بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا بك لمصابون وإنا عليك لمحزونون ثم سوى قبره ووضع يده عند رأسه وغمزها حتى بلغت الكوع وقال بسم الله ختمتك من الشيطان أن يدخلك الحديث (١).

وعنه عليه‌السلام قال : بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند موت بعض ولده فقيل له يا رسول الله تبكي وأنت تنهانا عن البكاء فقال لم أنهكم عن البكاء وإنما نهيتكم عن النوح والعويل وإنما هي رقة ورحمة يجعلها الله في قلب من شاء من خلقه ويرحم الله من يشاء وإنما يرحم من عباده الرحماء (٢).

وعنه عليه‌السلام قال : رخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في البكاء عند المصيبة وقال النفس مصابة والعين دامعة والعهد قريب فقولوا ما أرضى الله ولا تقولوا الهجر (٣).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه أوصى عند ما احتضر فقال لا يلطمن على خد ولا يشقن على جيب فما من امرأة تشق جيبها إلا صدع لها في جهنم صدع كلما زادت زيدت (٤).

وعن علي عليه‌السلام قال : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله البيعة على النساء أن لا ينحن ولا يخمشن ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء (٥).

وعنه عليه‌السلام قال : ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال فيها الناس حتى تقوم الساعة الاستسقاء بالنجوم والطعن في الأنساب والنياحة على الموتى (٦).

وعن علي عليه‌السلام أنه كتب إلى رفاعة بن شداد قاضيه على الأهواز وإياك والنوح على الميت ببلد يكون لك به سلطان (٧).

وعنه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : صوتان ملعونان يبغضهما الله إعوال عند مصيبة

__________________

(١) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٢٤.

(٢ ـ ٣) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٢٥.

(٤ ـ ٦) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٢٦.

(٧) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٢٧.

١٠١

وصوت عند نعمة يعني النوح والغناء (١).

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : نيح على الحسين بن علي سنة في كل يوم وليلة وثلاث سنين من اليوم الذي أصيب فيه وكان المسور بن مخرمة وجماعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأتون مستترين متقنعين فيستمعون ويبكون.

وقد عثرنا على بعض الأئمة نيح عليهم وبعضهم لم ينح عليهم فمن نيح عليه منهم فلعظيم رزئه ولأن الله عز وجل لم يسو بأحد منهم أحدا من خلقه وهم أهل البكاء والنياحة عليهم على خلاف سائر الناس الذين لا ينبغي ذلك لهم ومن لم ينح عليه منهم فلأمرين إما بوصية منه كما ذكرنا عن جعفر بن محمد عليه‌السلام تواضعا لربه واستكانة إليه وإما أن يكون الإمام بعده قد آثر الصبر على عظيم الرزية وتجرع غصص الحزن رجاء عظيم ثواب الله عليه فلزم الصبر وألزمه من سواه لما يكون من الغبطة والسعادة في عقباه لما وعد الله الصابرين على المصائب (٢).

وعن علي عليه‌السلام أنه قال : لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأهله اصنعوا طعاما واحملوه إلى أهل جعفر ما كانوا في شغلهم ذلك وكلوا معهم فقد أتاهم ما يشغلهم عن أن يصنعوا لأنفسهم (٣).

٤٩ ـ مشكاة الأنوار ، نقلا من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل « وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » (٤) قال المعروف أن لا يشققن جيبا ولا يلطمن وجها ولا يدعون ويلا ولا يقمن عند قبر ولا يسودن ثوبا ولا ينشرن شعرا (٥).

__________________

(١ ـ ٢) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٢٧.

(٣) دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٣٩.

(٤) الممتحنة : ١٢.

(٥) مشكاة الأنوار : ٢٠٣ و ٢٠٤.

١٠٢

ومنه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد أحبطها (١).

٥٠ ـ شهاب الأخبار ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النياحة عمل الجاهلية.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله الصبر عند الصدمة الأولى.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة.

بيان : قوله عند الصدمة قال في النهاية أي عند فورة المصيبة وشدتها والصدم ضرب الشيء الصلب بمثله والصدمة المرة منه انتهى وقال الأزهري البر هو الجنة ومنه قوله تعالى « لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ » (٢) وقد جاء من وجه آخر من كنوز الجنة.

٥١ ـ مشكاة الأنوار ، عن الرضا عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام قال : أمرني أبي يعني أبا عبد الله عليه‌السلام أن آتي المفضل بن عمر فأعزيه بإسماعيل وقال أقرئ المفضل السلام وقل له أصبنا بإسماعيل فصبرنا فاصبر كما صبرنا إذا أردنا أمرا وأراد الله أمرا سلمنا لأمر الله (٣).

