شكّ في ركعات الصلاة وأنها ثنتان أو أربع ونحو ذلك ، حيث قلنا إن الركعات الاحتياطية جزء حقيقي للصلاة لكن لا لمطلق المكلفين ، فإنهم على قسمين : قسم يجب في حقهم الصلاة وركعاتها من غير أن يتوسط بينها السلام ، وهم من لم يطرأ عليهم الشك في صلاتهم. وقسم يجب عليهم الصلاة مع الفصل في ركعاتها بالسلام وموضوع هذا الحكم هو الذي يشك في الإتيان بالركعات بشرط أن لا يكون آتياً بها في الواقع ، فالذي يشك في الإتيان ولم يكن آتياً بها واقعاً فوظيفته بحسب الواقع هو الصلاة مع الانفصال والإتيان ببعض ركعاتها منفصلاً.
لا أن ذلك مجرّد حكم ظاهري ، والشك في الإتيان بالركعات أمر وجداني ، فإذا أحرز بوجدانه أنه شاك في الإتيان فيمكنه إحراز عدم إتيانه بها واقعاً بالاستصحاب فبضم الوجدان إلى الأصل يثبت أن الركعات الاحتياطية جزء حقيقي من الصلاة.
ومع كونها من أجزاء الصلاة التي توضأت أو اغتسلت المستحاضة لأجلها لا وجه للاغتسال أو التوضؤ لها ثانياً ، فركعات الاحتياط لا تحتاج إلى تجديد الغسل ولا الوضوء ، بلا فرق في ذلك بين صورتي عدم انكشاف الخلاف في الاستصحاب ، أعني استصحاب عدم الإتيان بالركعات المشكوكة ، وانكشافه.
لأن صلاة الاحتياط إذا ظهر بعدها أن المكلف كان آتياً بالركعات المشكوك فيها وإن كانت تقع نافلة لا محالة ، والنافلة صلاة مستقلة لا بدّ لها من الوضوء والغسل ، إلاّ أنها لا تحتاج إليهما في خصوص المقام ، وذلك لقصور الدليل عن الشمول لما حكم بكونه نافلة بعد الإتيان به كما في المقام ، لأن صلاة الاحتياط إنما يحكم بكونها نافلة بعد ما ينكشف عدم نقصان الصلاة ، وأمّا قبل ذلك فلا ، لأنها كانت من الابتداء محكومة بكونها جزءاً من الصلاة بحكم الاستصحاب ، لما ذكرناه من أن مقتضى الاستصحاب عدم الإتيان بالركعة المشكوك فيها واقعاً ، ومعه يجب عليها أن تأتي بها مع الانفصال ، فإن مقتضى الاستصحاب وإن كان هو الإتيان بها متصلة إلاّ أن وظيفة المكلف تتبدّل حينئذ إلى الانفصال ، فلا بد من الإتيان بها مع الانفصال.
فتحصل : أن أدلّة وجوب الوضوء أو الغسل لكل صلاة قاصرة الشمول للمقام