ينتهي إليه سلسلة الفعل.
١٥٤ ـ قوله [ قدس سره ] : ( قلت : العقاب إنما يتبع الكفر والعصيان التابعين للاختيار ... الخ ) (١).
توضيح الحال يستدعي بسطا في المقال ، فنقول ـ وعلى الله الاتكال ـ : المثوبة والعقوبة على نحوين :
احدهما ـ المثوبة والعقوبة اللتان هما من تبعات الأفعال ، ولوازم الاعمال ، ونتائج الملكات الفاضلة ، وآثار الملكات الرذيلة ، ومثل هذه العقوبة على النفس لخطيئتها ، كالمرض على البدن لنهمه ، والمرض الروحاني كالمرض الجسماني ، والأدوية العقلانية كالأدوية الجسمانية.
وأما شبهة استحالة استلزام الملكات النفسانية للآلام الجسمانية والروحانية ، فمدفوعة بوجوده في هذه النشأة الدنيوية ؛ بداهة أن النفس يؤلمها تصوّر المنافرات ، ويحدث فيها الآلام الجسمانية من غلبة الدم ونحوه عند الغضب وشبهه ، فلا مانع من حدوث منافرات روحانية وجسمانية بواسطة الملكات الرذيلة النفسانية المضادّة لجوهر النفس. فليس عقاب من معاقب خارجي حتى يقال : كيف العقاب من الحكيم المختار على ما لا يكون بالأخرة بالاختيار؟ وفي الآيات والروايات تصريحات وتلويحات إلى ذلك ، فقد تكرر في القرآن المجيد ( إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٢) ، وقال ـ عليه السلام ـ : « إنما هي أعمالكم تردّ اليكم » (٣)
__________________
حيث انتهاء الفعل إليه تعالى ، واخرى يرتبط بباب القضاء والقدر ، وهو ما ذكرناه في آخر المبحث ، فان ملاك الإشكال هناك ليس انتهاء الفعل وعدم اختياريته بالآخر ، بل الملاك أن إيجاد من يوجد منه الموجبات للعقوبة باختياره ـ ولو من حيث كون العقاب من لوازم أعماله ـ مناف لرحمته. فتدبر. ( منه عفي عنه ).
(١) الكفاية : ٦٨ / ٨.
(٢) كما في سورة التحريم ٦٦ : ٧ ، والطور ٥٢ : ١٦ ، وفي هذا المعنى ، النمل ٢٧ : ٩٠ ، والعنكبوت ٢٩ : ٥٥ ، ويس ٢٩ : ٢٥ والجاثية ٤٥ : ٢٨. والصافات ٣١ : ٣٩.
(٣) ورد في الاسفار ٧ : ٨٣ ، وفي شرح الأسماء الحسنى للسبزواري : ١٠٧ ، ولم نعثر عليه في ما تيسر