مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

صحّ السابق ، والّا بطلا ، ولو كان في عامين صحّا

______________________________________________________

والأحوط حينئذ الإقالة مع الكل ، ثم الإجارة.

هذا إذا كان الاستيجار من الاثنين ، للحج في عام واحد ، ولو كان ذلك في عامين ، صحّا معا ، سواء اتحد زمانهما أم لا ، ويجب تقديم المقدم.

هذا ـ إذا كان الثاني مندوبا أو منذورا مطلقا ، عن الحيّ العاجز بالكلّية ـ ظاهر ، امّا لو كان واجبا فوريّا ، فصحة ما في العام الثاني محل التأمل ، لوجوب الحج عنه في العام الأوّل ، فيكون التأخير حراما ، فيكون العقد ممنوعا بل باطلا وان كان نهيا في غير العبادة ، لأنه يؤل إلى العبادة ، ولان الغرض من النهي عدم وقوع العقد وصحته ، وعدم قابلية العمل للاستيجار حينئذ فعلم منه استلزام الأمر بالشي‌ء النهي (للنّهي خ) عن الضد الخاص ، وكونه مفسدا في غير العبادة ، في الجملة ، فافهم.

ولو فرض تعذر الإيقاع في هذا العام ، فيمكن ، صحة ذلك ومع ذلك فيه تأمل أيضا ، لكون الأجير مشغول الذّمة ، ووقوع المنع عن إعطاء الحج لمن وجب عليه الحج ، ولهذا إعطاء الحج لمن لم يحج حج الإسلام ليحج في العام اللاحق محل التأمل ، ويظهر عدم الجواز من عموم المنع ، ويؤيده ، انه قد يمنعه مانع في هذا العام عن الأولى أو يفسدها ، فيتأخر ، وهكذا فتأمل هذا.

فمرجع الضمير (١) هو الجامع لشرائط النيابة ، وهو ظاهر من السوق.

والمراد ب (السابق) (٢) العقد الذي معلوم السبق الآن ، وقوله : (والّا) اى وان لم يكن هناك سابق معلوم ، سواء كانا معا ، أو اشتبه ، بعد العلم كما مرّ تفصيله (بطلا) اى العقدان ، في جميع هذه الصور فهو عطف على شرط محذوف ، وهو ان

__________________

(١) يعنى مرجع الضمير في قوله : ولو كان في عامين إلخ.

(٢) يعني في قوله قده : صح السابق.

١٤١

ولو أفسده حجّ من قابل واستعيدت الأجرة.

______________________________________________________

كان هناك سابق معلوم.

قوله : «ولو أفسده حج من قابل واستعيدت الأجرة». لعل معناه ، أنّه إذا أفسد النائب حجّه بالجماع عمدا عالما بالتحريم ، قبل الوقوف بالمشعر ، كما سيجي‌ء ـ وجب عليه إتمام الفاسد ، والبدنة ، والحج من قابل ، ولا اجرة له ، لأنّ الأولى فاسدة ، فلا يستحق الأجرة لها ، لأنّه إنما استوجر على الحج الغير الفاسد ، والثانية لزمته بالفساد فليست للإجارة ولأنّها عقوبة على بعض الأقوال ، لأنّها غير المستأجر عليها على تقدير التعيين ، وعلى الإطلاق انصرف الى العام الأوّل ، فيجب ان يحج عنه مرّة أخرى ، لعدم حصول ما استوجر عليه ، هذا ظاهر كلامه هنا.

وهو على تقدير التعيين ، والقول بأنّ الثانية عقوبة غير بعيد ، وامّا على عمومه فلا ، كما سيتضح لك وجهه.

والذي يقتضيه النظر أن يقال ان كان الحجّ المستأجر عليه مطلقا غير مقيد بالعام الذي فعل فيه وأفسده ، يجب عليه الحجّ من قابل ، ويستحق الأجرة ، ويبرأ ذمة المنوب عنه ، سواء قلنا انّ الاولى لمن حج عن نفسه ، وأفسد ، حجّة الإسلام ، والثانية عقوبة ، أو بالعكس ، لأنّ المطلق تعين فعله في هذا العام في الجملة ووجب عليه ذلك فوريا ، وأكّد ذلك بالشروع فيه ، والاستيجار انّما وقع عن حجة الإسلام المقبول عند الله ، كما يقبل عن الأصيل (الأصل خ) المنوب عنه ، لو فعله بنفسه ، وليس بواقع على أكثر من ذلك وقد فعل ذلك فرضا ، ولا ينافيه إيجاب أمور أخر عليه بسبب فعله مثل الأصيل ، وكما لو فعل سائر الموجبات للكفارات.

ولأنّ الأصل (١) عدم زيادة التكليف ، ولان تكليفه بالحج مرتين من غير

__________________

(١) عطف على قوله : لان المطلق إلخ.

١٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

اجرة تكليف شاق ، وحرج ، وضيق ، منتفيات (منفيّات خ) ولا يناسب الشريعة السهلة ، وان فعل المحرم عمدا.

ولأنه يشمل الأدلة ـ الدالة على انحصار حكم المفسد في الإتمام ، والحج من قابل ، من غير زيادة ـ أخذ الأجرة وبقاء الحج ، ولو كانت خاصة بغير النائب لوجب بيانه ، وكذا لو كان عليه زيادة في ذلك فتأمل ، فإن ظاهر الأدلة (١) صحة الحج ، وبرأيه الذّمة بعد الإتيان بما أوجب عليه من الإتمام ، والحج من قابل ، والكفارة.

