مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٦

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا الاستثناء ، فيدل بعض هذه الاخبار على استثناء المريض ، لعلة التضرّر بالإحرام ، ضررا لا يتحمّل مثله ، لعدم لبس المخيط.

والظاهر أنّه يأتي على ما يقدر تقدم خ عليه من النيّة ، والتلبية ، وغيرهما ، من لبس غير المخيط ، وقلعه مهما أمكن ولعلّه على ذلك ـ أو على غير المتضرر ـ يحمل ما في رواية رفاعة ، من عدم جواز دخول المريض ، الّا محرما (١) ويحمل غيرها على غير القادر ، أو ترك ما لا يقدر.

وحمل الشيخ رواية رفاعة على الأفضل والاولى.

ويمكن حملها على الإحرام عنه أيضا كما يدل عليه قوله : وقال : ويحرمون عنه (٢) والأولى الإتيان بما أمكن ، والتولية في غيره ، ويدل عليه ويحرمون عنه في الرواية السابقة.

ومرسلة جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام في مريض أغمي عليه فلم يعقل حتى اتى الموقف؟ فقال : يحرم عنه رجل.

يحتمل التبرع ، والاستيجار ، لو كان له ولي أو أحد المؤمنين (٣).

وصحيحة رفاعة المتقدمة تدل على استثناء الحطّابين ، والذين يجتلبون الأشياء من الخارج إلى مكة ، من الحنطة والشعير وغيرهما من الأطعمة والأشربة والفواكه.

ولا يبعد تعميمها لكلّ متكرّر يصعب منه الإحرام ، للاشتراك في المعنى المفهوم ، كما هو المذكور في كلام الأصحاب ، ويحتمل عدم التعدي عن موضع النص

__________________

الأبواب الرواية ٢.

(١) تقدمت آنفا.

(٢) كما في رواية رفاعة.

(٣) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب المواقيت الرواية ٤.

١٦١

الّا من دخلها بعد الإحرام قبل شهر

______________________________________________________

وأمّا استثناء من خرج ودخل قبل مضى شهر من أوّل الإحلال على الظاهر ـ لانه لو بقي محرما مدّة ثم خرج ، له الدخول بذلك الإحرام على الظاهر ، فتأمل ـ فللروايات مثل مرسلة حفص بن البختري وابان بن عثمان عن رجل عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرّجل يخرج في الحاجة من الحرم ، قال : ان رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير إحرام وان دخل في غيره دخل بإحرام (١).

وحسنة حماد بن عيسى عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من دخل مكة متمتعا في أشهر الحج لم يكن له ان يخرج حتى يقضى الحج فان عرضت له حاجة الى عسفان أو الى الطائف أو الى ذات عرق خرج محرما ودخل ملبيّا بالحج فلا يزال على إحرامه فإن رجع الى مكة رجع محرما ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس الى منى (على إحرامه وان شاء كان وجهه ذلك الى منى ـ كا) قلت : فان جهل وخرج الى المدينة أو الى نحوها بغير إحرام ثم رجع في ابّان الحج في أشهر الحج يريد الحج أيدخلها (فيدخلها خ ل) محرما أو بغير إحرام؟ فقال : ان رجع في شهره دخل بغير إحرام وان دخل في غير الشهر دخل محرما قلت : فأي الإحرامين والمتعتين متعة؟ ، الأولى ، أو الأخيرة؟ ، قال : الأخيرة هي عمرته وهي المحتبس بها التي وصلت بحجته قلت : فما فرق بين المفردة وبين عمرة المتعة إذا دخل في أشهر الحج؟ قال : أحرم بالعمرة وهو ينوي العمرة ثم أحلّ منها ولم يكن (وليس خ ل) عليه دم ولم يكن محتبسا بها لأنّه لا يكون ينوى الحج (٢).

وصحيحة إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المتمتع يجي‌ء فيقضي متعته ثم تبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة أو الى ذات عرق أو الى

__________________

(١) الوسائل الباب ٥١ من أبواب الإحرام الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٦.

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بعض المعادن؟ قال : يرجع الى مكة بعمرة ان كان في غير الشهر الذي يتمتع (تمتع خ ل) فيه لأنّ لكلّ شهر عمرة ، وهو مرتهن بالحج قلت : فإنّه دخل في الشهر الذي خرج فيه قال : كان ابى عليه السّلام مجاورا هيهنا فخرج يتلقى (ملتقيا خ ل) بعض هؤلاء فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم عن ذات عرق بالحج ودخل وهو محرم بالحج (١).

وحمل الشيخ هذه على الأفضل ، ويحتمل كونه بعد شهر ، لاحتمال كون مجاورته (عليه السّلام) أكثر من شهر ، وان كان خلاف الظاهر ، فتأمل ، فلا ينافي ما سبق.

كما حمل صحيحة جميل بن دراج (الثقة) ـ عن ابى عبد الله عليه السّلام في الرجل يخرج الى جدة في الحاجة فقال : يدخل مكة بغير إحرام ـ (٢) على من (٣) خرج من مكة وعاد في الشهر الذي خرج فيه لما تقدم من الأخبار.

