حال وقوع الشىء (١) ، وذلك أنه لم يكن سبب وقوع الغم والحزن والغضب فيما مضى إلا انطباع هذه الصورة فى باطن الحواس ، فإذا عادت فعلت ذلك أو قريبا منه ، والأمانى والرجاء تفعل ذلك ، والرجاء غير الأمنية ، فإن الرجاء تخيل أمر مّا مع حكم أو ظن بأنه فى الأكثر كائن ، وأما الأمنية فهى تخيل أمر وشهوته والحكم بالتذاذ يكون إن كان ، والخوف مقابل الرجاء على سبيل التضاد ، واليأس عدمه ، وهذه كلها تكون أحكاما للوهم (٢).
فلنقتصر الآن على ما قلناه من أمر القوى المدركة الحيوانية ، ولنبين أنها كلها تفعل افعالا (٣) بالآلات (٤) ، فنقول : أما المدرك من القوى للصور الجزئية الظاهرة على هيئة غير تامّة التجريد والتفريد عن المادة ولا مجردة أصلا عن علائق المادة كما تدركه الحواس الظاهرة ، فالأمر فى احتياج إدراكه إلى آلات جسمانية واضح سهل. وذلك لأن هذه الصور إنما تدرك
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : يعنى قد يوجب من تذكر ما يوجب الغم والحزن حال يشبه حال وقوعه فان تلك الحالة انما تحصل من الصورة التى تنطبع فى القوى وقد حصلت.
(٢) وهذه كلها احكام للوهم ، نسخة.
(٣) تفعل افعالها بالآلات ، نسخة.
(٤) فى تعليقة نسخة : قال الشيخ فى المباحثات ان الصور والمتخيلات ليس المدرك لها جسما او جسمانيا واقام البرهان بحسب الظاهر على ذلك وقال بعد اقامة البرهان فاذن الحفظ والذكر ليسا جسمانيين بل انما يوجدان فى النفس الا ان المشكل انه كيف يرتسم الاشباح الخيالية فى النفس. وقال فى آخر الفصل وهذا وامثاله يوقع فى النفس ان نفس الحيوان غير الناطق ايضا جوهر غير مادى وانه هو الواحد بعينه المشعور به واحد وانه هو الشاعر الباقى وان هذه الجسمانيات آلات متبدلة عليه. وعبارة المباحثات مذكورة فى المباحث المشرقية للامام الرازى وفى سفر نفس الاسفار لصدر المتألهين. ( المباحث المشرقية ج ٢ ص ٣٣٧ ).