بأنّه يمكن العلم بتقديم الفتوى وتأخّره في الميّت من كتبه وأنّه لا يتمّ إلاّ في ميّت تغيّر فتواه في مسألة واحدة.
ومنها : أنّ اجتهاد الحي أقرب إلى الواقع عن اجتهاد الميّت ؛ لأنّ الحي يقف غالبا على فتوى الميّت وعلى ما هو مستنده فيها ، فإذا أفتى بخلافها علم أنّه قد بلغ نظره إلى ما لم يكن قد بلغ إليه نظر الميّت. ولأنّ الرجوع من الخطأ إلى الصواب ممكن في حقّ الحي دون الميّت ؛ فيكون الأخذ بقول الحي أوثق.
ولا ينافي الأوّل كون الميّت أفضل وأحوط من الحي بالمدارك ، كما توهّم ؛ لأنّ أثر الفضل إنّما يظهر في الإمكان الابتدائية ، فيمكن ظهور خطئه في الاستدلال للمفضول ولو من جهة الإصابة بالمعارض الذي خفي على الفاضل.
وأمّا ما قيل (١) في الثاني : من أنّ الرجوع من الفتوى قد يكون من الحقّ إلى الباطل ، وهذا الباب مسدود في حق الأموات بخلاف الأحياء فلا يكون في إمكان الرجوع دلالة على أقربية القول عن الواقع إذا لم يرجع ؛ لأنّ عدم الرجوع مع إمكانه إنّما يقتضي تأكّد الظن بالواقع إذ كان الرجوع دائما عن الخطأ إلى الصواب. وحيث يمكن أن يتعاكس الأمر لم يكن فيه زيادة ظن ، فيمكن الجواب عنه :
بأنّ المدار على ما هو الغالب في رجوع المجتهدين ، ولا ريب أنّ أغلب موارد الرجوع رجوع عن الباطل ، وأمّا الرجوع عن الحق ففي غاية القلّة فليتأمّل.
__________________
(١) لم نعثر عليه.