تفعل بآلات مختلفة.
والذين قالوا من هؤلاء (١) : إن النفس علاّمة بذاتها ، احتجوا وقالوا : لأنها إن كانت جاهلة عادمة للعلوم فإما أن يكون ذلك لها لجوهرها أو يكون عارضا لها ، فإن كان لجوهرها استحال أن تعلم ألبتة (٢) ، وإن كان عرضا لها فالعارض يعرض على الأمر الموجود (٣) للشىء. فيكون موجودا للنفس أن تعلم الأشياء لكن عرض لها أن جهلت بسبب ، فيكون السبب إنما يتسبب للجهل لا للعلم. فإذا رفعنا الأسباب العارضة بقى لها الأمر الذى فى ذاتها ، ثم إذا كان الأمر الذى لها فى ذاتها هو أن تعلم فكيف يجوز أن يعرض لها بسبب من الأسباب أن تصير لا تعلم وهى بسيطة روحانية لا تنفعل ، بل يجوز أن يكون عندها العلم وتكون معرضة عنه مشغولة ، إذا نبّهت علمت ، وكان معنى التنبيه ردّها إلى ذاتها وإلى حال طبيعتها ، فتصادف نفسها عالمة بكل شىء (٤).
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : أى من الذين قالوا إنّ النفس واحدة.
(٢) فى تعليقة نسخة : لأن الصفة الذاتية اللازمة ممتنعة الزوال.
(٣) فى تعليقة نسخة : اى الامر الطبيعى الموجود للشىء وهو كونه عالما فيما نحن فيه.
(٤) قال الفخر فى ص ٤٩٦ ج ١ من المباحث المشرقية : « إن هذا باطل لأن الصورة العقلية إما أن تكون حاضرة فى النفس موجودة فيها بالفعل أو لا تكون. فإن كانت حاضرة بالفعل وجب أن يكون لها شعور بذلك الحضور إذ لا معنى للشعور إلاّ ذلك الحضور ، وإن لم تكن حاضرة بالفعل لم يكن ذلك ذاتيا لأن الأمور الذاتية لا تكون مفارقة زائلة.
وأما قولهم خلوها عن العلوم أمر ذاتى او عرضى. فنقول لسنا نقول إن النفوس تقتضى لا وجود العلم بل نقول إنّها لا تقتضى وجود العلم بل العلم لها ممكن الحصول فاذا لم يوجد السبب لم يكن حاصلا ولكن ليس كل ما كان معدوما كان واجب العدم وإلا لكان كل ممكن معدوم واجب العدم او كل ممكن موجودا ( وإلا لما كان ممكن معدوما. خ ل ).