وأيضا القوة المتخيلة هى التى تستثبت صور الأمور المادية من حيث هى مادية مجردة عن المادة نوعا من التجريد غير بالغ ، كما نذكره بعد. ثم يعرض أن يكون ذلك لونا أو طعما أو عظما أو صوتا أو غير ذلك. والقوة العاقلة هى التى تستثبت صور الأمور من حيث هى بريّة عن المادة وعلائقها ، ثم يتفق أن يكون ذلك شكلا ، ويتفق أن يكون عددا.
وقد يجوز أن تكون القوة معدّة نحو فعل بعينه ، لكنها تحتاج إلى أمر آخر ينضم إليها حينئذ ، حتى يصير لها ما بالقوة حاصلا بالفعل ، فإن لم يكن ذلك الأمر لم تفعل ، فيكون مثل هذه القوة تارة مبدأ للفعل بالفعل وتارة غير مبدأ له بالفعل ، بل بالقوة ، مثل القوة المحركة فإنها إذا صح الإجماع من القوة الشوقية بسبب داع من التخيل أو المعقول إلى التحريك حرّكت لا محالة ، فإن لم يصح لم تحرّك.
وليس يصدر عن قوة محركة واحدة بآلة واحدة إلا حركة واحدة ، إذ الحركات الكثيرة لكثرة آلات الحركة التى هى العضل فينا وفى كلّ عضلة قوة محركة جزئية لا تحرّك إلا حركة بعينها.
وقد تكون القوة الواحدة أيضا يختلف تأثيرها بحسب القوابل المختلفة أو الآلات المختلفة ، وهذا ظاهر.
فنقول الآن : إن أول أقسام أفعال النفس ثلاثة :
أفعال يشترك فيها الحيوان والنبات كالتغذية والتربية (١) والتوليد.
وأفعال تشترك فيها الحيوانات أكثرها أو جلّها ولا حظّ فيها للنبات مثل الإحساس والتخيل والحركة الإرادية.
__________________
(١) التربية اشارة الى النموّ.