القوى ، وإلا كان كل جسم له ذلك ، بل لأمر به يصير كذلك ، ويكون ذلك الأمر هو الجامع الأول ، وهو كمال الجسم من حيث هو مجمع ، وهو غير الجسم ، فيكون إذن المجمع هو شىء غير جسم وهو النفس.
وأما ثانيا ، فقد تبين أن من هذه القوى ما ليس يجوز أن يكون جسمانيا مستقرا فى جسم.
فإن تشكك فقيل : إنه إن جاز أن تكون هذه القوى لشىء واحد ، مع أنها لا تجتمع معا فيه ، إذ بعضها لا يحل الأجسام وبعضها يحلّها ، فتكون مع افتراقها من غير أن تكون بصفة واحدة منسوبة (١) إلى شىء واحد ، فلم لا يكون كذلك الآن وتكون كلها منسوبة إلى جسم أو جسمانى.
فنقول لأن هذا الذى ليس بجسم ، يجوز أن يكون منبع القوى فيفيض عنه بعضها فى الآلة ، وبعضها يختص بذاته ، وكلها يؤدّى إليه نوعا من الأداء. واللواتى تكون فى الآلة تجتمع فى مبدأ يجمعها فى الآلة ذلك (٢) المبدأ ، وهو (٣) فائض عن الغنىّ عن الآلة كما نبيّن حاله بعد فى حل الشبه. وأما الجسم فلا يمكن أن تكون هذه القوى كلها فائضة منه ، فإن نسبة القوى إلى الجسم ليس على سبيل الفيضان ، بل على سبيل القبول ، والفيضان يجوز أن يكون على سبيل مفارقة الفيض عن المفيض (٤) ، والقبول لا يجوز أن يكون على تلك السبيل.
وأما ثالثا فإن هذا الجسم إما أن يكون جملة البدن ، فيكون إذا نقص
__________________
(١) خبر « كان » فى قوله : « فتكون مع افتراقها ».
(٢) فاعل قوله : « يجمعها ».
(٣) اى ما فى الآلة.
(٤) مفارقة المفيض عن الفيض. كما فى نسخة مصحّحة.