مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

(التاسع) لو لم يجد الإزار أجزأه السراويل ، قاله الأصحاب ، ويدل عليه صحيحة معاوية المتقدمة (١) (في حديث) (ولا تلبس سراويل الّا ان لا يكون لك إزار).

وظاهر هم حينئذ وجوب السراويل ، لانه بدل عن الواجب ، فافهم.

وكذا لبس القباء مقلوبا ، لعادم الرداء ، لصحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا اضطر المحرم الى القباء ، ولم يجد ثوبا غيره ، فيلبسه مقلوبا ، ولا يدخل يديه في يدي القباء (٢).

وهذه أصرح في الوجوب ، كما في صحيحة عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام وان لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباء بعد ان ينكسه (٣).

والظاهر أنه يكفى ما يصدق عليه القلب ، سواء كان بقلب الأعلى الأسفل أو جعل البطن ظهرا.

والجمع أولى ، لما في الكافي في رواية مثنى الحناط عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من اضطر الى ثوب وهو محرم وليس معه الّا قباء فلينكسه وليجعل أعلاه أسفله ويلبسه (٤)

وفي رواية أخرى (٥) يقلّب ظهره بطنه إذا لم يجد غيره.

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١.

(٣) رواها في الوسائل عن عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يلبس المحرم الخفين إذا لم يجد نعلين وان لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه (عاتقه خ ل) أو قباء بعد ان ينكسه (الباب ٤٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢).

(٤) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣.

(٥) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

٢٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

فالعمل بهما اولى ، ويجوز بأحدهما ، دون الآخر ، ويؤيده صدق القلب المذكور في الصحيحتين (١) ولولاهما لكان القول بمضمون الاولى متعيّنا لوضوح السند.

فقول الدروس ـ : يلبسه منكوسا ، ولا يكفى قلبه ـ محل التأمل.

(العاشر) الظاهر جواز لبس كل ثوب للمرأة ، حتى السراويل ، والقباء ، من غير نكس ، اختيارا الّا القفّازين (٢) والحرير ، وفيه خلاف.

ويدل عليه صحيحة العيص بن القاسم (الثقة) قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : المرأة المحرمة تلبس ما شائت من الثياب غير الحرير والقفّازين وكره النقاب وقال : تسدل الثوب على وجهها قلت : حد ذلك الى أين؟ قال : الى طرف الأنف قدر ما تبصر (٣).

وما في صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : تلبس المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة ، ولا بأس ان تلبس السراويل على كل حال (٤).

وفي صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المرأة إذا

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٤ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣ ـ ٤.

(٢) القفاز بالضم والتشديد شي‌ء يعمل لليدين ويحشى بقطن ويكون له أزرار تزر عن الساعد تلبسه المرأة من نساء العرب تتوقى به من البرد.

(٣) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الإحرام الرواية ٩ وأورد ذيلها في الباب ٤٨ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٤) الوسائل الباب ٥٢ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١ ولا يخفى ان قوله : ولا بأس إلخ من كلام الشيخ في التهذيب راجع باب صفة الإحرام منه وقوله عليه السّلام (في الرواية) غلالة : غلالة الحائض بالكسر ثوب رقيق يلبس على الجسد تحت الثياب تتقي به الحائض عن التلويث.

٢٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

أحرمت أتلبس السراويل؟ فقال : نعم انما تريد بذلك الستر (١).

ولا يتوهم تخصيص ما تقدم ، بهذه الرواية ، بأنّه لا بد من قصد الستر بذلك ، لعدم صراحتها ، والأصل.

ويدل على تحريم الحرير عليها في الإحرام ، مع ما تقدم ، صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : لا بأس ان تحرم المرأة في الذهب والخز وليس يكره الّا الحرير المحض (٢).

والكراهة هنا يراد بها التحريم ، كما ورد في الرواية في تحريمه على الرّجال (٣) ولان الممتزج نفى عنه الكراهة ، والظاهر أنّها موجودة فيه ، فتأمل.

ومثله ما في موثقة سماعة إنما يكره المبهم (٤) اى المحض ويؤيّده ما في الرواية ، قال اى أبو عبد الله عليه السّلام : ما لم يكن حريرا خالصا لا بأس به (٥).

والذي يدل على الجواز (٦) هو بعض العمومات ، مثل المرأة تلبس الثياب كلّها ، مع استثناء ما لا يجوز لهنّ من غير استثناء الحرير (٧).

وما في صحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : المحرمة تلبس الحليّ كلّه الّا حليا مشهور للزينة (٨) فتأمل.

__________________

(١) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الإحرام الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب الإحرام الرواية ١ ـ ٣.

(٤) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الإحرام الرواية ٧.

(٥) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الإحرام الرواية ٣ هكذا في الكافي والتهذيب كما في الوسائل ، ولكن في جميع نسخ الكتاب (محضا) بدل (خالصا).

(٦) اى جواز لبس الحرير على المحرمة.

(٧) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٨) الوسائل الباب ٤٩ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٤.

٢٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والأصل وجواز صلاتها فيه على تقدير القول به ، مع انضمام ما تقدم ، يحرم فيما يصلى فيه في الخبر الصحيح (١).