ولأنّه ملك الأجرة بالعقد ، وخروجها عنه (٢) يحتاج الى دليل ، وكذا تكليفه بحج آخر بعد القضاء حينئذ.

ولا بعد في قبول الحج الفاسد عن المنوب ، بمعنى حصول الثواب له وبرأيه ذمته ، على تقدير القول بأنه حج الإسلام ، كما إذا فعله الأصيل ، ولا في انتقال فرضه الى العام الثاني ، بأن يفعله ، بعد كون الإجارة مطلقة فالحكم حينئذ أوضح كما إذا أخّر (٣).

وكذا ان كان مقيدا بالعام ، الّا ان الانتقال هيهنا بعيد ، في الجملة.

ويمكن ان يقال : لا بعد في ذلك ، بعد التأمل ، فيما مرّ خصوصا عموم أدلة انحصار ما يجب على المفسد.

وكذا (٤) في عموم صحيحة إسحاق بن عمار ، (وان كان في إسحاق شي‌ء ، لكنّه ثقة) ، قال : سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجّة فيعطى رجل دراهم يحج بها عنه فيموت قبل ان يحجّ ثم اعطى الدراهم غيره قال : ان مات في الطريق أو بمكة

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١٥ من أبواب النيابة.

(٢) أي عن ملك الأجير.

(٣) اى أخر بدون الفساد.

(٤) جميع النسخ المخطوطة والمطبوعة مشتملة على كلمة (في) قبل كلمة (عموم).

١٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

قبل ان يقضى مناسكه ، فإنه يجزى عن الأوّل ، قلت : فان ابتلى بشي‌ء يفسد عليه حجّه حتى يصير عليه الحجّ من قابل أيجزي عن الأوّل قال نعم قلت : لأن الأجير ضامن للحجّ؟ قال : نعم (١).

نعم روى عن إسحاق بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام ، في الرّجل يحج عن رجل (آخر خ ل) فاجترح في حجه شيئا ، يلزمه فيه الحج من قابل أو كفارة؟ قال : هي للأوّل تامّة وعلى هذا ما اجترح (٢).

ولعل الانتقال من خصوصية عقد الإجارة ، فكأنه ينصرف إلى أنّه ان لم يفسد ، يكون في هذا العام ، والا ففي غيره ، فتأمل.

قال في المنتهى : لو أفسد الأجير حجّة النيابة ، قال الشيخ ره : وجب عليه قضائها عن نفسه ، وكانت الحجّة باقية عليه ، ثم ينظر فيها ، فان كانت الحجّة معيّنة ، انفسخت الإجارة ، ولزم المستأجر ان يستأجر من ينوب عنه فيها ، وان لم تكن معينة ، بل تكون في الذمة ، لم تنفسخ ، وعليه ان يأتي بحجة أخرى في المستقبل ، عمن استأجره ، بعد ان يقضى الحجة التي أفسدها عن نفسه ، ولم يكن للمستأجر فسخ هذه الإجارة عليه ، والحجة الأولى فاسدة ، لا تجزى عنه ، والثانية قضائها عن نفسه ، وانّما يقضى عن المستأجر بعد ذلك على ما بيناه ، الى قوله : ونحن نقول : ان قلنا أنّ من حج عن نفسه فأفسده ، كانت الأولى حجّة الإسلام ، والثانية عقوبة ، على ما اختاره الشيخ ره ، برأت ذمّة المستأجر عنه بإكمالها ، والقضاء في القابل عقوبة على الأجير ، ولا تنفسخ الإجارة ، وان قلنا انّ الاولى فاسدة ، والثانية قضائها ، لزم النائب الجميع ولا يجزى عن المستأجر ، لأنّ الفاسدة لا تجزى عنه ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٥ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب النيابة الرواية ٢.

١٤٤

والإطلاق يقتضي التعجيل.

وعليه ما يلزمه من الكفارات والهدى.

______________________________________________________

ولا العقوبة ، لأنّها على الجاني ، وتستعاد منه الأجرة ، ان كانت الإجارة متعلقة بزمان معين ، وقد فات ، وان كانت مطلقة ، لم تبطل الإجارة ، وكان على الأجير الحج عن المستأجر بعد حج القضاء ، لأنّها تجب على الفور ، ولو قيل الحجّة الثانية مجزئة لأنّها قضاء الحجّة الفاسدة ، كما أجزأت عن الحاج نفسه ، كان وجها حسنا ويعضده ، ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار ونقل الروايتين (١) و (٢).

وأنت تعلم بعد ما تقدم ، ما فيه ، من وجوب القضاء عن نفسه ، مع عدم الأداء عليه عن نفسه ، مع أنّ الظاهر أنّ القضاء انما يكون عوضا عن الأوّل ، وهذا أوضح بناء على ان الاولى عقوبة ، ولزوم (٣) خلاف ظاهر الأدلة ، ولزوم ثلاث حجج على من استأجر بحجّة واحدة ، وهو شاق وخلاف ظاهر أدلة لوازم الإفساد ، وتأخير حج الأجرة ثلاث سنين ، بل قد يزيد ، ولو قيل هذا من لوازم العقد مع الإفساد فيمكن قول ذلك فيما قلناه ، وغير ذلك ، فتأمل.