ثم اعلم أنّ ظاهر الأصحاب ، وبعض الاخبار المتقدمة ، عدم جواز الخروج للمتمتع بعد العمرة قبل قضاء الحج من مكة بعد شهر حيث يحتاج الى تجديد الإحرام ، إلا مع الحاجة ، فيخرج محرما للحج ، فيمضي الى عرفات ، إذا ضاق الوقت عن دخول مكة.

كما يدل عليه حسنة حفص بن البختري (الثقة) عن ابى عبد الله عليه السّلام في رجل قضى متعته وعرضت له حاجة أراد أن يمضي إليها قال : فقال : فليغتسل للإحرام وليهلّ بالحج وليمض في حاجته فان لم يقدر على الرجوع الى مكة ،

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٨.

(٢) الوسائل الباب ٥١ من أبواب الإحرام الرواية ٣.

(٣) قوله قده : على من خرج آه متعلق بقوله : كما حمل ، وليس من تتمة الرواية.

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مضى الى عرفات.

وان دخل مكة دخل ملبيا بالحج ، ولم يقرب البيت ، ويمضى مع الناس الى عرفات (١) كما دلت عليه حسنة حمّاد المتقدمة ، (٢).

وان خرج من غير إحرام ، فإن دخل قبل مضى الشهر دخل بغير إحرام ، وان دخل بعد شهر يحرم بالعمرة المتمتع بها ، وهذه الأخيرة هي متعته ، كما دلت عليه الحسنة المتقدمة.

وحسنة الحلبي ـ قال سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن الرجل يتمتع بالعمرة إلى الحج يريد الخروج إلى الطائف؟ قال : يهل بالحج من مكة وما أحب ان يخرج منها الّا محرما ولا يتجاوز الطائف انها قريبة من مكة ـ (٣).

تدل على جواز الخروج من غير إحرام فيكون إحراما (إحرامه خ ل) مستحبا ، فلا يكون خروجه بغير إحرام حراما ، بل مكروها. وعليها تحمل الأخبار الدالة على عدم جواز الخروج الّا محرما ، وكأنّه إليه أشار في التهذيب ، بقوله : ولا ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج ، ان يخرج من مكة قبل ان يقضى مناسكه ، إلّا لضرورة ، فإن اضطرّ الى الخروج ، خرج الى حيث لا يفوته الحج ، ويخرج محرما بالحج ، فإن أمكنه الرجوع الى مكة ، والّا مضى الى عرفات ، وان خرج بغير إحرام ، ثم عاد ، فان كان عوده في الشهر الذي خرج فيه ، لا يضرّه ان يدخل مكة بغير إحرام ، وان كان دخل في غير الشهر الذي خرج فيه ، دخلها محرما بالعمرة الى

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٤.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٦.

(٣) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٧.

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الحج ، وتكون عمرته الأخيرة ، هي التي يتمتع بها الى الحج (١).

ويمكن حملها على الاستحباب قبل الشهر ، فتأمل ، لكن القول بالاستحباب غير ظاهر.

وانّ هذه تدل كغيرها على ان ميقات حج التمتع هو نفس مكة ، وانّ في بعض الأخبار المتقدمة ، إشارة إلى اشتراط شهر بين إحرامين ، وسيجي‌ء تحقيقه.

والظاهر ان أوّله من الإحلال ، وانه هلالي ، إذا اتفق ، وثلاثون يوما ان لم يتفق ويحتمل إتمام الشهر كما قيل في أمثاله.

ولعلّ المراد ـ بالشهر الذي يحرم فيه الخروج ، أو يكره للمتمتع ـ هو ذلك ، أيضا.

وان تحريم الدخول الّا محرما المراد به دخول مكة ، كما هو المصرح في بعض الاخبار (٢) وكلام الأصحاب ، وإن كان في بعضها الحرم ، والمراد به مع ارادة دخولها ، إذ الظاهر أنّه لو أراد دخول الحرم فقط ، والرجوع لا يجب عليه الإحرام.

وأنّه عام بالنسبة الى من يريد نسكا ، أم لا.

وأنّه على تقدير عدم نسك عليه ، يلزمه إتمام العمرة ، لأنّه صار محرما ، فلا بد للإحلال من أفعال العمرة ، ثم يحلّ باحلالها ، ولأنّه إذا أحرم ، لا بدّ ان يحرم ، امّا بالحج ، أو بالعمرة ، إذ لا إحرام لغيرهما ، الّا أنّه لو كان عليه أحدهما ينوي ذلك ، ويفعله ، وذلك يكفى ، والّا فلا بد من العمرة.

وأيضا أنّ ظاهر هما (٣) وجوبه ، على كل من خرج من مكة إلى خارجها ،

__________________

(١) انتهى عبارة التهذيب.

(٢) الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أقسام الحج الرواية ٦.

(٣) اى الاخبار وكذا كلام الأصحاب.

١٦٥

والمتكرّر.

______________________________________________________

بحيث يصدق عليه أنّه خارج ، ويريد دخولها ، سواء كان من أهله ، أم لا ، الّا من استثنى.

ولعل المتردّد الى ضياعه وبساتينه وأرضه ، إذا صار بحيث يصدق عليه التكرّر ، داخل في الاستثناء ، في عباراتهم ، وصرّح في المنتهى بصاحب الضيعة والاخبار خالية عنه ، الّا ان يفهم من الحطّابين والمجتلبة (١) بالاعتبار ، فتأمل.

