العقاب على مخالفتها للواقع ، فحينئذ لا ينتهي إلى حكم شرعي أصلا.
ومفاد دليل اعتبار الامارة الغير العلمية دلالة ـ كظواهر الألفاظ ـ كذلك ، بل يتعين فيها الوجه الثاني ، فان دليل حجية الظواهر بناء العقلاء ، ومن البيّن أنّ بناءهم في اتباعهم على مجرد الكاشفية والطريقية ، فالظاهر حجة عندهم ؛ أي مما يصحّ للمولى أن يؤاخذ به عبده على مخالفته لمراده ، لا أنّ هناك حكما من العقلاء مماثلا لما دل عليه ظاهر اللفظ ؛ حتى يكون إمضاء الشارع أيضا كذلك.
وأما مباحث الألفاظ فهي وإن كانت نتائجها غير مربوطة ابتداء بهذا المعنى ، لكن (١) جعل تلك النتائج في طريق الاستنباط لا يكاد يكون إلا بتوسط حجية الظهور ، وقد عرفت حالها ، فلا ينتهي الأمر من هذه الجهة إلى حكم شرعي أبدا ، فلا مناص من التوسعة والتعميم ؛ بحيث يعم موضوع فن الاصول ما يمكن أن يقع في طريق الاستنباط ، وما ينتهي إليه أمر المجتهد في مقام العمل.
والغرض من تدوين فن الاصول لا بد من أن يجعل أعم ـ لا بأن يجعل الغرض الانتفاع بقواعدها في مقام الاستنباط وفي مقام العمل ؛ فإنّ تعدّد الغرض يوجب تعدّد العلم في المورد القابل ؛ حيث إن القواعد التي ينتفع بها في مقام الاستنباط غير القواعد التي ينتهي إليها الأمر في مقام العمل ـ بل بأن يجعل الغرض أعمّ من الغرضين ؛ ليرتفع التعدد من البين ؛ لئلا يلزم كون فن الاصول علمين ، إلا أن يوجه مباحث الامارات الغير العلمية ـ بناء على إنشاء الحكم المماثل ـ بأن الأمر بتصديق العادل ـ مثلا ـ ليس عين وجوب ما أخبر بوجوبه العادل ، بل لازمه ذلك. كما أن حرمة نقض اليقين بالشك ليست عين
__________________
(١) وليس هذه المباحث بالاضافة إلى حجية الظاهر ـ بناء على أنها إنشاء حكم مماثل ـ واسطة في الاستنباط ؛ لأنها مثبتة لموضوعه ، لا أنها واسطة في الاستنباط من دليله ، فتدبر. [ منه قدس سره ].