حسب موافقة أفعال تلك القوة ، ويستعدّ كلّ عضو لقبول قوة خاصة لتفيض عنه ، ولولا ذلك لكان خلق البدن معطلا لها.
وأما من تشكك فجعل النفس عالمة لذاتها فهو فاسد ، فإنه ليس يجب إذا كان جوهر النفس خاليا بذاته عن العلم أن يستحيل له وجود العلم. فإنه فرق بين أن يقال : إن جوهر الشىء باعتبار ذاته لا يقتضى العلم ، وبين أن يقال : إن جوهره بذلك الاعتبار يقتضى أن لا يعلم ، فإن لزوم الجهل مع كل واحد من القولين مختلف.
فإنا إذا سلمنا (١) أن النفس بجوهرها جاهلة ، فإنما نعنى أن جوهرها إذا انفرد ولم يتصل به سبب من خارج لزمه الجهل ، بشرط الانفراد مع شرط الجوهر ، لا بشرط الجوهر وحده. ولسنا نعنى بهذا أن جوهرها جوهر لا يعرّى عن الجهل.
وإن لم نسلّم ، بل قلنا : إن ذلك (٢) أمر عارض لها ، فليس يجب أن يكون مثل هذا العارض واردا على الأمر الطبيعى ، فإنه ليس إذا قلنا : إن الخشبة خالية عن صورة السريرية ، وأن ذلك الخلو ليس لجوهرها (٣) ، بل أمر عارض لها جائز الزوال ، كان هذا القول كانّا نقول (٤) : يجب أن يكون قد كانت فيه صورة السريرة فانفسخت (٥).
من المحال أيضا ما قاله المتشكك من ارتداد الشىء (٦) إلى ذاته ، فإن
__________________
(١) فإنا وإن سلمنا ، نسخة.
(٢) أى كون النفس بجوهرها جاهلة.
(٣) بجوهرها ، نسخة.
(٤) كأنك تقول يجب ، نسخة.
(٥) ثم انفسخت ، نسخة.
(٦) أى النفس.