ومنه عن جابر عن الباقر عليه‌السلام قال : لما توفي الطاهر بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فبكت خديجة فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله أما ترضين أن تجديه قائما لك على باب الجنة فإذا رآك أخذ بيدك فأدخلك أطهرها مكانا وأطيبها قالت فإن ذلك كذلك قال صلى‌الله‌عليه‌وآله الله أعز وأكرم من أن يسلب عبدا ثمرة فؤاده فيصبر ويتحسر ويحمد الله ثم يعذبه (٤).

٥٢ ـ قرب الإسناد ، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته

__________________

(١) مشكاة الأنوار : ٣٣٣.

(٢) آل عمران : ٩٢.

(٣) مشكاة الأنوار ص ٢٠.

(٤) مشكاة الأنوار ص ٢٣.

١٠٣

عن النوح فكرهه (١).

٥٣ ـ مجالس الصدوق ، بإسناده عن الصادق عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من يعرف البلاء يصبر عليه ومن لا يعرفه ينكره (٢).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله من يصبر على الرزية يغثه الله (٣).

ومنه عن حمزة بن محمد العلوي عن عبد العزيز بن محمد الأبهري عن محمد بن زكريا الجوهري عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها ونهى عن تصفيق الوجه (٤).

تبيين الرنة الصوت رن يرن رنينا صاح والمراد بتصفيق الوجه ضرب اليد عليه عند المصيبة أو ضرب الماء على الوجه عند الوضوء كما مر (٥) والأول أظهر.

قال العلامة قدس الله روحه في المنتهى البكاء على الميت جائز غير مكروه إجماعا قبل خروج الروح وبعده إلا الشافعي فإنه كره بعد الخروج.

وروى ابن بابويه (٦) عن الصادق عليه‌السلام قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جدا ويقول كانا يحدثاني ويؤنساني فذهبا جميعا.

__________________

(١) قرب الإسناد ص ١٦٣ ط نجف ص ١٢١ ط حجر.

(٢) أمالي الصدوق ص ٢٩٢ في حديث.

(٣) المصدر نفسه ص ٢٩٣.

(٤) أمالي الصدوق ص ٢٥٤ س ٤ و ٥ و ٢٦.

(٥) مر في أبواب الوضوء ج ٨١ ، وانما يحتمل المعنيين لان قوله « ونهى عن تصفيق الوجه » منفرد عن الجملتين الأوليين.

(٦) الفقيه ج ١ ص ١١٣.

١٠٤

ولما انصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) من وقعة أحد إلى المدينة سمع من كل دار قتل من أهلها قتيل نوحا وبكاء ولم يسمع من دار حمزة عمه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لكن حمزة لا بواكي له فآلى أهل المدينة أن لا ينوحوا على ميت ولا يبكوه حتى يبدءوا بحمزة فينوحوا عليه ويبكوه فهم إلى اليوم على ذلك.

وقال الصادق عليه‌السلام من خاف على نفسه من وجد بمصيبة فليفض من دموعه فإنه يسكن عنه (٢).

ثم قال ره الندب لا بأس به وهو عبارة عن تعديد محاسن الميت وما لقوه بفقده بلفظة النداء بوا مثل قولهم وا رجلاه وا كريماه وا انقطاع ظهراه وا مصيبتاه غير أنه مكروه لأنه لم ينقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أحد من أهل البيت عليهم‌السلام.

والنياحة بالباطل محرمة إجماعا أما بالحق فجائزة إجماعا ويحرم ضرب الخدود ونتف الشعر وشق الثوب إلا في موت الأب والأخ فقد سوغ فيهما شق الثوب للرجل وكذا يكره الدعاء بالويل والثبور.

وروى ابن بابويه (٣) عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لفاطمة حين قتل جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام : لا تدعين بذل ولا بثكل ولا حرب وما قلت فيه فقد صدقت. وروى (٤) قال : لما قبض علي بن محمد العسكري عليهما‌السلام رئي الحسن بن علي عليهما‌السلام وقد خرج من الدار وقد شق قميصه من خلف وقدام.

وقال الشهيد نور الله ضريحه في الذكرى يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعا قاله في المبسوط لما فيه من السخط لقضاء الله ولرواية خالد بن سدير (٥)

__________________

(١) الفقيه ج ١ ص ١١٦ و ١١٧.

(٢) الفقيه ج ١ ص ١١٩.

(٣) الفقيه ج ١ ص ١١٢.

(٤) الفقيه ج ١ ص ١١١.

(٥) التهذيب ج ٢ ص ٣٣٩.

