بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

العبد ، تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل ، مع ما فيه من إخراج الاموال وتعب الابدان والاشتغال عن الاهل والولد ، وحظر الانفس عن اللذات ، شاخصا في الحر والبرد ، ثابتا ذلك عليه دائما ، مع الخضوع والاستكانة والتذلل ، مع مافي ذلك لجميع الخلق من المنافع في شرق الارض وغربها ومن في البر والبحر ممن بحج وممن لا يحج من بين تاجر وجالب وبائع ومشتر وكاسب ومسكين ومكار وفقير ، وقضاء حوائج أهل الاطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الائمة عليهم‌السلام إلى كل صقع وناحية كما قال الله عزوجل : « فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون وليشهدوا منافع لهم » (١).

فان قال : فلم أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك؟ قيل : لان الله عزوجل وضع الفرائض على أدنى القوم قوة كما قال عزوجل « فما استيسر من الهدى » (٢) يعني شاة ليسع له القوي والضعيف ، وكذلك ساير الفرايض إنما وضعت على أدنى القوم قوة ، وكان من تلك الفرائض الحج المفروض واحدا ، ثم رغب بعد أهل القوة بقد ر طاقتهم.

فإن قال : فلم أمروا بالتمتع إلى الحج ، قيل : ذلك تخفيف من ربكم ورحمة لان يسلم الناس من إحرامهم ولا يطول ذلك عليهم ، فيدخل عليهم الفساد ولان يكون الحج والعمرة واجبين جميعا فلا تعطل العمرة ولا تبطل ، ولان يكون الحج مفردا من العمرة ويكون بينهما فصل وتميز.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، ولو لا أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان ساق الهدي ولم يكن له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله لفعل كما أمر الناس ولذلك قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتهم ولكني سقت الهدي وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله ، فقام إليه رجل فقال :

__________________

(١) سورة التوبة ، الاية : ١٢٢.

(٢) سورة البقرة ، الاية : ١٩٦.

٤١

يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نخرج حجاجا ورؤوسنا تقطر من ماء الجنابة « فقال : إنك لن تؤمن بها أبدا.

فان قال قائل : فلم جعل وقتها عشر ذي الحجة؟ قيل : لان الله تعالى أحب أن يعبد بهذه العباد في أيام التشريق ، فكان أول ما حجت إليه الملائكة وطافت به في هذا الوقت فجعله سنة ووقتا إلى يوم القيامة ، فاما النبيون آدم ونوح و إبراهيم وعيسى وموسى ومحمد صلوات الله عليهم وغيرهم من الانبياء إنما حجوا في هذا الوقت فجعلت سنة في أولادهم إلى يوم القيامة ، فإن قال : فلم امروا بالاحرام؟ قيل : لان يخشعوا قبل دخول حرم الله عزوجل وأمنه ، ولئلا يلهوا ويشتغلوا بشئ من أمر الدنيا وزينتها ولذاتها ، ويكونوا جادين فيما فيه قاصدين نحوه مقبلين عليه بكليتهم ، مع ما فيه من التعظيم لله عزوجل ولنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله والتذلل لانفسهم عند قصدهم إلى الله عزوجل ووفادتهم إليه ، راجين ثوابه ، راهبين من عقابه ، ماضين نحوه ، مقبلين إليه بالذل والاستكانة والخضوع لله عزوجل (١).

أقول : في كتاب العلل بعد قوله « ويكون بينهما فصل وتميز » هكذا : وأن لايكون الطواف بالبيت محظورا لان المحرم إذا طاف بالبيت قد أحل إلا لعلة فلولا التمتع لم يكن للحاج أن يطوف لانه إن طاف أحل وفسد إحرامه يخرج منه قبل أداء الحج ، ولان يجب على الناس الهدى والكفارة فيذبحون وينحرون و يتقربون إلى الله جل جلاله فلا تبطل هراقة الدماء والصدقة على المسكين ، فان قيل فلم جعل وقتها عشر ذي الحجة ولم يقدم ولم يؤخر وساق الحديث إلى آخره قريبا مما مر (٢).

٢٥ ـ ص : بهذا الاسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما أفاض آدم عليه‌السلام من عرفات تلقته الملائكة فقالوا له : بر حجك يا آدم أما إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا (ع) ج ٢ ص ١٩؟؟ ١٢١.

(٢) علل الشرائع ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤.

٤٢

٢٦ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق باسناده ، عن إبراهيم بن محرز ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن آدم عليه‌السلام نزل بالهند فبنى الله تعالى له البيت وأمره أن يأتيه فيطوف به اسبوعا فيأتي منى وعرفات ويقضي مناسكه كما أمر الله ثم خطا من الهند فكان موضع قدميه حيث خطا عمران ومابين القدم والقدم صحار ليس فيها شئ ، ثم جاء إلى البيت فطاف به اسبوعا وقضى مناسكه فقضاها كما أمره الله فتقبل الله منه توبته وغفرله. فقال آدم صلوات الله عليه : يارب ولذريتي من بعد فقال : نعم من آمن بي وبرسلي.

٢٧ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى عن ابن محبوب ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن القاسم بن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أتى آدم هذا البيت ألف أتية على قدمين ، منها سبع مائة حجة وثلاث مائة عمرة.

٢٨ ـ ص : محمد بن عيسى ورواه لي عن العباس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : حرم الله المسجد لعلة الكعبة ، وحرم الحرم لعلة المسجد وجب الاحرام لعلة الحرم.

