بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الحيوانات وسائر الأشياء والسماء ما يظلهم ويكون فوقهم فسطح هذه الأرض أرض لنا والسماء الأولى سماء لنا تظلنا والسطح المحدب للسماء الأولى أرض للملائكة المستقرين عليها والسماء الثانية سماء لهم وهكذا محدب كل سماء أرض لما فوقها ومقعر السماء الذي فوقها سماء بالنسبة إليها إلى السماء السابعة فإنها سماء وليست بأرض والأرض التي نحن عليها أرض وليست بسماء والسماوات الستة الباقية كل منها سماء من جهة وأرض من جهة وثانيهما أن يكون المعنى أن السماوات سبع كرات في جوف كل سماء أرض وليست السماوات بعضها في جوف بعض كما هو المشهور بل بعضها فوق بعض معتمدا بعضها على بعض فالمراد بقوله إلى الأرض أي مع الأرض أو إلى أن ينتهي إلى هذه الأرض التي نحن عليها قوله عليه‌السلام فأما صاحب الأمر أي الذي ينزل هذا الأمر إليه.

٥ ـ العيون : والعلل ، في خبر الشامي أنه سأل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الأرض مم خلق قال من زبد الماء (١).

٦ ـ العياشي ، عن الخطاب الأعور رفعه إلى أهل العلم والفقه من آل محمد عليهم السلام قال : « وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ » يعني هذه الأرض الطيبة يجاورها هذه المالحة وليست منها كما يجاور القوم القوم وليسوا منهم.

٧ ـ الإختصاص ، عن ابن عباس سأل ابن سلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما الستون قال الأرض لها ستون عرقا والناس خلقوا على ستين لونا (٢).

٨ ـ معاني الأخبار ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه نظر إلى المقابر فقال يا حماد هذه كفات الأموات ونظر إلى البيوت فقال هذه كفات الأحياء ثم تلا « أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً » (٣) وروي أنه دفن الشعر والظفر (٤).

__________________

(١) العيون : ج ١ ، ص ٢٤١ ، علل الشرائع : ج ٢ ، ص ٢٨٠.

(٢) الاختصاص : ٤.

(٣) المرسلات : ٢٥ ـ ٢٦.

(٤) معاني الأخبار : ٣٤٢.

٨١

بيان لعل المعنى أن دفن الشعر والظفر في الأرض لما كان مستحبا فهذا أيضا داخل في كفات الأحياء أو في كفات الأموات لعدم حلول الحياة فيهما والأول أظهر.

٩ ـ العيون ، عن المفسر بإسناده إلى أبي محمد العسكري عن آبائه عليهم‌السلام ن علي بن الحسين عليهم‌السلام في قوله عز وجل « الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً » (١) قال جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم ولم يجعلها شديدة الحمي والحرارة فتحرقكم ولا شديدة البرودة فتجمدكم ولا شديدة طيب الريح فتصدع هاماتكم ولا شديدة النتن فتعطبكم ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم (٢) وأبنيتكم وقبور (٣) موتاكم ولكنه عز وجل جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم وجعل فيها (٤) ما تنقاد به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم فذلك « جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً » ثم قال « وَالسَّماءَ بِناءً » سقفا (٥) محفوظا من فوقكم يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم ثم قال عز وجل « وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً » يعني المطر ينزله من على (٦) ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم وأوهادكم ثم فرقه رذاذا ووابلا وهطلا وطلا لتنشفه أرضوكم ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم ثم قال عز وجل « فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ » يعني مما يخرجه من الأرض رزقا لكم « فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً » أي أشباها وأمثالا من الأصنام التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدر على شيء « وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ » أنها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم تبارك وتعالى (٧).

الاحتجاج ، بالإسناد إلى أبي محمد عليه‌السلام مثله (٨)

__________________

(١) البقرة : ٢٢.

(٢) في الاحتجاج : حرثكم.

(٣) فيه : دفن موتاكم.

(٤) فيه : من اللين ما تنقاد به لحرثكم.

(٥) فيه : يعنى سقفا ...

(٦) فيه : علو.

(٧) العيون : ج ١ ، ص ١٣٧.

(٨) الاحتجاج : ٢٥٣.

٨٢

تفسير الإمام ، عليه‌السلام مثله.

بيان فتصدع على بناء التفعيل من الصداع وأعطبه أهلكه والرذاذ كسحاب المطر الضعيف أو الساكن الدائم الصغار القطر كالغبار والوابل المطر الشديد الضخم والهطل المطر الضعيف الدائم والطل المطر الضعيف أو أخف المطر وأضعفه والندى أو فوقه ودون المطر كل ذلك ذكره الفيروزآبادي.

١٠ ـ التوحيد ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم وغيره عن خلف بن حماد عن الحسن بن زيد الهاشمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : جاءت زينب العطارة الحولاء إلى نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبناته وكانت تبيع منهن العطر فدخل (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي عندهن فقال إذا أتيتنا طابت بيوتنا فقالت بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله فقال إذا بعت فاحشي (٢) ولا تغشي فإنه أتقى وأبقى للمال فقالت ما جئت (٣) لشيء من بيعي وإنما جئتك أسألك عن عظمة الله قال جل جلاله سأحدثك عن بعض ذلك ثم قال إن هذه الأرض بمن فيها (٤) ومن عليها عند التي تحتها كحلقة ملقاة (٥) في فلاة قي وهاتان ومن فيهما ومن عليهما عند التي تحتهما كحلقة (٦) في فلاة قي والثالثة حتى انتهى إلى السابعة ثم تلا هذه الآية « خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ » والسبع (٧) ومن فيهن ومن عليهن على ظهر الديك كحلقة (٨) في فلاة قي والديك له جناح بالمشرق وجناح بالمغرب ورجلاه في التخوم والسبع والديك بمن فيه ومن عليه على الصخرة كحلقة (٩) في فلاة قي والسبع والديك والصخرة بمن فيها ومن عليها على ظهر الحوت كحلقة (١٠) في فلاة قي والسبع والديك والصخرة والحوت عند البحر المظلم كحلقة (١١) في فلاة

__________________

(١) في الكافي : فجاء.