قوله : «والإطلاق يقتضي التعجيل» لان الحج فوريّ ، ولانّ مطلق الإجارة يقتضي اتصال زمان مدّة يستأجر له بزمان العقد ، وهنا يقتضي عدم التأخير عن العام الأوّل ، ولعله لا خلاف فيه ، ولو قيّده بالعام الأوّل في العقد يتعيّن أيضا بالطريق الأولى ، وتظهر الفائدة في الانفساخ بالتأخير وعدمه.

قوله : «وعليه ما يلزمه من الكفارات والهدى» لأنّ السبب انّما وجد منه ، فلا يجب الّا عليه ، والهدى انما يجب مع الوجدان على المتمتع ، والّا فبدله

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب النيابة الرواية ١ ـ ٢.

(٢) إلى هنا كلام المنتهى.

(٣) عطف على قوله : من وجوب القضاء.

١٤٥

ولو أحصر تحلل بالهدي.

ولا قضاء عليه.

ولو أحرم عن المنوب ثمّ نقل النيّة [اليه] لم يجز عن :

______________________________________________________

الصوم ، كما في الأصيل ، وسيجي‌ء.

قوله : «ولو أحصر إلخ». وجه تحلله بالهدي عموم دليل (١) تحلل المحصور به ، وسيجي‌ء.

واما عدم القضاء عليه عن نفسه ، فلعدم وجوبه عليه ، واما عن المنوب عنه فلو كانت الإجارة معيّنة تنفسخ بفوات الوقت ، فلا وجوب.

والظاهر أنّ له اجرة ما فعل ، ويردّ اجرة ما بقي ، وبقي الحج في ذمة المنوب ، عن هذا المحل ، وان قلنا بوجوبه عن بلد الميّت.

وان كانت مطلقة ، فالظاهر عدم الانفساخ ، ويجب عليه ان يحج بعد ذلك الّا ان يعلم التعذّر عنه مطلقا ، فيمكن الفسخ ، ويمكن سقوط الحج عنه ، ويملك الأجرة ، على القول بأن الإحرام كاف في السقوط ، لو مات النائب بعده ، وبعد دخول الحرم على القول الآخر ، قياسا على الميت بعيدا ، فقوله : ولا قضاء عليه ، ليس على إطلاقه ، وكذا الكلام في المصدود.

قوله : «ولو أحرم عن المنوب إلخ». وجه عدم الاجزاء عن نفس النائب عدم النيّة له من الأوّل ، وعدم جواز ذلك ، لوجوبه عن غيره ، وكون النهي للفساد ، وعدم الاجزاء عن المنوب ، عدم استدامة النيّة ، وعدم النيّة في باقي الأفعال له ، فيستعاد الأجرة بكمالها ، لو كانت الإجارة معينة ، لأنه فسخ الإجارة باختياره ، مع عدم فعل ما يستحق به الأجرة ، ومع الإطلاق يمكن بقائها حتى يفعل ، ويستحق الأجرة ، ويمكن الفسخ والتسلط عليه ، وأخذ الأجرة للمستأجر ، لخيانته ، (لجنايته

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب الإحصار والصّد.

١٤٦

أحدهما على رأى ، وتستعاد الأجرة مع التقييد.

______________________________________________________

خ ل) واحتمال ان يفعل دائما كذلك.

قوله : «على رأى». كأنّه إشارة إلى رد قول من يقول بصحة حجّه عن المنوب ، ويقع الفعل لغوا ، ويستحق الأجرة.

قال في المنتهى : لو أحرم النائب عمن استأجره ، ثم نقل الحج الى نفسه ، لم يصح (١) فإذا أتم الحج استحق الأجرة.

وفيه اشكال ، من جهة ترك النية في باقي الأفعال عن المنوب ، وقصده عن نفسه ، ولعل وجهه عدم الاعتداء بباقي نية الأفعال ، فإن الإحرام وقع عن المنوب ، فيتبعه الباقي ، وهذا يدل على عدم الاعتداء بالنيّة ، ويؤيده ما قال في الفقيه : قال عليه السّلام في رجل اعطى رجلا ما لا يحجّ عنه فحجّ عن نفسه فقال : هي عن صاحب المال (٢) فيمكن حملها عليه (٣) ولعل نقل هذا ابن أبي حمزة ، كما نقله المصنف في المنتهى.

وبالجملة في الاجزاء عن المنوب تأمل ، وان كان غير بعيد ، وأبعد منه الاجزاء عن نفسه ، لو استطاع بعد عقد الإجارة.

وقال في المنتهى : فلو أحرم عن نفسه لم يقع عن نفسه ، وهل يقع عن المستأجر عنه ، فيه إشكال ، ينشأ من عدم القصد اليه مع اشتراطه ، ومن الرواية التي رواها ابن أبي حمزة عن ابى عبد الله عليه السّلام (٤) ونقل الرواية المتقدمة ولعل مؤيد الرّواية انّ الزّمان قد صار غير قابل الّا للحج عن المنوب فلا اعتداد

__________________

(١) اى عن نفسه.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب النيابة الرواية ٢.

(٣) اى على ما لو نوى أوّلا في الإحرام عن المنوب ثم نقل النية إلى نفسه.

(٤) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب النية الرواية ١.

١٤٧

ولو اوصى بقدر أخرج أجرة المثل للواجب من الأصل ، والزائد من الثلث ، وفي النّدب يخرج الجميع من الثلث.