وانه يحتمل ان يكون مخصوصا بمن يخرج الى ميقات ، أو الى خارج الحرم ، ويكون المراد بدخول مكة دخولها من خارج الحرم ، للأصل ، مع نص صريح (٢) في ذلك ، واحتمال ارادة ذلك.

ولان غير ذلك تكليف شاقّ منفي بالعقل والنقل.

ولان المتعارف خروج من فيها عنها ، ودخولها ، مع عدم الإحرام ، ولعل كان كذلك في زمانهم (عليهم السّلام) الى الآن ، وما منع من ذلك أحد.

ولانّ الظاهر انّ الإحرام لا بدّ ان يقع من ميقات عيّنه الشارع ، وهو منحصر في المذكورات ، وليس موضع هذا الإحرام مذكورا فيها.

ولانّ ميقات إحرام العمرة ، أمّا أدنى الحلّ ، أو أحد المواقيت ، الظاهر ان ذلك بالإجماع ، والنص ، ولو لزم لغير الواصل إلى أدنى الحلّ وخارج الحرم إحرام دون ذلك ، لزم خلافهما (٣).

ويؤيده ، رواية وردان عن ابى الحسن الأوّل عليه السّلام قال : من كان من مكة على مسيرة عشرة أميال لم يدخلها إلّا بإحرام ، فتأمل (٤).

__________________

(١) الوسائل الباب ٥١ من أبواب الإحرام الرواية ٢.

(٢) لاحظ الوسائل الباب ٥١ من أبواب الإحرام.

(٣) أي خلاف النص والإجماع.

(٤) الوسائل الباب ٥٠ من أبواب الإحرام الرواية ٥.

١٦٦

فلو أحرم قبلها لم يصحّ الّا للنّاذر.

ومن يعتمر في رجب ، إذا خاف خروجه قبل الوصول.

______________________________________________________

قوله : «فلو أحرم قبلها إلخ» قد علم من قبل ، عدم صحة إحرام من أحرم قبل الميقات ، وأنّه لا بدّ من تجديده ، والظاهر عدم الخلاف فيه ، والاخبار على ذلك كثيرة ، مثل صحيحة الفضيل بن يسار (الثقة) المتقدمة وغيرهما (١).

وقد استثنى عنه ناذر الإحرام قبل الميقات ، فيصحّ قبله ، وينعقد.

وكذا من يعتمر في رجب لخوفه أن ينقضي رجب قبل وصول الميقات ، فيحرم قبله ، ويصحّ ، ويكتفى به من غير تجديد ، وينبغي كون ذلك عند الضيق ، في آخر رجب ، وقريبا من الميقات.

وكلام الأصحاب ، بل ظاهر دليله أيضا ، عام.

أمّا الاستثناء الثاني فالظاهر أنه لا خلاف فيه ، ويدلّ عليه من الأخبار حسنة معاوية بن عمّار (في الكافي وهي صحيحة في التهذيب) قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام ، يقول : ليس ينبغي (لأحد خ) ان يحرم دون المواقيت (الوقت خ ل) الّتي (الذي خ ل) وقّتها (وقته خ ل) رسول الله صلّى الله عليه وآله الّا ان يخاف فوت الشهر في العمرة (٢).

لعل المراد ب (ينبغي) يجوز وب (الشهر) الرّجب ، كغيرها من الاخبار والإجماع وصحيحة إسحاق بن عمار عن ابى الحسن عليه السّلام ، قال : سألته عن الرّجل يجي‌ء معتمرا ينوي عمرة رجب ، فيدخل عليه هلال (الهلال خ ل) شعبان قبل ان يبلغ الوقت (العقيق خ ل) أيحرم قبل الوقت ، ويجعلها لرجب ، أو يؤخر الإحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال : يحرم قبل الوقت لرجب فانّ لرجب

__________________

(١) الوسائل الباب ٩ من أبواب المواقيت ، فلا حظ.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب المواقيت الرواية ١ ووجه كونها حسنة كون إبراهيم في طريقها.

١٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فضلا (فيكون لرجب فضلا كا) وهو الّذي نوى (١).

وإسحاق ثقة ومقبول القول ، وان قيل انّه فطحي ، ويؤيّده الأصل والشهرة (وغيرهما خ).

وامّا الأوّل ففيه اشكال لثبوت مشروعيّة المنذور (٢) قبل تعلق النذر ، وثبوت تحريم الإحرام قبل الوقت بالنص (٣) والإجماع ولكن ذهب إليه أكثر الأصحاب ، ونقل المنع عن ابن إدريس ، ونقله عن السّيد وغيره أيضا ، لعلّه لما قلناه.

وحجّة الأكثر صحيحة الحلبي (على ئل) (المذكور في الاستبصار) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام ، عن رجل جعل لله عليه شكرا ان يحرم من الكوفة ، قال : فليحرم من الكوفة ، وليف لله بما قال (٤).

وقريب منها رواية أبي بصير عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سمعته يقول : لو أنّ عبدا أنعم الله عليه نعمة ، أو ابتلاه ببليّة ، فعافاه من تلك البليّة ، فجعل على نفسه ان يحرم من خراسان (بخراسان خ ل) كان عليه ان يتم (٥).