(٢) في التوحيد والكافي : فأحسنى.

(٣) في الكافي : فقالت : يا رسول الله ما أتيت بشيء من بيعى وإنما أتيت ...

(٤) فيه : بمن عليها.

(٥) في التوحيد : كحلقة في فلاة ...

(٦) في الكافي : كحلقة ملفاة ...

(٧) في الكافي : والسبع الأرضين بمن ...

(٨ _ ١١) فيه : كحلقة ملقاة.

٨٣

قي والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم عند الهواء كحلقة (١) في فلاة قي والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء عند الثرى كحلقة (٢) في فلاة قي ثم تلا هذه الآية « لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى » (٣) ثم انقطع الخبر (٤) والسبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثرى بمن فيه ومن عليه عند السماء الأولى كحلقة في فلاة قي وهذا والسماء (٥) الدنيا ومن فيها ومن عليها عند التي فوقها كحلقة في فلاة قي وهذا وهاتان السماوان عند الثالثة كحلقة في فلاة قي وهذا وهذه الثلاث عند الرابعة بمن فيهن ومن عليهن كحلقة في فلاة قي حتى انتهى إلى السابعة وهذه السبع (٦) ومن فيهن ومن عليهن عند البحر المكفوف عن أهل الأرض كحلقة في فلاة قي والسبع والبحر المكفوف عند جبال البرد كحلقة في فلاة قي ثم تلا هذه الآية « وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ » (٧) وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد (٨) عند حجب النور كحلقة في فلاة قي وهو سبعون ألف حجاب يذهب نورها بالأبصار وهذا والسبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء والحجب عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قي والسبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء (٩) والحجب في الكرسي كحلقة في فلاة قي ثم تلا هذه الآية « وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » (١٠) وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء والحجب والكرسي عند العرش كحلقة في فلاة قي

__________________

(١ و ٢) وفيه : كحلقة ملقاة.

(٣) طه : ٦.

(٤) في الكافي : عند الثرى.

(٥) في التوحيد والكافي : سماء.

(٦) في الكافي : وهن.

(٧) النور : ٤٣.

(٨) في الكافي : وجبال البرد عند الهواء.

(٩) في الكافي : .. والهواء عند حجب النور كحلقة في فلاة قى ، وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النور عند الكرسي.

(١٠) البقرة : ٢٥٥.

٨٤

ثم تلا هذه الآية « الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » (١) ما تحمله الأملاك إلا بقول لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (٢).

الكافي ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان عن خلف بن حماد مثله.

بيان فإنه أتقى أي أقرب إلى التقوى وأنسب بها أو احفظ لصاحبه عن مفاسد الدنيا والآخرة وقال الجوهري الفلاة المفازة وقال القي بالكسر والتشديد فعل من القواء وهي الأرض القفر الخالية وقال التخم منتهى كل قرية أو أرض يقال فلان على تخم من الأرض والجمع تخوم قوله عليه‌السلام ثم انقطع الخبر وفي الكافي عند الثرى والمعنى أنا لم نخبر به أو لم نؤمر بالإخبار به قوله المكفوف عن أهل الأرض أي ممنوع عنهم لا ينزل منه ماء إليهم وفي الكافي بعد قوله « مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ » هكذا وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد عند الهواء الذي تحار فيه القلوب كحلقة في فلاة قي وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء عند حجب النور كحلقة في فلاة قي وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء عند حجب النور كحلقة في فلاة قي وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النور عند الكرسي إلى قوله وتلا هذه الآية « الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » ثم قال وفي رواية الحسن الحجب قبل الهواء الذي تحار فيه القلوب أي كانت الرواية في كتاب الحسن بن محبوب هكذا موافقا لما نقله الصدوق.

ثم اعلم أن الخبر يدل على أن الأرضين طبقات بعضها فوق بعض وقد يستشكل فيما اشتمل عليه هذا الخبر من أن الأرضين السبع والديك والصخرة والحوت والبحر المظلم والهواء والثرى عند السماء الأولى كحلقة في فلاة قي فيدل على أن جميع ذلك ليس لها قدر محسوس عند فلك القمر مع أن الأرض وحدها لها قدر محسوس

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١٥٣ ، والآية في سورة طه : ٥.

(٢) التوحيد : ١٩٩.

٨٥

عنده بدلالة الخسوف واختلاف المنظر وغير ذلك مما علم في الأبعاد والأجرام وقد يجاب عن ذلك بأنه لما لم يمكن أن تحمل النسب التي ذكرت بين هذه الموجودات في هذا الحديث على النسب المقدارية التي اعتبر مثلها بين الحلقة والفلاة اللتين هما المشبه بهما في جميع المراتب فإنه خلاف ما دل عليه العقول الصحيحة السليمة بعد التأمل في البراهين الهندسية والحسابية التي لا يحوم حولها الشك أصلا ولا تعتريها الشبهة قطعا فيمكن أن يأول ويحمل على أن المعنى أن نسبة الحكم والمصالح المرعية في خلق كل من تلك المراتب إلى ما روعي فيما ذكر بعده كنسبة مقدار الحلقة إلى الفلاة ليدل على أن ما يمكننا أن نشاهد أو ندرك من آثار صنعه وعجائب حكمته في الشواهد ليس له نسبة محسوسة إلى أدنى ما هو محجوب عنا فكيف إلى ما فوقه وأجاب آخرون بأن المعنى ارتفاع ثقل كل من تلك الموجودات عما اتصل به فالطبقة الأولى من الأرض رفع الله ثقلها عن الطبقة الثانية فليس ثقلها عليها إلا كثقل حلقة على فلاة سواء كانت أكبر منها حجما أو أصغر وأقول على ما احتملنا سابقا من كون جميع الأفلاك أجزاء من السماء الدنيا داخلة فيها كما هو ظاهر الآية الكريمة يمكن حمل هذا التشبيه على ظاهره من غير تأويل والله يعلم حقائق الموجودات.