______________________________________________________

بنيّته بعده ، فلا يقع الّا عنه سواء نوى عن الغير أم لا ، فالأولى (١) أولى ، لوقوع الإحرام مع ذلك عن المنوب ، فتأمل ، فإنّه لا ينطبق على قوانينهم في النيّة ، ويدل على سهولة الأمر فيها ، وأنّ المفهوم من المنتهى كما نقلناه هو القول بالصحّة ، وان أمكن تأويله فتأمل.

قوله : «ولو اوصى بمقدار إلخ» يعني إذا اوصى من يصح منه الوصية بمقدار معيّن لان يحجّ عنه ، وكان زائدا على اجرة مثل الحج ، ثم مات يخرج اجرة المثل من الميقات ـ أو البلد على الخلاف ، وأن الظاهر هنا الثاني ـ من أصل ماله والزائد من ثلثه ، ان وسعه والّا فما وسعه ، مع عدم اذن الورثة ، ان كان الحج الموصى بإخراجه واجبا ، سواء كان بأصل الشرع أو بالنذر ، ونحوه ، والّا فالكل من الثلث.

وقد عرفت أنّ الظاهر أنّ غير حج الإسلام من الثلث ، مطلقا ، واجبا كان ، أو ندبا.

وكأنّ ذلك (٢) مذهب الشيخ ، لصحيحة (٣) ضريس الكناسي (٤) (الثقة) في الفقيه ، وغيره مستحب (٥) وصحيحة عبد الله بن ابى يعفور (٦) (الثقة) ان حجّ النذر من الثلث.

__________________

(١) يعنى فالمسألة الاولى وهي ان تنقل النيّة إليه بعد الإحرام للمنوب عنه اولى بالقول بالصحة عن المنوب عنه عن المسألة الثانية.

(٢) ذلك إشارة إلى مختار المتن.

(٣) قوله : لصحيحة ، تعليل لقوله : أنّ الظاهر أنّ غير حج الإسلام إلخ.

(٤) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب وجوب الحج الرواية ١.

(٥) هكذا في جميع النسخ.

(٦) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب وجوب الحج الرواية ٣.

١٤٨

وتكفي المرّة مع الإطلاق.

______________________________________________________

والعجب أن المصنف اختار كونه من الأصل ، (في المنتهى) مع انه خلاف الأصل ، وخلاف الصحيحتين والأدلّة الدالّة على عدم شي‌ء للميّت الّا الثلث (١) واستدل بالقياس على الدين ، وحج الإسلام ، للتساوي ، وترك الاحتجاج بالرواية بغير جواب ، وهو اعرف (قدس الله سرّه) فلا تنس.

قوله : «وتكفي المرّة إلخ». يعني إذا اوصى ان يحج عنه ، وأطلق ، ولم يعيّن عدد الحج ، يكفى للخروج عن عهدة الوصيّة ان يحج عنه مرّة واحدة ، لأنّها القدر المعلوم ، وغيرها منفيّة بالأصل ، وعدم الدليل ، ولأنّ الأمر لا يقتضي التكرار ، وما وجد غيره ، ولأن الأصل بقاء التركة للوارث ، وللإجماع ، والآية (٢) والاخبار (٣) ولا دليل (٤).

ونقل عن الشيخ التعدد ، بمقدار الثلث فيه ، لرواية محمد بن الحسين (الحسن خ ل) أنه قال لأبي جعفر عليه السّلام جعلت فداك قد اضطررت إلى مسألتك ، فقال : هات ، فقلت : سعد بن سعد قد أوصى حجّوا عنّى ، مبهما ولم يسم شيئا ، ولا ندري كيف ذلك؟ فقال : يحج عنه ما دام له مال (٥).

ورواية محمد بن الحسين بن ابى خالد قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل اوصى ان يحج عنه ، مبهما فقال : يحج عنه ما بقي من ثلثه شي‌ء (٦).

قال في المنتهى : ونحن نحملها على ما إذا علم منه التكرار ، ولم يعيّن المرّات.

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ١٠ من أبواب كتاب الوصايا.

(٢) قال الله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). آل عمران ٩٧.

(٣) راجع الوسائل الباب ٣ من أبواب وجوب الحج.

(٤) اى عدم الدليل على الزائد.

(٥) الوسائل الباب ٤ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٦) الوسائل الباب ٤ من أبواب النيابة الرواية ٢.

١٤٩

ومع التكرار بالثلث ، ولو كرّر ولم يف القدر ، جمع نصيب أكثر من سنة لها.

______________________________________________________

وهو بعيد ، لكنّهما ضعيفتان ، مع عدم التنصيص ، ومنافاتهما ، القواعد.

وإذا علم ارادة التعدد ، يخرج عنه الحج مكررا ، بمقدار ما يسعه ثلث ماله ، هذا ظاهر كلامهم.

وفيه تأمل ، لاحتمال الاكتفاء بما يتحقق التكرار ، لصدق الامتثال ، مع الأصل ، فلا يجب أكثر من مرتين ، كما لا يجب أكثر من مرّة مع الإطلاق الّا ان يعلم إرادة الأكثر فتأمل.

ولو اوصى بالتكرار بمقدار معيّن في سنة ، من حاصل عقار مثلا ولم يف ذلك المقدار للحج ، ولو من الميقات فيجمع مال سنتين ، أو أقل ، أو أكثر ، لحج واحد ، وهكذا ، دائما.