وصحيحة يعقوب بن شعيب (الثقة) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : المرأة تلبس قميصا (القميص خ ل) تزره عليها وتلبس الحرير والخز والديباج؟ فقال : نعم لا بأس به ، وتلبس الخلخالين والمسك (٢).

وهو مختار الشيخ المفيد والمصنف وفي الدروس قال الشيخ : بالأوّل ، وأن رواياته أشهر.

وهو غير معلوم ، نعم يمكن ترجيحه بعدم صراحة ما يدل على الجواز في جواز لبس الحرير المحض في الإحرام ، ويحمل المجمل على المفصّل مثل قوله : ما لم يكن حريرا محضا ، وانّما يكره الحرير المبهم ، وبالاحتياط.

ويمكن ترجيح الثاني بالأصل ، والاستصحاب ، وبالجمع بينهما ، بحمل أخبار النهي على الكراهة ، بقرينة لفظ الكراهة في صحيحة الحلبي وموثقة سماعة ، والظاهر منها هو معناها الحقيقي ، لا التحريم الذي هو معناها المجازي ، وورودها بهذا المعنى في مواضع لا يقتضي حملها عليه ، وهو ظاهر.

وبأنّ ظاهر صحيحة يعقوب أنّ المراد باللبس في الإحرام هو المحض ، لأنّه لا خفاء في جواز لبس ما يزره عليها في غير الإحرام وأنّه يجوز لها وله أيضا ، وكذا الممتزج ، فإنّه يجوز لبسه لهما ، فتخصيصها بها ، يشعر بكونه محضا ، مع أنّه المتبادر من الحرير لعدم صدقه على الممتزج.

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢٧ من أبواب الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الإحرام الرواية ١ ، والمسك بالتحريك أسورة من ذبل أو عاج (والذبل كالعاج وهو ظهر السلحفاة البحريّة يتخذ منه السوار) ويقال : انّه قرن الأوعال ، ومنه حديث المرأة المحرمة تلبس الخلخالين والمسك (مجمع البحرين).

٢٢٤

ويبطل الإحرام بإخلال النيّة عمدا وسهوا.

______________________________________________________

وبعدم صحّة المفصل وأنّ الأخبار متضادة ومتعارضة ، فتتساقط ، ويرجع الى الأصل.

على ان اخبار التحريم ليست صريحة في التحريم حتّى صحيحة العيص (١) فانّ دلالتها ليست بالمنطوق.

وبأنّه ما وجد في المرأة أكثر أفعال الإحرام ، وأنّ إحرامها ، انّما يكون في وجهها (٢) فتأمل.

قوله : «ويبطل إلخ» أي لم يحصل الإحرام لو أخلّ بنيّته في موضعه سواء كان بتركها بالكلية في موضع يصح ، أو بترك ما لا بد منه فيها ، ولا يتحقق بدونه وسواء كان الإخلال واقعا عمدا ، أو سهوا.

ولعل دليله اشتراطه بالنيّة ـ كسائر العبادات ـ لدليل النيّة.

قال في المنتهى : النيّة واجبة ، وشرط فيه ، ولا نعرف فيه خلافا إلخ ، فيبطل بتركها ، كسائر العبادات ، لظهور بطلان المشروط ـ وعدم تحققه ـ بترك الشرط ، وعدم تحققه ، وهو ظاهر على تقدير ثبوت الشرطية مطلقا ، وحينئذ يلزم البطلان على تقدير الجهل أيضا وفيه تأمل.

وقد مرّ البحث في النيّة عموما وفي نيّة الإحرام خصوصا ، وأنّ من ترك الإحرام صحّ حجّه ، إذا أتى بالباقي ، وأنّ ذلك غير مخصوص بترك غير النيّة ، وأنّ الجاهل معذور ، لما دلّ عليه الخبر الصحيح (٣) فتذكر.

__________________

(١) الوسائل الباب ٣٣ من أبواب الإحرام الرواية ٩.

(٢) الوسائل الباب ٥٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ١ من قوله عليه السّلام : لأنّ إحرام المرأة في وجهها إلخ.

(٣) الوسائل الباب ٨ من أبواب بقيّة كفارات الإحرام الرواية ٣ وفيها قال الامام الباقر عليه السّلام : اى رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي‌ء عليه الحديث.

٢٢٥

وبان ينوي النسكين معا.

______________________________________________________

ولعل المصنف ما ذكر هنا الجاهل لذلك أو لأنّه داخل في العامد ، فتأمل.

ويدل على الصحة من النّاسي ، أنّ ركنا من أركان الحج لو نسي بالكلية صح حجّه ، مثل السّعى ، والطواف ، وأحد الموقفين ، بل قد صرح في الإحرام نفسه كذلك ، واستدل عليه (وخ) إذا كان نسيانه بالكلية لا يضر ، فنسيان نيّته التي امّا جزء ، أو شرط ، بالطريق الأولى ، واستثناء نية الإحرام من البين يحتاج الى الدليل ، وما ذكر فيه (١) ليس بخال من الخلل ، مع الأصل ، ودليل معذوريّة النّاسي والخاطى ، وعموم دليل عدم البطلان ، بترك الرّكن نسيانا ، وقد مرّ البحث في الإحرام ، فتذكر.

