آلتها عضوا واحدا إذا أورد عليه المحسوس (١) الذى يتصل به ضرر عرفت النفس ذلك فاتقته وتنحت بالبدن عن جهته. فلو كانت الآلة اللامسة بعض الأعضاء ، لما شعرت النفس إلا بما يماسها وحدها (٢) من المفسدات. ويشبه أن تكون قوى اللمس قوى كثيرة (٣) كل واحد واحد منها تختص بمضادة ، فيكون ما تدرك به المضادة التى بين الحار والبارد غير الذى تدرك به المضادة التى بين الثقيل والخفيف. فإن هذه أفعال أولية للحس يجب أن تكون لكل جنس منها قوة خاصة ، إلا أن هذه القوى لما انتشرت فى جميع الآلات بالسوية ظنت قوة واحدة ، كما لو كان اللمس والذوق منتشرين فى البدن كله انتشارهما فى اللسان لظن مبدآهما (٤) قوة واحدة ، فلما تميزا فى غير اللسان عرف اختلافهما.
وليس يجب ضرورة أن تكون لكل واحدة من هذه القوى آلة تخصها ،
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : اما كون اللمس بهذه الحالة اى بأن لا يحس الا بالمماسة والقوى الاخرى لا تحتاج اليها لشدة تأدية هذه القوة دون ساير القوى.
(٢) فى تعليقة نسخة : دون باقى الاعضاء.
(٣) فى تعليقة نسخة : الملموسات لما كانت حقايق مختلفة محسوسة من حيث حقايقها المختلفة فان الثقل من حيث هو ثقل والبرودة من حيث هى برودة ملموسان لا من حيث انه امر مشترك بينهما يكون هو ملموس بذاته ويكون الثقل والبرودة وصفين لا حقين به فلا محالة يجب ان تكون القوة اللامسة متعددة بخلاف المبصرات فانها ليست محسوسة من حيث خصوصياتها المتمايزة التى هى السوادية والبياضية وغيرهما بل من حيث الاشتراك بينهما وهو كونها لونا فقط بحيث لو وجد اللون لما هولون فقط مجردا عن جميع الخصوصيات لكان مبصرا لا محالة فلذلك لم يجعل محلها الاقوة واحدة وفى آخر الفصل الخامس الاتى قال الشيخ ما مفاده هذا.
(٤) المبدأ ان على التثنية أضيف إلى الضمير. واعلم أن صدر المتألهين ذكر فى ص ٤٨ ج ٤ ط ١ ـ ص ٢٠٠ ج ٨ ط ٢ من نفس الأسفار إنحصار الحواس فى هذه الخمس فراجع.