الصفة هويتها أو هوية مجموعها هو الشىء الذى أشعر به أنّه أنا ، فيجب أن يكون شعورى بأنا شعورى بذلك الشىء. فإن الشىء لا يجوز من جهة واحدة أن يكون مشعورا به وغير مشعور به ، وليس الأمر كذلك ، فإنى إنما أعرف أن لى قلبا ودماغا بالإحساس والسماع والتجارب ، لا لأنى أعرف أنى أنا ، فيكون إذن ليس ذلك العضو لنفسه الشىء الذى أشعر به أنه أنا بالذات ، بل يكون بالعرض أنا ، ويكون المقصود بما أعرفه منى أنى أنا الذى أعنيه فى قولى : أنا أحسست وعقلت وفعلت ، وجمعت هذه الأوصاف ، شيئا آخر هو الذى أسمّيه أنا.
فإن قال هذا القائل : إنك أيضا لا تعرفه أنه نفس.
فأقول : إنى دائما أعرفه على المعنى الذى أسميه النفس (١) ، وربما لا أعرف تسميته باسم النفس. فإذا فهمت ما أعنى بالنفس ، فهمت أنه ذلك الشىء ، وأنه المستعمل للآلات من المحركة والدراكة. وإنما لا أعرف مادمت لا أفهم معنى النفس ، وليس كذلك حال قلب ولا دماغ فإنى أفهم معنى القلب والدماغ ولا أعلم ذلك ، فإنى إذا عنيت بالنفس أنه الشىء الذى هو مبدأ هذه الحركات والإدراكات التى لى ومنتهاها فى هذه الجملة عرفت أنه إما أن يكون بالحقيقة أنا أو يكون هو أنا مستعملا لهذا البدن ، فكأنى الآن لا أقدر أن أميز الشعور بأنا مفردا عن مخالطة الشعور بأنه مستعمل للبدن ومقارن للبدن. وأما أنه جسم أو ليس بجسم ، فليس يجب عندى أن يكون جسما ، ولا يتخيل هو (٢) لى جسما من الأجسام
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : وهو انه الشىء الذى هو مبدأ هذه الحركات والادراكات.
(٢) فى تعليقة نسخة : اى الشىء الذى هو مبدأ هذه الحركات والادراكات.