فلا بدّ من الأخذ بالمعلوم ، فإن اقتضى العلم الإجمالي ثبوت التكليف في الجميع ـ كما هو التحقيق في مورد الشبهة المحصورة ـ فهو وإلاّ فلا بدّ من العمل بما يقتضيه الاصول في ذلك المورد.
وبالجملة ، فالمراد من نفي الحجّيّة في العامّ المخصّص بالمجمل عدم الأخذ به في القدر الذي لا يمكن الاستكشاف. وأمّا ما يمكن استكشافه تفصيلا كما في قولك : « أكرم العلماء إلاّ بعض النحويّين » إذا كان البعض معيّنا عنده كوجوب (١) إكرام غير النحويّين ، فلا إشكال عندهم في اعتباره. أو إجمالا كوجوب إكرام بعض النحويّين في المثال المذكور ، ثم الأخذ بما يقتضيه القواعد المقرّرة في أمثال المقام : من لزوم الاحتياط في بعض الموارد والتخيير في آخر ، أو الرجوع إلى البراءة كما هو غير خفيّ على أحد.
ولا فرق في ذلك بين القول بأنّ العامّ المخصّص حقيقة في الباقي أو مجاز ، فإنّ التكليف التفصيلي ممّا لا يمكن استفادته منه ، والإجمالي ما (٢) لا مانع من استفادته ، لما قرّرنا : من أنّ المجاز في العامّ المخصّص ليس على حدّ سائر المجازات التي على تقدير تعذّر الحقيقة وتعدّدها يصير اللفظ مجملا.
وممّا ذكرنا يظهر فساد ما قد يفصّل في المقام ـ كما في المناهج ـ من أنّ اختيار الجملة (٣) فيما إذا كان العامّ المخصّص حقيقة ، وعدمها إذا كان مجازا (٤) وبيّن الحجيّة على الأوّل بما حاصله يرجع إلى الأخذ بما يستفاد من العامّ على وجه الإجمال ، وعدمها على الثاني بعدم ظهوره في شيء من المراتب المجازية.
__________________
(١) في ( ط ) : « وهو وجوب ».
(٢) كذا ، والظاهر : ممّا.
(٣) كذا ، والصحيح : من اختيار الحجّية.
(٤) المناهج : ١٠٧.