إنما يكون جوهرا إذا لم يكن ولا فى شىء من الأشياء على أنه فى موضوع. وهذا المعنى لا يدفع كونه فى شىء مّا موجودا لا فى موضوع ، فإن ذلك ليس له بالقياس إلى كل شىء ، حتى إذا قيس إلى شىء يكون فيه لا كما يوجد الشىء فى موضوع صار جوهرا ؛ وإن كان بالقياس إلى شىء آخر بحيث يكون عرضا ، بل هو اعتبار له فى ذاته. فإن الشىء إذا تأملت ذاته ونظرت إليها فلم يوجد لها موضوع ألبتة كانت فى نفسها جوهرا ، وإن وجدت فى ألف شىء لا فى موضوع بعد أن توجد فى شىء واحد على نحو وجود الشىء فى الموضوع فهى فى نفسها عرض. وليس إذا لم يكن عرضا فى شىء فهو جوهر فيه ، فيجوز أن يكون الشىء لا عرضا فى الشىء (١) ولا جوهرا فى الشىء ، كما أن الشىء يجوز أن لا يكون واحدا فى شىء ولا كثيرا (٢) ، لكنه فى نفسه واحد أو كثير. وليس الجوهرى والجوهر واحدا ، ولا العرض بمعنى العرضى (٣) الذى فى إيساغوجى هو العرض الذى فى قاطيغورياس (٤). وقد بينا هذه الأشياء لك فى صناعة المنطق.
فبين أن النفس لا يزيل عرضيتها كونها فى المركب كجزء (٥) ، بل يجب
__________________
(١) كالسواد بالنسبة الى الاسود.
(٢) وفى تعليقة نسخة : اى كما ان زيدا ليس واحدا فى السماء ولا كثيرا فيها وان كان فى نفسه وحيّزه واحدا.
(٣) اى العرض العام والخاص من الكلّيات الخمس.
(٤) وفى تعليقة نسخة : اى المقولات العشر كالحال فى الموضوع مثل المشى والضحك.
(٥) قال فى الاسفار : « فعلم ان كون النفس كمالا للجسم والجسم جوهر او كونها جزءا للمركب لا عرضا قائما بالمركب لا يستلزم جوهريتها بل يحتمل ان يكون نفس ما قائمة بالموضوع وهى مع ذلك يكون جزءا للمركب. ويحتمل ان لا يكون فى موضوع فيكون