١١ ـ توحيد المفضل ، قال قال الصادق عليه‌السلام فكر يا مفضل فيما خلق الله عز وجل عليه هذه الجواهر الأربعة ليتسع ما يحتاج إليه منها فمن ذلك سعة هذه الأرض وامتدادها فلو لا ذلك كيف كانت تتسع لمساكن الناس ومزارعهم ومراعيهم ومنابت أخشابهم وأحطابهم والعقاقير العظيمة والمعادن الجسيمة غناؤها ولعل من ينكر هذه الفلوات الخالية (١) والقفار الموحشة يقول ما المنفعة فيها فهي مأوى هذه الوحوش ومحالها ومرعاها ثم فيها بعد متنفس ومضطرب للناس إذا احتاجوا إلى الاستبدال بأوطانهم وكم بيداء وكم فدفد حالت قصورا وجنانا بانتقال الناس إليها وحلولهم فيها ولو لا سعة الأرض وفسحتها لكان الناس كمن هو في حصار ضيق لا يجد

__________________

(١) في بعض النسخ « الخاوية » والظاهر من بيان المؤلف انه كان كذلك في نسخته.

٨٦

مندوحة عن وطنه إذا أحزنه (١) أمر يضطره إلى الانتقال عنه ثم فكر في خلق هذه الأرض على ما هي عليه حين خلقت راتبة راكنة فيكون موطنا مستقرا للأشياء فيتمكن الناس من السعي عليها في مآربهم والجلوس عليها لراحتهم والنوم لهدوئهم والإتقان لأعمالهم فإنها لو كانت رجراجة متكفئة لم يكونوا يستطيعون أن يتقنوا البناء والتجارة والصناعة وما أشبه ذلك بل كانوا لا يتهنئون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم واعتبر ذلك بما يصيب الناس حين الزلازل على قلة مكثها حتى يصيروا إلى ترك منازلهم والهرب عنها فإن قال قائل فلم صارت هذه الأرض تزلزل قيل له إن الزلزلة وما أشبهها موعظة وترهيب يرهب بها الناس ليرعوا عن المعاصي وكذلك ما ينزل بهم من البلاء في أبدانهم وأموالهم يجري في التدبير على ما فيه صلاحهم واستقامتهم ويدخر لهم إن صلحوا من الثواب والعوض في الآخرة ما لا يعدله شيء من أمور الدنيا وربما عجل ذلك في الدنيا إذا كان ذلك في الدنيا صلاحا للعامة والخاصة.

ثم إن الأرض في طباعها الذي طبعها الله عليه باردة يابسة وكذلك الحجارة وإنما الفرق بينها وبين الحجارة فضل يبس في الحجارة أفرأيت لو أن اليبس أفرط على الأرض قليلا حتى تكون حجرا صلدا أكانت تنبت هذا النبات الذي به حياة الحيوان وكان يمكن بها حرث أو بناء أفلا ترى كيف نقصت عن (٢) يبس الحجارة وجعلت على ما هي عليه من اللين والرخاوة وليتهيأ للاعتماد ومن تدبير الحكيم جل وعلا في خلقه الأرض أن مهب الشمال أرفع من مهب الجنوب فلم يجعل الله عز وجل كذلك إلا لتنحدر المياه على وجه الأرض فتسقيها وترويها ثم يفيض آخر ذلك إلى البحر فكما يرفع أحد جانبي السطح ويخفض (٣) الآخر لينحدر الماء عنه ولا تقوم عليه كذلك جعل مهب الشمال أرفع من مهب الجنوب لهذه العلة بعينها ولو لا ذلك لبقي الماء متحيرا على وجه الأرض فكان يمنع الناس من أعمالها ويقطع الطرق والمسالك ثم الماء لو لا كثرته وتدفقه في العيون والأودية والأنهار لضاق عما يحتاج الناس

__________________

(١) في بعض النسخ « حزبه » والظاهر من بيان المؤلف انه موافق لنسخته.

(٢) من ( خ ).

(٣) ينخفض ( خ ).

٨٧

إليه لشربهم وشرب أنعامهم ومواشيهم وسقي زروعهم وأشجارهم وأصناف غلاتهم وشرب ما يرده من الوحوش والطير والسباع وتتقلب فيه الحيتان ودواب الماء وفيه منافع أخر أنت بها عارف وعن عظم موقعها غافل فإنه سوى الأمر الجليل المعروف من غنائه في إحياء جميع ما على الأرض من الحيوان والنبات يمزج بالأشربة فتلين وتطيب لشاربها وبه تنظف الأبدان والأمتعة من الدرن الذي يغشاها وبه يبل التراب فيصلح للاعتمال وبه نكف عادية النار إذا اضطرمت وأشرف الناس على المكروه وبه يستحم المتعب الكال فيجد الراحة من أوصابه إلى أشباه هذا من المآرب التي تعرف عظم موقعها في وقت الحاجة إليها فإن شككت في منفعة هذا الماء الكثير المتراكم في البحار وقلت ما الإرب فيه فاعلم أنه مكتنف ومضطرب ما لا يحصى من أصناف السمك ودواب البحر ومعدن اللؤلؤ والياقوت والعنبر وأصناف شتى تستخرج من البحر وفي سواحله منابت العود اليلنجوج وضروب من الطيب والعقاقير ثم هو بعد مركب الناس ومحمل لهذه التجارات التي تجلب من البلدان البعيدة كمثل ما يجلب من الصين إلى العراق ومن العراق إلى العراق فإن هذه التجارات لو لم يكن لها محمل إلا على الظهر لبارت (١) وبقيت في بلدانها وأيدي أهلها لأن أجر حملها كان يجاوز أثمانها فلا يتعرض أحد لحملها وكان يجتمع في ذلك أمران أحدهما فقد أشياء كثيرة تعظم الحاجة إليها والآخر انقطاع معاش من يحملها ويتعيش بفضلها وهكذا الهواء لو لا كثرته وسعته لاختنق هذا الأنام من الدخان والبخار التي يتحير فيه ويعجز عما يحول إلى السحاب والضباب أولا أولا وقد تقدم من صفته ما فيه كفاية.