٢٩ ـ سن : أبي ، عن البزنطي ، عن عبدالكريم الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : لم جعل استلام الحجر؟ فقال : إن الله حيث أخذ ميثاق بني آدم دعا الحجر من الجنة فأمره بالتقام الميثاق فالتقمة ، فهو يشهد لمن وافاه بالحق ، قلت : فلم جعل السعي بين الصفا والمروة ، قال : لان إبليس تراءى لابراهيم عليه‌السلام في الوادي فسعى إبراهيم من عنده كراهة أن يكلمه وكانت منازل الشيطان ، قلت : فلم جعل التلبية؟ قال : لان الله قال لابراهيم : « وأذن في الناس بالحج » (١) فصعد إبراهيم على تل فنادى وأسمع فأجيب من كل وجه ، قلت : فلم سميت التروية تروية؟ قال : لانه لم يكن بعرفات ماء وإنما كانوا يحملون الماء من مكة فكان ينادي بعضهم ترويتم؟ فسمي يوم التروية (٢).

__________________

(١) سورة الحج ، الاية : ٢٧.

(٢) المحاسن ص ٣٣٠.

٤٣

٣٠ ـ سر : البزنطي مثله (١).

٣١ ـ سن : محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عبدالكريم ابن عمرو ، عن عبدالحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الله اصطفى آدم ونوحا وهبطت حواء على المروة ، وإنما سميت المروة لان المرأة هبطت عليها ، فقطع للجبل اسم من اسم المرأة ، وسمي النساء لانه لم يكن لادم إنس غير حواء ، وسمي المعرف لان آدم اعترف عليه بذنبه ، وسميت جمع ، لان آدم عليه‌السلام جمع بين الصلاتين المغرب والعشاء ، وسمي الابطح لان آدم عليه بالسلام أمر أن ينبطح في بطحاء جمع فانبطح حتى انفجر الصبح ، ثم امر أن يصعد جبل جمع وامرإذا طلعت عليه الشمس أن يعترف بذنبه ففعل ذلك آدم عليه‌السلام وانما جعله اعترافا لكيون سنة في ولده ، فقرب قربانا وأرسل الله تبارك وتعالى نارا من السماء فقبضت قربان آدم عليه‌السلام (٢).

٣٢ ـ سن : عن فضالة وصفوان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سميت التروية لان جبرئيل عليه‌السلام أتى إبراهيم عليه‌السلام يوم التروية فقال : يا ابراهيم ارتو من الماء لك ولاهلك ولم يكن بين مكة وعرفات ماء ، ثم مضى به إلى الموقف فقال : اعترف واعرف مناسكك فلذلك سميت عرفة ، ثم قال له : ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة (٣).

٣٣ ـ شى : عن زارة قال : سئل أبوجعفر عليه‌السلام عن البيت أكان يحج إليه قبل يبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : نعم لا يعلمون إن الناس قد كانوا يحجون ونخبركم أن آدم ونوحا وسليمان قد حجوا البيت بالجن والانس والطير ، وقد حجه موسى على جمل أحمر يقول : لبيك لبيك فانه كما قال الله تعالى : « إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين » (٤).

__________________

(١) السرائر لابن ادريس الحلى ص ٤٨٠.

(٢ و ٣) المحاسن ص ٣٣٦.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ١٨٦ والاية في سورة آل عمران : ٩٦.

٤٤

أقول : روى الكراجكى في كنزل الفوائد كثيرا من العلل عن علي بن حاتم القزويني مما أورده في كتاب علل الحج.

٣٤ ـ وقال : روي عن الصادق عليه‌السلام أنه كان يقول : ما من بقعة أحب إلى الله تعالى من المسعى لانه يذل فيه كل جبار (١).

٣٥ ـ نهج البلاغة : في الخطبة القاصعة : وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل ، ألا ترون أن الله سبحانه اختبر الاولين من لدن آدم صلوات الله عليه إلى الاخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولاتسمع فجعلها بيته الحرام الذي جعله الله للناس قياما ، ثم وضعه بأوعر بقاع الارض حجرا وأقل نئائق (٢) الدنيا مدرا ، وأضيق بطون الاودية قطرا ، بين جبال خشنة و رمال دمثة (٣) وعيون وشلة (٤) وقرى منقطعة ، لايزكوبها خف ولا حافر ولا ظلف (٥) ثم أمرسبحانه آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه (٦) فصار مثابة لمنتجع (٧) أسفارهم ، وغاية لملقى رحالهم ، تهوي إليه ثما الافئدة من مفاوز قفار سحيقة ، ومهاوي فجاج عميقة ، وجزائر بحار منقطعة ، حتى يهزوا مناكبهم

__________________

(١) كنز الفوائد ص ٢٢٦.

(٢) جمع نتيقة وهى البقاع المرتفعة ، ومكة مرتفعة بالنسبة لما انحط عنها من البلدان.

(٣) الدمثة : اللينة ويصعب عليها السير والاستثبات منها ، وتقول : دمث المكان اذا سهل ولان ومنه دمث الاخلاق لمن سهل خلقه.

(٤) الوشلة : كفرحة قليلة الماء.

(٥) الخف للجمال ، والحافر للخيل والحمار ، والظلف للبقر والغنم ، وهو تعبير عن الحيوان الذي لايزكو في تلك الارض.

(٦) ثنى عطفه اليه مال وتوجه اليه.