الّا أن يقال نسيان نيّة الإحرام يستلزم ترك الإحرام ، وبطلانه ، ولكن تركه نسيانا وبطلانه ، لا يستلزم بطلان الحج ، كما مرّ ، وحينئذ لا بحث معه ، ولكن يصير الكلام قليل الجدوى.

قوله : «وبأن ينوي النسكين معا». عطف على (بإخلال) ، أي كذا يبطل ، ولم ينعقد الإحرام ، بأن ينوي في نيّة إحرامه الحج والعمرة معا ، بأن يقصد فعلهما معا ، بإحرام واحد ، من غير تخلل إحلال بينهما.

ودليله أنه لا شك في عدم صحتهما ، لو فعلهما كذلك عمدا عندنا ، فيكون ناويا ما ليس بعبادة واجبة ، بل ما لا يجوز ، وتاركا نيّة ما يجب عليه ، فلا ينعقد ، لعدم النيّة ولو فعلهما على وجه العبادة أيضا لا يصح ، للإتيان بغير النيّة.

أمّا لو نواهما معا ، ولبّى بهما ، وقال بحجة وعمرة معا ، وقصد الترتيب ، فالظاهر انه يصح ، بل نقل في الدروس عن الشيخ في موضع ، القول باستحبابه ،

__________________

(١) أي في استثناء نيّة الإحرام.

٢٢٦

والأخرس يحرّك لسانه بالتلبية.

______________________________________________________

وقد مرّ مع دليله ، فتذكر.

واعلم أنّ الحكم ظاهر في العامد الباقي على ذلك ، حتى فات النسك ، وأمّا الناسي ، والجاهل ، فمشكل ، وقد يفهم صحته مما تقدم ، وكذا الصحة ظاهرة ، لو رجع العامد ، وأتى بالنيّة على الوجه المعتبر من الميقات ، وأدرك النسك ، وامّا لو تعذّر الرّجوع الى نفس الميقات ، واتى بها من مكانه ، أو أدنى الحل ، فمشكل.

وظاهر كلامهم ـ في انّ تارك الإحرام عامدا من الميقات لا يصح منه تجديد النيّة ، والإحرام الّا من الميقات ، ولو تعذر فاته الحج ، ويجب عليه في القابل ، ـ يقتضي كونه كذلك هنا ، وقد تقدم التأمل في ذلك ، فتذكر.

وأنّ المصنف قال في المنتهى : (١) لم ينعقد إحرامه إلّا بالحج.

قال الشيخ في الخلاف : فان أتى بأفعاله ، فلا دم عليه ، وان أتى بأفعال العمرة ، ويحل ويجعلها متعة جاز.

وفيه تأمل لعدم الإتيان بالنيّة المعتبرة عندهم.

ويمكن كون المراد مع قصد الترتيب ، فتأمل ، فإنه يمكن الصحة على ذلك الوجه ، لأنه نوى ما يريد ، الّا أنّه اتى بما لا يجوز ، فيكون لغوا ، وهذا يدل على عدم الاعتداد بالنيّة ، على الوجه الذي ذكرها الأكثر ، فتأمل.

قوله : «والأخرس يحرك لسانه بالتلبية» ويعقد قلبه بها. يعنى يجب الإتيان بالتلبية ، على قدر الإمكان ، فلما تعذر ، على الأخرس ـ الّا بتحريك اللسان ، وقصده في قلبه ، بان هذا التحريك هو التلبية ، لو أمكن فهمه إيّاه ـ يجب عليه ذلك ، لعدم سقوط الميسور بالمعسور ، ولعله لا خلاف فيه ، وكذا سائر الأذكار الواجبة عليه.

__________________

(١) عبارة المنتهى هكذا : مسألة لا يجوز القران بين الحج والعمرة في إحرامه بنيّة واحدة على ما بيناه ، قال الشيخ في الخلاف : ولو فعل لم ينعقد إحرامه إلا بالحج فان اتى بأفعال الحج لم يلزمه دم وان أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويجعلها متعة جاز ذلك ولزم الدّم ص ٦٦٢.

٢٢٧

ويعقد قلبه بها.

ولو فعل المحرَّم قبلها فلا كفّارة.

ويجوز الحرير للنساء ، والمخيط لهن ، وتعديد [تعدد] الثياب ، والابدال ، ولبس القباء مقلوبا للفاقد.

ويحرم إنشاء إحرام [الإحرام] قبل إكمال أفعال الأوّل ، ولو

______________________________________________________

وهو (١) يدل عليه أيضا مستندا إلى رواية السكوني عن جعفر بن محمد عليه السّلام ان عليا عليه السّلام قال : تلبية الأخرس وتشهده وقرائته القرآن في الصلاة ، تحريك لسانه وإشارته بإصبعه (٢) فلا يضر ضعف السند به ، وبالنوفلى ، فتأمل.