والنار أيضا كذلك فإنها لو كانت مبثوثة كالنسيم والماء كانت تحرق العالم وما فيه ولم يكن بد من ظهورها في الأحايين لغنائها في كثير من المصالح فجعلت كالمخزونة في الأخشاب تلتمس عند الحاجة إليها وتمسك بالمادة والحطب ما احتيج إلى بقائها لئلا تخبو فلا هي تمسك بالمادة والحطب فتعظم المئونة في ذلك ولا هي تظهر مبثوثة فتحرق كلما هي فيه بل هي على تهيئة وتقدير اجتمع فيها الاستمتاع بمنافعها

__________________

(١) بار السوق أو السلعة : كسدت.

٨٨

والسلامة من ضررها ثم فيها خلة أخرى وهي أنها مما خص به الإنسان دون جميع الحيوان لما له فيها من المصلحة فإنه لو فقد النار لعظم ما يدخل عليه من الضرر في معاشه فأما البهائم فلا تستعمل النار ولا تستمتع بها ولما قدر الله عز وجل أن يكون هذا هكذا خلق للإنسان كفا وأصابع مهيأة لقدح النار واستعمالها ولم يعط البهائم مثل ذلك لكنها أغنيت بالصبر على الجفاء والخلل في المعاش لكيلا ينالها في فقد النار ما ينال الإنسان وأنبئك من منافع النار على خلة صغيرة عظيم موقعها وهي هذا المصباح الذي يتخذه الناس فيقضون به حوائجهم ما شاءوا من ليلهم ولو لا هذه الخلة لكان الناس تصرف أعمارهم بمنزلة من في القبور فمن كان يستطيع أن يكتب أو يحفظ أو ينسج في ظلمة الليل وكيف كانت حال من عرض له وجع في وقت من أوقات الليل فاحتاج إلى أن يعالج ضمادا أو سفوفا أو شيئا يستشفي به فأما منافعها في نضج الأطعمة ودفء [ دفاء ] الأبدان وتجفيف أشياء وتحليل أشياء وأشباه ذلك فأكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفى.

تبيان (١) العقاقير أصول الأدوية والغناء بالفتح المنفعة والخاوية الخالية والفدفد الفلاة والمكان الصلب الغليظ والمرتفع والأرض المستوية والفسحة بالضم السعة ويقال لي عن هذا الأمر مندوحة ومنتدح أي سعة وحزبه أمر أي أصابه والراتبة الثابتة والراكنة الساكنة وهدأ هدءا وهدوءا سكن وقوله عليه‌السلام رجراجة أي متزلزلة متحركة والتكفي الانقلاب والتمايل والتحريك والارتجاج الاضطراب والارعواء الرجوع عن الجهل والكف عن القبيح والصلد ويكسر الصلب الأملس قوله عليه‌السلام إن مهب الشمال أرفع أي بعد ما خرجت الأرض من الكروية الحقيقية صار ما يلي الشمال منها في أكثر المعمورة أرفع مما يلي الجنوب ولذا ترى أكثر الأنهار كدجلة والفرات وغيرهما تجري من الشمال إلى الجنوب ولما كان الماء الساكن في جوف الأرض تابعا للأرض في ارتفاعه وانخفاضه فلذا صارت العيون المنفجرة تجري هكذا من الشمال إلى الجنوب حتى

__________________

(١) تبيين ( خ ).

٨٩

تجري على وجه الأرض ولذا حكموا بفوقية الشمال على الجنوب في حكم اجتماع البئر والبالوعة وإذا تأملت فيما ذكرنا يظهر لك ما بينه عليه‌السلام من الحكم في ذلك وأنه لا ينافي كروية الأرض والتدفق التصبب قوله عليه‌السلام فإنه سوى الأمر الجليل الضمير راجع إلى الماء وهو اسم إن ويمزج خبره أي للماء سوى النفع الجليل المعروف وهو كونه سببا لحياة كل شيء منافع أخرى منها أنه يمزج مع الأشربة وقال الجوهري الحميم الماء الحار وقد استحممت إذا اغتسلت به ثم صار كل اغتسال استحماما بأي ماء كان انتهى والوصب محركة المرض والمكتنف بفتح النون من الكنف بمعنى الحفظ والإحاطة واكتنفه أي أحاط به ويظهر منه أن نوعا من الياقوت يتكون في البحر وقيل أطلق على المرجان مجازا ويحتمل أن يكون المراد ما يستخرج منه بالغوص وإن لم يتكون فيه واليلنجوج عود البخور ومن العراق أي البصرة إلى العراق أي الكوفة أو بالعكس قوله عليه‌السلام ويعجز أي لو لا كثرة الهواء لعجز الهواء عما يستحيل الهواء إليه من السحاب والضباب التي تتكون من الهواء أولا أولا أي تدريجا أي كان الهواء لا يفي بذلك أو لا يتسع لذلك والضباب بالفتح ندى كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان والأحايين جمع أحيان وهو جمع حين بمعنى الدهر والزمان قوله عليه‌السلام فلا هي تمسك بالمادة والحطب أي دائما بحيث إذا انطفت لم يمكن إعادتها والمادة الزيادة المتصلة والمراد هنا الدهر ومثله ودفاء الأبدان (١) بالكسر دفع البرد عنها.

