فإن قلت : إنّ منع الاستصحاب في المقام بواسطة الإشكال في أمر الموضوع إنّما لا يلائم كلماتهم في جملة من الموارد ، فإنّهم يحكمون باستصحاب جواز نظر الزوج أو الزوجة لأحدهما بعد الموت ، مع أنّ الموضوع إنّما هو « الحيوان الناطق » وليس موجودا بعد الموت قطعا ، فإنّه جماد صرف. ويحكمون باستصحاب الملكيّة فيما لو انقلب الخمر المقلوب من الخلّ خلاّ في المرتبة الثانية ، مع أنّ الخلّيّة في الثانية ليست الخلّيّة الأولى ؛ لامتناع إعادة المعدوم. وكذا فيما لو فرض حياة المملوك بعد موته ، فإنّه [ ليست ] الملكيّة السابقة [ القائمة ](١) بالرقبة الأولى مع ظهور الاختلاف. وكذا يحكمون باستصحاب الكرّية بعد القطع باختلاف الموضوع ، فإنّ المشار إليه في قولك : « إنّ هذا الماء كان كرّا في السابق » قطعا يغاير الماء في السابق ، فلا منع في جريان الاستصحاب في المقام ، كأن يقال : « إنّ ذلك الرجل كان قبل موته جائز التقليد وبعد الموت يستصحب » وليس الاختلاف الحاصل في المقام أشدّ من الاختلاف في الموارد المذكورة.
قلت : بعد الغضّ عن جريان الاستصحاب في الموارد المذكورة ، أنّ ذلك يتمّ بناء على المسامحة العرفيّة في أمر الموضوع ، ولا نضايق نحن من جريان الاستصحاب في المقام على هذا التقدير ، إلاّ أنّ الكلام في ثبوت ذلك التقدير ، فإنّ الإنصاف أنّ التسرّي إلى جميع موارد التسامح في العرف ممّا لا يجترى عليه ، سيّما في الموارد التي لا يساعدها المشهور أو أمارة أخرى من الأمارات.
وبالجملة ، فالاعتماد على الاستصحاب إنّما يشكل فيما إذا لم يكن القضيّة المعلومة متّحدة مع المشكوكة بحسب الدقّة.
__________________
(١) العبارة في النسخ هكذا : « فانه بسيطة الملكية السابقة الفاقة ... ».