١٠٥

عن الصادق عليه‌السلام لا شيء في لطم الخدود سوى الاستغفار والتوبة. وفي صحاح العامة أنا بريء ممن حلق وصلق. أي حلق الشعر ورفع صوته واستثنى الأصحاب إلا ابن إدريس شق الثوب على موت الأب والأخ لفعل العسكري على الهادي عليهما‌السلام وفعل الفاطميات على الحسين عليه‌السلام وروى فعل الفاطميات أحمد بن محمد بن داود عن خالد بن سدير (١) عن الصادق عليه‌السلام وسأله عن شق الرجل ثوبه على أبيه وأمه وأخيه أو على قريب له فقال لا بأس بشق الجيوب قد شق موسى بن عمران على أخيه هارون.

ولا يشق الوالد على ولده ولا زوج على امرأته وتشق المرأة على زوجها وفي نهاية الفاضل يجوز شق النساء الثوب مطلقا وفي الخبر إيماء إليه وروى الحسن الصفار (٢) عن الصادق عليه‌السلام لا ينبغي الصياح على الميت ولا شق الثياب وظاهره الكراهة. وفي المبسوط روي جواز تخريق الثوب على الأب والأخ ولا يجوز على غيرهما ويجوز النوح بالكلام الحسن وتعداد فضائله باعتماد الصدق فإن فاطمة عليها‌السلام فعلته في قولها :

يا أبتاه من ربه ما أدناه

يا أبتاه إلى جبرئيل أنعاه

يا أبتاه أجاب ربا دعاه

وروي أنها صلى الله عليها أخذت قبضة من تراب قبره صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضعتها على عينيها وأنشدت :

ما ذا على المشتم تربة أحمد

أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو أنها

صبت على الأيام صرن لياليا

ولما مر من رواية حمزة :

وروى ابن بابويه أن الباقر عليه‌السلام أوصى أن يندب له في المواسم عشر

__________________

(١) التهذيب ج ٢ ص ٣٣٩.

(٢) بل روى عن امرأة الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام راجع الكافي ج ٣ ص ٢٢٥.

١٠٦

سنين (١). وسئل الصادق عليه‌السلام عن أجر النائحة فقال لا بأس قد نيح على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢). وفي خبر آخر عنه لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا (٣). وفي خبر أبي بصير عنه عليه‌السلام لا بأس بأجر النائحة. وروى حنان عنه عليه‌السلام لا تشارط وتقبل ما أعطيت (٤). وروى أبو حمزة عن الباقر عليه‌السلام (٥) مات ابن المغيرة فسألت أم سلمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يأذن لها في المضي إلى مناحته فأذن لها وكان ابن عمها فقالت :

أنعى الوليد بن الوليد

أبا الوليد فتى العشيرة

حامي الحقيقة ماجدا

يسمو إلى طلب الوتيرة

قد كان غيثا للسنين

وجعفرا غدقا وميرة.

وفي تمام الحديث فما عاب عليها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ولا قال شيئا.

ثم قال قدس‌سره يجوز الوقف على النوائح لأنه فعل مباح فجاز صرف المال إليه ولخبر يونس بن يعقوب (٦) عن الصادق عليه‌السلام قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام قف من مالي كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى. والمراد بذلك تنبيه الناس على فضائله وإظهارها ليقتدي بها ويعلم ما كان عليها أهل هذا البيت ليقتفي آثارهم لزوال التقية بعد الموت.

والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية وفي التهذيب جعل كسبها مكروها بعد روايته أحاديث النوح.

ثم أول الشهيد ره أحاديث المنع المروية من طرق المخالفين بالحمل

__________________

(١ ـ ٣) الفقيه ج ١ ص ١١٦.

(٤) أخرجه في ج ١٠٣ ص ٥٨ من البحار طبعتنا هذه من قرب الإسناد ص ٥٨ ، وتراه في التهذيب ج ٢ ص ١٠٨.

(٥) راجع التهذيب ج ٢ ص ١٠٨.

(٦) راجع الفقيه ج ١ ص ١١٦ ، التهذيب ج ٢ ص ١٠٨.

١٠٧

على ما كان مشتملا على الباطل أو المحرم لأن نياحة الجاهلية كانت كذلك غالبا ثم قال المراثي المنظومة جائزة عندنا وقد سمع الأئمة عليهم‌السلام المراثي ولم ينكروها.

ثم قال روح الله روحه لا يعذب الميت بالبكاء عليه سواء كان بكاء مباحا أو محرما لقوله تعالى « وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى » (١) وما في البخاري ومسلم في خبر عبد الله بن عمر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الميت ليعذب ببكاء أهله. وفي رواية أخرى إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله. ويروى أن حفصة بكت على عمر فقال مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه. مؤول.

قيل وأحسنه أن أهل الجاهلية كانوا ينوحون ويعدون جرائمه كالقتل وشن الغارات وهم يظنونها خصالا محمودة فهو يعذب بما يبكون عليه ويشكل أن الحديث ظاهر في المنع عن البكاء بسبب استلزامه عذاب الميت بحيث ينتفي التعذيب بسبب انتفاء البكاء قضية للعلية والتعذيب بجرائمه غير منتف بكى عليه أو لا.

