فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (١) فإنّ الاعتداء هو متعلق الحكم وقد ضيّقت دائرته بقوله تعالى : ( بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) وبه أصبح متعلّق الحكم غير شامل للاعتداء بأكثر أو بغير سنخ الاعتداء الواقع على المخاطب.
وبعد اتّضاح موضوع البحث يقع الكلام في دلالة الجمل الوصفيّة على المفهوم ، وقد ذكر لإثبات ذلك وجهان :
الوجه الأوّل : أنّ القيود المأخوذة في موضوع الحكم أو متعلّقه إما أن تكون دخيلة في ترتّب الحكم على الموضوع أو المتعلّق وإمّا ألا تكون دخيلة في ذلك ، وعدم دخالتها مناف لما هو مقتضى الظهور العرفي ، إذ أن المتفاهم من أخذ قيد في موضوع أنّ ذلك القيد دخيل في ترتّب الحكم على موضوعه ، بمعنى أن الحكم لا يثبت لو اتفق انتفاء قيد الموضوع كما هو الحال لو قدّر انتفاء أصل الموضوع ، مثلا قول الإمام الصادق عليهالسلام « لا تأكل اللحوم الجلاّلة » (٢) فإنّ الظاهر من أخذ القيد في موضوع الحكم « اللحوم » أنّ ذلك القيد « الجلاّلة » دخيل في ترتّب الحرمة على الموضوع.
والإشكال على هذا الوجه : هو أن هذا المقدار لا يفي بإثبات المفهوم للجمل الوصفيّة ؛ وذلك لأنّ غاية ما يثبته هذا الوجه هو انتفاء شخص الحكم بانتفاء القيد المأخوذ في الموضوع أو المتعلّق ، ولذلك يمكن أن يثبت
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٩٤
(٢) معتبرة هشام بن سالم ، وسائل الشيعة : الباب ١٥ من أبواب النجاسات الحديث ١