ودليله العقل والنقل ، مثل رواية إبراهيم بن مهزيار قال : وكتبت الى ابى محمد عليه السّلام ، أنّ مولاك على بن مهزيار اوصى ان يحج عنه من ضيعة صيّر ربعها لك ، في كل سنة ، حجة الى عشرين دينارا ، وأنّه قد انقطع طريق البصرة فتضاعف المؤن (المؤنة كا) على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا ، وكذلك اوصى عدّة من مواليك في حججهم ، فكتب يجعل ثلاث حجج حجتين ان شاء الله (١).

وعن إبراهيم بن مهزيار قال وكتب اليه على بن محمد الحصيني انّ ابن عمّى اوصى ان يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة وليس (فليس كا) يكفى فما تأمر في ذلك؟ فكتب عليه السّلام يجعل حجتين في حجة ، انّ الله تعالى عالم

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب النيابة الرواية ٢ وفي ألفاظها اختلاف في الكافي والتهذيب والفقيه فراجع.

١٥٠

والمستودع يقطع [يقتطع] اجرة المثل في الواجب مع علمه بعدم الأداء

______________________________________________________

بذلك (١).

وظاهرهما وجوب الاستيجار من بلد الميّت ، ولو كان المال ناقصا لم يف بذلك ، فهما مؤيدان للقول بوجوب الحج من بلد الميّت مطلقا ، ولو مع الضيق ، فظهر الفرق بين هذا القول ، وبين القول بالتفصيل ، وصار المذهب ثلثا ، وما رجع القول بالوجوب من البلد مطلقا الى التفصيل ، فسقط اعتراض الشيخ زين الدين وغيره بأنّ المذهب اثنان لذلك ، الّا أنّ الرواية ضعيفة السند بالكتابة والإرسال ، بقوله : عمن حدثه (٢) وغير ذلك ، لكنها مقبولة عندهم ومعمولة.

ويمكن حملها على الوصيّة من البلد ، مع تجويز الوارث أوسعه الثلث فتأمل.

قوله : «والمستودع يقتطع اجرة المثل». وهو بفتح الدّال من قبل الوديعة ، ويقال له المودّع بالفتح أيضا بمعنى المودع عنده شي‌ء ، المراد انّ للودعيّ الذي عنده مال ـ يكفى بحجّ المودع الذي وجب عليه حج الإسلام ، واستقر في ذمته ، ومات ، ولم يحج ـ ان يحج بنفسه عنه ، وأخذ أجرة المثل وردّ الفاضل ، لو كان ، الى الورثة.

لصحيحة بريد (بن معاوية خ) العجلي (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته عن رجل استودعني مالا فهلك ، وليس لولده شي‌ء ولم يحجّ حجّة الإسلام؟ قال : حج عنه ، وما فضل فأعطهم (٣).

واعلم ان هذا الفتوى على خلاف الأصول ، لأنّ للوارث ان يحج بنفسه عن

__________________

(١) الوسائل الباب ٣ من أبواب النيابة الرواية ١ وفي ألفاظها اختلاف في الكافي والتهذيب والفقيه فراجع.

(٢) بطريق الكليني قده ، وأمّا بطريق الشيخ فالسند هكذا : محمد بن علي بن محبوب عن إبراهيم بن مهزيار ، قال : كتب إليه إلخ.

(٣) الوسائل الباب ١٣ من أبواب النيابة الرواية ١.

١٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

ميته ، ولم يخرج مالا. وله ان يخرج بأقل من أجرة المثل ومن اىّ مال أراد ، ويتملك التركة كلّها ، هذا واضح ، وعلى القول بانتقالها الى الوارث أوضح.

والتصرف في الوديعة للودعي بأخذ أجرة المثل ، والحج بنفسه على خلافها ، فيمكن ان لا يتعدى الحكم عن نفس الرواية ، لخصوصيّة ما نعلمها نحن لا عموم لها ، بل ولا إطلاق لها ، فإنها مخصوصة ببريد ، والقياس مع عدم العلم بالجامع بعيد ، إذ قد يكون لبريد فقط ، أو عن ذلك الميت لوجه ما نعلمه ، أو يكون ذلك مشروطا باذنه عليه السّلام.

نعم يمكن التعدي ، إذا كان يمنع الورثة. ولهذا اشترط المصنف هنا وفي المنتهى وغيره علم الودعي بمنع الورثة ، أو لإذن الحاكم مطلقا ، أو لعدم الوصي والوصية ، وغير ذلك ، فيتعدى في الجملة.

فالتعدي عن مورد الرواية إلى المثل لو لم يكن دليل آخر من إجماع ونحوه مشكل ، فكيف الى ما يخالفه ، مثل كون حج النذر كذلك والزيارة وسائر الواجبات المالية ، وفعل غير العدل ، والإعطاء للغير ان يفعل ذلك ، وبدون اذن الحاكم ، ومع عدم العلم بحال الورثة وغير ذلك مما يشابهها.