ولعل دليل عقد القلب ان التحريك لا يتميز كونه تلبية إلّا بالقصد ، فيجب ، ولو ذكر الإشارة بالإصبع ، لكان اولى ، لوجودها في المستند ، لعله ترك للظهور ، أو عدم تحقق الاتفاق فيه ، مع عدم صحة سندها.

قوله : «ولو فعل المحرم إلخ». أي لو فعل مريد الإحرام ما لا يجوز للمحرم ، قبل التلبية ، ولو كان بعد الإتيان بسائر أفعال الإحرام ، مثل النيّة ولبس الثياب ، لا يجب عليه الكفارة ، بل ما فعل محرما وقد مر دليله.

وكذا دليل جواز لبس الحرير ، والمخيط ، للنساء ، وتعدد ثياب الإحرام للمحرم ، وابدال ثيابه ، وتغييره ، ولبس القباء مقلوبا ، ومعنى قلبه.

وانّه يجوز ذلك في القميص أيضا ، ويمكن إدخاله في القباء بنحو مسامحة ، وكونه للتمثيل.

قوله : «ويحرم إنشاء إحرام قبل إكمال أفعال الأوّل إلخ». قال في المنتهى : وادعى الشيخ عليه ـ اى على تحريم إنشاء إحرام قبل إكمال الأوّل ـ

__________________

(١) أي عدم الخلاف المشعر بالإجماع.

(٢) الوسائل الباب ٣٩ من أبواب الإحرام الرواية ١.

٢٢٨

أحرم بحج التمتع قبل التقصير ناسيا فلا شي‌ء عليه ، وعامدا يبطل متعته ، ويصير حجّة مفردا.

______________________________________________________

الإجماع ، وقد خالف الجمهور في ذلك ، ونقل خلاف ابن ابى عقيل في ذلك. أيضا ، وقد تقدم دليل المسألة في بيان أفعال أنواع الحج ، فإن الأخبار الصحيحة (١) دلت على وجوب الإحلال بالتقصير للمتمتع ، ثم الشروع في إحرام الحج.

ويمكن تأويل صحيحة حماد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : أيما رجل قرن بين الحج والعمرة فلا يصلح الّا ان يسوق الهدى وقد أشعره وقلّده (٢).

قال الشيخ في التهذيب : المراد به في تلبية الإحرام بمعنى ان لم يكن حجّة فعمرة.

وهو بعيد ، ويمكن الحمل على التقية ، وعلى تأكيد الهدي للمتمتع ، واستحباب تهيئة (تهيئته ظ) بأن يكون معه ، وتعيينه لذلك استحبابا بالإشعار أو التقليد ، فتأمل.

وامّا دليل عدم الشي‌ء على من ترك التقصير ـ وأحرم بالحج قبله ناسيا ، وصحة عمرته وحجّه ـ فأخبار معتبرة كثيرة.

مثل صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل متمتع نسي أن يقصر حتى أحرم بالحج قال : يستغفر الله عز وجل (٣).

وحسنة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصر حتى دخل في الحج؟ قال : يستغفر الله ولا شي‌ء عليه وقد تمت عمرته (٤) وصحيحته أيضا عنه (عليه السّلام) مثلها بعينها ، إلّا في

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب أقسام الحج.

(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب أقسام الحج الرواية ٢ وفيه حماد عن الحلبي إلخ.

(٣) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ١.

(٤) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ٣.

٢٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

السند (١).

وما في صحيحة عبد الله بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السّلام (في ناسي التقصير حتى خرج الى عرفات) قال : لا بأس به يبنى على العمرة وطوافها وطواف الحج على أثره (٢).

وكذا الجاهل لما سيجي‌ء ، ويمكن حمل ما يدل على الدم على الاستحباب ، وهي موثقة إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام : الرجل يتمتع فينسى أن يقصر حتى يهلّ بالحج فقال عليه دم يهريقه (٣).

وما يدل (٤) على الدم مطلقا ، ان وجد على الاستحباب ، للنّاسي ، والجاهل ، وعلى الوجوب للعامد العالم ، أو على الوجوب له (٥) فقط ، مع القول بصحة حجه للأصل ، وعدم ما يدل على الفساد ، والبطلان ، وأصل عدم كون الإحلال شرطا لصحة ما سبق ، ووقوع الإحرام بعده ، وان كان واجبا.

ولعموم حسنة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل طاف

__________________

(١) وسند حسنة معاوية (على ما في التهذيب) هكذا : محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن معاوية بن عمار وسند صحيحته (على ما في التهذيب أيضا) هكذا : الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى وفضالة عن معاوية بن عمار ، ونقله في الوسائل بعد حديث ٣ من ذلك الباب فراجع.

(٢) رواها في الوسائل في الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ٢ عن عبد الرّحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فدخل مكة فطاف وسعى ولبس ثيابه وأحل ونسي أن يقصر حتى خرج الى عرفات؟ قال : لا بأس به يبنى على العمرة وطوافها وطواف الحج على اثر ثم ان الراوي عن الامام عليه السّلام هو عبد الرّحمن لا عبد الله ولعل الاشتباه من النساخ (راجع الكافي باب المتمتع ينسى ان يقصر آه والوسائل أيضا).

(٣) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ٦.

