أيضا من خواص الناس.
وقد يعرض للإنسان انفعال نفسانى بسبب ظنه أن أمرا فى المستقبل يكون مما يضره ، وذلك يسمى الخوف. والحيوانات الأخرى إنما يكون لها ذلك بحسب الآن فى غالب الأمر ، أو متصلا بالآن. وللإنسان بإزاء الخوف الرجاء ، ولا يكون للحيوانات الأخرى إلا متصلا بالآن ، ولا يكون فيما يبعد عن الآن من الزمان ذلك. والذى تفعله من الاستظهار (١) فليس ذلك لأنها تشعر بالزمان وما يكون فيه ، بل ذلك أيضا ضرب من الإلهام. والذى تفعله النمل من نقل الميرة (٢) بالسرعة إلى جحرتها (٣) منذرة بمطر (٤) يكون ، فلأنها تتخيل أن ذلك هوذا يكون فى هذا الوقت. كما أن الحيوان يهرب عن الضد لما يتخيل انّه هو ذا يريد أن يضربه فى الوقت.
ويتصل بهذا الجنس ما للإنسان أن يروّى فيه من الأمور المستقبلة أنه هل ينبغى له أن يفعلها أو لا ينبغى فيفعل ما يصح أن توجب روّيته أن لا يفعله وقتا آخر أو فى هذا الوقت بدل ما روّى ، ولا يفعل ما يصح أن توجب روّيته أن يفعل وقتا آخر أو فى هذا الوقت بدل ما روّى. وسائر الحيوانات إنما يكون لها من الإعدادات للمستقبل ضرب واحد مطبوع فيها وافقت عاقبتها أو لم توافق.
__________________
(١) الظهير : المعين والاستظهار طلب المعاونة.
(٢) البرة ، نسخة. والميرة بكسر الميم : الطعام.
(٣) الجحر بضم الجيم وسكون الحاء : كل مكان تحتفره الهوام والسباع لانفسها ، ج جحرة بكسر الجيم وفتح الحاء.
(٤) منذرة لمطر ، نسخة.