الأمر والنهي عن ذلك الموجود : أمّا ارتفاع الأمر فلكونه (١) طلبا للحاصل ، وأمّا ارتفاع النهي عنه فلأنّ بقاءه مستلزم لطلب الممتنع ، لعدم إمكان ترك ذلك الموجود بعد وجوده.
وكيف كان فالأمر مرتفع عنه بمجرّد وجوده لا محالة ، ومعه لا يلزم ما ذكر من المحذور ، وبه يتّضح الفرق بين القول بتعلّق الأوامر بالأفراد ، وبين تعلّقها بالطبائع أيضا من غير حاجة إلى تكلّف الفرق بينهما بالأوّل والابتداء.
لا يقال : على تقدير اعتبار صفة التلبّس بالوجود في متعلّق الأمر دون نفس الوجود لا بدّ من تقييد تلك الصفة بالوجود الحاصل على الوجه المباح ، وإلاّ يلزم اجتماع الوجوب المقدّمي والتحريم فيه فيما إذا كان على الوجه المحرّم ، نظرا إلى مقدّميّته لتلك الصفة المطلوبة ، وأيضا يشكل كون نفس الوجود مبغوضا مع كون الصفة الحاصلة به محبوبة.
لأنّا نقول : تلك الصفة محبوبة للآمر على الإطلاق من غير اختصاص محبوبيّته بما يحصل منها بالوجود المباح ، ولا يجب عليه أيضا تقييد الأمر بها بما يحصل منها كذلك (٢).
نعم لا يجوز له تعميمه (٣) بالنسبة إلى ما يحصل منها بالمحرّم لقبحه ، لكن
__________________
(١) في الأصل : لكونه ..
(٢) أقول : لا يخفى أنّ الأمر المتعلّق بصفة التلبّس بالوجود موضوعه نفس تلك الصفة الملحوظة بلحاظ الوحدانيّة ، ونفس الوجود مباين لها ، فلا يعقل تعميم ذلك الأمر بالنسبة إلى وجود دون آخر ، وإنّما المعقول تحقّقه ببعض من افراد تلك الصفة دون آخر ، فحرمة بعض أفراد الوجود إنّما توجب اختصاص الأمر المقدّمي ـ الناشئ من الأمر بتلك الصفة ـ بالوجود المباح ، لا اختصاص ذلك الأمر ، فيجوز إيراد ذلك الأمر على وجه الإطلاق ، مع كون بعض مقدّماته محرّما ، فقبح التعميم مختصّ بالأمر المقدّمي ، فتأمّل. لمحرّره عفا الله عنه.
(٣) وجه قبح التعميم : أنّ الطلب المتعلّق بذلك الفرد الحاصل على الوجه المحرّم على تقديره وإن