بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٤٢ ـ تفسير الإمام ، قال عليه‌السلام إذا توجه المؤمن إلى مصلاه ليصلي قال الله عز وجل لملائكته يا ملائكتي ألا ترون إلى عبدي هذا قد انقطع عن جميع الخلائق إلي وأمل رحمتي وجودي ورأفتي أشهدكم أني أخصه برحمتي وكراماتي فإذا رفع يديه وقال الله أكبر وأثنى على الله قال الله تعالى لملائكته يا عبادي أما ترونه كيف كبرني وعظمني ونزهني عن أن يكون لي شريك أو شبيه أو نظير ورفع يده وتبرأ عما يقوله أعدائي من الإشراك بي أشهدكم أني سأكبره وأعظمه في دار جلالي وأنزهه في متنزهات دار كرامتي وأبرئه من آثامه ومن ذنوبه ومن عذاب جهنم ومن نيرانها.

وإذا قال « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » فقرأ فاتحة الكتاب وسورة قال الله تعالى لملائكته أما ترون عبدي هذا كيف تلذذ بقراءة كلامي أشهدكم يا ملائكتي لأقولن له يوم القيامة اقرأ في جناني وارق في درجات فلا يزال يقرأ ويرقى بعدد كل حرف درجة من ذهب ودرجة من فضة ودرجة من لؤلؤ ودرجة من جوهر ودرجة من زبرجد أخضر ودرجة من زمرد أخضر ودرجة من نور رب العزة.

فإذا ركع قال الله تعالى لملائكته يا ملائكتي أما ترون كيف تواضع لجلال عظمتي أشهدكم لأعظمنه في دار كبريائي وجلالي فإذا رفع رأسه من الركوع وقال الله تعالى لملائكته أما ترون يا ملائكتي كيف يقول أرتفع عن أعدائك كما أتواضع لأوليائك وأنتصب لخدمتك أشهدكم يا ملائكتي لأجعلن جميل العاقبة له ولأصيرنه إلى جناني.

فإذا سجد قال الله تعالى لملائكته يا ملائكتي أما ترون كيف تواضع بعد ارتفاعه وقال لي وإن كنت جليلا مكينا في دنياك فأنا ذليل عند الحق إذا ظهر لي سوف أرفعه بالحق وأدفع به الباطل فإذا رفع رأسه من السجدة الأولى قال الله تعالى يا ملائكتي أما ترونه كيف قال وإني وإن تواضعت لك فسوف أخلط الانتصاب في طاعتك بالذل بين يديك فإذا سجد ثانية قال الله تعالى

٢٢١

لملائكته أما ترون عبدي هذا كيف عاد إلى التواضع لي لأعيدن إليه رحمتي فإذا رفع رأسه قائما قال الله تعالى يا ملائكتي لأرفعنه بتواضعه كما ارتفع إلى صلاته.

ثم لا يزال يقول الله لملائكته هكذا في كل ركعة حتى إذا قعد للتشهد الأول والتشهد الثاني قال الله تعالى يا ملائكتي قد قضى خدمتي وعبادتي وقعد يثني علي ويصلي على محمد نبيي لأثنين عليه في ملكوت السماوات والأرض ولأصلين على روحه في الأرواح فإذا صلى على أمير المؤمنين عليه‌السلام في صلاته قال الله له يا عبدي لأصلين عليك كما صليت عليه ولأجعلنه شفيعك كما استشفعت به فإذا سلم من صلاته سلم الله عليه وسلم عليه ملائكته (١).

أقول : مضى صدر الخبر في باب الأدعية المستحبة عند الوضوء (٢).

٤٣ ـ العياشي ، عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في قوله « وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ » (٣) قال إنما عنى بها الصلاة (٤).

٤٤ ـ ومنه ، عن إدريس القمي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن « الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ » فقال هي الصلاة فحافظوا عليها (٥).

٤٥ ـ مجالس المفيد عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن إسماعيل بن عباد عن الحسن بن محمد عن سليمان بن سابق عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خطبنا

__________________

(١) تفسير الإمام ص ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

(٢) راجع ج ٨٠ ص ٣١٦ ـ ٣١٧.

(٣) الكهف : ٢٨.

(٤) تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٦.

(٥) تفسير العياشي ج ٢ : ٣٢٧ ، والآية في سورة الكهف : ٤٦.

٢٢٢

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس بعد كلام تكلم به عليكم بالصلاة عليكم بالصلاة فإنها عمود دينكم كابدوا الليل بالصلاة واذكروا الله كثيرا يكفر سيئاتكم.

إنما مثل هذه الصلوات الخمس مثل نهر جار بين يدي باب أحدكم يغتسل منه في اليوم خمس اغتسالات فكما ينقى بدنه من الدرن بتواتر الغسل فكذا ينقى من الذنوب مع مداومته الصلاة فلا يبقى من ذنوبه شيء.

أيها الناس ما من عبد إلا وهو يضرب عليه بحزائم معقودة فإذا ذهب ثلثا الليل وبقي ثلثه أتاه ملك فقال له قم فاذكر الله فقد دنا الصبح قال فإن هو تحرك وذكر الله انحلت عنه عقدة وإن هو قام فتوضأ ودخل في الصلاة انحلت عنه العقد كلهن فيصبح حين يصبح قرير العين (١).