وقيل لأنهم كانوا يوصون بالندب والنياحة وذلك حمل منهم على المعصية وهو ذنب فإذا عمل بوصيتهم زيدوا عذابا ورد بأن ذنب الميت الحمل على الحرام والأمر به فلا يختلف عذابه بالامتثال وعدمه ولو كان للامتثال أثر لبقي الإشكال بحاله.

وقيل لأنهم إذا ندبوه يقال له كنت كما يقولون ورد بأن هذا توبيخ وتخويف له وهو نوع من العذاب فليس في هذا سوى بيان نوع التعذيب فلم يعذب بما يفعلون.

وعن عائشة رحم الله ابن عمر والله ما كذب ولكنه أخطأ أو نسي إنما مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقبر يهودية وهم يبكون عليها فقال إنهم يبكون وإنها لتعذب بجرمه. وفي هذا نسبة الراوي إلى الخطاء وهو علة من العلل المخرجة للحديث

__________________

(١) فاطر : ١٨.

١٠٨

عن شرط الصحة.

ولك أن تقول إن الباء بمعنى مع أي يعذب مع بكاء أهله عليه يعني الميت يعذب بأعماله وهم يبكون عليه فما ينفعه بكاؤهم ويكون زجرا عن البكاء لعدم نفعه ويطابق الحديث الآخر.

توضيح قوله لا تدعين بذل وفي بعض النسخ بويل بأن تقول وا ذلاه أو وا ويلاه أو وا ثكلاه والثكل بالضم الموت والهلاك وفقدان الحبيب أو الولد ويحرك ولا حرب وفي بعض النسخ ولا حزن بأن تقول وا حرباه أو وا حزناه يقال حربه أي سلبه ما معه أي هلم الذل والويل والثكل والحرب فهذه أوان مجيئكن ووقت عروضكن.

قوله وما قلت فيه فقد صدقت أي ما قلت فيه من الكمالات فأنت صادقة لأنه كان متصفا بها أو اصدقي فيما تقولين فيه ولا تقولي كذبا والأول أظهر قوله أنعى الوليد النعي خبر الموت وفي القاموس المولدة بين العرب كالوليدة وليس في بعض النسخ ابن الوليد وفي نسخ التهذيب موجود والفتى الشاب الكريم ويقال فلان حامي الحقيقة إذا حمي ما يحق عليه حمايته والوتر والوتيرة الجناية التي يجنيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سبي والموتور الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه ويقال سما إلى المعالي إذا تطاول إليها والسنة القحط والجعفر النهر الصغير والكبير الواسع ضد والماء الغدق بالتحريك الكثير والميرة بالكسر الطعام يمتاره الإنسان.

٥٤ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن أبيه عن المفيد عن محمد بن محمد بن طاهر عن ابن عقدة الحافظ عن أحمد بن يوسف عن الحسين بن محمد عن أبيه عن عاصم بن عمر عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كتب إلى الحسن بن علي عليه‌السلام قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له فكتب إليهم أما بعد فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة فعند الله أحتسبها تسليما لقضائه وصبرا على بلائه أوجعتنا المصائب وفجعتنا النوائب بالأحبة المألوفة التي كانت بنا حفية والإخوان

١٠٩

المحبين الذين كان يسر بهم الناظرون وتقر بهم العيون أضحوا قد اخترمتهم الأيام ونزل بهم الحمام فخلفوا الخلوف وأودت بهم الحتوف فهم صرعى في عساكر الموتى متجاورون في غير محلة التجاور ولا صلات بينهم ولا تزاور ، لا يتلاقون عن قرب جوارهم أجسامهم نائية من أهلها خالية من أربابها قد أخشعها إخوانها فلم أر مثل دارها دارا ولا مثل قرارها قرارا في بيوت موحشة وحلول مضجعة قد صارت في تلك الديار الموحشة وخرجت من الديار المونسة ففارقتها من غير قلى فاستودعتها للبلى وكانت أمة مملوكة سلكت سبيلا مسلوكة صار إليها الأولون وسيصير إليها الآخرون والسلام (١).

بيان : فعند الله أحتسبها أي أحتسب الأجر بصبري على مصيبتها وفجعته المصيبة أي أوجعته وكذلك التفجيع والحفاوة المبالغة في السؤال عن الرجل والعناية في أمره واخترمهم الدهر أي اقتطعهم واستأصلهم والحمام بالكسر قدر الموت وقال الفيروزآبادي (٢) الخلف بالتحريك والسكون كل من يجيء بعد من مضى إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر وفي حديث ابن مسعود ثم إنه تخلف من بعده خلوف هي جمع خلف.

