أو الأسود ، فإنّه يتّحد مع ما يصدق عليه بعنوان كونه أبيض أو أسود أيضا.
هذا خلاصة الكلام ـ بعد انقضاء مدّة طويلة في النقض والإبرام في بيان مانع اجتماع الضدّين وإبطاله ـ تلقّيناه (١) من السيّد الأستاذ القمقام ـ أدام الله ظلّه على مفارق الأنام ـ ولم ينكشف بعد (٢) به غمائم شوائب الأوهام حقّ الانكشاف ، فانقضت بعد ذلك مدّة أخرى بالإجمال والإبهام ، ثمّ ألهمه الله الملك العلاّم تقريبا آخر لدفع مانع اجتماع الضدّين تقرّبه عيون الأذهان والأفهام ، فأنا إذن كأني كنت في المنام ، فانتبهت به ، أو في الظلام فاستضأت به ، وهو :
أنّ المانع من الاجتماع ـ وهو اجتماع الضدّين ـ إنّما يلزم مع اتّحاد متعلّقي الأمر والنهي ، كما هو مبنى دعوى المانعين من الاجتماع ، وأمّا مع اختلافهما وامتيازهما في نظر الآمر فلا.
فنقول ـ بعد البناء على أنّ الأوامر إنّما هي تتعلّق بالطبائع ، كما هو مبنى النزاع في المسألة ، وأنّه لا بد من اعتبار الوجود فيها لما تقدّم ، وأنّه لا يجب أن يكون معتبرا على وجه الجزئية ، بل يصحّ اعتباره على وجه الشرطية أيضا كما عرفت ـ : إنّ متعلّق الأمر في المقام إنّما هي الطبيعة بوصف تلبّسها واكتسائها بالوجود الخارجي الّذي هو منشأ للآثار والغايات المقصودة للآمر فنفس الوجود خارج عن المأمور به بالمرّة ، وإنّما هو محقّق لجزئه العقليّ ، وهو وصف التلبّس به ، ومتعلّق النهي إمّا الطبيعة الأخرى المتصادقة مع تلك الطبيعة في مورد الاجتماع ، أو أفرادها التي منها مورد الاجتماع ، بناء على كون النهي للاستغراق ، فيختلف موضوعا الأمر والنهي في الذهن ، فلا يلزم اجتماع الضدّين فيه ولا في الخارج أيضا ، لما مرّ من أنّ متعلّقيهما وإن كانا يتّحدان فيه ، إلاّ أنّه بمجرّد وجوديهما يرتفع
__________________
(١) هكذا تجده (ره) يصرّح في مواضع تقرير آراء أستاذه ( قدّه ) بذلك.
(٢) ( بعد ) هنا بمعنى ( إلى الآن ).