إيضاح قال الجوهري كابدت الأمر إذا قاسيت شدته قوله بحزائم في بعض النسخ بالحاء المهملة والزاي وفي بعضها بالخاء المعجمة وفي بعضها بالجيم والراء المهملة وقال في القاموس حزمه يحزمه شد حزامه والحزمة بالضم ما حزم وقال خزم البعير جعل في جانب منخره الخزامة ككتابة وخزامة النعل بالكسر سير دقيق يخزم بين الشراكين وفي الصحاح الخزم بالتحريك شجر يتخذ من لحائه الحبال الواحدة خزمة وقال الجريمة الذنب انتهى.

فالمعنى يحمل على ظهره خزم الخطايا التي اكتسبها أو الجرائم التي اكتسبها أو يعقد في أنفه خزامة الآثام وما يلزمه منها وكل ذلك كناية عما يستحقه ويلزم عليه من العقوبات بسبب ارتكاب السيئات.

٤٦ ـ فلاح السائل ، من تاريخ الخطيب عن ابن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تحترقون فإذا صليتم الفجر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها ثم تنامون

__________________

(١) أمالي المفيد : ١١٩ ـ ١٢٠.

٢٢٣

فلا يكتب عليكم حتى تغتسلوا (١).

من كتاب حلية الأولياء ، بإسناده عن زر بن حبيش أنه حدثه عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : سمعت مناديا عند حضرة كل صلاة فيقول يا بني آدم قوموا فأطفئوا عنكم ما أوقدتموه على أنفسكم فيقومون فيتطهرون فتسقط خطاياهم من أعينهم ويصلون فيغفر لهم ما بينهما ثم توقدون فيما بين ذلك فإذا كان عند صلاة الأولى نادى يا بني آدم قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم فيقومون فيتطهرون ويصلون فيغفر لهم ما بينهما فإذا حضرت العصر فمثل ذلك فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك فإذا حضرت العتمة فمثل ذلك فينامون وقد غفر لهم ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فمدلج في خير ومدلج في شر (٢).

بيان : قال الجزري في حديث المظاهر احترقت أي هلكت والإحراق الإهلاك وهو من إحراق النار ومنه الحديث أوحي إلي أن أحرق قريشا أي أهلكهم انتهى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فمدلج في خير الإدلاج السير بالليل أي فبعد ذلك فمنهم من يسير إلى طرق الخير بكسب الحسنات بالليل ومنهم من يرتكب السيئات فيسلك مسلك الأشقياء في ليله.

٤٧ ـ المقنع ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس مني من استخف بصلاته لا يرد علي الحوض لا والله (٣).

٤٨ ـ نهج البلاغة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : في كلام يوصي أصحابه :

تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها « كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً » ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا « ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ » (٤) وإنها لتحت الذنوب حت الورق

__________________

(١ ـ ٢) لم نجده في فلاح السائل القسم المطبوع منه.

(٣) المقنع ص ٢٣ ط الإسلامية.

(٤) المدثر : ٤٢.

٢٢٤

وتطلقها إطلاق الربق وشبهها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحمة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات فما عسى أن يبقى عليه من الدرن.

وقد عرف حقها رجال من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زينة متاع ولا قرة عين من ولد ولا مال يقول الله سبحانه « رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ » (١) وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصبا بالصلاة بعد التباشر له بالجنة لقول الله سبحانه « وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها » (٢) فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه (٣).

توضيح الحت نثر الورق من الغصن والربق جمع الربقة وهي في الأصل عروة في حبل يجعل في عنق البهيمة ويدها يمسكها ذكره الجزري أي تطلق الصلاة الذنوب كما تطلق الحبال المعقدة وقال في العين الحمة عين ماء حار وقيل التاء في إقامة عوض عن العين الساقطة للإعلال فإن أصله إقوام مصدر أقوم كقولك أعرض إعراضا فلما أضيف أقيمت الإضافة مقام حرف التعويض فأسقطت التاء قوله عليه‌السلام ويصبر عليها نفسه أي يحبس قال تعالى « وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ » (٤).

٤٩ ـ مجالس الشيخ ، بإسناده عن زريق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له أي الأعمال أفضل بعد المعرفة قال ما من شيء بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة ولا بعد المعرفة والصلاة شيء يعدل الزكاة ولا بعد ذلك شيء يعدل الصوم ولا بعد ذلك شيء يعدل الحج وفاتحة ذلك كله معرفتنا وخاتمته معرفتنا الخبر (٥).

٥٠ ـ دعوات الراوندي ، سأل معاوية بن وهب أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل

__________________

(١) النور : ٣٧.

(٢) طه : ١٣٢.

(٣) نهج البلاغة تحت الرقم ١٩٧ من قسم الخطب.

(٤) الكهف : ٢٨.

(٥) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٣٠٥.

٢٢٥

ما يتقرب به العباد إلى ربهم فقال ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى أن العبد الصالح عيسى ابن مريم قال « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ » (١).

وسئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أفضل الأعمال قال الصلاة لأول وقتها.

بيان : بعد المعرفة أي معرفة الله أو معرفة الإمام فإنها المتبادر منها في عرفهم عليه‌السلام أو الأعم منهما ومن سائر المعارف الدينية والأول يستلزم الأخيرين غالبا ولذا يطلقونها في الأكثر والأخير هنا أظهر والعبارة تحتمل معنيين أحدهما أن المعرفة أفضل الأعمال وبعدها في المرتبة ليس شيء أفضل من الصلاة والحاصل أنها أفضل العبادات البدنية والثاني أن الأعمال التي يأتي بها العبد بعد تحصيل المعارف الخمس صلوات أفضل منها إذ لا فضل للعمل بدون المعرفة حتى يكون للصلاة أو تكون أفضل من غيرها مع أنه يقتضي أن يكون لغيرها فضل أيضا.

وقال الشيخ البهائي زاد الله في بهائه ما قصده عليه‌السلام من أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال وإن لم يدل عليها منطوق الكلام إلا أن المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما يفهم من قولنا ليس بين أهل البلد أفضل من زيد أفضليته عليهم وإن كان منطوقه نفي أفضليتهم عليه وهو لا يمنع المساواة.

هذا وفي جعله عليه‌السلام قول عيسى على نبينا وآله وعليه السلام « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ » الآية مؤيدا لأفضلية الصلاة بعد المعرفة على غيرها من الأعمال نوع خفاء ولعل وجهه ما يستفاد من تقديمه عليه‌السلام ما هو من قبيل الاعتقادات في مفتتح كلامه ثم إردافه ذلك بالأعمال البدنية والمالية وتصديره لها بالصلاة مقدما لها على الزكاة.

ولا يبعد أن يكون التأييد لمجرد تفضيل الصلاة على غيرها من الأعمال من غير ملاحظة تفضيل المعرفة عليها ويؤيده عدم إيراده عليه‌السلام صدر الآية في صدر التأييد والآية هكذا « قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي

__________________

(١) مريم : ٣١.

٢٢٦

مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ».

٥١ ـ كنز الكراجكي ، قال لقمان لابنه « يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ » فإنما مثلها في دين الله كمثل عمود فسطاط فإن العمود إذا استقام نفعت الأطناب والأوتاد والظلال وإن لم يستقم لم ينفع وتد ولا طنب ولا ظلال.

٥٢ ـ عدة الداعي ، ودعائم الإسلام ، عن الباقر عليه‌السلام يا باغي العلم صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه إنما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل على ذي سلطان فأنصت له حتى فرغ من حاجته وكذلك المرء المسلم بإذن الله عز وجل ما دام في الصلاة لم يزل الله عز وجل ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته (١).

٥٣ ـ غوالي اللآلي ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أول ما ينظر في عمل العبد في يوم القيامة في صلاته فإن قبلت نظر في غيرها وإن لم تقبل لم ينظر في عمله بشيء.

وقال الصادق عليه‌السلام شفاعتنا لا تنال مستخفا بصلاته.

٥٤ ـ المعتبر ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يزال الشيطان ذعرا من أمر المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس فإذا ضيعهن اجترأ عليه.

وعن علي عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن عمود الدين الصلاة وهي أول ما ينزل فيه من عمل ابن آدم فإن صحت نظر في عمله وإن لم تصح لم ينظر في بقية عمله.

وقال عليه‌السلام لكل شيء وجه ووجه دينكم الصلاة.

٥٥ ـ الكافي ، والفقيه ، والتهذيب ، بأسانيدهم عن الصادق عليه‌السلام قال : صلاة فريضة خير من عشرين حجة وحجة خير من بيت مملو ذهبا يتصدق منه حتى يفنى أو حتى لا يبقى منه شيء (٢).

__________________

(١) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣٤.

(٢) الكافي ج ٣ ص ٢٦٥ ط الآخوندى وج ١ ص ٧٣ من الفروع الطبعة الحجرية والتهذيب ج ١ ص ٢٠٣ ط حجر ج ٢ ص ٢٣٦ ط نجف ، الفقيه ج ١ ص ١٣٤ ط نجف.

٢٢٧

تبيين أورد عليه إشكالان الأول أنه وردت أخبار دالة على فضل الحج على الصلاة فما وجه التوفيق بينهما الثاني أن الحج مشتمل على الصلاة أيضا والحج وإن كان مندوبا فالصلاة فيه فرض فما معنى تفضيل الصلاة الفريضة على عشرين حجة.

ويمكن الجواب عن الأول بوجوه :

الأول حمل الثواب في الصلاة على التفضلي وفي الحج على الاستحقاقي أي يتفضل الله سبحانه على المصلي بأزيد مما يستحقه المؤمن بعشرين حجة فلا ينافي كون ما يتفضل به على الحاج أضعاف ما يعطي المصلي.

