للاشتقاق ، ومصاديقه متفاوتة ، والشيء جامع لكل شيء ، وهو غير قابل للاشتقاق حيث لا قيام له بشيء ، بخلاف مصاديقه فإنها مختلفة. لكن الذي يسهل الخطب هو عدم القول بمعنى آخر غير هذه المعاني المذكورة في الأمر ، ولا أعم فيها من الشيء ، ولو بني على الوضع لجامع يجمع الطلب وغيره ، لكان هو المتعين ، وحينئذ يرد عليه ما عرفت. فافهم واستقم.
١٤٤ ـ قوله [ قدس سره ] : ( الظاهر اعتبار العلوّ في معنى الأمر فلا يكون الطلب من السافل ... الخ ) (١).
توضيحه : أن الصيغة وما شابهها إذا سيقت لأجل البعث والتحريك ينتزع منها عناوين مختلفة كل منها باعتبار خاص ولحاظ مخصوص. فالبعث بلحاظ أنه يوجهه بقوله نحو المقصود ، والتحريك بلحاظ التسبيب بالصيغة ـ مثلا ـ إلى الحركة نحو المراد ، والإيجاب بلحاظ إثبات المقصود عليه ، والإلزام بلحاظ جعله لازما وقرينا بحيث لا ينفك عنه ، والتكليف بلحاظ إحداث الكلفة وإيقاعه فيها ، والحكم بلحاظ إتقان المطلوب ، والطلب بلحاظ إرادته القلبية أو الكشف عنها حقيقة أو إنشاء ، وعنوان الأمر بلحاظ كون البعث من العالي ، كما يشهد له مرادفه بالفارسية ، فإن معناه في الفارسية ما يعبر عنه بـ ( فرمودن ) ، ولذا لم يتكلم أحد من أهل العلم في اقتضاء سائر العناوين للصدور عن العالي.
فالتحقيق ـ كما يساعده العرف والاستعمالات الصحيحة الفصيحة ـ : أن صدور البعث عن العالي مقوم لعنوان الأمرية.
وليعلم أن هذا البحث لغوي لا اصولي ؛ إذ الكلام في البعث الصادر عن الشارع ، واما استحقاق العقاب على المخالفة فهو أثر الوجوب ، والتكلّم فيه صحيح في الاصول.
__________________
(١) الكفاية : ٦٣ / ٢.