(٧) المنتجع : محل الفائدة ومكة صارت بفريضة الحج دار للمنافع التجارية كما هي دار لكسب المنافع الاخروية.

٤٥

ذللا ، يهلون لله حوله ، ويرملون (١) على أقدامهم ، شعثا غبرا له ، قد نبذوا السرابيل (٢) وراء ظهورهم ، وشوهوا باعفاء الشعور محاسن خلقهم ، إبتلاء عظيما وامتحانا شديدا واختبارا مبينا وتمحيصا بليغا جعله الله تعالى سببا لرحمته ، ووصلة لى جنته ، و لو أراد الله سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام ، بين جنات وأنهار وسهل وقرار ، جم الاشجار ، داني الثمار ملتف البنى (٣) متصل القرى ، بين برة سمراء (٤) وروضة خضراء ، وأرياف محدقة ، وعراص مغدقة ، وزروع ناضرة وطرق عامرة ، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء ، ولو كان الاساس المحمول عليها ، والاحجار المرفوع بهابين زمردة خضراء وياقوته حمراء ونور وضياء لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور ، ولو مجاهدة إبليس عن القلوب ولنفى معتلج (٥) الريب من الناس ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ، ويتعبدهم بألوان المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره ، إخراجا للتكبر من قلوبهم ، و إسكانا للتذلل في نفوسهم ، وليجعل ذلك أبوابا فتحا (٦) إلى فضله ، وأسبابا ذللا لعفوه (٧).

أقول : قد مر بتمامه مشروحا في كتاب النبوة.

٣٦ ـ دعائم الاسلام : روينا ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام أنه قال في قول الله : « وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل

__________________

(١) الرمل : بالتحريك ضرب من السير فوق المشى ودون الجرى وهو الهرولة.

(٢) السرابيل : الثياب واحدها سربال بكسر السين المهملة فسكون الراء.

(٣) ملتف البنى : كثير العمران.

(٤) البرة : الحنطة والسمراء أجودها.

(٥) الاعتلاج الالتطام ومنه اعتلجت الامواج اذا التطمت ، والمراد زال تلاطم الريب والشك من صدور الناس.

(٦) فتحا وذللا بضمتين ، والاولى بمعنى مفتوحة واسعة ، والثانية مذللة ميسرة.

(٧) نهج البلاغه ـ محمد عبده ج ٢ ص ١٧٠ ـ ١٧٣.

٤٦

فيها من يفسد ويفسك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون » (١) قال : كان في قولهم هذا منه منهم على الله بعبادتهم وإنما قال ذلك بعض الملائكة لما عرفوا من حال من كان في الارض من الجن قبل آدم فأعرض الله عنهم وخلق آدم وعلمه الاسماء كلها ثم قال للملائكة « أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم أنبأهم » (٢) قال لهم : اسجدوا لادم ونحن جيرانه وأقرب الخلق إليه فلما رفعوا رؤوسهم قال الله « إني أعلم غيب السموات والارض وأعلم ما تبدون وماكنتم تكتمون » (٣) يعني ما أبدوه بقولهم  « أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك » (٤) وما كتموه فقالوا في أنفسهم ما ظننا أن الله يخلق خلقا أكرم عليه منا فعلموا انهم قد وقعوا في الخطيئة فلا ذوا بالعرش وطافوا حوله يسترضون ربهم فرضي عنهم و أمر الله الملائكة أن تبني في الارض بيتا ليطوف به من أصاب ذنبا من ولد آدم كما طافت الملائكة بعرشه فيرضى عنهم كما رضي عن ملائكته فبنوا مكان البيت بيتا رفع زمن الطوفان فهو في السماء الرابعة يلجه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا وعلى أساسه وضع إبراهيم عليه‌السلام بناء البيت ، فلما أصاب آدم الخطيئة إليه أبدا وعلى أساسه وضع إبراهيم عليه‌السلام بناء البيت ، فلما أصاب آدم الخطيئة وأهبطه الله إلى الارض أتى إلى البيت وطاف به كما رأى الملائكة طافت عند العرش سبعة أشواط ثم وقف عند المستجار ، فنادى رب اغفرلي فنودي يا آدم قد غفرت لك قال : يارب ولذريتي فنودي يا آدم من باء بذنبه من ذريتك حيث بؤت

__________________

(١) سورة البقرة ، الاية : ٣٠.

(٢) سورة البقرة ، الاية : ٢٢ ـ ٢٣.

(٣) سورة البقرة ، الاية : ٣٣.

(٤) سورة البقرة ، الاية : ٣٠.

٤٧

أنت بذنبك ههنا غفرله (١).