فإن قيل قد مر ما يدل على أن الإنسان لا يستحق شيئا بعمله وإنما يتفضل الله تعالى بالثواب عليه قلنا يمكن أن يكون للتفضل أيضا مراتب إحداها ما يتوقعه الإنسان في عمله وإن كان على سبيل التفضل أو ما يظنه الناس أنه يتفضل به عليه ثم بحسب كرم الكريم وسعة جوده للتفضل مراتب لا تحصى فيمكن أن يسمى الأولى استحقاقيا كما إذا مدح شاعر كريما فهو لا يستحق شيئا عقلا ولا شرعا لكن الناس يتوقعون له بحسب ما يعرفونه من كرم الكريم أنه يعطيه مائة درهم فإذا أعطاه ألفا يقولون أعطاه عشرة أضعاف استحقاقه.

الثاني أن تحمل الفريضة على الصلوات الخمس اليومية كما هو المتبادر في أكثر الموارد والصلاة التي فضل عليها الحج على غيرها بقرينة أن الأذان والإقامة المشتملين على حي على خير العمل مختصان بها فيكون الغرض الحث على الصلوات اليومية والمحافظة عليها والإتيان بشرائطها وحدودها وآدابها وحفظ مواقيتها فإن كثيرا من الحاج يضيعون فرائضهم اليومية في طريقهم إلى الحج إما بتفويت أوقاتها أو بأدائها على المركب أو في المحمل أو بالتيمم أو مع عدم طهارة الثوب أو البدن إلى غير ذلك.

فإن قيل فما وجه الجمع بين هذا الخبر على هذا الوجه وبين الخبر المشهور

٢٢٨

بين الخاصة والعامة إن أفضل الأعمال أحمزها. قلنا على تقدير تسليم صحته المراد به أن أفضل كل نوع من العمل أحمز ذلك النوع كالوضوء في البرد والحر والحج ماشيا وراكبا والصوم في الصيف والشتاء وأمثال ذلك.

الثالث أن تحمل الفريضة على عمومها والحج في المفضل عليه على المندوب وفي المفضل على الفرض.

الرابع أن يراد بالصلاة في هذا الخبر مطلق الفرض وبها في الأخبار التي فضل الحج عليها النافلة.

الخامس أن يراد بالحج في هذا الخبر حج غير هذه الأمة من الأمم السابقة أي صلاة تلك الأمة أفضل من عشرين حجة أوقعتها الأمم الماضية.

السادس ما قيل إن المراد أنه لو صرف زمان الحج والعمرة في الصلاة كان أفضل منهما ولا يخفى أن هذا الوجه إنما يجري في الخبر الذي تضمن أن خير أعمالكم الصلاة وأشباهه مما سبق مع أنه بعيد فيها أيضا.

السابع أن يقال إنه يختلف بحسب الأحوال والأشخاص كما نقل أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل أي الأعمال أفضل فقال الصلاة لأول وقتها وسئل أيضا أي الأعمال أفضل فقال بر الوالدين وسئل أي الأعمال أفضل فقال حج مبرور. فخص كل سائل بما يليق بحاله من الأعمال فيقال كان السائل الأول عاجزا عن الحج ولم يكن له والدان فكان الأفضل بحسب حاله الصلاة والثاني كان له والدان محتاجان إلى بره فكان الأفضل له ذلك وكذا الثالث.

الثامن ما خطر بالبال زائدا على ما تقدم من أكثر الوجوه بأن يقال لما كان لكل من الأعمال مدخل في الإيمان وتأثير في نفس الإنسان ليس لغيره كما أن لكل من الأغذية تأثيرا في بدن الإنسان ومدخلا في صلاحه ليس ذلك لغيره كالخبز مثلا فإن له تأثيرا في البدن ليس ذلك للحم وكذا اللحم له أثر

٢٢٩

في البدن ليس للخبز وليس شيء منهما يغني عن الماء وهكذا.

ثم تلك الأغذية تختلف بحسب شدة حاجة البدن إليها وضعفها فإن منها ما لا تبقى الحياة بدونها ومنها ما يضعف البدن بدونها لكن يبقى الحياة مع تركها فكما أن لبدن الإنسان أعضاء رئيسة وغير رئيسة منها ما لا يبقى الشخص بدونها كالرأس والقلب والكبد والدماغ ومنها ما يبقى مع فقدها لكن لا ينتفع بالحياة بدونها كالعين والسمع واللسان واليد والرجل ومنها ما ينتفع بدونها بالحياة لكنه ناقص عن درجة الكمال كما إذا فقد بعض الأصابع أو الأذن أو الأسنان.

وكذلك له أغذية لا تبقى حياته بدونها كالماء والخبز واللحم وأغذية يبقى بدونها مع ضعف كالسمن والأرز وأغذية يتروح بها كالفواكه والحلاوات وتعرض له أمراض مهلكة وغير مهلكة وخلق الله له أدوية يتداوى بها إذا لم تكن مهلكة وكذا له أثواب يتزين بها ودواب يتقوى بها وخدم يستعين بهم وأصدقاء يتزين بمجالستهم.