١٢ ـ الدر المنثور ، سئل عن ابن عباس هل تحت الأرض خلق قال نعم ألا ترى إلى قوله تعالى « خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ » (٢).

__________________

(١) الدفاء ـ بالكسر ـ : ما يستدمأ به ( لا الاستدفاء دفع البرد ) ولم نجد في كتب اللغة شاهدا على ما ذكره ، والظاهر أنه هنا « الدفأ » كالظمأ بمعنى التسخن.

(٢) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٣٨.

٩٠

١٣ ـ وعن قتادة في قوله « سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ » قال في كل سماء وكل أرض خلق من خلقه وأمر من أمره وقضاء من قضائه (١).

١٤ ـ وعن مجاهد في قوله « يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ » قال من السماء السابعة إلى الأرض السابعة ملفوفة (٢).

١٥ ـ وعن الحسن في الآية قال بين كل سماء وأرض خلق وأمر (٣).

١٦ ـ وعن ابن جريح قال : بلغني أن عرض كل سماء (٤) مسيرة خمسمائة سنة وأن بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة وأخبرت أن الريح بين الأرض الثانية والثالثة والأرض السابعة فوق الثرى واسمها تخوم وأن أرواح الكفار فيها فإذا كان يوم القيامة ألقتهم إلى برهوت والثرى فوق الصخرة التي قال الله في صخرة والصخرة على الثور له قرنان وله ثلاث قوائم يبتلع ماء الأرض كلها يوم القيامة والثور على الحوت وذنب الحوت عند رأسه مستدير تحت الأرض السفلى وطرفاه منعقدان تحت العرش ويقال الأرض السفلى عمد (٥) بين قرني الثور ويقال بل على ظهره واسمها يهموت (٦) وأخبرت أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على ما الحوت قال على ماء أسود وما أخذ منه الحوت إلا كما أخذ حوت من حيتانكم من بحر من هذه البحار وحدثت أن إبليس يغلغل إلى الحوت فيعظم (٧) له نفسه وقال ليس خلق بأعظم منك عزا (٨) ولا أقوى منك فوجد الحوت في نفسه فتحرك

__________________

(١) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٣٨ ، وليس في الثاني لفظة « ملفوفة ».

(٢) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٣٨ ، وليس في الثاني لفظة « ملفوفة ».

(٣) كذا في المصدر وأكثر نسخ الكتاب ، وفي طبعة امين الضرب صحح الرواية على مثل رواية قتادة ، والظاهر أنه سهو من المصحح.

(٤) في المصدر : أرض.

(٥) في المصدر : على عمد من قرنى الثور.

(٦) في المصدر : وبعض نسخ الكتاب : بهموت.

(٧) كذا في جميع نسخ الكتاب ، وفي المصدر « تغلغل الى الحوت فعظم له نفسه » وهو الصواب.

(٨) في المصدر : غنى.

٩١

فمنه تكون الزلزلة إذا تحرك فبعث الله حوتا صغيرا فأسكنه في أذنه فإذا ذهب يتحرك تحرك الذي في أذنه فيسكن (١).

١٧ ـ وعن ابن عباس في قوله « وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ » قال سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى (٢).

١٨ ـ وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الأرضين بين كل أرض والتي تليها مسيرة خمسمائة عام والعليا منها على ظهر حوت قد التقى طرفاه في السماء والحوت على صخرة والصخرة بيد ملك والثانية مسجن الريح فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا يهلك عادا فقال يا رب أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور فقال له الجبار إذن تكفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله في كتابه « ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ » والثالثة فيها حجارة جهنم والرابعة فيها كبريت جهنم فقالوا يا رسول الله أللنار كبريت قال نعم والذي نفسي بيده إن فيها لأودية من كبريت لو أرسل فيها الجبال الرواسي لماعت والخامسة فيها حيات جهنم إن أفواهها كالأودية تلسع الكافر اللسعة فلا يبقى منه لحم على وضم والسادسة فيها عقارب جهنم إن أدنى عقربة منها كالبغال المؤكفة تضرب الكافر ضربة ينسيه ضربها حر جهنم والسابعة فيها سقر وفيها إبليس مصفد بالحديد يد أمامه ويد خلفه فإذا أراد الله أن يطلقه لما يشاء أطلقه (٣).

١٩ ـ وعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كنف الأرض مسيرة خمسمائة عام والثانية مثل ذلك وما بين كل أرض أرضين مثل ذلك (٤).

٢٠ ـ وعن ابن عباس قال : سيد السماوات السماء التي فيها العرش وسيد

__________________

(١ و ٢) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٣٨.

(٣) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٣٨.

(٤) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٣٩.

٩٢

الأرضين الأرض التي نحن فيها (١).

٢١ ـ وعن كعب قال : الأرضون السبع على صخرة والصخرة في كف ملك والملك على جناح الحوت والحوت في الماء (٢) على الريح والريح على الهواء ريح عقيم لا تلقح وإن قرونها معلقة بالعرش (٣).

٢٢ ـ وعن أبي مالك قال : الصخرة التي تحت الأرض منتهى الخلق على أرجائها أربعة أملاك رءوسهم تحت العرش (٤).

٢٣ ـ وعنه قال : الصخرة تحت الأرضين على حوت والسلسلة في أذن الحوت (٥).

٢٤ ـ وعن ابن عباس قال : إن أول شيء خلقه الله القلم فقال له اكتب قال يا رب وما أكتب قال اكتب القدر يجري (٦) من ذلك اليوم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ثم طوى الكتاب ورفع القلم وكان عرشه على الماء فارتفع بخار الماء ففتقت منه السماوات ثم خلق النون فبسطت عليه الأرض والأرض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة ثم قرأ ابن عباس « ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ »

٢٥ ـ وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن أول ما خلق الله القلم والحوت وقال ما أكتب قال كل شيء كائن إلى يوم القيامة ثم قرأ « ن وَالْقَلَمِ » فالنون الحوت.

