مثل الحكم للموضوع المجرّد عن القيد.
وبعبارة أخرى : إنّ انتفاء شخص الحكم بانتفاء القيد إنما نشأ عن قاعدة احترازيّة القيود القاضية بتطابق المدلول التصوري مع المدلول التصديقي الجدّي أي أنّ كل مدلول وضعي تصوّري مستفاد مما ذكره المتكلّم فهو مراد جدّي له ، فإذا ذكر المتكلّم قيدا لموضوع حكمه ، فهذا القيد مراد جدّا أي أنّ قصد المتكلّم جعل القيد دخيلا في ترتّب الحكم ، وهذا يقتضي انتفاء الحكم بانتفاء ذلك القيد إلاّ أنّ الحكم المنتفي بانتفاء القيد هو شخص الحكم المذكور في الخطاب ؛ ولذلك يمكن أن يثبت مثل ذلك الحكم لنفس الموضوع المجرّد عن ذلك القيد سواء كان ثبوت مثل الحكم بقيد آخر أو بدون قيد أصلا ، والمفهوم الذي نبحث عن دلالة الجملة الوصفيّة عليه هو انتفاء طبيعي الحكم بانتفاء القيد ، والذي يقتضي انتفاء تمام أفراد الحكم عن الموضوع حين انتفاء القيد ، ففي المثال الذي ذكرناه وهو قول الإمام عليهالسلام « لا تأكل اللحوم الجلالة » لو انتفى الجلل عن اللحم ، فهذا يقتضي انتفاء شخص الحرمة المذكورة في هذا الخطاب إلا أنّ ذلك لا يعني انتفاء الحرمة على اللحوم غير الجلالة مطلقا ، فقد تثبت الحرمة للّحم بملاك آخر وهو كون اللحم من موطوء الإنسان أو ممن تغذّى على لبن خنزيرة ، وهذا بخلاف المفهوم فإنّه يقتضي انتفاء طبيعي الحرمة عن اللحم إذا انتفى عنه قيد الجلل.
الوجه الثاني : أن ذكر القيد لو لم يكن دالا على انتفاء طبيعي الحكم بانتفائه ، لكان أخذه في الموضوع أو المتعلّق لاغيا ، وهو مناقض لما هو المفترض من حكمة المتكلّم.