(٤) عطف على قوله : ويمكن حمل ما يدل إلخ.

(٥) أي للعامد العالم.

٢٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

بالبيت ثم بالصفا والمروة وقد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل ان يقصر من رأسه فقال : عليه دم يهريقه وان جامع فعليه جزور أو بقرة (١)

وحسنة معاوية بن عمار قال سألت : أبا عبد الله عليه السّلام عن متمتع وقع على امرأته ولم يقصر فقال : ينحر جزورا وقد خفت (خشيت ئل) ان يكون قد ثلم حجه ان كان عالما ، وان كان جاهلا فلا شي‌ء عليه (٢).

وهذه دالة على عدم دم على الجاهل ، كالناسي ، وعلى وجوبه على العامد ، مع صحة حجه ، حيث قال : (خفت) فكأنّه أراد به المبالغة في المنع ، وأنّه يمكن ان يبطل (فلا يبطل خ).

وما في حسنة الحلبي قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : انى لمّا قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي (وقعت على أهلي خ ل) ولم اقصر قال : عليك بدنة الحديث (٣).

ووجه الدلالة على صحة الحج وان لم تقصر ، أنّها دالة على صحة العمرة المتمتع بها ، مع فعل ما يحرم عليه قبل التقصير ، والإحلال ، فيصح حجه أيضا قبله حينئذ لعدم القائل ببطلان الحج ، وعدم صحته ، مع صحة العمرة المتمتع بها ، لان الشيخ يقول ببطلان المتعة ، وصيرورة الحج مبتولة ، على ما نقل عنه ، كما في المتن ، فمع عدم فعل ذلك يصحّ بالطريق الأولى ، وأنها بعمومها دالّة على عدم شي‌ء عليه ، الّا الدّم ، وإتمام ما كان عليه على الظاهر ، وأنّه كان ينبغي ان يقول ، وقد أبطلت المتعة ، وعليك الحج ، ثم بعده العمرة المفردة ، ان لم يقصّر بعده ، وقبل الإحرام بالحج.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١٣ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٤.

(٣) الوسائل الباب ٥ من أبواب كفارات الاستمتاع الرواية ٢.

٢٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

ولأنّ الظاهر أنّ الموجب للبطلان لو كان ، هو ترك التقصير قبل إحرام الحج ، سواء فعل قبله ما ينافيه أم لا ، وسواء أحرم بالحج أم لا ، وقد دلت الاخبار (١) على عدم البطلان بترك التقصير ، مع أنه هنا قد يحرم بعد ذلك ، فتأمّل.

ويؤيّده ، أصل عدم وجوب حج مفرد وعمرة مفردة مع حج من قابل ، لو كان التمتع متعيّنا ، كما يقول به القائل بالبطلان ، فتأمل.

وامّا ما يدل على ما ذكره في المتن ـ من بطلان متعته ، وصيرورة حجّه مفردا فيجب عمرة مفردة ، بعدها ، والحج من قابل ، لو كان التمتع متعينا ، وأسنده في المنتهى الى الشيخ ، وما أفتى به ـ فما احتج به له في المنتهى ، وهو رواية العلاء بن الفضيل قال : سألته عن رجل متمتع طاف ثم أهلّ بالحج قبل ان يقصر قال : بطلت متعته وهي حجة مبتولة (٢).

وهي مع عدم ظهور ، سندها ، وإرسالها (٣) لم تدل على المطلوب ، لاحتمال كون ذلك لترك السعي ، ويمكن حملها على من قصد النقل الى الافراد ، وغير ذلك.

ورواية إسحاق بن عمار عن ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : المتمتع إذا طاف وسعى ثم لبّى (بالحج خ ئل) قبل ان يقصر فليس له ان يقصر وليس له متعة (٤).

وهي مع ضعفها بما تراه ، ليست بصريحة في المطلوب ، وأعم من العامد ،

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ٤.

(٣) ولا يخفى أنّه ينبغي ان يقول : إضمارها بدل إرسالها.

(٤) الوسائل الباب ٥٤ من أبواب الإحرام الرواية ٥.

٢٣٢

على رأى.

ويجرّد الصبيان من فخّ ويجنّب ما يجتنبه المحرم ، فان فعل ما يوجب الكفارة لزم الولي وكذا ما يعجز عنه ، والهدى أو الصيام.

______________________________________________________

حملها في التهذيب عليه (١) ويمكن حملها على من قصد النقل الى الافراد ، وغيره ، فتأمل.

وقوله : «على رأى» إشارة إلى وجود رأى آخر ، وهو الصّحة ، مع لزوم الدّم ، كما هو الظاهر.

قوله : «ويجرد الصبيان من فخ إلخ». لعل المراد بتجريدهم إحرامهم ، ويحتمل سبق الإحرام من الميقات من النيّة ، والتلبية ، وكون نزع المخيط ولبس ثوبي الإحرام من فخ ، والأوّل أظهر.

قيل فخ بئر على فرسخ من مكة.

وامّا دليل التجريد من فخ ، كما هو المذكور في أكثر الكتب ، فهو صحيحة أيوب بن الحر (الثقة أخي أديم في الفقيه) قال : سئل أبو عبد الله عليه السّلام من اين يجرد الصبيان؟ فقال : كان ابى يجردهم من فخ (٢).

