ومنها : صحيحة زُرارة قال « قلت له : النفساء متى تصلِّي؟ فقال : تقعد بقدر حيضها وتستظهر بيومين ، فإن انقطع الدم ، وإلاّ اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلّت ، فإن جاز الدم الكرسف تعصّبت واغتسلت ثم صلّت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد ... » (١).
بتقريب أنها واردة في مقام البيان ، ومع ذلك سكتت عن وجوب الوضوء على المستحاضة ، فلو كان الوضوء واجباً على المستحاضة كالغسل تعرّضت لبيانه ، ومن عدم تعرضها لوجوب الوضوء يستكشف عدم وجوبه على المستحاضة.
والاستدلال بهذه الرواية حسن من جهة وفاسد من جهة ، وذلك لأن دلالتها على عدم وجوب الوضوء على المستحاضة مع وجوب الغسل في حقها وإن كانت صحيحة كما ذكر ، إلاّ أنها لا تدل على عدم وجوب الوضوء عليها في الاستحاضة القليلة لوضوح أنها سكتت عن إيجاب الوضوء عليها حينما وجب عليها الغسل ، وأمّا عدم وجوب الوضوء عليها عند عدم تكليفها بالغسل كما في المستحاضة القليلة فلا دلالة لها عليه بوجه ولا أنها واردة لبيانه.
ومنها : ما عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام « قال : المستحاضة تقعد أيام قرئها ، ثم تحتاط بيوم أو يومين ، فإذا هي رأت طهراً اغتسلت ، وإن هي لم تر طهراً اغتسلت واحتشت ، فلا تزال تصلِّي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف ، فإذا ظهر أعادت الغسل وأعادت الكرسف » (٢).
نظراً إلى دلالتها على أن المستحاضة ما دام لم يظهر دمها على الكرسف أي تجاوز عنه لا يجب عليها شيء ، بل تصلِّي بالغسل الذي اغتسلت عن حيضها ، وإنما يجب عليها الغسل بعد ما ظهر دمها على الكرسف ، فهي قبل تجاوز الدم عن الكرسف ليست بذات حدث موجب لشيء ، وبعده يجب الغسل دون الوضوء.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٧٥ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٠.