واحتجاجهم غير منتفع به إذا كانت القوة لا تفارق بنوعيتها ، بل بجنسيتها ، وهما مختلفان. ومع ذلك فلنضع القوة النباتية فى الحيوان مخالفة للقوة الحيوانية فيه ، كأنّ كل واحدة منهما نوع محصّل منفرد بنفسه ، وليس أحدهما الآخر ، ولا مقولا عليه ، فما فى ذلك مما يمنع أن تكون القوتان جميعا فى الحيوان (١) لنفس الحيوان ، كما أنه ليس إذا وجدت الرطوبة فى غير الهواء ، وليست مقارنة للحرارة ، يجب من ذلك أن لا تكون الرطوبة والحرارة فى الهواء لصورة واحدة أو لمادة واحدة ، وليس إذا كانت حرارة توجد غير صادرة عن الحركة ، بل عن حرارة أخرى ، يجب من ذلك أن الحرارة فى موضع آخر ليست تابعة للحركة.
ونقول : ليس يمتنع أن تكون هذه القوى متغايرة بالنوع أيضا ، وتنسب إلى ذات واحدة هى فيها. فأما كيفية تصور هذا فهو أن الأجسام العنصرية (٢) تمنعها صرفية التضاد عن قبول الحياة ، فكلما أمعنت فى هدم
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : اى تكون نفس الحيوان أصلا والقوة الحيوانية والنباتية تابعتان لها.
(٢) قوله قدسسره : « إن الأجسام العنصرية » هذا أصل قويم وأساس رصين فى البحث عن اعتدال المزاج وفيضان النفس والمعارف عليها بحسبه ومنه تستفاد كثير من المسائل الحكمية المتقنة ، منها احكام النفوس المكتفية كعلم الإمام واخباره عن المغيبات مثلا ، ومنها البحث عن التضاد كما عنون فى الفصلين الرابع والخامس من الموقف الثامن من الهيات الأسفار من انه لو لا التضاد ما صحّ حدوث الحادثات ، وانّه لولا التضاد لما صحّ الكون والفساد ، وانه لولا التضاد ما صح دوام الفيض من المبدأ الجواد ( ص ١١٦ ـ ١١٨ ج ٣ ط ١ ).
ثم تجد البحث عن المضادة الاولى فى سادس الثالثة من الهيآت هذا الكتاب ، أعنى الشفاء ، ايضا ما يجديك فى البحث عن التضاد ، وتفصيل البحث عن ذلك يطلب فى رسالتنا فى التضاد.