٢٦ ـ وعنه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله النون السمكة التي عليها قرار الأرضين والقلم الذي خط به ربنا عز وجل القدر خيره وشره ونفعه وضرره « وَما يَسْطُرُونَ » قال الكرام الكاتبون (٧).

بيان : في القاموس ماع الشيء يميع جرى على وجه الأرض منبسطا في هينة

__________________

(١) الدر المنثور : ج ٦ ص ٢٣٨.

(٢) في المصدر : والماء على الريح.

(٣ _ ٥) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٣٩.

(٦) في المصدر : فجرى من ذلك اليوم ما ....

(٧) الدر المنثور : ج ٦ ، ص ٢٥٠.

٩٣

والسمن ذاب وقال الوضم محركة ما وقيت به اللحم عن الأرض من خشب وحصير وقال إكاف الحمار ككتاب وغراب ووكافه برذعته وآكف الحمار إيكافا وأكفه تأكيفا شده عليه.

٢٧ ـ نوادر الراوندي ، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم‌السلام قال : أقبل رجلان إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أحدهما لصاحبه اجلس على اسم الله تعالى والبركة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اجلس على استك فأقبل يضرب الأرض بعصا فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تضربها فإنها أمكم وهي بكم برة.

٢٨ ـ وبهذا الإسناد ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تمسحوا بالأرض فإنها أمكم وهي بكم برة.

بيان قال في النهاية في الحديث تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة أي مشفقة عليكم كالوالدة البرة بأولادها يعني أن منها خلقكم وفيها معاشكم وإليها بعد الموت معادكم والتمسح أراد به التيمم وقيل أراد مباشرة ترابها بالجباه في السجود من غير حائل انتهى.

وأقول يحتمل أن يراد به ما يشمل الجلوس على الأرض بغير حائل والأكل على الأرض من غير مائدة بقرينة الخبر الأول.

٢٩ ـ العلل ، لمحمد بن علي بن إبراهيم قال : العلة في أن الأرض لا تقبل الدم أنه لما قتل قابيل أخاه هابيل غضب آدم على الأرض فلا تقبل الدم لهذه العلة.

٣٠ ـ العلل ، عن علي بن أحمد الدقاق عن الكليني عن علان بإسناده رفعه قال : أتى علي بن أبي طالب يهودي فسأله عن مسائل فكان فيما سأله أخبرني عن قرار هذه الأرض على ما هو فقال عليه‌السلام قرار هذه الأرض لا يكون إلا على عاتق ملك وقدما ذلك الملك على صخرة والصخرة على قرن ثور والثور قوائمه على ظهر الحوت في اليم الأسفل واليم على الظلمة والظلمة على العقيم والعقيم على الثرى وما يعلم تحت الثرى إلا الله عز وجل الخبر (١).

__________________

(١) علل الشرائع : ج ١ ، ص ١ ـ ٢ ( مع تقطيع ).

٩٤

٣١ ـ النهج ، نهج البلاغة قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة التوحيد لا يجري عليه السكون والحركة وكيف يجري عليه ما هو أجراه ويعود فيه ما هو أبداه ويحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته ولتجزأ كنهه ولامتنع من الأزل معناه ولكان له وراء إذ وجد له أمام ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان (١).

بيان قال بعض شراح النهج في قوله عليه‌السلام ولتجزأ كنهه إشارة إلى نفي الجوهر الفرد وقال قوله عليه‌السلام ولكان له وراء إذ كان له أمام يؤكد ذلك لأن من أثبته يقول يصح أن تحله الحركة ولا يكون أحد وجهيه غير الآخر.

فائدة

اعلم أن الطبيعيين والرياضيين اتفقوا على أن الأرض كروية بحسب الحس وكذا الماء المحيط بها وصارا بمنزلة كرة واحدة فالماء ليس بتام الاستدارة بل هو على هيئة كرة مجوفة قطع بعض منها وملئت الأرض على وجه صارت الأرض مع الماء بمنزلة كرة واحدة ومع ذلك ليس شيء من سطحيه صحيح الاستدارة أما المحدب فلما فيه من الأمواج وأما المقعر فللتضاريس فيه من الأرض وقد أخرج الله تعالى قريبا من الربع من الأرض من الماء بمحض عنايته الكاملة أو لبعض الأسباب المتقدمة لتكون مسكنا للحيوانات المتنفسة وغيرها من المركبات المحوجة إلى غلبة العنصر اليابس الصلب لحفظ الصور والأشكال وربط الأعضاء والأوصال ومما يدل على كروية الأرض ما أومأنا إليه سابقا من طلوع الكواكب وغروبها في البقاع الشرقية قبل طلوعها وغروبها في الغربية بقدر ما تقتضيه أبعاد تلك البقاع في الجهتين على ما علم من إرصاد كسوفات بعينها لا سيما القمرية في بقاع مختلفة فإن ذلك ليس في ساعات متساوية البعد من نصف النهار على الوجه المذكور وكون الاختلاف متقدرا بقدر الأبعاد دليل على الاستدارة المتشابهة السائرة بحدبتها المواضع التي يتلو بعضها بعضا على قياس واحد بين الخافقين وازدياد ارتفاع القطب والكواكب الشمالية وانحطاط الجنوبية للسائرين

__________________

(١) نهج البلاغة : ج ١ ، ص ٣٥٦.