وأودى به الموت ذهب والحتوف بالضم جمع الحتف وهو الموت وعن في قوله عن قرب جوارهم لعلها للتعليل أي لا يقع منهم الملاقاة الناشئة عن قرب الجوار بل أرواحهم يتزاورون بحسب درجاتهم وكمالاتهم وقوله ـ عليه‌السلام قد أخشعها كذا في أكثر النسخ ولا يناسب المقام وفي بعضها بالجيم والجشع الجزع لفراق الإلف ولا يبعد أن يكون تصحيف اجتنبها والحلول بالضم جمع حال من قولهم حل بالمكان أي نزل فيه ومضجعة بضم الميم من أضجعه وضع جنبه إلى الأرض وفي أكثر النسخ مخضعة والقلى بالكسر البغض.

٥٥ ـ ثواب الأعمال ، عن حمزة بن محمد العلوي عن علي بن إبراهيم عن

__________________

(١) أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٠٥.

(٢) هذا من سهو القلم ، والصحيح قال الجزري.

١١٠

أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله التعزية تورث الجنة (١).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها (٢).

المقنع ، مرسلا مثله (٣) وفيه من عزى مؤمنا.

الهداية ، روى : الخبرين معا مرسلا (٤).

تبيين : روى في الكافي الخبر الأخير عن علي بن إبراهيم (٥) عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال في الذكرى التعزية هي تفعلة من العزاء أي الصبر يقال عزيته أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن المصاب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ونسبته إلى عدله وحكمته وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته وهي مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا انتهى.

وفي النهاية التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده بلا خلاف بين العلماء في ذلك إلا للثوري فإنه قال لا تستحب التعزية بعد الدفن وقال في التذكرة قال الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد وقال المحقق في المعتبر التعزية مستحبة وأقلها أن يراه صاحب التعزية وباستحبابها قال أهل العلم مطلقا خلافا للثوري فإنه كرهها بعد الدفن ثم قال فأما رواية إسحاق بن عمار فليس بمناف لما ذكرنا لاحتمال أنه يريد عند القبر بعد الدفن أو قبله وقال الشيخ بعد الدفن أفضل وهو حق انتهى.

__________________

(١ ـ ٢) ثواب الأعمال ص ١٨٠.

(٣) المقنع : ٦ : ط حجر ، ص ٢٢ ط الإسلامية.

(٤) الهداية ص ٢٨.

(٥) الكافي ج ٣ ص ٢٠٥ ، ورواه بسند آخر ص ٢٢٧.

١١١

وأقول : رواية إسحاق هي ما رواه الكليني وغيره (١) بسند موثق وبسند آخر فيه ضعف (٢) على المشهور عنه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت.

وروي بسند حسن عنه عليه‌السلام (٣) قال : التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن. وبسند مرسل عنه عليه‌السلام (٤) قال : التعزية الواجبة بعد الدفن. وبسند حسن لا يقصر عن الصحيح (٥) عن هشام بن الحكم قال : رأيت موسى عليه‌السلام يعزي قبل الدفن وبعده.

فظهر من تلك الأخبار أن التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده وأن بعده (٦) أفضل ويستفاد من بعضها عدم استحباب استمرار المأتم والتعزية ولعله محمول على عدم تأكد استحبابها وقد مر الكلام فيه.

وقال في القاموس الحلة بالضم إزار ورداء برد أو غيره ولا يكون حلة إلا من ثوبين أو ثوب له بطانة وقال فيه الحبر بالكسر الأثر أو أثر النعمة والحسن وبالفتح السرور كالحبور والحبرة والحبر محركة وأحبره سره النعمة كالحبرة وقال تحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه وفي النهاية الحبر بالكسر وقد يفتح الجمال والهيئة الحسنة يقال حبرت الشيء تحبيرا إذا حسنته انتهى.

أقول : فيمكن أن يقرأ على المجهول مشددا أي يحسن ويزين بها ومخففا أي تسير بها.

وروى في الذكرى يحبى بها من الحبوة وهي العطاء ثم قال وروي يحبر بها أي يسر.

__________________

(١) راجع الكافي ج ٣ ص ٢٠٣ ، التهذيب ج ١ ص ١٣١.

(٢ ـ ٤) الكافي ج ٣ ص ٢٠٤.

(٥) الكافي ج ٣ ص ٢٠٥.

(٦) ما بين العلامتين ساقط عن المطبوعة.

١١٢

٥٦ ـ ثواب الأعمال ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان فيما ناجى به موسى عليه‌السلام ربه قال يا رب ما لمن عزى الثكلى قال أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (١).