ومكاتبة علي بن أبي حمزة ، قال : كتبت الى ابى عبد الله عليه السّلام ، اسأله عن رجل جعل لله عليه ان يحرم من الكوفة؟ قال : يحرم من الكوفة (٦).

__________________

(١) الوسائل الباب ١٢ من أبواب المواقيت الرواية ٢.

(٢) المراد أنّ هنا أمرين ثابتين بالنص والإجماع ، أحدهما اشتراط مشروعيّة المنذور قبل تعلق النذر به ثانيهما تحريم الإحرام قبل الميقات.

(٣) راجع الوسائل الباب ٩ من أبواب المواقيت.

(٤) الوسائل الباب ١٣ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٥) الوسائل الباب ١٣ من أبواب المواقيت الرواية ٣.

(٦) الوسائل الباب ١٣ من أبواب المواقيت الرواية ٢.

١٦٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والعجب عن المصنف ره أنه اختار في المختلف مذهب ابن إدريس ، مستدلا بعموم ما يدل على منع الإحرام قبل الميقات وبما قلناه ، وأجاب عن الأخبار بضعف السّند لعلي بن أبي حمزة.

كأنّه فهم أنّه البطائني الضعيف الواقفي ، على أنّه يحتمل أنه الثمالي الثقة ، نعم أنه مشترك.

ولوجود سماعة الواقفي الذي في رواية أبي بصير ، مع أنّه مشترك ، وكذا عبد الكريم الواقع فيها (١).

ونقل صحيحة الحلبي المتقدمة عن علي بن أبي حمزة ، مع أنها عن الحلبي على ما رأيته في الاستبصار ، وفي التهذيب بطريق صحيح (٢) يعني أسناد الاستبصار عن علي.

لعلّه فهم أنّه ابن أبي حمزة ، ويحتمل كونه علي بن شعبة الحلبي ، ليوافق الإستبصار ، فإنّه بعينه مذكور فيه متنا وسندا.

ولو كان المراد به ابن أبي حمزة أيضا لم يصر الخبر ضعيفا ، لأنّه منقول في الاستبصار بطريق صحيح عن الحلبي ، لا عنه ، ولا ينبغي تركها ، ونقل الضعيف والرد ، وهو ظاهر.

وأنّه قال في المنتهى بعد كلام الطرفين : وبالجملة ، فالكلام ضعيف من

__________________

(١) سند الحديث كما في التهذيب هكذا : محمد بن الحسن الصّفار عن محمد بن الحسين عن احمد بن محمد بن ابى نصر عن عبد الكريم عن سماعه عن ابى بصير.

(٢) سند الحديث كما في التهذيب هكذا : الحسين بن سعيد عن حماد عن علي ، وفي الاستبصار هكذا : الحسين بن سعيد عن حماد عن الحلبي ، ويريد الشارح قدس سره أنّ عليّا المذكور في التهذيب هو الحلبي المذكور في الاستبصار ولعل العلامة قدس سره فهم أنّه علي بن أبي حمزة مع احتمال كونه علي بن أبي شعبة الحلبي ليوافق الاستبصار.

١٦٩

ولا يكفى مرور المحرم قبلها عليها ، بل يجب تجديده عندها ، فان تعذّر خرج الى الحلّ ، فان تعذّر أحرم من موضعه.

______________________________________________________

الجانبين ، فنحن في هذا من المتوقفين والأقرب ما ذهب اليه الشيخان عملا برواية الحلبي فإنّها صحيحة (١).

وهذا صريح (٢) في أنّ ما في المختلف غلط من الناسخ ، مع أنّه لا يخلو من تدافع مّا ، وهو أعلم.

واعلم انّ جواب عموم أدلة المنع (٣) هو التخصيص بالأخبار الخاصّة (٤) سيّما صحيحة الحلبي المؤيّدة برواية أبي بصير ، ومكاتبة علي بن أبي حمزة ، وبعموم أدلّة انعقاد النذر (٥).

وكذا تخصيص تلك القاعدة بها بأنّ المنذور المحرم قبل النذر لا ينعقد ، وأنّ نذره حرام ، ولا استبعاد بعد ورود النّص ، بأن هذا الفعل حرام عليك بدون النذر ، وأنّه يجب معه في مادّة مخصوصة (خاصة خ ل) لخصوصية ما نعلمها.

وأنّ الظاهر عدم الفرق بين النذر وأخويه ، وبين الكوفة وغيرها ، مع احتمال التخصيص بهما اختصارا على موضع النّص (٦) فيما هو خلاف القوانين ، فتأمّل.

قوله : «ولا يكفى مرور المحرم إلخ». أي لا يكفي في الإحرام الصحيح ،

__________________

(١) انتهى كلام المنتهى.

(٢) يعنى نسبته العمل في قوله : (عملا برواية الحلبي) صريحة في أنّ ما في المختلف من نسبته الحديث الى علي بن أبي حمزة غلط من الناسخ.

(٣) اى المنع من الإحرام قبل الوقت ، ومن نذر شيئا لا يجوز فعله قبل النذر.

(٤) راجع الوسائل الباب ١٣ من أبواب المواقيت.

(٥) راجع الوسائل الباب ١ من أبواب كتاب النذر والعهد.

