ولكن التحقيق عندنا : أنّ التخيير في الواجبات الموسّعة بحسب الأوقات تخيير (١) عقلي نحو التخيير بين أفراد الكلّي المأمور به ، لا تخيير شرعي كالتخيير في الواجبات التخييريّة. هذه هي الأقوال في المسألة.
وأمّا ثمرة هذا النزاع : فلا بأس بأن نشير إليها قبل الشروع في ذكر الأدلّة.
منها : ترتّب العقاب على فعل الضدّ وعدمه. والأولى تبديل « العقاب » بـ « العصيان » لأنّ ترتّب العقاب في النواهي الغيريّة غير معلوم ، بل إنّما المعلوم خلافه ، كما مرّ تحقيقه في الواجب الغيري. وأيضا « العقاب » أمر اخروي راجع أمره إلى الله تعالى ، فلا فائدة في جعله أثرا في شيء من المسائل ، بخلاف « العصيان » فإنّه لا يتفاوت فيه بين النفسي والغيري والأصلي والتبعي من الأوامر والنواهي. وله آثار شرعيّة أيضا إذا كان الضدّ من الامور التي توجب العصيان فيه حكما من الأحكام كالسفر ، بل ربما يوجب الفسق لو قيل بأنّ العصيان هذا من موانع العدالة ، وإن كان الحقّ خلافه.
ومنها : فساد العبادة الواقعة في وقت المأمور به على القول بالاقتضاء. والظاهر أنّ هذه الثمرة من المسلّمات بين أكثر الأصحاب سيّما القدماء منهم ، كما يظهر من تتبّع كلماتهم وفتاويهم في أبواب الفقه ، كما في باب قضاء الصلاة ، فإنّ كثيرا من القدماء ـ كالشيخين (٢) والسيّدين (٣) والقاضي (٤) والحلّي (٥) والآبي (٦) على ما حكي
__________________
(١) في ( ط ) و ( م ) بدل « تخيير » : غير.
(٢) المقنعة : ١٤٣ ، ٢١١ ، والمبسوط ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧.
(٣) رسائل الشريف المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٣٨ ، والغنية : ٩٨ ـ ٩٩.
(٤) المهذّب ١ : ١٢٦.
(٥) السرائر ١ : ٢٧٢.
(٦) كشف الرموز ١ : ٢٠٩.