منها هي الأرواح. ووجه التعبير وجود مناسبة بين الروح وبينهما. أمّا الظلّ فهو الهواء الفاقد للضياء ، لا الصورة المحضة الخالية عن المادّة ، والروح من هذا القبيل ، كما صرّح به في الروايتين المتقدّمتين (١).
نعم فرق بين الروح والظلّ ، وهو أنّ الهواء في الظلّ المتحرّك يتبدّل ، والروح لا تتبدّل. ولعلّ وجه التعبير بالظلّ كون الروح جسما رقيقا في قبال الجسد الذي هو جسم غليظ ، بمنزلة الظلّ بالنسبة إلى الأجسام الغليظة الكثيفة ، أو كونها فاقدة للنور الحقيقيّ وهو نور العلم. والتعبير بالشبح أيضا يمكن أن يكون لبعض هذه الوجوه ، ففي اللغة : شبح فلان ، أي ظهر ومثل.
وبالجملة لا وجه لحمل الأظلّة والأشباح على الصور المحضة بلا مادّة لطيفة ، ولا على كون المراد منها سوى الأرواح ، بل يظهر من الروايات أنّ المراد منهما الأرواح.
ففي العلل بسنده عن الحسين بن أبي العلاء ، عن حبيب ، قال : حدّثنا الثقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق العباد وهم أظلّة قبل الميلاد ، فما تعارف من الأرواح ائتلف ، وما تناكر منها اختلف (٢).
وفيه أيضا بسنده عن حبيب ، عمّن رواه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : ما تقول في الأرواح أنّها جنود مجنّدة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف؟ قال : فقلت : إنّا نقول ذلك ، قال : فإنّه كذلك ، إنّ الله عزّ وجلّ أخذ من العباد ميثاقهم وهم أظلّة قبل الميلاد ، وهو قوله عزّ وجلّ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ ... ) (٣) ، قال : فمن أقرّ له يومئذ جاءت الالفة هاهنا ، ومن أنكره يومئذ جاء خلافه هاهنا (٤).
__________________
(١) الأولى ما في معاني الأخبار : ١٧ عن أبي جعفر عليهالسلام : أنّ الروح متحرّك كالريح ... الروح مجانس للريح ... الخبر. والثانية ما في البحار ٦١ : ٣٤ عن الاحتجاج عن الصادق عليهالسلام : الروح جسم رقيق قد ألبس قالبا كثيفا ... الروح بمنزلة الريح في الزقّ ... الخبر
(٢) علل الشرائع ٨٤ ، وعنه البحار ٦١ : ١٣٩.
(٣) الأعراف ١٧٢.
(٤) علل الشرائع ٨٤ ، وعنه البحار ٦١ : ١٣٩.