وأما أصحاب التذكر فإنّهم احتجوا وقالوا : إنه لو لم تكن النفس علمت وقتا ما (١) تجهله الآن وتطلبه لكانت إذا ظفرت به لم تعلم أنه المطلوب ، كطالب العبد الآبق ؛ وقد فرغنا عن ذكر هذا فى موضع آخر وعن نقضه (٢).
والذين كثّروا النفس ، فقد احتجوا وقالوا : كيف يمكننا أن نقول : إن الأنفس كلها نفس واحدة ، ونحن نجد النبات وله النفس الشهوانية (٣) ، أعنى التى ذكرناها فى هذا الفصل ، وليس له النفس المدركة الحاسة المميزة ، فتكون لا محالة هذه النفس شيئا منفردا بذاته دون تلك النفس ،
__________________
(١) موصولة.
(٢) أى فى المنطق وفى تعليقة نسخة : قال صدر المتألهين فى الأسفار : « هذه شبهة مذكورة فى أوائل كتب الميزان مع حلّها. وهى أن كل قضية لها موضوع ومحمول ونسبة بينهما فإذا كانت مطلوبة يجب أن لا يكون المطلوب تصور الطرفين أو تصور النسبة بينهما. بل المطلوب هو إيقاع تلك النسبة أو انتزاعها أى الحكم بثبوتها أو لا ثبوتها وإذا وقعت الفكرة وتأدت إلى الإذعان بها أو بسلبها عرفنا أن المطلوب قد حصل فالمطلوب كان معلوما من وجه التصور وإن كان مجهولا من وجه التصديق لأن أجزائها كانت متصورة معلومة وليست هى مطلوبة والذى منه مطلوب لم يكن قبل الاكتساب حاصلا فلكل مطلوب علامة فإذا وجده الطالب عرف أنه مطلوب بتلك العلامة انتهى ». كذا فى باب التصور فإن المطلوب التصورى مجهول بالكنه والذاتيات ومعلوم بالوجه والعرض أو مجهول من حيث عرضى من العرضيات ومعلوم بعرضى آخر.
اقول : اليك نصّ عبارة الاسفار ( ص ٣٢٠ ج ١ ط ١ ـ ص ٤٩٢ ج ٣ ط ٢ ) : « ... والذى منه مطلوب لم يكن قبل الاكتساب حاصل. وكذا فى باب التصور فإنّ الذى يكتسب بالطلب والتفكر غير الذى هو حاصل قبل الطلب فلكل مطلوب علامة فاذا وجده الطلب عرف أنه مطلوبه بتلك العلامة والطالب عرف أنّه مطلوبه بتلك العلامة. » انتهى.
(٣) فى تعليقة نسخة : أى الغذائية فلا حس ولا غضب.