٣٧ ـ وعن علي عليه‌السلام انه قال : أوحى الله إلى إبراهيم عليه‌السلام أن ابن لي بيتا في الارض تعبدني فيه فضاق به ذرعا فبعث عليه السكينة وهي ريح لها رأسان يتبع أحدهما صاحبه ، فدارت على اس البيت الذي بنته الملائكة فوضع إبراهيم البناء على كل شئ استقرت عليه السكينة ، وكان إبراهيم عليه‌السلام يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ويرفع القواعد ، فلما صار إلى مكان الركن الاسود قال إبراهيم لا سماعيل عليهما‌السلام : أعطني حجرا لهذا الموضع فلم يجده قال : اذهب فاطلبه فذهب ليأتيه به ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام بالحجر الاسود فجاء إسماعيل وقد وضعه موضعه فقال : من جاءك بهذا؟ فقال : من لم يتكل على بنائك ، فمكث البيت حينا فانهدم فبنته العمالقة ، ثم مكث حينا فانهدم فبنته جرهم ، ثم انهدم فبنته قريش ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ غلام قد نشأ على الطهارة وأخلاق الانبياء ، فكانوا يدعونه الامين ، فلما انتهوا إلى موضع الحجر أراد كل بطن من قريش أن يلي رفعه ووضعه موضعه فاختلفوا في ذلك ثم اتفقوا على أن يحكموا في ذلك أول من يطلع عليهم ، وكان ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : هذا الامين قد طلع وأخبروه بالخبر ، فانتزع صلى‌الله‌عليه‌وآله إزازه ودعا بثوب فوضع الحجر فيه فقال : يأخذ من كل بطن من قريش رجل بحاشية الثوب فارفعوه معا ، فأعجبهم ما حكم به وأرضاهم وفعلوا حتى إذا صار إلى موضعه وضعه فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٣٨ ـ قال أبوجعفر عليه‌السلام والحجر كالميثاق واستلامه كالبيعة ، وكان اذا استلمه قال : اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالبلاغ ونظر عليه‌السلام إلى ناس يطوفون وينصرفون فقال : والله لقد امروا مع هذا بغيره ، قيل : وما امروابه يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : امروا إذا فرغوا من طوافهم أن يعرضوا علينا أنفسهم (٣).

__________________

(١) دعائم السلام ج ١ ص ٢٩١ بتفاوت يسير.

(٢) المصدر السابق ج ١ ص ٢٩٢.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٢٩٣.

٤٨

٣٩ ـ وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : ما سبيل من سبيل الله أفضل من الحج إلا رجل يخرج بسيفه فيجاهد في سبيل الله حتى يستشهد (١).

٤٠ ـ وعنه عليه‌السلام أن رجلا سأله فقال : يا ابن رسول الله أنا رجل مو سر وقد حججت حجة الاسلام وقد سمعت ما في التطوع بالحج من الرغائب فهل لي إن تصدقت بمثل نفقة الحج أو أكثرمنها ثواب الحج؟ فنظر أبوعبدالله عليه‌السلام إلى أبي قبيس وقال : لو تصدقت بمثل هذا ذهبا وفضة ما أدركت ثواب الحج (٢).

٤١ ـ وعنه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من طاف بهذا البيت اسبوعا وأحسن صلاة ركعتيه غفرله (٣).

٤٢ ـ وعن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما حج حجة الوداع وقف بعرفة وأقبل على الناس بوجهه وقال : مرحبا بو فدالله ثلاث مرات الذين إن سألوا اعطوا وتخلف نفقاتهم ويجعل لهم في الاخرة بكل درهم ألف من الحسنات ثم قال : أيها الناس ألا ابشركم؟ قالوا : بلى يارسول الله! قال : إنه إذا كانت هذه العشية باهى الله بأهل هذا الموقف الملائكة فيقول : يا ملا ئكتي انظروا إلى عبادي وإمائي أتوني من أطراف الارض شعثاغبرا هل تعلمون ما يسألون؟ فيقولون : وما يسألون؟ فيقولون : ربنا يسألونك المغفرة فيقول : اشهدكم أني قد غفرت لهم فانصرفوا من موقفهم مغفورا لهم ما سلف (٤).

٤٣ ـ وعن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال : ضمان الحاج المؤمن على الله إن مات في سفره أدخله الجنه ، وإن رده إلى أهله لم يكتب عليه ذنب بعد وصوله إلى منزله بسبعين ليلة (٥).

٤٤ ـ وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام أنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحاج ثلاثة ، أفضلهم نصيبا رجل قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، والذي

__________________

(١ ـ ٤) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٣.

(٥) المصدر السابق ج ١ ص ٢٩٤.

٤٩

يليه رجل غفر له ما تقدم من ذنبه ويستأنف العمل ، والثالث وهو أقلهم حظا رجل حفظ في أهله وماله (١).

٤٥ ـ وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : الحاج ثلاثة أثلاث فثلث يعتقون من النار لايرجع الله في عتقهم ، وثلث يستأنفون العمل وقد غفرت لهم ذنوبهم الماضية ، وثلث تخلف عليهم نفقاتهم ويعافونه في أنفسهم وأهاليهم (٢).

٤٦ ـ وعن علي عليه‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : العمرة ذ إلى المعرة كفارة ما بينهما ، والحجة المتقبلة ثوابها الجنة ، ومن الذنوب ذنوب لا تغفر إلا بعرفات (٣).

٤٧ ـ وعنه أنه نظر إلى قطار جمال للحجيج فقال : لا ترفع خفا إلا كتبت لهم حسنة ، ولا تضع خفا إلا محيت عنهم سيئة ، وإذا قضوا مناسكهم قيل لهم بنيتم بناء فلا تهدموه ، وكفيتم ما مضى فأحسنوا فيما تستقبلون (٤).

٤٨ ـ وعن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه قال : لما أوحى الله عزوجل إلى ابراهيم عليه‌السلام « أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود » أهبط إلى الكعبة مائة وسبعين رحمة ، فجعل منها ستين للطائفين ، وخمسين للعاكفين ، وأربعين للمصلين وعشرين للناظرين (٥).