٩٥

إلى الشمال وبالعكس للسائرين إلى الجنوب بحسب سيرهما دليل على استدارتها بين الجنوب والشمال وتركب الاختلافين يعطي الاستدارة في جميع الامتدادات ويؤيده مشاهدة استدارة أطراف المنكسف من القمر الدالة على أن الفصل المشترك بين المستضيء من الأرض وما ينبعث منه الظل دائرة وكذلك اختلاف ساعات النهر (١) الطوال والقصار في مساكن متفقه الطول إلى غير ذلك ولو كانت أسطوانية قاعدتاها نحو القطبين لم يكن لساكني الاستدارة كوكب أبدى الظهور بل إما الجميع طالعة غاربة أو كانت كواكب يكون من كل واحد من القطبين على بعد تستره القاعدتان أبدية الخفاء والباقية طالعة غاربة وليس كذلك وأيضا فالسائر إلى الشمال قد يغيب عنه دائما كواكب كانت تظهر له وتظهر له كواكب كانت تغيب عنه بقدر إمعانه في السير وذلك يدل على استدارتها في هاتين الجهتين أيضا ومما يدل على استدارة سطح الماء الواقف طلوع رءوس الجبال الشامخة على السائرين في البحر أولا ثم ما يلي رءوسها شيئا بعد شيء في جميع الجهات وقالوا التضاريس التي على وجه الأرض من جهة الجبال والأغوار لا تقدح في كرويتها الحسية إذ ارتفاع أعظم الجبال وأرفعها على ما وجدوه فرسخان وثلث فرسخ ونسبتها إلى جرم الأرض كنسبة جرم سبع عرض شعيرة إلى كرة قطرها ذراع بل أقل من ذلك ويظهر من كلام أكثر المتأخرين أن عدم قدح تلك الأمور في كرويتها الحسية معناه أنها لا تخل بشكل جملتها كالبيضة ألزقت بها حبات شعير لم يقدح ذلك في شكل جملتها واعترض عليه بأن كون الأرض أو البيضة حينئذ على الشكل الكروي أو البيضي عند الحس ممنوع وكيف يمكن دعوى ذلك مع ما يرى على كل منهما ما يخرج به الشكل مما اعتبروا فيه وعرفوه به وربما يوجه بوجه آخر وهو أن الجبال والوهاد الواقعة على سطح الأرض غير محسوسة عادة عند الإحساس بجملة كرة الأرض على ما هي عليه في الواقع بيانه أن رؤية الأشياء تختلف بالقرب والبعد فيرى القريب أعظم مما هو الواقع والبعيد أصغر منه وهو ظاهر وقد أطبق القائلون بالانطباع وبخروج الشعاع كلهم على أن هذا الاختلاف

__________________

(١) النهر ـ بضمتين ـ : جمع النهار.

٩٦

في رؤية المرئي بسبب القرب والبعد إنما هو تابع لاختلاف الزاوية الحاصلة عند مركز الجليدية في رأس المخروط الشعاعي بحسب التوهم أو بحسب الواقع عند انطباق قاعدته على سطح المرئي فكلما قرب المرئي عظمت تلك الزاوية وكلما بعد صغرت وقد تقرر أيضا بين محققيهم أن رؤية الشيء على ما هو عليه إنما هو (١) في حالة يكون البعد بين الرائي والمرئي على قدر يقتضي أن تكون الزاوية المذكورة قائمة فبناء على ذلك إذا فرضت الزاوية المذكورة بالنسبة إلى مرئي قائمة يجب أن يكون البعد بين رأس المخروط وقاعدته المحيطة بالمرئي بقدر نصف قطر قاعدته على ما تقرر في الأصول فلما كان قطر الأرض أزيد من ألفي فرسخ بلا شبهة لا تكون مرئية على ما هي عليه من دون ألف فرسخ ومعلوم أن الجبال والوهاد المذكورة غير محسوسة عادة عند هذا البعد من المسافة فلا يكون لها قدر محسوس عند الأرض بالمعنى الذي مهدنا.

ثم إنهم استعلموا بزعمهم مساحة الأرض وأجزاءها ودوائرها في زمان المأمون وقبله فوجدوا مقدار محيط الدائرة العظمى من الأرض ثمانية آلاف فرسخ وقصرها ألفين وخمسمائة وخمسة وأربعين فرسخا ونصف فرسخ تقريبا ومضروب القطر في المحيط مساحة سطح الأرض وهي عشرون ألف ألف وثلاثمائة وستون ألف فرسخ وربع ذلك مساحة الربع المسكون من الأرض وأما القدر المعمور من الربع المسكون وهو ما بين خط الاستواء والموضع الذي عرضه بقدر تمام الميل الكلي فمساحته ثلاثة آلاف ألف وسبعمائة وخمسة وستين ألفا وأربعمائة وعشرين فرسخا وهو قريب من سدس سطح جميع الأرض وسدس عشره والفرسخ ثلاثة أميال بالاتفاق وكل ميل أربعة آلاف ذراع عند المحدثين وثلاثة آلاف عند القدماء وكل ذراع أربع وعشرون إصبعا عند المحدثين واثنان وثلاثون عند القدماء وكل إصبع بالاتفاق مقدار ست شعيرات مضمومة بطون بعضها إلى ظهور بعض من الشعيرات المعتدلة.

وذكروا أن للأرض ثلاث طبقات الأولى الأرض الصرفة المحيط بالمركز

__________________

(١) هى ( خ ).

