الحس نوعا متقدما كذلك قد يشبه أن يكون من قوى الحركة نوع متقدم. وأما المشهور فهو أن من الحيوان ما له حس اللمس وليس له قوة الحركة ، مثل ضروب من الأصداف.
لكنا نقول : إن الحركة الإرادية على ضربين : حركة انتقال من مكان إلى مكان ، وحركة انقباض وانباسط للأعضاء من الحيوان وإن لم يكن به انتقال الجملة من موضعه فيبعد أن يكون حيوان له حس اللمس ولا قوة حركة فيه ألبتة ، فإنه كيف يعلم أنه له حس اللمس إلا بأن يشاهد فيه نوع هرب من ملموس وطلب لملموس. وأما ما يتمثلون هم به من الأصداف والإسفنجات (١) وغيرها ، فإنا نجد للأصداف فى غلفها حركات انقباض وانبساط والتواء وامتداد فى أجوافها ؛ وإن كانت لا تفارق أمكنتها ، ولذلك يعرف أنها تحس بالملموس. فيشبه أن يكون كل ما له لمس فله فى ذاته حركة مّا إرادية إما لكليته وإما لأجزائه.
وأما الأمور التى تلمس (٢) ، فإن المشهور من أمرها أنها الحرارة
__________________
(١) فى بحر الجواهر للهروى : اسفنج جسم بحرى رخو متخلخل كاللبد ، وعامة الفرس تقولون انه « ابر مرده ».
واذا القى فى الماء نشفه وحمل منه قريبا من حبشه وهو جسم خفيف يميل الى السواد غالبا ينبت فى صخور السواحل ومنهم من يظن انه حيوان لانقباضه وتجمعه إذا لمس.
(٢) قوله : واما الامور التى الخ ، هذا شروع فى بيان الاشياء الملموسة وذكر اولا انّ المشهور ذهب الى انها ثمانية اشياء ، وهى الحرارة واخواتها السبعة. والبواقى تلمس تبعا لهذه الثمانية. مثلا ان الصلابة تلمس تبعا لليبوسة ، واللزوجة تبعا للرطوبة. ثم تعرض لقول المشهور فى الملموس بذاته والملموس بالعرض بان المشهور يظن ان الحرارة والبرودة تلمسان بذاتهما بلادخالة انفعال عضو حاس عبر عنه بالآلة. واما البواقى