٤٩ ـ وعن علي صلوات الله عليه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من أراد دنيا وآخرة فليؤم هذا البيت ما أتاه عبد فسأل الله دنيا إلا أعطاه منها ، أو سأله آخرة إلا ادخر له منها ، أيها الناس عليكم بالحج والعمرة فتابعوا بينهما فإنهما يغسلان الذنوب كما يغسل الماء الدرن وينفيان الفقر كما ينفي النار خبث الحديد (٦).

٥٠ ـ الدر المنثور للسيوطي نقلا من تاريخ الخطيب (٧) عن يحيى بن اكثم انه قال في مجلس الواثق : من حلق رأس آدم حين حج؟ فتعايا (٨) الفقهاء عن

__________________

(١ ـ ٦) المصدر السابق ج ١ ص ٢٩٤ والاية في الاخير في سورة البقرة ١٢٥.

(٧) تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٥٦.

(٨) تعايا الفقاء : أعياهم بيان الحكم فبان عجزهم فلم يمكنهم الاهتداء لوجه الصواب في الجواب.

٥٠

الجواب فقال الواثق : أنا احضر من ينبئكم بالخبر فبعث إلى علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر عليهم‌السلام فسأله فقال : حدثني أبي ، عن جدي عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أمر جبرئيل أن ينزل ياقوته من الجنة فهبط بها فمسح بها رأس آدم فتناثر الشعر منه ، فحيث بلغ نورها صار حرما (١).

٥

* ( باب ) *

* « ( الكعبة وكيفية بنائها وفضلها ) » *

الايات : البقرة : وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود (٢).

وقال تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم (٣).

آل عمران : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا (٤).

المائدة : جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الارض وان الله بكل

__________________

(١) الدر المنثور للسيوطى ج ١ ص ٥٦ وفيه الحديث عن على بن محمد بن جعفر ابن على بن موسى الكاظم مع ان المصدر المنقول عنه ـ تاريخ بغداد ـ على بن محمد بن على ابن موسى الخ وهو الامام الهادى (ع).

(٢) سورة البقرة : الاية ١٢٥.

(٣) سورة البقرة ، الاية : ١٢٧.

(٤) سورة آل عمران ، الاية : ٩٦.

٥١

شئ عليم (١).

الحج : وإذ بوانا لابراهيم مكان البيت ألاتشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود (٢).

الفيل : ألم تركيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل ، فجعلهم كعصف مأكول (٣).

القريش : لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتآء والصيف * فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (٤).

١ ـ ع : أبي ، عن سعد عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي علي صاحب الانماط عن أبان بن تغلب قال : لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس ترابها فلما صاروا إلى بنائها وأرادوا أن يبنوها خرجت عليهم حية فمنعت الناس البناء حتى انهزموا ، فأتوا الحجاج فأخبرواه بذلك فخاف أن يكون قد منع من بنائها فصعد المنبر ثم أنشد الناس فقال : أنشدالله عبدا عنده مما ابتلينا به علم لما أخبرنا به؟ قال : فقام اليه شيخ فقال : إن يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى ، فقال الحجاج : من هو؟ فقال : علي بن الحسين فقال : معدن ذلك ، فبعث إلى علي بن الحسين عليهما‌السلام فأتا ه فأخبره بما كان من منع الله إياه البناء فقال علي بن الحسين عليهما‌السلام : ياحجاج عمدت إلى بناء إبراهيم وإسماعيل فألقيته في الطريق وانتهبته كأنك ترى انه تراث لك ، اصعد المنبر فأنشد الناس أن لا يبقي أحد منهم أخذ منه شيئا إلا رده ، قال : ( ففعل ، فأنشد الناس أن لا يبقي أحد منهم شيئا إلا دره قال : فردوه ، فلما رأى جميع التراب أتى علي بن الحسين عليهما‌السلام فوضع الاساس وأمرهم أن يحفروا ، قال : فتغيبت الحية عنهم و

__________________

(١) سورة المائدة ، الاية : ٩٧.

(٢) سورة الحج ، الاية : ٢٦.

(٣) سورة الفيل ، الايات : ١ ـ ٥.

(٤) سورة قريش ، الايات : ١ ـ ٣.

٥٢

وحفروا حتى انتهوا إلى موضع ) (١) القواعد فقال لهم علي بن الحسين عليه‌السلام : تنحوا فدنامنها فغطاها بثوبة ثم بكي ، ثم غطاها بالتراب بيد نفسه ، ثم دعا الفعلة فقال : ضعوا بناءكم ، فوضعوا النباء ، فلما ارتفعت حيطانه أمر بالتراب فألقي في جوفه ، فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج (٢).

٢ ـ ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن همام ، عن الرضا عليه‌السلام أنه قال لرجل : أي شئ السكينة عندكم؟ فلم يدر القوم ماهي ، فقالوا : جعلنا الله فداك ماهي؟ قال : ريح تخرج من الجنة طيبة لها صورة كصورة الانسان تكون مع الانبياء عليهم‌السلام وهي التي انزلت على إبراهيم عليه‌السلام حين بنى الكعبة ، فجعلت تأخذ كذا وكذا ويبني الاساس عليها (٣).

٣ ـ شى : عن ابن فضال مثله (٤).

٤ ـ ع : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إنما هدمت قريش الكعبة لان السيل كان يأتيهم من أعلا مكة فيدخلها فانصدقت (٥).

