في ضمنها ، أو قلنا بأنّ قضيّة الاستصحاب هو ذلك ـ فالعقاب لازم على ترك المقدّمة ؛ وذلك أمر ظاهر لا سترة عليه.
وبيان الثاني أيضا يحتاج إلى تمهيد. وهو : أنّ الشيء الواحد قد يكون مصداقا لامور متعدّدة باعتبارات مختلفة ومحكيّا عنه بحكايات متكثّرة بوجوه متفاوتة. وهذه الامور ينتزع من ذلك الشيء تارة على وجه لا ترتيب في انتزاع واحد منها عنه ، بل كلّ واحد منها في عرض الآخر ، وتارة على وجه لا ينتزع منه عنوان إلاّ بعد اعتبار عنوان آخر فيه وانتزاعه منه ، فيكون أحد العنوانين موقوفا على عنوان آخر ؛ فلو فرضنا أنّ الآمر تصوّر العنوان المترتّب على ذلك العنوان وأراد وقوعه من المأمور في الخارج ، فلا بدّ من أن يطلبه على ذلك الوجه ، والمكلّف لو أراد امتثال هذا الأمر لا بدّ له من إيجاد العنوان المأمور به ، وحيث إنّ المفروض توقّف العنوان المأمور به على العنوان الآخر فلا بدّ أوّلا من قصد ذلك العنوان وإيجاده ، وحيث إنّ ذات المعنون واحد فيهما بحسب الوجود الخارجي يلزم وجود العنوان المأمور به أيضا ، لأنّ وجوده عين وجوده في الواقع.
فالترتيب إنّما هو في لحاظ العقل ؛ وأمّا في الخارج فلا ترتيب ، بل الموجود منهما هو شيء واحد ، وذلك كما في الإلقاء في النار والإحراق ، فإنّ الموجود منهما هو الفعل الخاصّ والحركة الخاصّة ، مع أنّ عنوان الإحراق ممّا ينتزع عن الفعل الموجود في الخارج بعد اعتبار العنوان الأوّل ، وهو الإلقاء.
وإذ قد تمهّد ذلك ، فنقول : إنّ النزاع في وجوب المقدّمة وعدمه ينبغي أن يكون في المقدّمات التي تباين ذيها في الوجود الخارجي والتحصّل الأصلي ، كما في مقدّمات الصلاة والصعود إلى السطح. وأمّا المقدّمات التي متّحدة مع ذيها وجودا وإن اختلفتا عنوانا وحكاية ، فلا ينبغي لعاقل الارتياب في وجوب هذه المقدّمات ، فإنّ الأمر بالإحراق لا يعقل أن لا يكون ملازما لوجوب الإلقاء في النار ، بعد أنّ ذات الإلقاء عين ذات الإحراق ؛ والمقدمة العلميّة من قبيل الثاني ، لا الأوّل.