وأمّا بطلان التوالي : أمّا الأوّل ؛ فلما عرفت سابقا من أنّ النزاع المذكور إنّما هو مبنيّ على خلافه. وأمّا الثاني ؛ فلأنّ ذلك خلاف ما فرضناه من سببيّة كلّ واحد منهما على ما يقتضيه الدليل. وأمّا الثالث ؛ فلأنّ استناده إلى المعيّن يوجب الترجيح بلا مرجّح مع أنّه خلاف المفروض من دليل السببية ، وإلى غير المعيّن يوجب الخلف المذكور.
واعلم أنّ محصّل الوجه المذكور ينحلّ إلى مقدّمات ثلاث :
إحداها : دعوى تأثير السبب الثاني.
الثانية : أنّ أثره غير أثر الأوّل.
الثالثة : أنّ تعدّد الأثر يوجب تعدّد الفعل.
فالقائل بالتداخل لا بدّ له من منع إحدى المقدّمات المفروضة على سبيل منع الخلوّ.
فتعلّق جماعة منهم منع (١) المقدّمة الاولى. ويمكن أن يستند في ذلك إلى أمرين :
أحدهما : وهو الظاهر من بعض الأعلام في تعليقاته على المعالم ، حيث قال : لا مانع من كون المسبّب (٢) الثاني كاشفا عن المسبّب الأوّل (٣).
وتوضيحه : أنّه يجوز أن يكون لشيء واحد آثار متعدّدة ولوازم عديدة ، يستكشف عنه بتلك الآثار واللوازم ، سواء كانت مقترنة في الوجود أو لا ، وتعدّد اللوازم لا يدلّ على تعدّد الملزومات ، كما هو ظاهر. فيجوز أن يكون الأسباب
__________________
(١) كذا ، والظاهر : « بمنع ».
(٢) في ( ع ) و ( ط ) : « السبب » وما أثبتناه من المصدر.
(٣) هداية المسترشدين ١ : ٧١٢.