فكذا الإيمان بمنزلة شخص له جميع هذه الأشياء فأعضاؤه الرئيسة هي عقائده التي إذا فقد شيئا منها يزول رأسا كالأصول الخمسة والأعضاء الغير الرئيسة هي العقائد والعلوم التي بها يقوى الإيمان ويترتب عليه الآثار على اختلاف مراتبها في ذلك فمنها ما يجب الاعتقاد بها ومنها ما يحسن ويتزين الإيمان بها وكذا له أغذية من الأعمال الصالحة فمنها ما لا يبقى بدونها وهي الفرائض كالصلاة والصوم والحج والزكاة ومنها ما يبقى بدونها مع ضعف شديد يزول ثمرته معه وهي سائر الواجبات وأما النوافل فهي كالفواكه والأشربة والأدوية المقوية ومنها ما هي بمنزلة الألبسة والحلي وله مراكب من الأخلاق الحسنة يتقوى بها وأصدقاء من مرافقة العلماء والصلحاء بهم يحترز عن كيد الشياطين والذنوب بمنزلة الأمراض المهلكة وغير المهلكة فالمهلكة منها هي الكبائر وغير المهلكة الصغائر والتوبة التضرع والخشوع أدوية لها إذا لم يصل إلى حد لا ينفع فيه الدواء والعيوب التي لا تؤثر في زواله لكن تحطه

٢٣٠

عن درجة كماله.

فإذا عرفت ذلك أمكنك فهم دقايق الأخبار والتوفيق بين الروايات المأثورة في ذلك عن الأئمة الأبرار فنعرف معنى قولهم الشيء الفلاني رأس الإيمان وآخر قلب الإيمان وآخر بصر الإيمان والصلاة عمود وأشباه ذلك.

فنقول على هذا التحقيق يمكن أن يقال مثلا الصلاة بمنزلة الماء والحج بمنزلة الخبز في قوام الإيمان فيمكن أن يقال الصلاة أفضل من حجج كثيرة والحج أفضل من صلوات كثيرة إذ لكل منهما أثر في قوام الإيمان ليس للآخر ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر كما يمكن أن يقال رغيف خبز أفضل من روايا من الماء وشربة ماء خير من أرغفة كثيرة والحاصل أنه يرجع إلى اختلاف الاعتبارات والجهات والحيثيات فبجهة الصلاة خير من الحج وبجهة الحج خير من الصلاة وأفضل منها وهذا التحقيق ينفعك في كثير من المواضع ويعينك على التوفيق بين كثير من الآيات والأخبار.

وأما الإشكال الثاني فينحل بكثير من الوجوه السابقة وأجيب عنه أيضا بأن المراد بالحج بلا صلاة واعترض عليه بأن الحج بلا صلاة باطل فلا فضل له حتى يفضل عليه الصلاة ويمكن الجواب بأن المراد به الحج مع قطع النظر عن فضل الصلاة إذا كان معها لا الحج الذي تركت فيه الصلاة.

وإنما بسطنا الكلام في ذلك لكثرة الحاجة إليه في حل الأخبار وقد مر بعض القول في كتاب الإيمان والكفر.

٥٦ ـ الخصال ، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني عن أحمد بن محمد بن سعيد عن المنذر بن محمد عن جيفر عن أبان الأحمر عن الحسين بن علوان عن عمر بن ثابت عن أبيه عن ضمرة بن حبيب قال : سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصلاة فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة من شرائع الدين وفيها مرضاة الرب عز وجل فهي منهاج الأنبياء.

٢٣١

وللمصلي حب الملائكة وهدى وإيمان ونور المعرفة وبركة في الرزق وراحة للبدن وكراهة للشيطان وسلاح على الكفار وإجابة للدعاء وقبول للأعمال وزاد للمؤمن من الدنيا إلى الآخرة وشفيع بينه وبين ملك الموت وأنيس في قبره وفراش تحت جنبه وجواب لمنكر ونكير.

وتكون صلاة العبد عند المحشر تاجا على رأسه ونورا على وجهه ولباسا على بدنه وسترا بينه وبين النار وحجة بينه وبين الرب جل جلاله ونجاة لبدنه من النار وجوازا على الصراط ومفتاحا للجنة ومهورا للحور العين وثمنا للجنة.

بالصلاة يبلغ العبد إلى الدرجة العليا لأن الصلاة تسبيح وتهليل وتحميد وتكبير وتمجيد وتقديس وقول ودعوة (١).

٥٧ ـ دعائم الإسلام ، عن علي عليه‌السلام قال : أوصيكم بالصلاة التي هي عمود الدين وقوام الإسلام فلا تغفلوا عنها (٢).

وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال لبعض شيعته بلغ موالينا عنا السلام وقل لهم لا أغني عنكم من الله شيئا إلا بورع فاحفظوا ألسنتكم و « كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ » وعليكم بالصبر والصلاة فإِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٣).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام (٤) قال : لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة (٥).

وعنه عليه‌السلام قال : أتى رجل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله ادع الله

__________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٠٣.

(٢ ـ ٣) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣٣.

