الأمر على وجه الجزئية حتّى يرد عليه أنّه مستلزم لاجتماع الضدّين بتقريب ما مرّ ، بل يوافق اعتباره على وجه القيدية والشرطية بأن يكون نفس الوجود خارجا عن المأمور به والتقيّد به داخلا فيه بأن يكون هو عبارة عن الطبيعة المتلبّسة بالوجود ، والمكتسية به ، كما هو الحال في سائر الشروط ، فافهم.
وقد يقال ـ في وجه اجتماع الضدّين على تقدير بقاء الأمر والنهي المتعلّقين بالطبيعتين الصادقتين على مورد الاجتماع من غير تخصيص أحدهما بغيره ـ : إنّه لا شبهة في ثبوت التضادّ بين الأمر والنهي ، فيكون المتّصف بأحدهما مضادّا للمتّصف بالآخر ، فتكون الطبيعة المأمور بها مضادّة للطبيعة المنهي عنها ، ومع ذلك لو فرض كون شيء مصداقا لكلتا الطبيعتين مع عدم تخصيص الأمر والنهي بغيره يلزم اجتماع الضدّين في ذلك المصداق ، لسراية كلّ وصف ثبت للطبيعة من حيث هي إلى كلّ واحد من أفراده ، ويكون ذلك الشيء مثل ما فرض كونه مصداقا للأبيض والأسود ، فيكون مأمورا به ومنهيّا عنه ، فيلزم اجتماع الأمر والنهي في نفس ذلك الشيء بالأخرة ، وليس هذا إلاّ اجتماع الضدّين هذا.
وفيه : بطلان قياس الوجوب والتحريم بالأوصاف والأعراض القائمة بالطبائع الغير المنفكّة عنها في الخارج ، ضرورة ثبوت الفرق بينها وبين المقام بما مرّت الإشارة إليه ، من أنّ الوجوب ـ حيث إنّه هو البعث والتحريك ـ إنّما يعقل ثبوته لموضوعه ما لم يوجد في الخارج ، لأنّ تحقّقه في الخارج علّة تامّة لارتفاعه ، هذا بخلاف مثل السواد والبياض وسائر الأوصاف ، فإنّها تثبت لموضوعاتها بعد تحقّقها في الخارج أيضا ، بل لا تثبت لها إلاّ فيه ، فلا يلزم اجتماع الوجوب والتحريم في مورد الاجتماع حتّى يلزم اجتماع الضدّين.
وبالجملة : الّذي يقع مصداقا للمأمور به إنّما يتّحد معه لا بعنوان كونه مأمورا المنتزع من الآمر لا معه لما عرفت ، هذا بخلاف ما يقع مصداقا للأبيض