بيان : في القاموس ناجاه مناجاة ساره وقال الثكل بالضم الموت والهلاك وفقدان الحبيب أو الولد ويحرك وقد ثكله كفرح فهو ثاكل وثكلان وهي ثاكل وثكلانة قليل وثكول وثكلى انتهى والمراد هنا المرأة التي مات ولدها أو حميمها أو الطائفة الثكلى أعم من الرجال والنساء والأول أظهر ولعل التخصيص لكون المرأة أشد جزعا وحزنا في المصائب من الرجل والإطلاق إما محمول على الحقيقة أو المجاز.

قال في النهاية وفي الحديث سبعة يظلهم الله بظلة وفي حديث آخر سبعة في ظل العرش أي في ظل رحمته وقال الكرماني في شرح صحيح البخاري سبعة في ظله أضافه إليه للتشريف أي ظل عرشه أو ظل طوبى أو الجنة وقال النووي في شرح صحيح مسلم وقيل الظل عبارة عن الراحة والنعيم نحو هو في عيش ظليل والمراد ظل الكرامة لا ظل الشمس لأنها وسائر العالم تحت العرش وقيل أي كنه من المكاره ووهج الموقف وظاهره أنه في ظله من الحر والوهج وأنفاس الخلق وهو قول الأكثر.

ويوم لا ظل إلا ظله أي حين دنت منهم الشمس واشتد الحر وأخذهم العرق وقيل أي لا يكون من له ظل كما في الدنيا.

أقول ويؤيد أن المراد به ظل العرش ما رواه في الكافي (٢) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : من عزى الثكلى أظله الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.

__________________

(١) ثواب الأعمال ص ١٧٧.

(٢) الكافي ج ٣ ص ٢٧٧.

١١٣

١٧

( باب )

( أجر المصائب )

١ ـ مجالس الصدوق ، عن محمد بن موسى عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن وهب المصري عن ثؤابة بن مسعود عن أنس بن مالك قال : توفي ابن لعثمان بن مظعون رضي الله عنه فاشتد حزنه عليه حتى اتخذ من داره مسجدا يتعبد فيه فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له يا عثمان إن الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله.

يا عثمان بن مظعون للجنة ثمانية أبواب وللنار سبعة أبواب أفما يسرك أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك يشفع لك إلى ربك قال بلى فقال المسلمون ولنا يا رسول الله في فرطنا ما لعثمان قال نعم لمن صبر منكم واحتسب تمام الخبر (١).

٢ ـ ومنه عن محمد بن موسى عن عبد الله الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن سيف عن أخيه الحسين عن أبيه سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من قدم أولادا يحتسبهم عند الله حجبوه من النار بإذن الله عز وجل (٢).

٣ ـ ثواب الأعمال ، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى مثله (٣).

__________________

(١) أمالي الصدوق ص ٤٠.

(٢) أمالي الصدوق ص ٣٢٣.

(٣) ثواب الأعمال : ١٧٨.

١١٤

توضيح قال في النهاية فيه من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا أي طلبا لوجه الله وثوابه والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به والحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها ومنه الحديث من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الأجر بصبره على مصيبته يقال فلان احتسب ابنا له إذا مات كبيرا وافترطه إذا مات صغيرا ومعناه اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها انتهى وقال في المغرب احتسب ولده معناه اعتد أجر مصابه فيما يدخر.

٣ ـ الخصال ، عن الخليل بن أحمد عن المخلدي عن يونس بن عبد الأعلى عن عبد الله بن وهب عن عمر بن الحارث عن أبي غسانة المعافري عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على الله عز وجل وجبت له الجنة (١).

٤ ـ ومنه ، عن محمد بن جعفر البندار عن أبي العباس الحمادي عن محمد بن علي الصائغ عن عمر بن سهل عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن أبي سلام الأسود عن أبي سالم راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول خمس ما أثقلهن في الميزان : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والولد الصالح يتوفى لمسلم فيصبر ويحتسب (٢).

٥ ـ ثواب الأعمال ، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن سيف عن أخيه الحسين عن أبيه سيف بن عميرة عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عمر بن عنبسة السلمي قال

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ٨٥.

(٢) الخصال ج ١ ص ١٢٨.

١١٥

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول أيما رجل قدم ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث أو امرأة قدمت ثلاثة أولاد فهم حجاب يسترونه من النار (١).

٦ ـ ومنه ، بهذا الإسناد عن سيف بن عميرة عن أشعث بن سوار عن الأحنف بن قيس عن أبي ذر الغفاري رحمة الله عليه قال ما من مسلمين يقدمان عليهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته (٢).

بيان : قال الشهيد الثاني قدس‌سره بعد إيراد الروايتين الحنث بكسر الحاء المهملة وآخره مثلثة الإثم والذنب والمعنى أنهم لم يبلغوا السن الذي يكتب عليهم فيه الذنوب قال الخليل بلغ الغلام الحنث أي جرى عليه القلم وفي النهاية فيه من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث أي لم يبلغوا مبلغ الرجال ويجري عليهم القلم فيكتب عليهم الحنث وهو الإثم وقال الجوهري مبلغ الغلام الحنث أي المعصية والطاعة.