(٤) في المصدر المطبوع : وعن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال : لا أعرف شيئا بعد المعرفة بالله أفضل من الصلاة ، وعن علي عليه‌السلام أنه قال : الصلاة عمود الدين وهي أول ما ينظر الله فيه من عمل ابن آدم ، فان صحت نظر في باقى عمله ، وان لم تصح لم ينظر له في عمل ، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.

(٥) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣٣.

٢٣٢

لي أن يدخلني الجنة فقال له أعني عليه بكثرة السجود (١).

وعن علي عليه‌السلام قال : الصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما اجتنب من الكبائر وهي التي قال الله « إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ » (٢).

وعنه عليه‌السلام قال : أحب الأعمال إلى الله الصلاة فما شيء أحسن من أن يغتسل الرجل أو يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يبرز حيث لا يراه أحد فيشرف الله عليه وهو راكع وساجد إن العبد إذا سجد نادى إبليس يا ويله أطاع وعصيت وسجد وأبيت وأقرب ما يكون العبد من الله إذا سجد (٣).

وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إذا أحرم العبد المسلم في صلاته أقبل الله إليه بوجهه ووكل به ملكا يلتقط القرآن من فيه التقاطا فإذا أعرض أعرض الله عنه ووكله إلى الملك (٤).

٥٨ ـ مجالس الشيخ ، عن جماعة من أصحابه عن أبي المفضل عن رجاء بن يحيى العبرتائي عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن الفضيل بن يسار عن وهب بن عبد الله عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه عن أبي ذر رحمه الله قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما أوصى إليه يا أبا ذر إن الله جعل قرة عيني في الصلاة وحببها إلي كما حبب إلى الجائع الطعام وإلى الظمآن الماء وإن الجائع إذا أكل الطعام شبع والظمآن إذا شرب الماء روي وأنا لا أشبع من الصلاة (٥).

يا أبا ذر إن الله بعث عيسى ابن مريم عليه‌السلام بالرهبانية وبعثت بالحنيفية السمحة وحبب إلي النساء والطيب جعلت في الصلاة قرة عيني (٦).

يا أبا ذر ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك ومن يكثر قرع باب

__________________

(١ ـ ٢) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣٥ والآية في سورة هود : ١١٤.

(٣ ـ ٤) دعائم الإسلام ج ١ ص ١٣٨.

(٥ ـ ٦) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٤١.

٢٣٣

الملك يفتح له (١).

يا أبا ذر ما من مؤمن يقوم إلى الصلاة إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش ووكل به ملك ينادي يا ابن آدم لو تعلم ما لك في صلاتك ومن تناجي ما سئمت وما التفت (٢).

يا أبا ذر ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة (٣).

يا أبا ذر ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضا يا جارة هل مر بك اليوم ذاكر لله عز وجل أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا لله فمن قائلة لا ومن قائلة نعم فإذا قال نعم اهتزت وانشرحت وترى أن لها الفضل على جارتها (٤).

٥٩ ـ المحاسن ، عن عبد الله بن الصلت عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية.

قال زرارة فأي ذلك أفضل قال الولاية أفضل لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن قلت ثم الذي يلي ذلك في الفضل قال الصلاة إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال الصلاة عمود دينكم قال قلت ثم الذي يليه في الفضل قال الزكاة لأنه قرنها بها وبدأ بالصلاة قبلها وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الزكاة تذهب بالذنوب قلت فالذي يليه في الفضل قال الحج وساق الحديث إلى أن قال :

قلت ثم ما ذا يتبعه قال الصوم قلت وما بال الصوم صار آخر ذلك أجمع قال أفضل الأشياء ما إذا أنت فاتك لم يكن منه توبة دون أن ترجع

__________________

(١) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١١٤.

(٢) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٤٢.

(٣ ـ ٤) أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٤٧.

٢٣٤

إليه فتؤديه بعينه إن الصلاة والزكاة والحج والولاية ليس شيء يقع مكانها دون أدائها وإن الصوم إذا فاتك أو قصرت وسافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها وجبرت ذلك الذنب بصدقة ولا قضاء عليك وليس من تلك الأربعة شيء يجزيك مكانه غيره (١).

أقول : الخبر مختصر وقد مر في كتاب الإيمان والكفر مشروحا (٢) وقد مر كثير من الأخبار في فضل الصلاة في أبواب هذا الكتاب لم نعدها مخافة الإطناب.

٦٠ ـ الهداية للصدوق ، الدعائم التي بني عليها الإسلام ست الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والولاية وهي أفضلهن ومن ترك واحدة من هذه الخمس عمدا متعمدا فهو كافر ولا صلاة إلا بوضوء والصلاة تتم بالنوافل والوضوء بغسل يوم الجمعة (٣).

٦١ ـ المجازات النبوية ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن المسلم إذا توضأ وصلى الخمس تحاتت خطاياه كما تتحات الورق.

قال السيد هذه استعارة والمراد أن الله يكفر خطاياه بسرعة فتسقط عنه آصارها وتنحط أوزارها كما تتساقط الأوراق عن أغصانها إذا هزتها الراح أو زعزعتها الرياح (٤).

٦٢ ـ كتاب الإمامة والتبصرة ، لعلي بن بابويه عن الحسن بن حمزة العلوي عن علي بن محمد بن أبي القاسم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الصلاة ميزان من وفى استوفى.