(٦) لا يخفى ان النص ورد في الإحرام بخراسان أيضا ، كما تقدم في رواية أبي بصير آنفا.

١٧٠

وكذا الناسي ، وغير القاصد للنسك.

والمتمتع المقيم بمكة.

ولو أخره عامدا وجب الرجوع ، فان تعذّر بطل.

______________________________________________________

الإحرام الذي حصل قبل المواقيت ، مع المرور على المواقيت ، بل يجب تجديده عند المواقيت ، اى عند أخذها ، وهو ظاهر ، بعد ما تقدم ، إحرام الناذر قبل الميقات وخائف (١) نقص (بعض خ ل) رجب ، فان تجاوز عنه من غير تجديد ، يجب عليه الرجوع إليه ، فإن تعذر للخوف ونحوه ، أحرم من موضعه ، وان دخل الحرم وتعذر الرجوع خرج الى أدنى الحلّ ، وأحرم منه ، وجدّد هناك ، فان تعذر أحرم وجدد من موضعه ، وقد مرّ الرجوع مهما أمكن.

وكذا الناسي للإحرام من الميقات وغير القاصد للعمرة والحج ، يجب عليه الإحرام منه ، فان تعدّاه من غير إنشاء الإحرام منه يجب الرجوع إليه ، إلى آخر ما تقدم.

وكذا المقيم الذي فرضه التمتع ، يجب الخروج له الى ميقات أهله ، أو ميقات مّا ، على الاحتمالين المتقدمين ، فان تعذر خرج الى أدنى الحل وقد مرّ دليله والبحث عنه.

قوله : «ولو أخره عامدا إلخ». أي لو أخّر من وجب عليه النّسك ، الإحرام من الميقات عمدا عالما ، وجب عليه الرجوع الى الميقات ، ولا يجزيه غيره ، فان تعذر ، فاته النّسك في هذه السنة ، ولا يجزيه الإحرام ، لو أحرم دون الميقات ولو فعل يكون باطلا مع نسكه ، ويكون محلّا ، بخلاف الجاهل بالمسألة ، أو بالميقات ، فإنّه معذور للعقل والنقل.

مثل ما في صحيحة عبد الصّمد بن بشير (الثقة) (المذكور في باب كيفية

__________________

(١) لعل الصحيح ، خائف تقضى الرجب ، كما لا يخفى.

١٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

الإحرام من التهذيب) في حديث (١) عن أبى عبد الله عليه السّلام ، وليس عليك الحج من قابل ، اىّ رجل ركب أمرا بجهالة فليس عليه شي‌ء (٢).

وكذا الناسي ، فإن النسيان غير مقدور ، والقلم مرفوع عنه وتدل على كونهما معذورين ، وصحة إحرامهما ، ولو من موضعهما ، صحيحة عبد الله بن سنان.

(وان كان في طريق التهذيب عبد الرحمن المشترك (٣) الّا أنّ الظاهر منه أنّه الثقة ، مع أنّه صحيح في الكافي ، من غير وجود مشترك ، ويؤيّد الصحّة تصريح المصنف في المنتهى ، بأنّه رواها الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان) عن ابى عبد الله عليه السّلام ، قال : سألته (٤) عن رجل مرّ على الوقت الذي يحرم منه النّاس (٥) فنسي أو جهل فلم يحرم حتى اتى مكة فخاف ان رجع الى الوقت فيفوته (٦) الحج فقال : يخرج من الحرم ويحرم فيجزيه (٧) ذلك (٨).

ومعلوم أنّ المراد على تقدير إمكان الخروج ، وعدم فوت الحج ، والّا يحرم من موضعه.

ويدل عليه أيضا صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن

__________________

(١) الوسائل الباب ٤٥ من أبواب تروك الإحرام الرواية ٣ هذه قطعة من الرواية فراجع.

(٢) فلا شي‌ء عليه ـ يب.

(٣) سند الحديث كما في التهذيب هكذا : (موسى بن القاسم عن عبد الرّحمن عن عبد الله بن سنان) ، وفي الكافي هكذا : (أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن عبد الله بن سنان).

(٤) سألت أبا عبد الله عليه السّلام ـ كا.

(٥) الناس منه ـ كا.

(٦) ان يفوته ـ كا.

(٧) ويجزيه ـ كا.

(٨) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٢.

١٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم؟ فقال : يرجع الى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم وان خشي ان يفوته الحج فليحرم (أحرم خ ل) من مكانه ، فان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج (١).

وقد مر أيضا ما يدل عليه فتذكر ، وهذه أعمّ من العامد وغيره.

وحسنة الحلبي (في الكافي) قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم؟ قال : قال ابى : يخرج الى ميقات أهل أرضه فإن خشي أن يفوته الحج ، أحرم من مكانه ، فان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج ، ثم ليحرم (٢).

ورواية أبي الصباح الكناني (الثقة) ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن رجل جهل ان يحرم حتى دخل الحرم كيف يصنع؟ قال : يخرج من الحرم ثم يهل بالحج (٣).

وأمثالها ـ تدل على عدم وجوب الخروج مهما أمكن ، وقد مر البحث فيه.

وفي بعض الاخبار إشارة الى ذلك (٤).