٧ ـ ثواب الأعمال ، عن محمد بن الحسن عن الصفار عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن علي بن ميسر عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ولد واحد يقدمه الرجل أفضل من سبعين ولدا يبقون بعده يدركون القائم عليه‌السلام (٣).

٨ ـ مسكن الفؤاد ، عن علي بن ميسرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ولد واحد يقدمه الرجل أفضل من سبعين يخلفونه من بعده كلهم قد ركب الخيل وقاتل في سبيل الله.

وعنه عليه‌السلام قال : ثواب المؤمن من ولده الجنة صبر أو لم يصبر.

وعنه عليه‌السلام من أصيب بمصيبة جزع عليها أو لم يجزع صبر عليها أو لم يصبر كان ثوابه من الله الجنة.

إيضاح : يدل على أن الجزع لا يحبط أجر المصيبة ويمكن حمله على ما إذا لم يقل ولم يفعل ما يسخط الرب عز وجل أو على ما إذا صدر منه بغير اختياره.

__________________

(١ ـ ٣) ثواب الأعمال ص ١٧٨.

١١٦

٩ ـ مسكن الفؤاد ، عن ثوبان قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول بخ بخ خمس ما أثقلهن في الميزان ـ لا إله إلا الله وسبحان الله والله أكبر والحمد لله والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه.

قال رحمه‌الله بخ بخ كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وتكرر للمبالغة وربما شددت ومعناها تفخيم الأمر وتعظيمه ومعنى يحتسبه أي يجعله حسبه وكفاية عند الله عز وجل أي يحتسبه بصبره على مصيبته بموته ورضاه بالقضاء

وعن عبد الرحمن بن سمرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إني رأيت البارحة عجبا فذكر حديثا طويلا وفيه رأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاء أفراطه فثقلوا ميزانه.

قال ره الفرط بفتح الفاء والراء هو الذي لم يدرك من الأولاد الذكور والإناث ويتقدم وفاته على أبويه أو أحدهما يقال فرط القوم إذا تقدمهم وأصله الذي يتقدم الركب إلى الماء يهيئ لهم أسبابه.

وعن سهل بن حنيف قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم حتى إن السقط ليظل محبنطئا على باب الجنة يقال له ادخل يقول حتى يدخل أبواي.

قال قدس‌سره السقط مثلث السين والكسر أكثر هو الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه ومحبنطئا بالهمز وتركه هو المتغضب المستبطئ للشيء.

بيان : قال الجزري بعد نقل الحديث المحبنطئ بالهمز وتركه المتغضب المستبطئ للشيء وقيل هو الممتنع امتناع طلبة لا امتناع إباء يقال احبنطأت واحبنطيت والحبنطى القصير البطين والنون والهمزة والألف والياء من زوائد الإلحاق.

١٠ ـ المسكن ، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : النفساء يجرها ولدها يوم القيامة بسرره إلى الجنة.

قال قدس‌سره النفساء بضم النون وفتح الفاء المرأة إذا ولدت والسرر بفتح السين المهملة وكسرها ما تقطعه القابلة من سرة المولود التي هي موضع القطع

١١٧

وما بقي بعد القطع فهو السرة وكان يريد الولد الذي لم تقطع سرته.

بيان قال في النهاية السرر بضم السين وفتح الراء وقيل هو بفتح السين والراء وقيل بكسر السين ومنه حديث السقط أنه يجر والديه بسرره حتى يدخلهما الجنة (١).

١١ ـ المسكن ، عن عبيد بن عمير الليثي قال : إذا كان يوم القيامة خرج ولدان المسلمين من الجنة بأيديهم الشراب قال فيقول لهم الناس اسقونا اسقونا فيقولون أبوينا أبوينا قال حتى السقط محبنطئا [ على ] باب الجنة يقول لا أدخل حتى يدخل أبواي.

وعنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان يوم القيامة نودي في أطفال المؤمنين والمسلمين أن اخرجوا من قبوركم فيخرجون من قبورهم ثم ينادى فيهم أن امضوا إلى الجنة زمرا فيقولون ربنا ووالدينا معنا ثم ينادى فيهم الثانية أن امضوا إلى الجنة زمرا فيقولون ربنا ووالدينا معنا فيقول في الثالثة ووالديكم معكم فيثب كل طفل إلى أبويه فيأخذون بأيديهم فيدخلون بهم الجنة فهم أعرف بآبائهم وأمهاتهم يومئذ من أولادكم الذين في بيوتكم.

