نعم في بعض الروايات : أنّ أوّل ما خلق الله نور النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أو نوره مع أنوار الأئمّة عليهمالسلام (١). ويمكن حملها على الخلقة التفصيليّة بعد خلقة الماء ، وبهذا الاعتبار يكون الماء مادّة المخلوقات ، ويكون نوره وروحه المقدّسة وأرواح الأئمّة التي هي من نوره أوّل المخلوقات ، كما عن العيون بسنده عن أبي الصلت الهروي ، عن الرضا عليهالسلام ، عن آبائه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : إنّ أوّل ما خلق الله عزّ وجلّ أرواحنا ، فأنطقها بتوحيده وتحميده ... الخبر (٢).
وأما اختلاف الأشياء بالأعراض فممّا يدلّ عليه قول أبي الحسن الرضا عليهالسلام ـ في جواب عمران الصابي حيث قال : أخبرني عن الكائن الأوّل ـ سألت فافهم ، أمّا الواحد فلم يزل واحدا كائنا لا شيء معه بلا حدود ولا أعراض ، ولا يزال كذلك ، ثمّ خلق خلقا مبتدعا مختلفا بأعراض وحدود مختلفة ... واعلم أنّ الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقا مقدّرا بتحديد وتقدير ، وكان الذي خلق خلقين اثنين : التقدير والمقدّر ، وليس في واحد منهما لون ولا وزن ولا ذوق ، فجعل أحدهما يدرك بالآخر ، وجعلهما مدركين بنفسهما ... الخبر (٣).
أقول : لعلّ المراد من التقدير عرض الكمّ الذي هو لازم للمادّة ، ومن المقدّر نفس المادّة ذات الأبعاد الثلاثة.
التنبيه الثاني : المادّة الأصليّة فاقدة للعلم والحياة
تلك المادّة مع وجودها ـ أي تكوّنها بالله تعالى شأنه ـ فاقدة بذاتها لنور الحياة والعلم والقدرة وسائر الكمالات النوريّة. وصيرورتها حيّة عالمة إنّما هي بوجدانها ذلك النور ، كما أنّ موتها بفقدها إيّاه. وإنّا نجد ذلك الوجدان والفقدان في أنفسنا كلّ يوم وليلة باليقظة والمنام ، مع كوننا موجودين في كلتا الحالتين.
وقد تقدّم هذا المبحث مفصّلا في بعض التنبيهات السابقة.
__________________
(١) كما في البحار ٥٧ : ١٦٨ ـ ١٧٦.
(٢) العيون ١ : ٢٦٢ ، البحار ٥٧ : ٥٨.
(٣) البحار ٥٧ : ٤٧ ، ٥٢ ، عن العيون والتوحيد.