مثل صحيحة معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السّلام (٥) عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا : ما ندرى أعليك إحرام أم لا وأنت حائض؟ فتركوها حتى دخلت الحرم ، قال : ان كان عليها مهلة فلترجع

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٧.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٣.

(٤) أي وجوب الخروج مهما أمكن.

(٥) وفي النسخ التي عندنا من المطبوعة والمخطوطة ، سألت أبا الحسن عليه السّلام ، وـ لعله سهو من النساخ.

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الى الوقت فلتحرم منه ، وان لم يكن عليها وقت فلترجع الى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها (١).

ويمكن حملها على الاستحباب ، وكونه مخصوصا بها ، والأولى الخروج مهما أمكن ، للجاهل ، والناسي ، ولكن ينبغي تجديده مرّة أخرى ، في أدنى الحلّ ، لأنّه ميقات ، ويحتمل عدم كون ما فوقه (٢) ميقاتا ولهذا ما عدّ منها ، ويحتمل إدخاله في أدنى الحلّ ، بأنّ المراد به الحل مطلقا ، ويكون الأدنى للرخصة ، وأقل المراتب ، فتأمل.

وأمّا تارك الإحرام من الميقات ، فلا خلاف في وجوب الرجوع اليه عليه ، وهو ظاهر ، مع الإمكان ، والسّعة ، وامّا مع الضيق والخوف ، فلا شك في سقوطه عنه أيضا.

واما فوت حج العامد ـ في هذه السنة ، وعدم إجزاء إحرامه إلّا منه ، فلا يصح من ادنى الحل ، ولا من موضعه حينئذ ـ فهو مشكل ، لانه مكلّف بالحج ، فوريا ، فإسقاطه عنه ، بتقصير منه في أمر واجب غير شرط مطلقا ـ مع إمكان التدارك في الجملة ـ مشكل.

ولأنّ تكليفه سنة أخرى إلى العود شاق ، وحرج ، وضيق ، وذلك منفي.

ولان ظاهر صحيحة الحلبي (٣) بعمومها يدل على اجزاء إحرامه من موضعه على تقدير التعذر ، مثل الناسي ، والجاهل ، بل ظاهر (ترك) في العامد ، فتأمل.

وقال المصنف في المنتهى ، مستدلا على بطلان إحرامه ، وحجه : لنا انه

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٤.

(٢) أي الموضع الذي خرج اليه وأحرم منه.

(٣) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٧.

١٧٤

ولو نسي الإحرام أصلا ، وقضى المناسك أجزء على رأى

______________________________________________________

ترك الإحرام من موضعه عامدا متمكنا ، فبطل حجه ، كما لو ترك الوقوف بعرفة.

وهذا قياس غير تام ، فلو لم يكن لهم دليل ، غير هذا ، لوجب القول بالصحة ، وان فعل حراما ، واثم ، ويزول ذلك أيضا بالتوبة.

واعلم انه يفهم من المتن ، الفرق بين ترك تجديد الإحرام في المواقيت عمدا ، وبين ترك الإحرام رأسا في الميقات ، بالصحة في الأوّل ، مع التعذر ، والإحرام من موضعه ، والبطلان في الثاني ، إذا تعذر ، الرجوع إليه ، فتأمل.

قوله : «ولو نسي الإحرام إلخ» أي لو نسي الإحرام بالكلية ، وكذا لو جهل ذلك ، حتى فرغ من جميع أفعال النسك ، صح عند المصنف ، وجماعة ، لبعض ما تقدم (١).

ولمرسلة جميل بن دراج عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما عليهما السّلام في رجل نسي أن يحرم أو جهل وقد شهد المناسك كلّها وطاف وسعى؟ قال : تجزيه نيّته إذا كان قد نوى ذلك ، فقد تمّ حجّه ، وان لم يهل. وقال في مريض أغمي عليه حتى اتى الوقت فقال : يحرم عنه (٢).

الظاهر أن المراد ب (نيته) في الرواية ، قصده الحج بتمام أفعاله ، لا النية المتعارفة ، عندهم في الإحرام ، ولهذا قال في المنتهى : الإحرام ركن من أركان الحجّ ، يبطل بالإخلال به عمدا ، ولو أخل به نسيانا (ناسيا خ ل) حتى أكمل مناسك الحج ، قال في النهاية والمبسوط : يصح الحج إذا كان عازما على فعله (٣) وما قال

__________________

(١) من كون الجاهل معذورا بالعقل والنقل ، ومن أنّه مكلّف بالحج فوريّا فإسقاطه عنه بسبب عذر مقبول عند الشارع من غير شرط وتكليفه بالعود في السنة الأخرى الشاق والحرج المنفي بعيد وضرر ـ كذا في هامش بعض النسخ المخطوطة.

(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٣) انتهى كلام المنتهى.

١٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

إذا نوى الإحرام.

ولقوله (١) : (أو جهل) ولأنّ نيّة الإحرام مشروط صحتها بمقارنة التلبية عندهم ، والمفروض عدمها ، فوجود نيته وعدمه سواء ، ويحتمل نيّة سائر أفعال الحج ، فتأمل ، والله يعلم.

ولعل إرسالها منجبر بالشهرة ، وبعدالة جميل ، وبما تقدم.