٦٣ ـ كتاب المثنى بن الوليد الحناط ، عن أبي بصير قال : دخلت

__________________

(١) المحاسن ص ٢٨٧.

(٢) راجع ج ٦٨ ص ٣٣٢ ـ ٣٣٧ من هذه الطبعة النفيسة وقد أخرجه من الكافي ج ٢ ص ١٨ ، تفسير العياشي ج ١ ص ١٩١.

(٣) الهداية ص ١٢ ط الإسلامية.

(٤) المجازات النبوية ص ٢٠٢.

٢٣٥

على حميدة أعزيها بأبي عبد الله عليه‌السلام فبكت ثم قالت يا أبا محمد لو شهدته حين حضره الموت وقد قبض إحدى عينيه ثم قال ادعوا لي قرابتي ومن لطف لي فلما اجتمعوا حوله قال إن شفاعتنا لن تنال مستخفا بالصلاة.

٦٤ ـ كتاب الحسين بن عثمان ، عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإذا قبلت قبل سائر عمله وإذا ردت عليه رد عليه سائر عمله.

٦٥ ـ كتاب عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول كان أبو ذر يقول في عظته يا مبتغي العلم صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه إنما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل على ذي سلطان فأنصت له حتى يخرج من حاجته كذلك المرء المسلم بإذن الله تعالى ما دام في صلاته لم يزل الله تعالى ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته.

٦٦ ـ كتاب جعفر بن محمد بن شريح ، عن حميد بن شعيب عن جابر الجعفي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لو كان على باب أحدكم نهر فاغتسل منه كل يوم خمس مرات هل كان يبقى على جسده من الدرن شيء إنما مثل الصلاة مثل النهر الذي ينقي كلما صلى صلاة كان كفارة لذنوبه إلا ذنب أخرجه من الإيمان مقيم عليه.

٢٣٦

٢

( باب )

( علل الصلاة ونوافلها وسننها )

١ ـ العلل ، عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان معا عن الصباح المزني وسدير الصيرفي ومحمد بن النعمان وابن أذينة جميعا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال وحدثنا ابن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار وسعد معا عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد واليقطيني جميعا عن عبد الله بن جبلة عن المزني وسدير ومحمد بن النعمان وابن أذينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنهم حضروه فقال يا عمر بن أذينة ما ترى (١) هذه الناصبة في أذانهم وصلاتهم فقلت جعلت فداك إنهم يقولون إن أبي بن كعب الأنصاري رآه في النوم فقال عليه‌السلام كذبوا والله إن دين الله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم.

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن الله العزيز الجبار عرج بنبيه إلى سمائه سبعا (٢) أما أولاهن فبارك عليه صلوات الله عليه والثانية علمه فيها فرضه والثالثة أنزل الله (٣) العزيز الجبار عليه محملا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع

__________________

(١) في الكافي : ما تروى.

(٢) يعني عليه‌السلام أن الله العزيز الجبار عرج بنبيه « صلى‌الله‌عليه‌وآله » الى السماء سبع مرات في المرة الأولى بارك عليه ، وفي المرة الثانية علمه فيها ما فرض عليه وفي المرة الثالثة أنزل الله عليه محملا .. وعرج به الى السماء الدنيا إلخ ، وقد اشتبه ذلك على بعضهم كالمؤلف العلامة وجعل الأولى والثانية والثالثة بمعنى السماء الأولى والسماء الثانية والسماء الثالثة فاعترض أنه كيف قال عليه‌السلام أنه أنزل عليه في السماء الثالثة محملا وعرج به الى السماء الدنيا وليست هي الا السماء الأولى؟.

(٣) وفي الكافي : والثانية علمه فرضه فأنزل الله محملا من نور إلخ.

٢٣٧

النور كانت محدقة حول العرش عرشه تبارك وتعالى تغشى أبصار الناظرين أما واحد منها فأصفر فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة وواحد منها أبيض فمن أجل ذلك ابيض البياض والباقي على عدد سائر ما خلق الله من الأنوار والألوان في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة فجلس فيه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء ثم خرت سجدا فقالت سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح ما أشبه هذا النور بنور ربنا.

فقال جبرئيل عليه‌السلام الله أكبر الله أكبر فسكت الملائكة وفتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة ثم جاءت فسلمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أفواجا ثم قالت يا محمد كيف أخوك قال بخير قالت فإن أدركته فأقرئه منا السلام فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أتعرفونه فقالوا كيف لم نعرفه وقد أخذ الله عز وجل ميثاقك وميثاقه منا وإنا لنصلي عليك وعليه.