٥ ـ شى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهما‌السلام قال : كنت عنده قاعدا خلف المقام وهو محتب مستقبل القبلة فقال : النظر إليها عبادة ، وما خلق الله بقعة من الارض أحب إليه منها ـ ثم أهوى بيده إلى الكعبة ـ ولا أكرم عليه منها ، ولها حرم الله الاشهر الحرم في كتابه يوم خلق السموات والارض ثلاثة أشهر متوالية وشهر مفرد للعمرة (٦).

__________________

(١) مابين القوسين زيادة من المصدر وقد سقط من البحار.

(٢) علل الشرائع ص ٤٤٨.

(٣) عيون الاخبار ج ١ ص ٣١٢.

(٤) تفسير العياشى ج ٢ ص ٨٤.

(٥) علل الشرائع ص ٤٤٩.

(٦) تفسير العياشى ج ٢ ص ٨٨.

٥٣

٦ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف ، عن على بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن منصور ، عن كلثوم بن عبدالمؤمن الحراني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أمر الله عزوجل إبراهيم أن يحج ويحج باسماعيل معه ويسكنه الحرم ، قال : فحجا على جمل أحمر مامعهما إلا جبرئيل ، فلما بلغا الحرم قال تله جبرئيل : يا إبراهيم انزلا فاغتسلا قبل أن تدخلا الحرم فنزلا واغتسلا وأراهما حيث يتهيئا للاحرام ففعلا ، ثم أمرهما فأهلا بالحج ، وأمرهما بالتلبية الاربع والتي لبى بها المرسلون ، ثم ساربهما حتى أتى بهما باب الصفا فنزلا عن البعير ، وقام جبرئيل بينهما فاستقبل البيت فكبرو كبرا ، وحمد الله وحمدا ومجد الله وأثنى عليه ففعلا مثل ما فعل ، وتقدم جبرئيل وتقدما ما يثنون على الله ويمجدونه حتى انتهى بهما إلى موضع الحجر ، فاستلم جبرئيل عليه‌السلام وأمرهما أن يستلما ، وطاف بهما اسبوعا ، ثم قال بهما في موضع مقام إبراهيم فصلى ركعتين وصليا ، ثم أراهما المناسك وما يعملانه ، فلما قضيا نسكهما أمرالله عزوجل إبراهيم بالانصراف ، وأقام إسماعيل وحده ما معه أحد غيره.

فلما كان من قابل أذن الله عزوجل لابراهيم في الحج وبناء الكعبة وكانت العرب تحج إليه وكان ردما (١) الا أن قواعده معروفة ، فلما صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة وطرحها في جوف الكعبة ، فلما أن أذن الله عزوجل في البناء قدم إبراهيم ، فقال : يابني قد أمرنا الله عزوجل ببنآء الكعبة فكشفا عنها فاذا هو حجر واحد أحمر ، فأوحى الله عزوجل إليه : ضع بناءها ، وأنزل الله عزوجل عليه أربعة أملاك ييجمعون له الحجارة ، فصار إبراهيم وإسماعيل يضعان الحجارة والملائكة تناولهم حتى تمت اثنا عشر ذراعا ، وهيأله ( بابين بابا يدخل منه و ) (٢)

__________________

(١) الردم : مصدر. مايسقط من الحائط المتهادم. والمراد به انه كان متهدما لا حيطان له.

(٢) مابين القوسين زيادة من المصدر.

٥٤

بابا يخرج منه ، ووضع عليه عتبة وشريجا (١) من حديد على أبوابه.

وكانت الكعبة عريانة فلما ورد عليه الناس أتى امرأة من حمير أعجبه جمالها فسأل الله عزو جل أن يزوجها إياه ، وكان لها بعل ، فقضى الله عزوجل على بعلها الموت ، فأقامت بمكة حزنا على بعلها فأسلى الله عزوجل ذلك عنها وزوجها إسماعيل ، وقدم إبراهيم عليه‌السلام للحج وكانت امرأة موافقة ، وخرج إسماعيل إلى الطائف يمتار لاهله طعاما فنظرت إلى شيخ شعث ، فسألها عن حالهم فأخبرته بحسن حالهم ، وسألها عنه خاصة فأخبرته بحسن حاله ، وسألها منم أنت؟ فقالت : امرأة من حمير ، فسار إبراهيم ولم يلق اسماعيل عليه‌السلام وقد كتب إبراهيم عليه‌السلام كتابا فقال : ادفعي الكتاب إلى بعلك إذا أتى ان شاء الله ، فقدم عليها إسماعيل فدفعت إليه الكتاب فقرأه وقال : أتدرين من ذلك الشيخ؟ فقالت : لقد رأيته جميلا فيه مشابهة منك ، قال : ذلك أبي ، فقالت : ياسوأتاه منه قال : ولم نظر إلى شئ من محاسنك؟ قالت : لا ولكن خفت أن أكون قد قصرت ، وقالت له امرأته و كانت عاقلة : فهلا تعلق على هذين البابين سترين سترا من هاهنا وسترا من هاهنا؟ قال : نعم ، فعملا له سترين طولهما إثنا عشر ذراعا ، فعلقهما على البابين فأعجبها ذلك ، فقالت : فهلا أحوك للكعبة ثيابا ونسترها كلها ، فإن هذه الاحجار سمجة؟ فقال لها إسماعيل : بلى ، فأسرعت في ذلك وبعثت إلى قومها بصوف كثيرة تستغزل بهن قال أبوعبدالله عليه‌السلام : وإنما وقع استغزال بعضهن من بعض لذلك قال : فأسرعت واستعانت في ذلك فكلما فرغت من شقة علقتها ، فجاء الموسم وقد بقي وجه من وجوه الكعبة ، فقالت لا سماعيل : كيف تصنع بهذا الوجه الذي لم ندركه بكسوة ، فكسوة خصفا فجاء الموسم فجاءته العرب على حال ما كانت تأتيه فنظروا إلى أمر فأعجبهم فقالوا ينبغي لعامر هذا البيت أن يهدى إليه فمن ثم وقع الهدي ، فأتى كل فخذ من العرب بشئ يحمله من ورق ومن أشياء غير ذلك حتى اجتمع شئ كثير ، فنزعوا ذلك الخصف وأتموا كسوة البيت و

__________________

(١) الشريج والشريجة ما يضم من القصب يجعل على أبواب الدكاكين.

