ولما كانت الإخبارات الحدسيّة المتطابقة كثيرا ما تنشأ عن مقدمات ذات مركز واحد ، فإنّ نمو الاحتمال بصوابيّة هذه الإخبارات يكون بطيئا ويكون اشتباه تمام الإخبارات الحدسية معقولا جدا.
وهذا بخلافه في الإخبارات الحسيّة ، فإنّها كثيرا ما لا تكون ذات مركز واحد ، بل كلّ مخبر يخبر عما شاهده بواسطة حواسّه ، فالمخبرون عن حس وإن كانوا يتفاوتون من جهة قوة وضعف مداركهم الحسية ومؤهّلاتهم الشخصية إلا أنّ اختلاف هويّاتهم وأغراضهم يوجب الوثوق بتعدّد المركز الذي نشأت عنه الإخبارات وهذا ما يجعل سير الاحتمال للمطابقة متسارعا ومتصاعدا إلى أن يصل إلى مرحلة اليقين أو الاطمئنان.
ثم إن هناك عوامل تساهم في انخفاض مستوى احتمال عدم المطابقة للواقع في الإجماع ، ذكر المصنّف منها أربعة :
العامل الأول : وهو ما يتّصل بأشخاص المجمعين ، فإذا كان المجمعون من أساطين الفقهاء وممّن لهم تميّز علمي ، وكذلك إذا كانوا قريبين من عصر النصّ كفقهاء الغيبة الصغرى ، فإنّ احتمال الاشتباه في مثلهم أضعف من احتماله في غيرهم ممن هو غير متوفّر على إحدى هاتين الصفتين أو مجموعهما ، إذ أنّ المتميّز علميا لمّا كان أكثر إحاطة بالمقدمات المؤثرة في صوابيّة النتيجة فإنّ هذا يقتضي أقربية رأيه للواقع ، وكذلك القريب من زمن المعصوم عليهالسلام فإنّ احتمال إطلاعه على كثير من المدارك التي عادة ما يخفى بعضها بتمادي الأزمان موجب لارتفاع احتمال صوابية ما يتبناه من رأي.
العامل الثاني : وهو ما يتصّل بنوعيّة المسألة ، فقد تكون من