ثم زاده أربعين نوعا من أنواع النور لا يشبه شيء منه ذلك النور الأول وزاده في محمله حلقا وسلاسل ثم عرج به إلى السماء الثانية فلما قرب من باب السماء تنافرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت سبوح قدوس رب الملائكة والروح ما أشبه هذا النور بنور ربنا فقال جبرئيل عليه‌السلام أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله فاجتمعت الملائكة وفتح أبواب السماء وقالت يا جبرئيل من هذا معك فقال هذا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا وقد بعث قال نعم.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرجوا إلي شبه المعانيق فسلموا وقالوا أقرئ أخاك السلام فقلت هل تعرفونه قالوا نعم وكيف لا نعرفه وقد أخذ الله ميثاقك وميثاقه وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا وإنا لنتصفح وجوه شيعته في كل يوم خمسا يعنون في وقت كل صلاة.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم زادني ربي عز وجل أربعين نوعا من أنواع النور

٢٣٨

لا تشبه الأنوار الأولى وزادني حلقا وسلاسل ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجدا وقالت سبوح قدوس رب الملائكة والروح ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا فقال جبرئيل عليه‌السلام : أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله.

فاجتمعت الملائكة وفتحت أبواب السماء وقالت مرحبا بالأول ومرحبا بالآخر ومرحبا بالحاشر ومرحبا بالناشر ، محمد خاتم النبيين وعلي خير الوصيين فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سلموا علي وسألوني عن علي أخي فقلت هو في الأرض خليفتي أوتعرفونه فقالوا نعم وكيف لا نعرفه وقد نحج البيت المعمور في كل سنة مرة وعليه رق أبيض فيه اسم محمد وعلي والحسن والحسين والأئمة وشيعتهم إلى يوم القيامة وإنا لنبارك على رءوسهم بأيدينا.

ثم زادني ربي عز وجل أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه شيئا من تلك الأنوار الأول وزادني حلقا وسلاسل ثم عرج بي إلى السماء الرابعة فلم تقل الملائكة شيئا وسمعت دويا كأنه في الصدور واجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء وخرجت إلي معانيق (١).

فقال جبرئيل عليه‌السلام حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح فقالت الملائكة صوتين مقرونين بمحمد تقوم الصلاة وبعلي الفلاح فقال جبرئيل قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فقالت الملائكة هي لشيعته أقاموها إلى يوم القيامة.

ثم اجتمعت الملائكة فقالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أين تركت أخاك وكيف هو فقال لهم أتعرفونه فقالوا نعم نعرفه وشيعته وهو نور حول عرش الله وإن في البيت المعمور لرقا من نور فيه كتاب من نور فيه اسم محمد وعلي والحسن والحسين والأئمة وشيعتهم ، لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل إنه لميثاقنا الذي أخذ علينا وإنه ليقرأ علينا في كل يوم جمعة.

__________________

(١) في شبه معانيق خ ل.

٢٣٩

فسجدت لله شكرا فقال يا محمد ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أطناب السماء قد خرقت والحجب قد رفعت ثم قال لي طأطئ رأسك وانظر ما ترى فطأطأت رأسي فنظرت إلى بيتكم هذا وإلى حرمكم هذا فإذا هو مثل حرم ذلك البيت يتقابل لو ألقيت شيئا من يدي لم يقع إلا عليه فقال لي يا محمد هذا الحرم وأنت الحرام ولكل مثل مثال.

ثم قال ربي عز وجل يا محمد مد يدك (١) فيتلقاك ماء يسيل من ساق عرشي الأيمن فنزل الماء فتلقيته باليمين فمن أجل ذلك أول الوضوء باليمنى ثم قال يا محمد خذ ذلك فاغسل به وجهك وعلمه غسل الوجه فإنك تريد أن تنظر إلى عظمتي وأنت طاهر ثم اغسل ذراعيك اليمين واليسار وعلمه ذلك فإنك تريد أن تتلقى بيديك كلامي وامسح بفضل ما في يديك من الماء رأسك ورجليك إلى كعبيك وعلمه المسح برأسه ورجليه وقال إني أريد أن أمسح رأسك وأبارك عليك فأما المسح على رجليك فإني أريد أن أوطئك موطئا لم يطأه أحد قبلك ولا يطؤه أحد غيرك فهذا علة الوضوء والأذان.

ثم قال يا محمد استقبل الحجر الأسود وهو بحيالي وكبرني بعدد حجبي فمن أجل ذلك صار التكبير سبعا لأن الحجب سبعة وافتتح القراءة عند انقطاع الحجب فمن أجل ذلك صار الافتتاح سنة والحجب مطابقة ثلاثا بعدد (٢) النور

__________________

(١) في الكافي ؛ ثم أوحى الله الى : يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها وصل لربك ، فدنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من صاد وهو ماء يسيل من ساق العرش الايمن فتلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الماء بيده اليمنى إلخ.

(٢) في الكافي : والحجب متطابقة بينهن بحار النور ، وذلك النور الذي أنزله الله على محمد « صلى‌الله‌عليه‌وآله » فمن أجل ذلك صار الافتتاح ثلاث مرات لافتتاح الحجب ثلاث مرات انتهى.

والمعنى أن الافتتاح بالتكبير يكون ثلاث مرات : مرة بثلاث تكبيرات متواليات ثم يفصل بالدعاء ومرة أخرى بتكبيرتين ثم يفصل بالدعاء ، ومرة ثالثة بتكبيرتين أخراوين

٢٤٠