ولأنّ الركن في الحج بمعنى أنّ تركه عمدا يضرّ لا نسيانا كالطواف والسعي وغيرهما.

ولصحيحة على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام ، قال : سألته عن رجل نسي الإحرام بالحج ، فذكره وهو بعرفات ، ما حاله؟ قال : يقول : اللهم على كتابك وسنة نبيّك ، فقد تم إحرامه ، فإن جهل ان يحرم يوم التروية بالحج حتّى يرجع (رجع خ ل) الى بلده ، ان كان قضى مناسكه كلّها فقد تم حجه (٢).

وهذه بظاهرها تنافي ما قاله الفقهاء من وجوب الرّجوع الى مكة ، لو ذكر عدم الإحرام في عرفة ، مع الإمكان ومع عدمه وجوبه في مكانه ، الّا ان يحمل على التعذر.

وأيضا ظاهر هم عدم وجوب قول : اللهم إلخ ، فلعلّهم يحملونها عليه ، وهي تدل على اجزاء حج من جهل الإحرام حتى قضى المناسك ، لا من نسي.

وفهم حكم الناسي ـ بالطريق الأولى ، كما ذكره في الدروس ـ غير ظاهر ، ففي دلالتها على حكم النّاسي (تأمّل ظ).

__________________

(١) أي في مرسلة جميل.

(٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب المواقيت الرواية ٨.

١٧٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ولعله لا يضر ، لأنّها مؤيّدة بغيرها ، وإمكان إرادة الجهل بالفعل والنسيان أوّلا (١) وقول : اللهم مستحب ، وبأصل عدم الوجوب حينئذ ، وكون القضاء بأمر جديد ، وليس ، وبأصل عدم توقف باقي الأفعال عليه ، لأنّه ما علم الّا وجوب الإحرام ، لا قضائه ولا بطلان الباقي بتركه ، والأصل عدمه.

قال في المنتهى : وأنكر ابن إدريس ذلك (٢) وأوجب الإعادة (٣) واحتج بقوله عليه السّلام : إنما الأعمال بالنيّات (٤) وهذا عمل بلا نيّة ، فلا ترجع عن الأدلّة ، بأخبار الآحاد ، وهذا أغرب الاستدلالات ، الى قوله : والظاهر أنّه قد وهم في ذلك ، لأنّ الشيخ اجتزأ بالنيّة عن الفعل (٥) فتوهم (٦) أنّه اجتزأ بالفعل بغير نيّة ،

__________________

(١) الظاهر أنّ مراده قدس سرّه ، انّ قوله عليه السّلام : (فان جهل ان يحرم إلخ) محمول على الجهل الفعلي بعد رجوعه الى بلده مع أنه قد نسي الإحرام أو لا يوم التروية. وقوله قدس سره : (اللهم مستحب) جواب عن سؤال مقدّر ، وهو أنّه عليه السّلام كيف أمر بقول : (اللهم على كتابك وسنّة نبيك) مع أنّه تذكر في أثناء العمل ، ولم يأمره بشي‌ء بعد تمام العمل ورجوعه الى بلده؟ والجواب أنّ ذلك القول في عرفات محمول على الاستحباب.

(٢) اى كون حج قاضى النسك مع نسيان الإحرام صحيحا.

(٣) عبارة المنتهى هكذا : مسألة الإحرام ركن من أركان الحج ، يبطل بالإخلال به عمدا ، ولو أخل به ناسيا حتى كمل مناسك الحج قال الشيخ في النهاية والمبسوط : يصح الحج إذا كان عازما على فعله ، وأنكر ذلك ابن إدريس وأوجب الإعادة ، والصحيح الأوّل. ثم استدل بتنزيله بنسيان الطواف أو السعي ، وبحديث الرفع ، وبصحيحة علي بن جعفر ، ومرسلة جميل بن دراج ، ثم قال : احتج ابن إدريس ب (إنّما الأعمال بالنيات) وهذا عمل بلا نيّة فلا يرجع عن الأدلة بالأخبار الآحاد. وهذا من أغرب الاستدلالات واعجبها ، ولا يوجبه البتة ، والظاهر أنّه قد وهم في ذلك ، وأنّ الشيخ اجتزأ بالنيّة عن الفعل بغير نيّة وهذا الغلط من باب إيهام العكس انتهى ص ٦٨٤.

(٤) الوسائل الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات الرواية ٦.

(٥) انتهى كلام المنتهى ، وقوله ره ولعله حمل ، يعنى ولعل صاحب المنتهى حمل قول الشيخ إلخ.

(٦) هذا بيان لقوله في المنتهى : وهذا الغلط من باب إيهام الغلط.

١٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ولعله (١) حمل قول الشيخ ره (عازما على فعله) على نيّة الإحرام ، وترك التلبية نسيانا ، وقد عرفت بعده ، مما تقدم.

ولأنّ الأدلّة أعم من ذلك حيث تفيد عدم الإعادة (كما عرفت) مع نسيان النيّة ، وجهلها ، أيضا ، ولهذا فرض المسألة في نسيانه ، وجهله ، مطلقا ، وأصلا لا نسيان التلبية ، ونحوها ، وعدم نسيان النيّة.

ولعله ذكر ذلك ، لغاية ما يمكن من التوجيه ، لكلام ابن إدريس ، لا أنّ المسألة مخصوصة بهذه الصورة فتأمل.