٥٥

علقوا عليها بابين ، وكانت الكعبة ليست بمسقفة فوضع إسماعيل عليها أعمدة مثل هذه الاعمدة التي ترون من خشب ، فسقفها إسماعيل بالجرائد وسواها بالطين ، فجاءت العرب من الحول فدخلوا الكعبة ورأوا عمارتها ، فقالوا : ينبغي لعامر هذا البيت أن يزاد ، فلما كان من قابل جاءه الهدي فلم يدر إسماعيل كيف يصنع به؟ فأوحى الله عزوجل إليه أن انحر وأطعمه الحاج.

قال : وشكى إسماعيل قلة الماء إلى إبراهيم عليه‌السلام فأ وحى الله عزوجل إلى إبراهيم احتفر بئرا يكون منها شرب الحاج ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام فاحتفر قليبهم ـ يعني زمزم ـ حتى ظهر ماؤها ، ثم قال جبرئيل : انزل يا إبراهيم فنزل بعد جبرئيل فقال : اضرب يا إبراهيم في أربع زوايا البئر وقل بسم الله ، قال : فضرب إبراهيم عليه‌السلام في الزواية التي تلي البيت وقال : بسم الله فانفجرت عينا ثم ضرب في الاخرى وقال : بسم الله فانفجرت عينا ، ثم ضرب في الثالثة وقال : بسم الله فانفجرت عينا ، ثم ضرب في الرابعة وقال : بسم الله فانفجرت عينا ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : اشرب يا ابراهيم وادع لولدك فيها بالبركة ، فخرج إبراهيم وجبرئيل جميعا من البئر ، فقال : له أفض عليك يا إبراهيم وطف حول البيت فهذه سقيا سقاها الله ولدك إسماعيل وسار إبراهيم وشيعه إسماعيل حتى خرج من الحرم.

فذهب إبراهيم ورجع إسماعيل إلى الحرم فرزقه الهل من الحميرية ولدا لم يكن له عقب.

قال : وتزوج إسماعيل من بعدها أربع نسوة فولد له من كل واحدة أربعة غلمان ، وقضى الله على إبراهيم الموت فلم يره إسماعيل ولم يخبر بموته حتى كان أيام الموسم وتهيأ إسماعيل لابيه إبراهيم فنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام فعزاه بابراهيم عليه‌السلام فقال له : يا إسماعيل لا تقول في موت أبيك ما يسخط الرب ، وقال : إنما كان عبدا د عاه الله فأجابه وأخبره أنه لا حق بأبيه ، وكان لاسماعيل ابن صغير يحبه وكان هوى يإسماعيل فيه فأبى الله عليه ذلك ، فقال : يا إسماعيل هو فلان ، قال : فلما قضى الموت على إسماعيل دعا وصيه فقال : يابني إذا حضرك

٥٦

الموت فافعل كما فعلت فمن ذلك ليس يموت إمام إلا أخبره الله إلى من يوصى (١).

٧ ـ ل : ابن الوليد ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن غير واحد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عندالله تبارك وتعالى من رجل قتل نبيا أو إماما أو هدم الكعبة التي جعلها الله عزوجل قبلة لعباة أو أفرغ ماءه في امرأة حراما (٢).

٨ ـ لى (٣) ع : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألوه عن أشياء فكان فيما سألوه عنه أن قال له أحدهم : لاي شئ سميت الكعبة كعبة؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لانها وسط الدنيا (٤).

٩ ـ وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل لم سميت الكعبة؟ قال : لانها مربعة فقيل له : ولم صارت مربعة؟ قال : لانها بحذاء البيت المعمور وهو مربع فقيل له : ولم صاربيت المعمور مربعا قال : لانه بحذاء العرش وهو مربع ، فقيل له : ولم صار العرش مربعا؟ قال : لان الكلمات التي بني عليها الاسلام أربع : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر (٥).

١٠ ـ ع : أبي عن محمد بن العطار ، ، عن الاشعري ، عن اللؤلؤي ، عن ابن فضال ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لايزال الدين قائما ما قامت الكعبة (٦).

١١ ـ ع (٧) ن : في علل ابن سنان ، عن الرضا عليه‌السلام : علة وضع البيت وسط الارض أنه الموضع الذي من تحته دحيت الارض ، وكل ريح تهب في الدنيا

__________________

(١) علل الشرائع ص ٥٨٦.

(٢) الخصال ج ٢ ص ٧٦.

(٣) أمالى الصدوق ص ١٨٨.

(٤ و ٥) علل الشرائع ص ٣٩٨.

(٦) علل الشرائع ص ٣٩٦.

(٧) نفس المصدر ص ٣٩٦.

