عمير عنه ونقله عن ابى عبد الله عليه السّلام فليتأمل) قال : في الحمامة درهم وفي الفرخ

__________________

(١) المنقول من المنتهى.

(٢) وهي ما نقل آنفا عن سليمان بن خالد عن ابى جعفر عليه السّلام فإنّ كفارة الحجل فيها دم والدّم أعم من الشاة ويمكن حمل الدم في الرواية على الشاة.

(٣) اى القطا والحجل والدراج.

٣٧٦

ويجتمعان على المحرم في الحرم ، ويشترى بقيمة حمام الحرم علف لحمامه.

______________________________________________________

نصف درهم وفي البيض ربع درهم (١).

المراد غير المتحرك وهو ظاهر ، وهي محمولة على المحرم (الحرم خ ل) لان الظاهر وجوبها في الحمام مطلقا وخرج المحل في غير الحرم بالإجماع فبقي الباقي ، وإذا انضم إليها رواية حريز يفيد الاجتماع في المجتمع (٢).

فتأمل ، فإنه يمكن حملها على قتل حمام الحرم في الحرم وغيره.

والظاهر أنّ عدم شي‌ء في حمام الحرم في غير الحرم ليس بإجماعي.

ويدل عليه صحيحة علي بن جعفر قال : سألت أخي موسى عليه الصلاة والسّلام عن حمام الحرم يصاد في الحل؟ فقال : لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنّه من حمام الحرم (٣).

ولا ضرورة في حملها على الكراهة نعم لا تدل على الكفارة ، فيمكن كون عدمها إجماعيّا فتأمل.

فإنّ الظاهر من النهي عن الصيد لزوم الكفارة.

وأنّ في الروايات ما يدل على وجوب الكفارة في حمام الحرم مطلقا.

مثل رواية إبراهيم بن ميمون قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام رجل نتف ريشة حمامة من حمام الحرم ، قال : يتصدق بصدقة على مسكين ويطعم باليد التي نتفها فإنّها قد أوجعها (أوجعه خ ل) (٤).

وظاهرها موافق لظاهر عبارة الأصحاب في الفتوى ، فلا يضر عدم صحة

__________________

(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٥.

(٢) أي اجتماع القيمة والدم في المحرم في الحرم.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٤.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٥ قوله عليه السّلام : (فإنه قد أوجعه) غير مذكور في الوسائل نعم هو موجود في الكافي والفقيه.

٣٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

السند فتأمل.

ويؤيّد حملهم (١) رواية ابن الفضيل عن ابى الحسن عليه الصلاة والسّلام قال : سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو غير محرم؟ قال : عليه قيمتها ، وهو درهم يتصدق به ، أو يشترى طعاما لحمام الحرم ، وان قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة (٢).

وظاهر هذه وجوب القيمة لقتل حمام الحرم من حيث هو ، في الحرم كان أو في الحل.

ورواية منصور قال : حدثني صاحب لنا ثقة قال : كنت أمشي في بعض طرق مكة فلقيني إنسان فقال لي : اذبح لي هذين الطيرين فذبحتهما ناسيا وانا حلال ثم سألت أبا عبد الله عليه السّلام فقال : عليك الثمن (٣).

وصحيحة عبد الرحمن قال : سألت أبا عبد الله عن فرخين مسرولين (٤) ذبحتهما وانا بمكة محل؟ فقال لي : لم ذبحتهما؟ فقلت : جائتني بهما جارية قوم من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما فظننت أنّي بالكوفة ولم اذكر أنّى بالحرم فذبحتهما فقال : تصدق بثمنهما فقلت وكم ثمنهما ، فقال درهم وهو خير من ثمنهما (٥).

وهذه تدل على تعيين القيمة لعل المراد ثمن كل واحد ، الّا ان يكون مسرولين فرخين فتأمل ، فالوجوب مع النسيان كما هو المقرر في الصيد وكأنّ فيها دلالة على جواز التصرف في مال الغير ، وذبحه وأخذه من يد المملوك باذنه ، ثم

__________________

(١) أي يؤيّد حملهم ما فيه القيمة على المحل في الحرم وما فيه الشاة على المحرم فيه.

(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٨.

(٤) حمامة مسرولة أي في رجلها ريش (ص).

(٥) الوسائل الباب ١٠ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧.

٣٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

التسليم إليه ، فتأمل فيه.