ولعل مقصود ابن إدريس أنّه لا شك أنّه فعل من الإحرام شيئا ، مثل لبس غير المخيط ، وحلقه ، واجتنب محارم الإحرام ، وقد فعل كل ذلك من غير قصد الإحرام ونيّته ، مع أنّها أعمال تحتاج إلى النيّة ، فكأنّه فعل الإحرام بلا نيّة ، لأنّه عبارة عن هذه.

أو أنّه حمل المسألة على أنّه لبّى أيضا مع ذلك ، ونسي نيّته.

وهذا أبعد ، لأنّ حقيقة الإحرام هو التلبية ، كما سيظهر وما سواها تروك ، لا يحتاج إلى النيّة.

وعلى تقدير احتياجه إلى النيّة ، واشتراط صحته بها يلزم بطلان الإحرام بسبب نسيان جزئه أو شرطه ، وقد قام الدليل ، على أن ترك ركن من أركان الحج نسيانا أو جهلا لا يضرّ به ، وقد تقدمت فتأمل.

واعلم ، أنّه يفهم من المتن عدم الخلاف في الصحة ، إذا نسي الإحرام ، وذكر قبل الموقفين ، فإنّه يحرم ، ولو بعرفات مع التعذر ، ويصح نسكه ، والخلاف فيما

__________________

(١) الظاهر أنّه اعتراض على ما في المنتهى ، وقوله قدس سرّه (وقد عرفت بعده مما تقدم) أي في أوائل المسألة : (والظاهر أنّ المراد بنيته في الرواية إلخ).

١٧٨

والمواقيت : ستة لأهل العراق ، العقيق ، وأفضله المسلخ ، وأوسطه غمرة ، وآخره ذات عرق ، ولأهل المدينة اختيارا مسجد الشّجرة ، واضطرارا الجحفة ، وهي ميقات أهل الشام ، ولأهل اليمن يلملم ، ولأهل الطائف قرن المنازل ، ومن كان منزله أقرب فمنزله ، وهذه مواقيت لأهلها وللمجتاز عليها.

______________________________________________________

إذا نسيه ، ولم يذكره حتى قضى المناسك والأكثر على الصحة ، وابن إدريس على البطلان كما مرّ.

قوله : «والمواقيت ستة إلخ» الظاهر أنّ معرفة الميقات اى المحل الذي يجب الإحرام منه للنسك واجبة على الناسك ليتمكن من الإحرام منه ، كما أمر.

والظاهر أنّها تحصل بالشياع المفيد للظن أيضا ، ويدل عليه صحيحة معاوية بن عمار (١) عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس والأعراب عن ذلك ، فتأمل.

ولا شك في ثبوت المواقيت الستة ، ويدل عليها روايات كثيرة ، مع عدم الخلاف بين العامة والخاصة.

مثل صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلام قال : من تمام الحج والعمرة ان تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله صلّى الله عليه وآله لا تجاوزها الّا وأنت محرم فإنّه وقت لأهل العراق ولم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق ووقت لأهل اليمن يلملم ووقت لأهل الطائف قرن المنازل ووقت لأهل المغرب الجحفة وهي المهيعة ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة ومن كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكة فوقته منزله (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ٥ من أبواب المواقيت الرواية ١.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب المواقيت الرواية ٢.

١٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وحسنة الحلبي قال : قال أبو عبد الله عليه السّلام : الإحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلّى الله عليه وآله لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر ان يحرم قبلها ولا بعدها وقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة يصلى فيه ويفرض (فيه كا) الحج ووقّت لأهل الشام الجحفة ووقّت لأهل نجد العقيق ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ووقّت لأهل اليمن يلملم ولا ينبغي لأحد ان يرغب عن مواقيت رسول الله صلّى الله عليه وآله (١).

قال في المنتهى : والاخبار في ذلك كثيرة.

واعلم أنّ (ينبغي) هنا بمعنى يجوز ، لما سبق ، وان كونها خمسة باعتبار حذف دويرة الأهل ، اكتفاء بما سبق ، ولأنّه ليس بميقات معين ، وانه ترك ميقات حج التمتع ، وهو مكة ، لوجوده في اخبار كثيرة ، وقد سبق البعض ، وترك أيضا لذلك ميقات العمرة المفردة ، وهو ادنى الحلّ.

وسيجي‌ء ان بطن العقيق والعقيق واحد.

وان الجحفة ميقات أهل الشام ، وأنهم أهل غرب في الجملة ، أو أنهم كانوا يحجون على ذلك الطريق.

وان ذا الحليفة هو مسجد الشجرة ، كما فسرت في الرواية.

وقال في الدروس فلأهل المدينة ذو الحليفة وأفضله مسجد الشجرة.

وأنّ المهيعة ، بسكون الهاء وفتح الياء ، وقرن بفتح القاف وسكون الراء ، قاله في المنتهى ، ثم قال : وقال صاحب الصحاح : قرن بفتح الراء ميقات أهل نجد ، واحتج بأنّ أويسا القرني منسوب إليه (٢).

__________________

(١) الوسائل الباب ١ من أبواب المواقيت الرواية ٣.

(٢) انتهى ما في الدروس.

١٨٠