٩٧

الثانية الطبقة الطينية وهي المجاورة للماء الثالثة الطبقة المنكشفة من الماء وهي التي تحتبس فيها الأبخرة والأدخنة وتتولد منها المعادن والنباتات والحيوانات وزعموا أن البسائط كلها شفافة لا تحجب عن أبصار ما وراءها ما عدا الكواكب وأن الأرض الصرفة المتجاورة (١) للمركز أيضا شفافة والطبقتان الأخريان ليستا بسيطتين فهما كثيفتان فالأرض جعل الله الطبقة الظاهرة منها ملونة كثيفة غبراء لتقبل الضياء وخلق ما فوقها من العناصر مشفة لطيفة بالطباع لينفذ فيها ويصل إلى غيرها ساطع الشعاع فإن الكواكب وسيما الشمس والقمر أكثر تأثيراتها في العوالم السفلى بوسيلة أشعتها المستقيمة والمنعطفة والمنعكسة بإذن الله تعالى وقالوا الأرض في وسط السماء كالمركز في الكرة فينطبق مركز حجمها على مركز العالم وذلك لتساوي ارتفاع الكواكب وانحطاطها مدة ظهورها وظهور النصف من الفلك دائما وتطابق أظلال الشمس في وقتي طلوعها وغروبها عند كونها على المدار الذي يتساوى فيه زمان ظهورها وخفائها على خط مستقيم أو عند كونها في جزءين متقابلين من الدائرة التي يقطعها بسيرها الخاص بها وانخساف القمر في مقاطراته (٢) الحقيقية للشمس فإن الأول يمنع ميلها إلى أحد الخافقين والثاني إلى أحد السمتين الرأس والقدم والثالث إلى أحد القطبين والرابع إلى شيء منها أو من غيرها من الجهات كما لا يخفى وكما أن مركز حجمها منطبق على مركز العالم فكذا مركز ثقلها وذلك لأن الثقال تميل بطبعها إلى الوسط كما دلت عليه التجربة فهي إذن لا تتحرك عن الوسط بل هي ساكنة فيه متدافعة بأجزائها من جميع الجوانب إلى المركز تدافعا متساويا فلا محالة ينطبق مركز ثقلها الحقيقي المتحد بمركز حجمها التقريبي على مركز العالم ومستقرها عند وسط العالم لتكافؤ القوى بلا تزلزل واضطراب يحدث فيها لثباتها بالسبب المذكور ولكون الأثقال المنتقلة من جانب منها إلى الآخر في غاية الصغر بالقياس إليها لا يوجب انتقال مركز ثقلها من نقطة إلى أخرى بحركة شيء منها وكذا الأجزاء

__________________

(١) المجاورة ( خ ).

(٢) المقاطرة : مقابلة القطرين.

٩٨

المباينة لها تهوي إليها وهي تقبلها من جميع نواحيها من دون اضطراب هذا ما ذكروه في هذا المقام ولا نعرف من ذلك إلا كون الجميع بقدرة القادر العليم وإرادة المدبر الحكيم كما ستعرف ذلك إن شاء الله تعالى.

وقال الشيخ المفيد قدس‌سره في كتاب المقالات أقول إن العالم هو السماء والأرض وما بينهما وفيهما من الجواهر والأعراض ولست أعرف بين أهل التوحيد خلافا في ذلك أقول لعل مراده قدس‌سره بالسماوات ما يشمل العرش والكرسي والحجب وغرضه نفي الجواهر المجردة التي تقول بها الحكماء ثم قال رحمه‌الله وأقول إن الفلك هو المحيط بالأرض الدائر عليها وفيه الشمس والقمر وسائر النجوم والأرض في وسطه بمنزلة النقطة في وسط الدائرة وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة كثيرة من أهل التوحيد ومذهب أكثر القدماء والمنجمين وقد خالف فيه جماعة من بصرية المعتزلة وغيرهم من أهل النحل وأقول إن المتحرك من الفلك إنما يتحرك حركة دورية كما يتحرك الدائر على الكرة وإلى هذا ذهب البلخي وجماعة من أهل التوحيد والأرض على هيئة الكرة في وسط الفلك وهي ساكنة لا تتحرك وعلة سكونها أنها في المركز وهو مذهب أبي القاسم وأكثر القدماء والمنجمين وقد خالف فيه الجبائي وابنه وجماعة غيرهما من أهل الآراء والمذاهب من المقلدة والمتكلمين ثم قال وأقول إن العالم مملوءة من الجواهر وإنه لا خلا فيه ولو كان فيه خلا لما صح فرق بين المجتمع والمتفرق من الجواهر والأجسام وهو مذهب أبي القاسم خاصة من البغداديين ومذهب أكثر القدماء من المتكلمين وخالف فيه الجبائي وابنه وجماعة متكلمي أهل الحشو والجبر والتشبيه ثم قال وأقول إن المكان هو ما أحاط بالشيء من جميع جهاته ولا يصح تحرك الجواهر إلا في الأماكن والوقت هو ما جعله الموقت وقتا للشيء وليس بحادث مخصوص والزمان اسم يقع على حركات الفلك فلذلك لم يكن الفعل محتاجا في وجوده إلى وقت ولا زمان وعلى هذا القول سائر الموحدين.

وسئل السيد المرتضى رحمه‌الله الفراغ له نهاية والقديم تعالى يعلم

٩٩

منتهى نهايته وهذا الفراغ أي شيء هو وكذلك الطبقة الثامنة من الأرض والثامنة من السماء نقطع أن هناك فراغا أم لا فإن قلت لا طالبتك بما وراء الملإ القديم تعالى يعلم أن هناك نهاية فإن قلت نعم طالبتك أي شيء وراء النهاية.

فأجاب رحمه‌الله أن الفراغ لا يوصف بأنه منته ولا أنه غير منته على وجه الحقيقة وإنما يوصف بذلك مجازا واتساعا وأما قوله وهذا الفراغ أي شيء هو فقد علمنا (١) أنه لا جوهر ولا عرض ولا قديم ولا محدث ولا هو ذات ولا هو معلوم كالمعلومات وأما الطبقة الثامنة من الأرض فما نعرفها والذي نطق به القرآن « سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ » فأما غير ذلك فلا سبيل للقطع به من عقل ولا شرع انتهى.

وأقول بسط الكلام في هذه الأمور خروج عن مقصود الكتاب ومحله علم الكلام.

٣٢

(باب آخر)

(في قسمة الأرض إلى الأقاليم وذكر جبل قاف وسائر الجبال)

(وكيفية خلقها وسبب الزلزلة وعلتها)

الآيات :

النحل « وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ » (٢).

الكهف « حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً » إلى قوله « وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا » (٣).

الأنبياء « وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ

__________________

(١) قلنا ( خ ).

(٢) النحل : ١٥.

(٣) الكهف : ٩٣ ـ ٩٨.

١٠٠