ثم ان ظاهر الرواية وجوب ذلك على المودع ، وهو بعيد ، مع عدم ارادته ذلك ، فإنّه تكليف شاق وحرج منفي ، فيحتمل حملها على الجواز ، ولهذا قال المصنف في المنتهى : جاز ان يقتطع اجرة الحج إلخ وأنّه مع القول بالتعدي ـ والعلم بالمنع وعدم القدرة على الأخذ منهم ، للعجز ، أو عدم الحاكم وقدرته ـ يحتمل ان يكون مخيرا ، بين ان يفعله بنفسه ، وهو اولى ، مع أهليته أو يبعث الثقة ، وينبغي أن يكون ذلك باذن بعض العدول ، ونظره ، ان لم يكن الحاكم.

وانّ الظاهر ان ليس له ان يأخذ إلّا مقدار اجرة المثل ، من أقرب

١٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المواقيت ، إلى مكة بناء على مذهب المصنّف وظاهر الرواية (١) الأجرة من موضع كان فيه الودعي ، ولا يبعد حملها على الأوّل ، لأنه قال حج عنه ، وما فضل إلخ. لأنّ الظاهر أنّه يأخذ أجرة الحج لا غيره ، والحج انما هو من الميقات ، فتأمل ، فله ان يسافر لمصلحته الى الميقات ، وكذا في غير هذه الصور كالاصيل وهو مؤيد لكون الحج من الميقات ، فافهم.

ويمكن حملها على بلد الموت ، لوقوع موت المودع في بلد الودعي ، المأمور بالحج فتأمل.

ويمكن استخراج جواز إعطاء الحجة إلى الغير للودعي من الرواية بأن قوله : (حج عنه) ، أعم من ان يكون بنفسه ، أو بغيره ، ولهذا يقبل القسمة إليهما ، وان قال المصنف في المنتهى : ولو قال استأجرتك لتحج ، لا يجوز له استيجار غيره ، واستنابته ، إذ (لأنّ خ) الإجارة وقعت على فعله ، وفعل الغير ليس فعله.

وذلك غير بعيد ، لأنّه المتبادر ، نعم يمكن القول بالجواز مع القرينة ، بأنّ الغرض حصول الحج من اىّ شخص كان ، خصوصا إذا استناب أفضل منه ، واتقى ، ولمثله جوز العدول الى التمتع ، للمستأجر للافراد ، مثلا ، أو بان ذكر قبل العقد.

نعم لو لم تكن قرينة أصلا أو ظهر المنع ، أو كان المنع مصرّحا به ، مثل ان يقول : بنفسك ، لا يجوز الاستنابة ، كما أنّه يجوز على تقدير التصريح بالبيان ، بان تحج بنفسك أو بالنيابة ، أو تحصّل لي حجّة.

ويؤيّد الجواز في الصورة الأولى ، عموم رواية عمر بن عيسى (٢) عن

__________________

(١) الوسائل الباب ١٣ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٢) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة (عمر) ولكن الصحيح عثمان (أو ميثم) بن عيسى كما في الكافي وموضعين من التهذيب.

١٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الرضا عليه آلاف التحية والثناء : قلت له ما تقول في الرجل يعطى الحجة فيدفعها الى غيره؟ قال : لا بأس (١).

وحملها المصنف على الصورة الأخيرة الدالة على وجوب الحج في الذمة صريحا ، ولعله غير لازم ، لما مرّ.

وبالجملة لو علم الغرض ، أو ظنّ ، فغير بعيد ، كما في العدول الى التمتع ، وعن الطريق المشترط ، الى غيره ، وفي دليله (٢) ـ حيث قال : (إذا قضى جميع مناسكه فقد تم حجّه) ـ اشعار به فليفهم.

وهذا وأمثاله مؤيد لجواز الوصي ان يرتكب ما اوصى اليه من إخراج العبادات ، مع معرفة الغرض والشرائط ، بالقرائن أو التصريح قبل الوصية أو بعدها ، وان كان ظاهر كلام الموصى ، حين الوصية فعل الغير ، وكذا عدم الاستيجار إذا حصل الاطمئنان بالفعل من غيره ، بان يكون معه حاضرا في جميع أفعال الحج ، مع الوثوق بأنه لم يظهر شيئا ويقصد غيره.

نعم ينبغي الإجارة إذا قال الموصى : استأجر ، ولم يرتكب بنفسه ، أيضا ، إلّا مع العلم بالمقصود ، فيمكن حينئذ أيضا والأولى الإتيان بما أمر ، بظاهر اللفظ ، الّا أن يجد أنّ غيره أولى ، مع العلم.

ويؤيد جواز ارتكاب الوصي بنفسه ، ما قال في الفقيه : كتب عمرو بن سعيد الساباطي الى ابى جعفر عليه السّلام يسأله عن رجل اوصى اليه رجل ان يحج عنه ثلاثة رجال ، فيحل له ان يأخذ لنفسه حجّة منها؟ فوقع عليه السّلام بخطه وقرأته : حجّ عنه ان شاء الله تعالى فانّ لك مثل اجره ولا ينقص من اجره

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب النيابة الرواية ١.

(٢) هذا إشارة إلى رواية علي بن رئاب راجع الوسائل الباب ١١ من أبواب النيابة.

١٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

شي‌ء ان شاء الله (١).

ولا يضر كتابته ، ولا عدم ظهور صحة السّند ، لأنّه مؤيّد ، ولأنّه في الفقيه المضمون صحة ما فيه ، مع جزم الصدوق بأنّه وقّع بخطه (عليه السّلام) مع عدم ظهور المعارض.

وهذه مؤيدة لجواز الفعل بنفسه ، على تقدير القول بأنّه حج عنّى فافهم.