وامّا وجوب تجنيب الولي لهم ، ما يجب اجتناب المحرم عنه ، فلان الظاهر انهم صاروا محرمين ، وتعلق أحكامهم بوليّهم لعدم صلاحيتهم لها كسائر التكاليف ، فيأمرهم بما يقدرون عليه ، من الواجبات ، وترك المحرمات.

لصحيحة زرارة (في الفقيه) عن أحدهما عليهما السّلام قال : إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره ان يلبّى ويفرض الحج ، فان لم يحسن أن يلبّى ، لبوا عنه (لبّى خ ل) ويطاف به ويصلّى عنه قلت : ليس لهم ما يذبحون قال : يذبحون (يذبح خ ل) عن الصغار ويصوم الكبار ويتقى عليهم ما يتقى على المحرم من

__________________

(١) اى على العامد.

(٢) الوسائل الباب ٤٧ من أبواب الإحرام الرواية ١.

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الثياب والطيب وان قتل صيدا فعلى أبيه (١).

وصحيحة معاوية بن عمار (فيه) عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو الى بطن مر ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم ويطاف بهم ويرمى عنهم ومن لا يجد الهدى منهم فليصم عنه وليّه (٢).

وكان على بن الحسين عليهما السّلام يضع السكين في يد الصبي ثم يقبض على يديه (يده قيه) الرّجل فيذبح (٣).

وهذه تدل على كون إحرامهم في الجحفة أو بطن مر ويمكن ان يكون مع خوف البرد والّا فمن الميقات.

كما يدل عليه رواية يونس بن يعقوب عن أبيه قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام : ان معي صبية صغارا وانا أخاف عليهم البرد فمن اين يحرمون؟ قال : ائت بهم العرج (٤) فليحرموا منها فإنك إذا أتيت بهم العرج وقعت في تهامة ثم قال : فان خفت عليهم فائت بهم الجحفة (٥).

ويمكن حمل ما دل على تجريدهم من فخ على شدة البرد للجمع بينهما.

ويمكن الحمل على التخيير أيضا أو على أصل الإحرام والتجريد.

الظاهر ان هذا لمن كان طريقه إليها واما من لم يكن كذلك فيحتمل كون إحرام الصبيان من موضع يكون بعده إلى مكة بالمقدار المذكور للأصل وعدم ثبوت الإحرام لهم قبل هذه المسافة وسهولة الأمر لهم ويحتمل من الميقات كما قيل.

__________________

(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب أقسام الحج الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ١٧ من أبواب أقسام الحج الرواية ٣.

(٣) الوسائل الباب ١٧ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٤) العرج بفتح العين وسكون الرّاء من اعمال الفرع على أيّام من المدينة (مجمع البحرين).

(٥) الوسائل الباب ١٧ من أبواب أقسام الحج الرواية ٧.

٢٣٤

ويستحب تكرار التلبية للحاج

______________________________________________________

وظهر مما تقدم لزوم الكفارة على الولي لو فعل الصبي موجبها وفعل ما يعجز عنه من التلبية والهدى والصوم وغيرها.

قوله : «ويستحب تكرار التلبية إلخ». وجه استحباب تكرارها ، انّه ذكر مشروع ، وهو حسن على كل حال ، وكلما زاد زاد الأجر ، وقد تقدم ما يدل عليه أيضا في الاخبار (١) فتذكر.

مثل ما في صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام تقول هذا في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك وإذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك وبالأسحار (٢) وغيرها.

واما وقت قطعها في العمرة فالروايات فيه مختلفة وهي رواية معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : إذا دخلت مكة وأنت متمتع فنظرت الى بيوت مكة فاقطع التلبية وحدّ بيوت مكة التي كانت قبل اليوم (إذا بلغت خ يب) عقبة المدنيين فاقطع التلبية وعليك بالتكبير والتحميد والتهليل والثناء على الله عز وجل ربك ما استطعت وان كنت مفردا : (قارنا خ ل) بالحج فلا تقطع التلبية حتى يوم عرفة عند زوال الشمس وان كنت معتمرا فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم (٣).

تدل أوّلا على القطع للمعتمر عمرة التمتع عند معاينة بيوت مكة وللمعتمر إذا دخل الحرم ثانيا فيحمل على المفردة كما هو الظاهر وفيها استحباب التكبير و

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٠ و ٤١ من أبواب الإحرام.

(٢) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب الإحرام الرواية ٢ قطعة من الرواية.

(٣) روى صدرها في الوسائل في الباب ٤٣ من أبواب الإحرام الرواية ١ مع اختلاف يسير في الكافي والتهذيب ، وذيلها يعنى قوله عليه السّلام : وان كنت معتمرا إلخ في الباب ٤٥ من تلك الأبواب الرواية ١ وقطعة منها في الباب ٤٤ منها الرواية ٤ مع ابدال قوله : مفردا بقوله قارنا فراجع.

٢٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

التهليل والثناء واستحباب تكرار التلبية أيضا فافهم.