قال رحمه‌الله الزمر الأفواج المتفرقة بعضها في أثر بعض وقيل في زمر (٢) الذين اتقوا من الطبقات المختلفة الشهداء والزهاد والعلماء والقراء والمحدثون وغيرهم. وروي أن رجلا كان يجيء بصبي له معه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه مات فاحتبس والده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسأل عنه فقالوا مات صبيه الذي رأيته معه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله هلا آذنتموني فقوموا إلى أخينا نعزيه فلما دخل عليه إذا الرجل حزين وبه كآبة فعزاه فقال يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كنت أرجوه

__________________

(١) ولا يبعد أن يكون « والدته » و « حتى يدخلها » وفي بعض رواياتهم لتجر أمه بسرره منه مد ظله ، كذا في هامش النسخة المخطوطة.

(٢) يعني قوله تعالى « وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً » الآية ٧١ من سورة الزمر.

١١٨

لكبر سني وضعفي فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أما يسرك أن يكون يوم القيامة بإزائك فيقال له ادخل الجنة فيقول يا رب وأبواي فلا يزال يشفع حتى يشفعه الله عز وجل فيكم فيدخلكم جميعا الجنة. قال قدس الله روحه احتبس أي تخلف عن المجيء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وآذنتموني بالمد أخبرتموني والكآبة بالمد تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن والضعف بضم المعجمة وفتحها وبإزائك أي بحذائك.

وعن عبد الله بن قيس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته أقبضتم ولد عبدي فيقولون بحمدك نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ما ذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد.

بيان : روى قريبا منه في الكافي عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام وقال في النهاية فيه إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم قيل للولد ثمرة لأن الثمر نتيجة الشجر والولد نتيجة الأب انتهى وأقول إضافة الثمرة إلى الفؤاد أي القلب لأنه أشرف الأعضاء ولأنه محل الحب فلما كان حبه لازقا بالقلب لا ينفك عنه فكأنه ثمرته وقال الطيبي ثمرة فؤاده أي نقاوة خلاصته فإن خلاصة الإنسان الفؤاد والفؤاد إنما يعتد به لما هو مكان اللطيفة التي خلق لها وبها شرفه وكرامته.

١٢ ـ المسكن ، روي أن امرأة أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعها ابن لها مريض فقالت يا رسول الله ادع الله أن يشفي ابني هذا فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هل لك فرط قالت نعم يا رسول الله قال صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجاهلية أو في الإسلام قالت بل في الإسلام فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جنة حصينة جنة حصينة.

قال رحمه‌الله الجنة بالضم الوقاية أي وقاية لك من النار أو من جميع الأهوال وحصينة بمعنى فاعل أي محصنة لصاحبها وساترة من أن يصل

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٢١٩.

١١٩

إليه شيء.

وعن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من دفن ثلاثة فصبر عليهم واحتسب وجبت له الجنة فقالت أم أيمن واثنين فقال من دفن اثنين وصبر عليهما واحتسبهما وجبت له الجنة فقالت أم أيمن وواحدا فسكت وأمسك ثم قال يا أم أيمن من دفن واحدا فصبر عليه واحتسبه وجبت له الجنة.

وعن بريدة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتعاهد الأنصار ويعودهم ويسأل عنهم فبلغه أن امرأة مات ابن لها فجزعت عليه فأتاها فأمرها بتقوى الله عز وجل والصبر فقالت يا رسول الله إني امرأة رقوب لا ألد ولم يكن لي ولد غيره فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الرقوب التي يبقى لها ولدها ثم قال ما من امرئ مسلم ولا امرأة مسلمة يموت لها ثلاثة من الولد إلا أدخلهما الجنة فقيل له واثنان فقال واثنان.

وفي حديث آخر أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لها أما تحبين أن ترينه على باب الجنة وهو يدعوك إليها فقالت بلى قال فإنه كذلك.

قال رحمه‌الله الرقوب بفتح الراء هو الذي لا يولد له ولا يعيش ولده هذا بحسب اللغة وقد خصه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بما ذكر.

وعن أنس قال : وقف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على مجلس من بني سلمة فقال يا بني سلمة ما الرقوب فيكم قالوا الذي لا يولد له قال بل هو الذي لا فرط له قال ما المعدم فيكم قالوا الذي لا مال له قال بل هو الذي يقدم وليس له عند الله خير. ونحوه عن ابن مسعود.

ودخل صلى‌الله‌عليه‌وآله على امرأة يعزيها بابنها فقال بلغني أنك جزعت جزعا شديدا فقالت وما يمنعني يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد تركني عجوزا رقوبا فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لست بالرقوب إنما الرقوب التي تتوفى وليس لها فرط ولا يستطيع الناس يعودون عليها ومن أفراطهم فتلك الرقوب.

إيضاح قال الجزري فيه إنه قال ما تعدون الرقوب فيكم قالوا

١٢٠