القول : بأنّ الحكم العقلي يلازم الخطاب الفعلي ، يعني بعد ملاحظة المقدّمة الخارجيّة العقليّة أو النقليّة. إلاّ أنّ الظاهر منهم في المقام دعوى ثبوت الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع مع قطع النظر عنها ، كما يشعر بذلك قول الحاجبي : « شكر المنعم ليس بواجب عقلا ، فلا إثم على من لم يبلغه دعوة النبوّة » (١) حيث إنّ قوله : « فلا إثم » ـ على ما صرّح به السيّد الشريف (٢) ـ ثمرة المسألة ، ولا يخفى عدم ترتّبها إلاّ على دعوى الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع مع قطع النظر عن المقدّمات الخارجية ، وإلاّ فالثمرة (٣) لا تظهر إلاّ فيمن بلغه دعوة النبوّة. ويومئ إليه ما استدلّ به الفاضل التوني في نفي الملازمة (٤) بالأخبار ، فإنّ ثبوت الأحكام الشرعيّة ولو بعد ملاحظة المقدّمة الشرعيّة فيما استقل فيه العقل ممّا لا ينكر.
وبالجملة : فإن أراد منع الملازمة بين حكم العقل والحكم الشرعي (٥) اللفظي بأحد الوجهين فمسلّم ، ولكنّه كما عرفت غير مجد فيما يراه.
وإن أراد الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع بمعنى طلبه وإرادته ، فهو محجوج بقطع العقل الخالي عن شوائب الوهم بخلافه ، فإنّ العقل إذا أدرك حسن الشيء على وجه يستحقّ فاعله الثواب وجزاء الخير ، فقد أدرك من كل عاقل حكيم شاعر فكيف بمن هو خالقهم (٦)! وكذلك إذا أدرك قبح الشيء كذلك.
__________________
(١) انظر المختصر وشرحه للعضدي : ٧٦.
(٢) انظر شرح المواقف ١ : ٢٧٤.
(٣) في ( ش ) زيادة : « ان » وفي ( ط ) زيادة : « إنّما » وكلاهما زائدتان ظاهرا.
(٤) الوافية : ١٧٢.
(٥) في ( ش ) بدل « الحكم الشرعي » : « حكم ».
(٦) في ( ش ) : « خالفهم ».