لا يزال ينتقل (١).
وقالوا : ومما يدل على صحة هذا أن الناظر (٢) الذى للإنسان قد ينطبع فيه شبح مرئى ينعكس عنه إلى بصر ناظر حتى يراه هذا الناظر الثانى ، ولا يراه صاحب الحدقة التى تمثل فيها الشبح بحسب التخيل ، ولو كان لذلك حقيقة انطباع فى ناظره لوجب على مذهب أصحاب الأشباح أن يتساوى كل منهما فى إدراكه ، فإن عندهم أن حقيقة الإدراك تمثّل شبح فى الناظر فيكون كل من تمثّل فى ناظره شبح رآه.
قالوا : فمن هذا نحكم ونقول إن الناظر فى المرآة يتخيل له فى المرآة أنه يرى صورته وليس كذلك ، بل الشعاع إذا لاقى المرآة فأدركها كر منعكسا فلاقى صورة الناظر فأدركها ، فإذا رأى المرآة ونفسه فى سمت واحد من مخرج الخط الشعاعى يتخيل أن أحدهما فى الآخر.
قالوا : والدليل على أن ذلك ليس منطبعا فى المرآة أنه يرى المرئى فى المرآة بحيث لا يشك أنه ليس فى سطح المرآة ، وإنما هو كالغائر فيه والبعيد عنه. وهذا البعد لا يخلو إما أن يكون بعدا فى غور المرآة ، وليس للمرآة ذلك البعد ، ولا أيضا إن كان لها ذلك الغور كانت المرآة مما يرى ما يتشبح فى باطنها ، فبقى أن يكون ذلك البعد بعدا فى خلاف جهة غوره فيكون بالحقيقة إنما أدرك الشىء بذلك البعد من المرآة ، فلا يكون قد انطبع شبحه فى المرآة.
فيلزمنا أول شىء أن نبطل المذهبين الأولين ، فنثبت صحة مذهبنا وهو الثالث ، ثم نكّر على هذه الشبهة فنحلها.
__________________
(١) اى الشبح بانتقال الناظر. ( ولذلك لا يزال ينتقل ، خ ل ).
(٢) مردمك چشم.