وفيه : أنّه وإن لم يكن بعيدا عن مذاق الجماعة ، إلاّ أنّه خلاف التحقيق في وجه الحمل ، كيف! والقول بالاحتياط عند وجود الدليل الكاشف عن الواقع وجوبا ممّا لم نقف على قائل به ، فإنّ المطلق ليس مجملا عندهم ، بل يعاملون معه معاملة الدليل ، كما لا يخفى ، فلا وجه لأن يكون ذلك وجها لهذه المسألة الاتّفاقيّة.
الثاني من الوجهين : أنّ أفراد المطلق كقولك : « رقبة » تارة تلاحظ من جهة الإيمان والكفر ، وأخرى من جهة حال الاختيار والاضطرار ، فإنّ هذه أيضا جهة ملاحظة الاطلاق (١) والتقييد بالنسبة إليها ، وتقييد المطلق من جهة لا يستلزم تقييده من جهة أخرى ، فإذا فرضنا أنّ الرقبة قد قيّدت بالإيمان في إحدى الحالتين فقط ، فلا بدّ من الأخذ بالإطلاق في غير تلك الحالة.
وإذ قد تقرّر ذلك نقول : يحتمل أن يكون الموارد التي رجعوا فيها إلى الإطلاق من هذا القبيل ، كأن نقول : إنّ المسح في آية التيمّم إنّما هو محكوم بالإطلاق بالنسبة إلى ما هو يقع به (٢) من الظاهر والباطن ، وانصرافه إلى أحد فرديه في حالة خاصّة ـ وهي حالة الاختيار ـ لا يقتضي انصرافه إلى أخرى ، فيصحّ التمسّك بالإطلاق فيها.
نعم ، لو كان المقيّد ممّا يعقل فيه إطلاق كان إطلاقه دليلا على التقييد في الحالتين ، إلاّ أنّ الانصراف حكمه حكم المقيّدات اللبيّة لا بدّ فيها من الاقتصار على ما هو المعلوم من التقييد ؛ وذلك نظير ما قلنا بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة
__________________
(١) في ( ق ) : « للإطلاق ».
(٢) في ( ق ) : « ما يقع فيه ».