فى الجوهر ، فلا تكون هناك مادة محفوظة الذات بعد مفارقة النفس هى كانت موضوعة للنفس ، والآن هى موضوعة لغيرها. فإذن ليس وجود النفس فى الجسم كوجود العرض فى الموضوع. فالنفس إذن جوهر لأنها صورة لا فى موضوع.
لكن لقائل أن يقول : لنسلم أن النفس النباتية هذه صورتها ، فإنها علة لقوام مادتها القريبة ؛ وأما النفس الحيوانية فيشبه أن تكون النباتية تقوّم مادتها ثم تلزم (١) هذه النفس الحيوانية إياها ، فتكون الحيوانية متحصلة الوجود فى مادة تقومت بذاتها ، وهى علة لقوام هذه التى حلّتها أعنى الحيوانية ، فلا تكون الحيوانية لا قائمة فى موضوع.
فنقول فى جواب ذلك : إن النفس النباتية بما هى نفس نباتية لا يجب عنها إلا جسم متغذ مطلقا ، ولا النفس النباتية مطلقة لها وجود إلا وجود معنى جنسى ، وذلك فى الوهم فقط ؛ وأما الموجود فى الأعيان فهو أنواعها.
والذى يجب أن يقال : إن النفس النباتية سبب واحد وله شىء أيضا عام كلى غير محصل ، وهو الجسم المتغذى النامى المطلق الجنسى غير المنوّع.
وأما الجسم ذو آلات الحس والتمييز والحركة الإرادية ، فليس مصدره عن النفس النباتية بما هى نفس نباتية ، بل بما ينضم إليها فصل آخر تصير به طبيعة أخرى ، ولا يكون ذلك إلا أن تصير نفسا حيوانية.
بل يحب أن نبتدىء فنزيد هذا شرحا.
__________________
(١) يلزم اتباع ، نسخة.