٥٧

فانها تخرج من تحت الركن الشامي ، وهي أول بقعة وضعت في الارض لانها الوسط ، ليكون الفرض لاهل المشرق ( الشرق ) والمغرب ( الغرب ) في ذلك سواء (١).

١٢ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشا ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قلت له : لم سمي البيت العتيق؟ قال : إن الله عزوجل أنزل الحجر الاسود لآدم من الجنة ، وكان البيت درة بيضاء فرفعه الله إلى السماء وبقي أسه ، فهو بحيال هذا البيت ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايرجعون إليه أبدا فأمر الله إبراهيم وإسماعيل يبنيان البيت على القواعد وإنما سمي البيت العتيق لانه أعتق من الغرق (٢).

١٣ ـ ع : ابن الوليد عن محمد العطار وأحمد بن ادريس معا عن الاشعري عن الحسن بن علي ، عن مروان بن مسلم ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام في المسجد الحرام : لاي شئ سماه الله العتيق؟ قال : ليس من بيت وضعه الله على وجه الارض إلا له رب وسكان يسكنونه غير هذا البيت يفانه لا يسكنه أحد ولا رب له إلا الله وهو الحرم ، وقال : ان الله خلقه قبل الخلق ثم خلق الله الارض من بعده فدحاها من تحته (٣).

١٤ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن الطويل عن ابن المغيرة ، عن المحاربي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل غرق الارض كلها يوم نوح إلا البيت فيومئذ سمي العتيق لانه اعتق يومئذ من الغرق فقلت له أصعد إلى السماء؟ فقال : لا لم يصل إليه الماء ودفع عنه (٤).

١٥ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ابن المغيرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن المحاربي مثله.

١٦ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن حماد ، عن

__________________

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ٩٠.

(٢) علل الشرائع ص ٣٩٨.

(٣ ـ ٤) علل الشرائع ص ٣٩٩.

٥٨

أبان بن عثمان ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : لم سمي البيت العتيق؟ قال : لانه بيت حر عتيق من الناس ولم يملكه أحد (١).

١٧ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، بن سعيد الاعرج ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إنما سمي البيت العتيق لانه أعتق من الغرق وأعتق الحرم معه ، كف عنه الماء (٣).

١٩ ـ سن : أبي ومحمد بن علي ، عن علي بن النعمان مثله (٤).

٢٠ ـ ع : علي بن حاتم ، عن القاسم بن محمد ، عن حملان بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عن حنان قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : لم سمي بيت الله الحرام؟ قال : لانه حرم على المشركين أن يدخلوه (٥).

٢١ ـ ل : الاربع مائة قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : إذا خرجتم حجاجا إلى بيت الله عزوجل فأكثروا النظر إلى بيت الله ، فإن لله عزوجل مائة وعشرين رحمة عند بيته الحرام ، منها ستون للطائفين ، وأربعون للمصلين ، وعشرون للناظرين (٦).

٢٢ ـ ع (٨) ن : سأل الشامي أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن أول بقعة بسطت من الارض أيام الطوفان فقال له : موضع الكعبة وكانت زبرجدة خضراء (٩).

__________________

(١) علل الشرائع ص ٣٩٩.

(٢) المحاسن ص ٣٣٧.

(٣) علل الشرائع ص ٣٩٩.

(٤) المحاسن ص ٣٣٦.

(٥) علل الشرائع ص ٣٩٨.

(٦) الخصال ج ٢ ص ٤٠٨.

(٧) المحاسن ص ٦٩.

(٨) علل الشرائع ص ٥٩٥ ضمن حديث طويل.

(٩) عيون اخبار الرضا (ع) ج ١ ص ٢٤٤.

٥٩

٢٤ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن محمد بن معاذ ، عن أحمد بن المنذر عن الوهاب ، عن أبيه همام بن نافع ، عن همام بن منبه عن حجر ـ يعني المدري ـ ، عن أبي ذر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : النظر إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام عبادة ، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة ، والنظر في الصحيفة يعني صحيفة القرآن عبادة والنظر إلى الكعبة عبادة (١).

٢٥ ـ ب : أبوالبختري ، عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام ان أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان يبعث لكسوة البيت في كل سنة من العراق (٢).

٢٦ ـ ع : أبي ، عن علي بن سليمان ، عن محمد بن خالد الخراز ، عن العلاء عن محمد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا ينبغي لاحد أن يرفع بناءه فوق الكعبة (٣).

٢٧ ـ ع : أبي عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان قال : رأيت أبا عبدالله عليه‌السلام يكره الاحتباء في الحرم ، قال : ويكره الاحتباء في المسجد الحرام إعظاما للكعبة (٤).

٢٨ ـ ل (٥) مع : أبي ، عن الحميري ، عن اليقطيني ، عن يونس ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن لله عزوجل حرمات ثلاث ليس مثلهن شئ : كتابه وهو حكمه ونوره ، وبيته الذي جعله قبلة للناس لايقبل من أحد توجها إلى عيره ، وعترة نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦).

٢٩ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عبدالحميد ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن الثمالي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مثله (٧).

__________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٧٠.

(٢) قرب الاسناد ص ٦٥.

(٣ ـ ٤) علل الشرائع ص ٤٤٦.

(٥) الخصال ج ١ ص ٩٦ وكان الرمز في المتن ( لى ) يعنى الامالى والصواب ما أثبتناه (٦) معانى الاخبار ص ١١٧.

(٧) الخصال ج ١ ص ٩٦.

٦٠