وصحيحة ابن سنان بقرينة الاسناد قبله (١) ، ونقله عن ابى عبد الله عليه السّلام ، أنّه قال في محرم ذبح طيرا ، أنّ عليه دم شاة يهريقه ، فان كان فرخا فجدي ، أو حمل صغير من الضأن (٢).

كانّ المراد بالطير هو الحمام ، ودلالتهما مثل ما تقدم في الحسنة ، فافهمهما.

ورواية حريز عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : وان وطئ المحرم بيضة وكسرها فعليه درهم ، كل هذا يتصدق به بمكة ومنى ، وهو قول الله تعالى «تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ» (٣).

وقد فسّر في أخبار أخر تناول الأيدي بالبيض والفرخ والرّماح بما لا يصل اليه اليد من الصيد.

وفي طريق رواية حريز في التهذيب عبد الرحمن المشترك (٤) وليس ذلك في الاستبصار ، بل نقل موسى بن القاسم عن حماد عن حريز ، فالخبر صحيح (٥).

ومن جملة ما أيّد به الجمع المتقدم رواية أبي بصير ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن محرم قتل حمامة من حمام الحرم خارجا من الحرم؟ فقال : عليه ثمنها ، ليس عليه غيره ، قلت فمن قتل فرخا من فراخ الحمام وهو محرم ،

__________________

(١) يعني إنما سميناها صحيحة بقرينة نضر بن سويد الذي قبل عبد الله بن سنان ، وبقرينة نقله عن ابى عبد الله عليه السّلام.

(٢) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٧ والآية الشريفة المذكورة فيها في (المائدة ٩٤).

(٤) والسند (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن عبد الرحمن عن حماد عن حريز وفي الاستبصار هكذا : موسى بن القاسم عن حماد عن حريز.

(٥) اى على طريق الاستبصار.

٣٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

قال : عليه حمل (١).

وهذه تدل على عدم الفرق بين حمام الحرم وغيره في الحرم وغيره في الجملة.

ولكن سندها غير صحيح للجهل بحال الجرمي ، وبمن نقل عنهما (٢) بقوله : (عنهما) الواقع فيه ، واشتراك ابن مسكان وابى بصير (٣) فكأنّه لا يضر لما تقدم.

وذكر في المنتهى في مقام تأييد عدم الفرق ـ بين حمام الحرم والأهلي في القيمة ، إذا قتل في الحرم ـ رواية عبد الله بن سنان ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سمعته يقول ، في حمام مكة الأهلي غير حمام الحرم : من ذبح منه طيرا وهو غير محرم ، فعليه ان يتصدق ، فان كان محرما فشاة عن كل طير (٤).

والتأييد غير ظاهر ، بل مناف للحمل المتقدم في الجملة ، وفيها فرق بين حمام الحرم ومكة ، ولعله يريد بالحرم المسجد ، والفرق ، غير واضح في كلام الأصحاب.

ورواية محمد (٥) (كأنّه ابن مسلم) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل اهدي إليه حمام أهلي (وقيه) جي‌ء به وهو في الحرم محل؟ قال : ان أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه (٦).

قال في المنتهى : انها صحيحة ، وفي الطريق عبد الرحمن المشترك (٧) تأمل في التأييد.

__________________

(١) أورد صدرها في الوسائل في الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٩ وقطعة منها في الباب ١١ الرواية ٢ وقطعة اخرى منها في الباب ١٠ الرواية ٩ من تلك الأبواب.

(٢) وفي الوسائل قال بعد قوله : (عنهما) يعنى عن محمد بن أبي حمزة ودرست ، ولعله أخذه من التهذيب حيث ذكر في التهذيب هذا السند قبل هذه الرواية وبعدها.

(٣) والسند (كما في التهذيب) هكذا : موسى بن القاسم عن الجرمي عنهما عن ابن مسكان عن ابى بصير

(٤) الوسائل الباب ٩ من أبواب كفارات الصيد الرواية ١٠.

(٥) هو عطف على قوله : رواية عبد الله بن سنان.

(٦) الوسائل الباب ١٢ من أبواب كفارات الصيد الرواية ٣.

(٧) والسند (كما في التهذيب) هكذا موسى بن القاسم ، عن عبد الرحمن ، عن حماد عن حريز ، عن محمد.

٣٨٠