لا يصير سببا لاختلاف المسألتين بعد اتّحاد جهة البحث فيهما. نعم ، ذلك يوجب أن يكون الموردان قسمين من مسألة واحدة. وذلك ظاهر في الغاية.
ومن هنا يظهر أنّ المسألة لا ينبغي أن تعدّ من مباحث الألفاظ ، فإنّ هذه الملازمة على تقدير ثبوتها إنّما هي موجودة بين مفاد النهي المتعلّق بشيء وإن لم يكن ذلك النهي مدلولا عليه بالصيغة اللفظيّة ، وعلى تقدير عدمها إنّما يحكم بانتفائها بين المعنيين.
الثاني : ظاهر النهي المأخوذ في العنوان هو النهي التحريمي وإن كان مناط البحث في التنزيهي موجودا ، وذلك لا يوجب تعميم العنوان.
وهل يختصّ البحث بالنهي الأصلي أو يعمّ التبعي أيضا؟ والحقّ هو الثاني ؛ لما قد تقدّم من استدلالهم على فساد الضدّ بتعلّق النهي التبعي الحاصل من الأمر بضدّه الآخر. وذهب المحقّق القمّي رحمهالله إلى الأوّل ، فزعم عدم اقتضاء النهي التبعي الفساد قطعا ، لانحصار ما يمكن أن ينازع فيه فيما يترتّب عليه العقاب ، ولا عقاب في التبعي (١). ولا دليل على انحصاره فيه ، وكلمات القوم لا توافقه ، بل إنّما هي آبية عنه وصريحة في خلافه.
الثالث : الشيء المتعلّق للنهي إمّا أن يكون عبادة أو غير عبادة.
أمّا الأوّل ، فقد تطلق ويراد بها معناها المصدري ، ويعبّر عنها بالفارسيّة بـ « پرستيدن » فتشمل بهذا المعنى العبادات بالمعنى الأخصّ التي ستعرفها ولكلّ فعل كان المقصود منه هو الامتثال ، فغير العبادة ما لا يكون المقصود منه الامتثال ، سواء لا يقع به الامتثال لعدم الأمر ـ كالمكروهات والمحرّمات ـ أو لا يقصد به الامتثال وإن أمكن فيه ، كالواجبات التوصّلية إذا وقعت بدونه. وقد يطلق ويراد بها معناها
__________________
(١) انظر القوانين ١ : ١٥٦ ـ ١٥٧.