حال العقل عند العلماء ومشهور من حال الخيال عندهم ، بل كما أن المحسوسات المشتركة (١) التى زعموا أنها العظم والعدد والحركة والسكون والشكل قد تحسّ بكل واحدة من الحواس أو بعدة منها وإن كانت بوساطة محسوس آخر.
ثم هل قوة التحريك هى قوة الإدراك ، ولم لا يمكن ذلك. وهل قوة الشهوة بعينها هى قوة الغضب ، فإذا صادفت اللذة انفعلت على نحو ، وإن صادفت الأذى انفعلت على نحو آخر ، بل هل الغاذية والنامية والمولدة شىء من هذه القوى ، وإن لم تكن فهل هى قوة واحدة ، حتى إذا كان الشىء لم يتم بصورة حرّكت الغذاء إلى أقطاره على هيئة وشكل ، فإذا استكمل حرّكت ذلك التحريك بعينه. إلا أن الشكل قد تم فلا يحدث شكل آخر ، والعظم قد بلغ مبلغا لا تفى القوة بأن تورد من الغذاء فيه أكثر مما يتحلل منه فتقف. وهناك يفصل من الغذاء فضل يصلح للتوليد لتنفذه إلى أعضاء التوليد ، كما تنفذ الغذاء إليها لتغذوها به ، لكنه يفصل عما
__________________
(١) قوله المحسوسات المشتركة. سيأتى كلامه فى ذلك فى آخر الفصل الثامن من المقالة الثالثة : فهذه هى المحسوسات التى تسمى مشتركة ، اذ قد تشترك فيها عدة من الحواس الخ. وكذا فى الفصل الثانى عشر من الباب الثالث فى الابصار من المباحث المشرقية للفخر الرازى ص ٣١٩ ج ٢. فى المحسوسات المشتركة. والغرض فى عنوان البحث عن المحسوسات المشتركة ان العظم والعدد والحركة واخواتها مما لا تكون من الملموسات والمذوقات والمشمومات والمسموعات والمبصرات تشترك فى ادراكها الحواس الظاهرة او تشترك فى ادراكها عدة من الحواس فلا تحتاج فى الاحساس الى قوة اخرى كما توهم بعض الناس انه لا بد من حس آخر غير هذه الخمسة لادراك تلك الأمور المعدودة فتبصر وارجع الى الفصل الثانى عشر وهو الفصل الاخير من الباب الرابع من نفس الاسفار ( ص ٤٩ ج ٤ ). والى ص ١٢٣ من نفس ارسطو.