الجائز في حقّ المقلّد إنّما كان الأخذ بظنّ المجتهد الحي ، وإذا مات تغيّر الموضوع ، إمّا لزوال الظنّ ، كما حقّقنا وبرهنّا عليه ، أو لزوال الحياة. وتفصيل ذلك مطلوب من هنالك (١).
واخرى بالنسبة إلى الحكم الشرعيّ الثابت في حقّه للواقعة المعيّنة الفرعيّة ، مثل حرمة العصير ونجاسة الغسالة وأمثالهما. ويقال : إنّ العصير قد كان محرّما عليه قبل موت مجتهده. والأصل بقاء الحرمة ؛ لعدم العلم بالمزيل. وهكذا الكلام في نجاسة الغسالة وسائر ما قلّده فيه من المسائل الفرعيّة ، مثل وجوب السورة ونحوها.
وجوابه أيضا يظهر من التأمّل في جواب الأوّل ؛ لأنّ حرمة العصير في حال حياة المفتي لمّا كانت مستندة إلى ظنّه فلا جرم من زوال موضوعها بالموت.
وبيان هذا الإجمال زيادة على ما سبقت إليه الإشارة الإجماليّة في التقليد الابتدائي : أنّ الحكم الثابت للموضوع كالعصير ، تارة يكون من جهة كونه عصيرا واخرى من حيث كونه ممّا تعلّق بحرمة ظنّ المجتهد الحي.
فإن كان الأوّل ، فلا شبهة في جريان الاستصحاب فيه عند الشك في طروّ ما يزيله ، ولكنّه منحصر في القطعيّات التي نعلم بالحكم الشرعي فيها من ضرورة أو إجماع ، إذ لا ملازمة بين الظنّ بالحكم وبين ثبوته في الواقع حتّى في نظر الظانّ إلاّ بعد قيام دليل قطعيّ يفيد الملازمة التي مرجعها إلى وجوب العمل بالظنّ تعبّدا. وحينئذ فالحكم يدور مدار ذلك الظنّ الذي دلّ ذلك الدليل القطعي على اعتباره.
__________________
(١) كذا ، والأنسب : هناك.