وممّا استند إليه الفاضل التوني لدفع الملازمة (١) جملة من الأخبار ، مثل ما رواه الكليني عن أبي عبد الله عليهالسلام : « إنّ الله يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم ، ثمّ أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم الكتاب ... » (٢).
وجه الدلالة : أنّ قوله : « أرسل » عطف على الموصول ، لعدم الاعتداد بالإرسال لولاه ، لتمام الحجّة بدونه ، فيدلّ على أنّ الله تعالى لا يحتجّ على العقل وحده ، وهو المطلوب. ولعلّ المراد من « المعرفة » ما بها يتمكّن من تمييز الحقّ عن الباطل كما يشهد به (٣) جملة من الأخبار ـ كما في الكافي (٤) ـ : من أنّ حجّة الله تعالى على الخلق هو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وحجّته فيما بينه وبينهم هو العقل لتميّز الحقّ عن الباطل ، فيدلّ على انحصار الحجّة من الله تعالى في النبي صلىاللهعليهوآله والشرع.
والجواب حمل الرواية على الغالب ، حيث إنّها واردة في مقام بيانه ، والغالب عدم تماميّة الحجّة إلاّ بالشرع ، ومن ذلك الأخبار الدالّة على عدم التكليف إلاّ بعد البعثة ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة (٥).
ومجمل الجواب : حصول البعثة ، فلا بدّ من ترك ما يستقلّ العقل بقبحه وفعل ما يستقلّ العقل بحسنه.
__________________
(١) الوافية : ١٧٢.
(٢) الكافي ١ : ١٦٤ ، الحديث ٤.
(٣) في ( ط ) : « يشعر بذلك ».
(٤) الكافي ١ : ٢٥ ، الحديث ٢٢.
(٥) انظر كمال الدين وتمام النعمة : ٥٠٨ ، ذيل الحديث ٣٧ ، وعلل الشرائع ١ : ١٢٠ ، الباب ٩٩ ، الحديث الأوّل ، والتوحيد : ٤٥ ، الباب ٢ ، الحديث ٤.