ومنها : الحصر بإنّما ، كقولك : إنّما زيد قائم. واختلفوا في ذلك ، والمشهور على الإفادة ، وذهب بعضهم إلى العدم (١).
واحتجّوا بامور ، أقواها تصريح اهل اللغة كالأزهري (٢) بذلك. وقال بعضهم : لم أظفر بمخالف فيه (٣). ونقل بعضهم إجماع النحاة على ذلك (٤) ، وهو المنقول عن أئمة التفسير أيضا (٥). وحكي عن المبرّد في جواب من سأله عن اختلاف قولهم : « إنّ زيدا قائم » و « إنّما زيد قائم » : أنّ الأوّل إخبار عن قيامه فقط والثاني إخبار عن قيامه مع اختصاصه به (٦). وظاهره اختلاف المدلول باختلاف الدلالة. وأيّد ذلك بدعوى التبادر عند استعمال تلك اللفظة.
والانصاف أنّه لا سبيل لنا إلى ذلك ؛ فإنّ موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة ، ولا يعلم بما هو مرادف لها في عرفنا حتّى يستكشف منها ما هو المتبادر منها ، بخلاف ما هو بأيدينا من الألفاظ المترادفة قطعا لبعض الكلمات العربيّة ، كما في أداة الشرط ونحوها.
وأمّا النقل المذكور فاعتباره في المقام موقوف على اعتبار قول اللغوي في تشخيص الأوضاع على تقدير أن لا يكون ذلك منهم اجتهادا ، ولم يثبت ذلك إلاّ على تقدير اعتبار مطلق الظنّ كما قرّر في محلّه.
__________________
(١) مثل الآمدي في الإحكام ٣ : ١٠٦ ، والمحقّق النراقي في المناهج : ١٣٢.
(٢) راجع لما احتجّوا به ولما حكي عن الأزهري ، مفاتيح الاصول : ١٠٥ ، وإشارات الاصول ١ : ٢٤٨.
(٣) قاله الطريحي في مجمع البحرين ١ : ٩١.
(٤) نقله المحقّق الكلباسي في الإشارات ، ١ : ٢٤٨.
(٥) انظر مفاتيح الاصول : ١٠٥.
(٦) لم نعثر عليه.