والظاهر أنّه يأخذ الأجرة من الميقات لحج واحد ، لو كان عليه حجة الإسلام ، ولم يحج من أصل التركة ، والباقي من الثلث مع عدم اذن الوارث.

ولو علم كون مراد الموصى من البلد ، فمن الميقات ، للواحدة من الأصل ، والتتمة مع كل الباقين من الثلث ، مع عدم الاذن ، وقد صرح المصنف في المنتهى بمثل ذلك ، بناء على مذهبه ، وقد مرّ إليه الإشارة ، أيضا فتذكر.

ومعنى قوله عليه السّلام : (مثل اجره) حصول الثواب له ، كما يحصل للمستأجر من غير نقصان شي‌ء من ثوابه ، لا المساواة ، لان الروايات في أنّ له أضعاف ذلك كثيرة ، مثل مرسلة علي بن أسباط عن رجل من أصحابنا يقال له عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان قال : كنت عند ابى عبد الله عليه السّلام إذ دخل عليه رجل فأعطاه ثلاثين دينارا يحجّ بها عن إسماعيل ، ولم يترك شيئا من العمرة إلى الحج الّا اشترطه عليه حتى اشترط عليه ان يسعى في وادي محسّر ، ثم قال يا هذا إذا أنت فعلت هذا كان لإسماعيل حجة بما أنفق من ما له ، وكانت لك تسع بما أتعبت من بدنك (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب النيابة الرواية ٥ والباب ٣٦ من تلك الأبواب الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب النيابة الرواية ١ وفي الكافي عبد الرحمن بن سنان قال : كنت إلخ وامّا ما في التهذيب نقلا من الكافي فهو موافق لما في الشرح.

١٥٥

ويشترط في حج التطوع ، الإسلام ، وان لا يكون عليه حج واجب واذن المولى ، والزوج ، ولا يشترط البلوغ

______________________________________________________

قوله : «ويشترط في حج التطوع إلخ». هذا بيان شرائط الحج المندوب ، واشتراط الإسلام ، بل الايمان ، قد مرّ.

ودليل خلوّ ذمته عن حج واجب ، كأنّه الإجماع ، وأنّه واجب فوري ، فما يوجب تأخيره حرام ، وباطل ، فهو مبنى على دلالة الأمر على النهي عن الضد الخاص ، فتأمل ، ولأنه يلزم التأخير إلى عام آخر ، وقد يموت ، مع انه مؤذن بتركه ، وبه يمتاز عن الصلاة ، فإن أكثر المتأخرين على جواز النافلة لمن عليه الفريضة ، ويدل عليه الاخبار (١) أيضا ، ومعلوم جوازه في الجملة ، في مثل رواية الظهرين وقد مر البحث فيها (٢) وفي الصوم.

وقد اشترط اذن الزوج لتطوع الزوجة ، وكذا المملوك.

ولا يشترط البلوغ فيه ، وقد مرّ.

والظاهر انه شرعي صحيح ، وقد مرّ ، وصرح المصنف في المنتهى بذلك ، قال فيه : إحرام الصبي عندنا صحيح ، وإحرام العبد صحيح الى قوله : وان كملا قبل الوقوف ، تعيّن إحرام كل واحد منهما ، للفرض وأجزأ عن حجة الإسلام ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : الصبي يحتاج الى تجديد إحرامه ، لان إحرامه لا يصح عنده ، ونقل الخلاف ، عن أبي حنيفة فقط ، يدل على عدم خلاف غيره ، الّا أنّ كون أفعال الصبي شرعية ، خلاف مذهب المصنف في الأصول ، والفروع ، ولكنه ظاهر ذلك.

__________________

(١) راجع الوسائل الباب ٢ من أبواب الصلاة والباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض.

(٢) راجع ص ٤٢ من المجلد الثاني.

١٥٦

ويشترط في حج التمتع النيّة.

ووقوعه في أشهر الحج ، وهي شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجّة

والإتيان به وبالعمرة في عام واحد ، والإحرام بالحج من مكة ، فلو أحرم من غيرها رجع ، فان تعذّر أحرم من حيث قدر

______________________________________________________

قوله : «ويشترط في حج التمتع النيّة إلخ». وجوب النية فيه ـ وفي جميع أقسام الحج ، بل سائر العبادات ـ واضح ، وقد تقدمت.

وكذا اشتراط وقوع حج التمتع ، بل سائر الحجج ، في أشهر الحج ، ظاهر ، الّا انه لا بد من وقوع عمرة التمتع أيضا في أشهره ، والظاهر انه لا نزاع فيه.

ويدل عليه الأخبار أيضا مثل ما في صحيحة عمر بن يزيد (في الزيادات) عن ابى عبد الله عليه السّلام (في حديث) وقال : ليس تكون متعة إلّا في أشهر الحج (١).

وما في الصحيح عن يعقوب بن شعيب (الثقة) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن المعتمر في أشهر الحج؟ فقال : هي متعة (٢).

وكذا كونهما في سنة واحدة ، وهما من خواص حج التمتع ، وكذا كون إحرامه من مكة ، وسيجي‌ء أيضا ، مواقيت الافراد ، والقران ، والعمرة.

وامّا كون أشهر الحج ، الثلاثة ، فهو الظاهر،لقوله (٣) (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ.)

ولصحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام في قول الله عزّ وجلّ (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (الى ان قال) ، وهو (هي خ ل) شوال ، وذو القعدة ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٧ من أبواب العمرة الرواية ٥.

(٢) الوسائل الباب ٧ من أبواب العمرة الرواية ٤.

(٣) البقرة ١٩٧.

١٥٧

وشرط [وشروط] القارن والمفرد : النيّة ووقوعه في أشهر الحج ، وعقد إحرامه من الميقات ، أو من منزله ان كان أقرب.

______________________________________________________

وذو الحجة. (١)

وروى أنّه كان أبو جعفر عليه السّلام يقول : ذو الحجة كلّه من أشهر الحج (٢).

وفي رواية أخرى عن ابى جعفر عليه السّلام قال : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد أن يحرم بالحج فيما سواهنّ (٣) وغير ذلك من الأخبار.

وقيل شهران ، وعشر من ذي الحجة ، وقيل وتسعة منه ، وقيل غير ذلك ، وقيل : النزاع لفظي ، أي لا فائدة له ، بالنسبة إلى أحكام الحج والعمرة ، فإن الكل متفقون ، في ان بعض أفعال الحج يصح إيقاعه في جميع أيّام هذه الشهور ، حتى الصوم ثلاثة أيام ، بدل الهدى ، في طول ذي الحجة وأنّه يفوت بفوات يوم النحر ، حيث لا يتمكن من اضطراري المشعر أيضا عند البعض.

إن صح ذلك ، صح ، والّا فلا ، وتظهر الفائدة في النذر ونحوه.

__________________

(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب أقسام الحج الرواية ١ وما نقلها منقول بالمعنى.

(٢) ذكر في تفسير العياشي ما هذا لفظه : عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : كنت قائما أصلي وأبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام قاعدا قدامي (الى ان قال) قال : كان جعفر عليه السّلام يقول : ذو القعدة وذو الحجة كلتين أشهر الحج ج ٢ ص ٩٢ ونقله في المستدرك أيضا في كتاب الحج باب ١٠ من أبواب أقسام الحج حديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ١١ من أبواب أقسام الحج الرواية ٨.

١٥٨

(النظر الثالث في الافعال) وفيه مقاصد

الأوّل : في الإحرام ومطالبه أربعة

الأوّل : في المواقيت ، ويجب الإحرام منها على كل من دخل مكة.

______________________________________________________

قوله : «ويجب الإحرام منها إلخ». أمّا وجوب الإحرام من المواقيت على كل مكلّف أراد دخول مكة ، إذا مرّ عليها ، سواء أراد نسكا من العمرة ، والحج أم لا ـ بل على كل مكلّف أراد دخولها من خارج الحرم ، مطلقا الّا من استثنى ، فالظاهر أنّه إجماعي ولا نزاع بين الأصحاب ، بل بين الفقهاء فيه.

ويدل عليه الأخبار ، مثل ما في صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من تمام الحج والعمرة ان تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول الله صلّى الله عليه وآله لا تجاوزها الّا وأنت محرم (١).

وما في صحيحة الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل اشترى بدنة قبل ان ينتهي إلى الوقت الذي يحرم فيه فأشعرها وقلّدها أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال : لا ولكن إذا انتهى الى الوقت فليحرم

__________________

(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب المواقيت الرواية ١.

١٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ثم ليشعرها وليقلّدها فانّ تقليده الأوّل ليس بشي‌ء (١).

وما في صحيحة صفوان بن يحيى عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام فلا يجاوز الميقات الّا من علّة (٢).

ورواية رفاعة بن موسى عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : سألته عن الرجل يعرض له المرض الشديد قبل ان يدخل مكة ، قال : لا يدخلها إلّا بإحرام (٣) وفي الطريق سهل بن زياد (٤).

وصحيحة عاصم بن حميد (الثقة) قال : قلت لأبي عبد الله عليه السّلام أيدخل احد الحرم الّا محرما؟ قال : لا الّا مريض أو مبطون (٥).

وصحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السّلام هل يدخل الرجل مكة (الحرم خ ل) بغير إحرام؟ فقال : لا الّا ان يكون مريضا أو به بطن (٦).

وصحيحة رفاعة بن موسى قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل به بطن ووجع شديد أيدخل مكة حلالا؟ فقال : لا يدخلها الّا محرما (وقال يحرمون عنه يب) وقال : ان الحطّابة (الحطابين خ ل) والمجتلبة أتوا النبي صلّى الله عليه وآله فسألوه فأذن لهم ان يدخلوا حلالا (٧).

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١٥ من أبواب المواقيت الرواية ١ ما نقله في الشرح قطعة من الرواية فراجع.

(٣) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب الإحرام الرواية ٨.

(٤) والسند كما في الكافي عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد عن رفاعة بن موسى.

(٥) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب الإحرام الرواية ١ أوردها في التهذيب في موضعين باب الخروج الى الصفا مع الهمزة (في قوله عليه السّلام : يدخل) وفي باب الزيادات بلا همزة.

(٦) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب الإحرام الرواية ٢ وفي النسخة المطبوعة أبا عبد الله (عليه السّلام) بدل أبا جعفر (عليه السّلام).

(٧) نقل صدرها في الوسائل في الباب ٥٠ من أبواب الإحرام الرواية ٣ وذيلها في الباب ٥١ من تلك

١٦٠