وحسنة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : المتمتع إذا نظر الى بيوت مكة قطع التلبية (١).

وكذا صحيحة البزنطي وفيها ان عقبة ذي طوى وعراش مكة هو بيوت مكة (٢).

ورواية زيد الشحام عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن تلبية المتعة متى تقطع؟ قال : حين يدخل الحرم (٣).

وفيها المفضل بن صالح (٤) وهو ضعيف ومع ذلك حملها الصدوق على الجواز في الكل من الحرم وحين مشاهدة مكة.

لعل المراد ان تأكيد استحباب التكرار ينقطع عند الحرم مع بقائه في الجملة إلى بيوت مكة ثم بعد ذلك ينقطع بالكلية فالأولى عدم القطع الى حين مشاهدة بيوت مكة هذه في العمرة المتمتع بها.

وامّا المفردة فرواية عمر بن يزيد (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من دخل مكة مفردا للعمرة فليقطع التلبية حين تضع الإبل أخفافها في الحرم (٥).

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٢) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب الإحرام الرواية ٤ متن الرواية هكذا : عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام انه سئل عن المتمتع متى يقطع التلبية؟ قال : إذا نظر الى أعراش (عراش يب) مكة عقبة ذي طوى ، قلت : بيوت مكة؟ قال : نعم.

(٣) الوسائل الباب ٤٣ من أبواب الإحرام الرواية ٩.

(٤) والسند كما في التهذيب هكذا : سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن عن محمد بن عبد الحميد عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن زيد الشحام.

(٥) رواها الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب الإحرام الرواية.

٢٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ورواية يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من اين يقطع التلبية؟ قال : إذا رأيت بيوت مكة ذي طوى فاقطع التلبية (١)

وصحيحة عمر بن يزيد عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من أراد ان يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبية وما أشبههما ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة (٢).

ورواية الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام قلت : دخلت بعمرة فأين اقطع التلبية؟ قال : حيال عقبة المدنيين فقلت : اين عقبة المدنيين؟ قال : بحيال القصّارين (٣).

والخلاف فيها والجمع مثل الأوّل.

قال الصدوق : وهذه الاخبار كلّها صحيحة متفقة ليست بمختلفة والمعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يحرم من اى ميقات من هذه المواقيت شاء ويقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء ، وهو موسع عليه ، ولا قوة إلّا بالله العلى العظيم.

قال الشيخ في التهذيب : هذه الرواية (إشارة إلى رواية الفضيل) فيمن جاء إلى مكة من طريق المدينة خاصة (٤) والرواية التي قال فيها : أنّه يقطع عند ذي طوى ، لمن جاء على طريق العراق (٥) والرواية التي تضمنت عند النظر إلى الكعبة ، لمن يكون قد خرج من مكة للعمرة (٦) وليس بين هذه الاخبار تناف

__________________

(١) رواها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب الإحرام الرواية ٣ ـ ٨ ـ ١١ وروى صدر رواية : عمر بن يزيد في الوسائل في الباب ٢٢ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٢) رواها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب الإحرام الرواية ٣ ـ ٨ ـ ١١ وروى صدر رواية : عمر بن يزيد في الوسائل في الباب ٢٢ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٣) رواها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب الإحرام الرواية ٣ ـ ٨ ـ ١١ وروى صدر رواية : عمر بن يزيد في الوسائل في الباب ٢٢ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٤) أوردها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب الإحرام الرواية ١١ ـ ٣ ـ ٨.

(٥) أوردها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب الإحرام الرواية ١١ ـ ٣ ـ ٨.

(٦) أوردها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب الإحرام الرواية ١١ ـ ٣ ـ ٨.

٢٣٧

إلى زوال يوم عرفة ، وإذا شاهد بيوت مكة للمعتمر تمتّعا

وإذا دخل الحرم للمعتمر إفرادا ، ان [إذا] أحرم بها من خارج ، وإذا شاهد الكعبة ان أحرم بها من مكة

______________________________________________________

حسب ما ظنّه بعض الناس ، وحمل ذلك على التخيير (١) كأنّه إشارة الى ما قاله الصدوق في الفقيه وصرح به في الاستبصار ، وليس بجيّد ، لان المنافاة في الجملة ظاهرة ، وما ذكره توجيه آخر ، وهو اعلم.

واما قطع تلبية الحاج ، فيدل عليه صحيحة محمد بن مسلم ، عن ابى جعفر عليه الصلاة والسّلام ، أنّه قال : الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس (٢).

وما في حسنة معاوية بن عمار ، عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : قطع رسول الله صلّى الله عليه وآله التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة وكان على بن الحسين عليهما السّلام يقطع التلبية إذا زاغت الشمس يوم عرفة ، قال أبو عبد الله عليه السّلام : فإذا قطعت التلبية ، فعليك بالتهليل والتحميد والتمجيد ، والثناء على الله عز وجل (٣).

ففيها دلالة على استحبابها بعد قطع التلبية ، كما تقدم ويدل على قطع القارن رواية معاوية المتقدمة (٤).

