القبلة أو يوجّه
هو نفسه إليها لو كان متمكّناً منه ولم يكن عنده أحد ، أو لا يجب؟ فقد نسب القول
بالوجوب إلى المشهور والأشهر ، واستدلّ عليه بوجوه :
منها
: أنّ السيرة يداً
بيد إلى زمان المعصومين عليهمالسلام جرت على توجيه الميِّت حال الاحتضار نحو القبلة ، وحيث
إنّها غير مردوعة ، فيستكشف أن توجيه الميِّت نحو القبلة أمر واجب حال الاحتضار.
ويدفعه
: أنّ السيرة قائمة على الفعل ، ولعلّها من أجل استحبابه فلا
يستفاد منها وجوبه.
ومنها
: موثقة معاوية بن
عمار : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الميِّت ، فقال : استقبل بباطن قدميه القبلة » وذلك لأنّ السؤال فيها عن نفس الميِّت لا عن كيفية توجيهه ، فتدل على أنّ
الميِّت يجب أن يوجّه نحو القبلة حال الاحتضار ، إذ المراد به هو من يقرب من الموت
، لعدم وجوب التوجيه بعد الموت.
ويندفع بأن ظاهر المشتق إرادة المتلبس بالمبدإ منه فعلاً ، لأنّه
وإن صح أن يستعمل في من يتلبس به بعد ذلك إلاّ أنّه على نحو المجاز وتحتاج إرادته
إلى القرينة لا محالة كما في قوله : من قتل قتيلاً ، لوضوح أنّ القتل لا يقع على
المقتول بالقتل. وعليه فالموثقة تدل على أنّ الميِّت بعد موته يوجه نحو القبلة
وأنّه أمر راجح.
ودعوى : أنّ
الميِّت بعد موته يستحب أن يعجّل دفنه وكفنه فلا يبقى بعده حتّى يستحب توجيهه نحو
القبلة.
ساقطة جزماً :
وذلك لأنّ المشاهد في الأموات أنّ الميِّت يبقى بعد موته ساعة أو ساعتين ، ولو مات
في أثناء اللّيل يبقى إلى الصبح حتّى يخبر الأقرباء والجيران والأصدقاء ولا يؤخذ
بدفنه وكفنه من غير فصل ، فلا مانع من أن يكون توجيهه نحو القبلة مستحبّاً وعلى
الجملة أنّ الرواية ناظرة إلى ما بعد الموت لا قبله.
__________________