فقوله : «إذا دخل الحرم إلخ» إشارة الى بعض توجيه الشيخ ، وانّ المراد بقوله : ان أحرم بها من خارج ، أنّه جاء من خارج مكة محرما في المواقيت للعمرة ، وبقوله : ان أحرم بها من مكة ، أنّه أحرم للعمرة من أدنى الحل ، وهو ميقات أهل مكة فاخرج (فخرج ظ) مكة ودخل مكة محرما بالعمرة من ميقات أهلها

__________________

(١) انتهى كلام التهذيب.

(٢) أوردها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٤ من أبواب الإحرام الرواية ١ ـ ٢ ـ ٤.

(٣) أوردها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٤ من أبواب الإحرام الرواية ١ ـ ٢ ـ ٤.

(٤) أوردها واللتين بعدها في الوسائل في الباب ٤٤ من أبواب الإحرام الرواية ١ ـ ٢ ـ ٤.

٢٣٨

ورفع الصوت بها للرجال

______________________________________________________

قوله : «ورفع الصوت بها للرّجال». اى يستحب رفع الصوت بالتلبية للرجال مطلقا لا للنساء ، ولعل دليل عدم الوجوب هو الأصل ، والشهرة ، وعدم ذكره في بعض الاخبار مثل ما في صحيحة عمر بن يزيد (المتقدمة في بحث التلبية) عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : إذا أحرمت من مسجد الشجرة ، فإن كنت ماشيا لبيت مكانك ، مع قوله عليه السّلام : (واجهر بها كلما ركبت) (١) وغير ذلك من الاخبار فإنّها تدل على عدم الوجوب حيث ما ذكر في البعض وما ذكره الّا بعد الانعقاد في وقت تكراره الذي هو مستحب ويبعد كون التكرار مستحبا ورفع الصوت واجبا.

وقال الشيخ في التهذيب : وامّا الإجهار بالتلبية فإنه واجب أيضا مع القدرة والإمكان ويدل عليه الأمر الواقع في الأخبار.

مثل ما في صحيحة حريز (في الفقيه) ان رسول الله صلّى الله عليه وآله لما أحرم أتاه جبرئيل عليه السّلام فقال له : مر أصحابك بالعجّ والثّج فالعج رفع الصوت بالتلبية والثج نحر البدن (٢).

والظاهر أنه عن الامام ويؤيده ما نقلها في التهذيب عنه وعن جماعة (٣) عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السّلام ، وهي محمولة على الاستحباب لما تقدم.

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب الإحرام الرواية ٣.

(٢) الوسائل الباب ٣٧ من أبواب الإحرام الرواية ١ والرواية مرفوعة في الكافي ، فإن السند فيه هكذا : على بن إبراهيم عن أبيه عن حريز رفعه قال : ان رسول الله صلّى الله عليه وآله.

(٣) والسند كما في التهذيب هكذا : موسى بن القاسم عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله ومحمد بن سهل عن أبيه عن أشياخه عن ابى عبد الله عليه السّلام وجماعة من أصحابنا ممن روى عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السّلام ، أنّهما قالا : لما أحرم رسول الله صلّى الله عليه وآله آه.

٢٣٩

والاشتراط.

______________________________________________________

ويؤيده عدم وجوب نحر الإبل ، بل الدم (١) مطلقا ، على المتمتع فقط ، ولعله يريد بالوجوب الاستحباب فان ذلك ـ في كلام المتقدمين مثل كلام الشيخ المفيد والصدوق ـ كثير جدا.

وفي بعض الاخبار والعبارات حتى كلام المصنف في المنتهى استحباب رفع الصوت للماشي من مكانه وللراكب إذا علت راحلته البيداء إذا حج على طريق المدينة.

والظاهر ان من جاء على غير طريقها فهو كالماشى لعموم (٢) ما يدل على استحباب الجهر كما مرّ وعدم التفصيل الّا فيمن جاء على طريق المدينة للتقييد في الرواية (٣) بالبيداء وهو في طريقها.

وامّا ما يدل على عدم استحبابه للنساء فالأصل ومناسبة السّر لهن مع عدم ظهور دليل الإجهار لهن ، ورواية أبي سعيد المكاري (في الفقيه) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : انّ الله تعالى وضع عن النساء أربعا : الإجهار بالتلبية ، والسعي بين الصفا والمروة ، يعني الهرولة ، ودخول الكعبة ، واستلام الحجر ، الأسود (٤) وغيرها ولا يضر عدم ظهور توثيق ابى سعيد.

قوله : «والاشتراط» اى يستحب الاشتراط للمحرم على ربّه في إحرامه قبل التلبية في أثناء الدعاء كما سيجي‌ء وان يقول : ان لم تكن حجة تكون عمرة ، وأن يحل حيث حبسه ان كان الإحرام للحج ، وان كان للعمرة فالأخير فقط.

__________________

(١) اى بل الذي يجب على المتمتع هو الدم مطلقا لا خصوص نحر الإبل.

(٢) في بعض النسخ (لعدم) بدل قوله : لعموم.

(٣) الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الإحرام الرواية ٩.

(٤) الوسائل الباب ٣٨ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

٢٤٠